الأربعاء 24-04-2024 11:41:01 ص : 15 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

الفكر الإمامي.. القهر والتسلط هروبا من ثقافة الحوار والتعايش

الخميس 11 إبريل-نيسان 2019 الساعة 09 مساءً / الاصلاح نت - خاص- توفيق السامعي

 

ثقافة الحوار قيمة إنسانية وحضارية عظيمة لا تمتلكها كثير من الشعوب والحركات والأيديولوجيات إلا الشعوب الراقية المتحضرة والمتحررة من العنصريات والعقد الذاتية والنفسية ومتحررة من الأنانية.

لذلك يقوم الفكر الحوثي كما هو الفكر الإمامي بشكل عام على عدم الحوار ولا تؤمن بهذه القيمة الحضارية والدليل رفضهم لكل المحطات الحوارية سواء مع الدولة أو الشعوب الأخرى أو مع الحركات والمشاريع المماثلة.
فلماذا هذا الرفض للحوار من قبل هذه المشاريع؟
السبب بسيط جداً وهو أن فكرهم وعقيدتهم لا يمكن أن يصمدا أمام الحوار وقوة المنطق والحجة المقابلة، ولذلك يلجأون للسلاح والعمل المسلح.

في كل محطات الحروب السابقة وما قبلها كانت هناك نداءات مختلفة من الدولة للحوثية أن يقدموا إلى الحوار وطرح مطالبهم ومشاريعهم والاندماج مع بقية مكونات الشعب والعمل على المعارضة السلمية كما هي بقية المكونات والأحزاب، ومع كل استجابة لمطالبهم وأطروحاتهم هم لا يستجيبون لنداءات العقل والحوار، لكن الحوثيين رفضوا هذه الحوارات وعمدوا إلى التحدي والعمل المسلح، وحتى أن الدولة كانت تتنازل أحياناً من طرف واحد وتوقيع الاتفاقات السلمية المختلفة مع هذه الحركة لكنها سرعان ما كان الحوثيون ينقلبون على هذه الاتفاقيات ويرفضونها، حتى ما بعد الانقلاب وقد البلاد كلها في أيديهم ووقعوا اتفاقات أملوا هم شروطها ومع ذلك أيضا نقضوها كاتفاق السلم والشراكة مثلا الموقع يوم 21 سبتمبر 2014 أثناء اجتياحهم صنعاء.

الحوار يهزمهم والحوار يعريهم والحوار يضعف حجتهم ويضعف موقفهم، لماذا؟
لأنهم يدركون أنهم قلة قليلة في المجتمع ويكذبون في ادعاءاتهم المظلومية التاريخية، وأن الأحقية بالحكم للغلبة الغالبة في الشعب اليمني، ولذلك حتى يرفضون العمل الديمقراطي والانتخابات وصناديق الاقتراع لأنهم يدركون أنهم لن يفوزوا فيها أبداً، ولذلك يتهربون من الحوار بكل السبل.
في مؤتمر الحوار الشامل لليمنيين الذي ظل عاماً كاملاً تم القبول بهم كثاني كتلة بعد حصة المؤتمر الشعبي العام من حيث عدد المقاعد التي وهبت لهم للدخول في مؤتمر الحوار رغم أنهم كانوا أقل من كثير من المكونات الأخرى، وأيضاً تم القبول بهم دون شرط وضع السلاح وإيقاف عدوانهم على دماج وسفيان وحجور والجوف وغيرها رغم مطالبات كافة اليمنيين بإدخالهم مؤتمر الحوار بشرط إلقاء السلاح وإيقاف عدوانهم وإرهابهم على المواطنين في تلك المناطق، وعلى الرغم من اعتذار حكومة باسندوة لصعدة وتم إدخال قضية صعدة كقضية مطروحة للحوار والتبني مثلها مثل القضية الجنوبية، ورغم كل تلك المحطات إلا أنهم واصلوا عدوانهم المسلح حتى وصلوا إلى الانقلاب الشامل واقتحام المدن وتفجير المنازل والمدارس ونهب المؤسسات وقتل اليمنيين وتهجير وتشريد البعض الآخر وتدمير مؤسسات الدولة المختلفة، ومع ذلك لا يزالون غير مكتفين ولا مقتنعين بما عملوه حتى الآن ورافضين كل الحوارات واتفاقات السلام سواء اتفاق ستوكهولم أو غيرها من الاتفاقات.

غياب ثقافة الحوار لديهم عقيدة مؤصلة في سلوكهم ومناهجهم وعقيدتهم التاريخية من لدن يحيى الرسي إلى اليوم.
تعالوا بنا لنستعرض جانباً من هذه الشواهد التاريخية لبعض الأئمة الذين يعمل الحوثيون اليوم على نهجهم والمضي في دربهم..
تقول الشواهد التاريخية أن الإماميين يتهربون من الحوار مطلقاً ولا يجرون المناظرات التاريخية إلا إذا كانت بينهم البين فقط وفي إطار مرجعيتهم وهي بشكل قليل جداً إن لم يكن من النادر.

ففي القرن السادس الهجري في عام 619هـ كانت هناك ثلة من الإمامية الهادوية في صنعاء عملوا من أنفسهم ثلة تطعن في علوم السنة وتريد فرض رأيها وعلومها على كافة السنة، وعملت على اختلاق مداخل وشبهات يمكن أن تطعن في العلوم الفقهية للسنة واعتقاداتهم المختلفة وذلك في سنة 621هـ على أيام الملك المسعود الأيوبي ولم يكن في صنعاء من الفقهاء السنة من استطاع الرد عليهم لأنهم يستكثرون عليهم بالقوة الغالبة لا الحجة الداحضة، فكان في صنعاء والياً لها من قبل المسعود الأمير الحسن بن علي رسول الملقب ببدر الدين، وكان أخوه الأمير نور الدين عمر بن علي رسول والياً على وصاب قبل أن يتولى ولاية مكة وقبل أن يؤسس الدولة الرسولية بخمس سنوات فقط، فتحدى فقهاء ومتعصبي الهادوية علماء السنة، فدلهم الحسن على أن ينزلوا إلى وصاب ليلتقوا بأخيه نور الدين ويبحث عمن يناظرهم ويجادلهم، فدل نور الدين على الفقيه موسى بن أحمد بن يوسف التباعي وكان فقيها ومناظراً لا يشق له غبار، وكان نور الدين كفيلاً وضامناً للوفد الهادوي الشيعي، فوصلوا مسجده وهو يدرس فيه فبدأوا بعنجهية من لحظته يقاطعونه في مسائل التدريس وهو يرد عليهم بالحجة ويدحض شبههم، ثم عقد نور الدين مجلس المناظرة بينه وحده وبين حوالي 40 من فقهاء وعلماء الهادوية وكل واحد يطرح منهم مسألته، فرد عليهم جميعاً وقطع حججهم وانتصر عليهم فعند ذلك صاح بهم الناس وخرجوا مشردين هائمين على وجوههم حتى سمعت بهم معظم البلاد فأراد الناس والعوام التقطع لهم ونهبهم في الطرقات وقمم الجبال فردهم نور الدين أنه الضامن لهم وهم في وجهه، فكانت آخر مناظرة فقهية لم يدخل بعدها الهادويون الشيعة في أية مناظرة ومجادلة بعدها مع السنة.

وبعد أن قام نور الدين هذا بتأسيس الدولة الرسولة عام 626هـ أراد الإمام أحمد بن الحسين إمام الهادوية آنذاك أن يقيم عليه الحجة ويتهم نور الدين أنه ليس يمنياً وأنه مغتصب للحكم ولا يحق له حكم اليمن، ودار بينهما حوار حول الأنساب ويمنية كل منهما ومن الأحق بحكم اليمن، واستظهر نور الدين على أحمد بن الحسين وغلبه بحجته، من بعدها لم يقيموا حواراً مع حاكم سني مطلقاً، وما كانت تجري من بعض الحوارات البسيطة والجزئية إنما كانت من قبل الحكام من غيرهم يجرون الإماميين إليها جراً، ولذلك كانوا في كل زمان ومكان يرفضون الحوارات ويقيمون حكمهم بالاغتصاب والحديد والنار، وحجتهم الولاية لعلي أو البطنين، لاستعطاف العامة من الناس فقط والتضليل عليهم.

الخلاصة:
المشروع الإمامي قديما وحديثا يخاف من الحوار ومن قوة المنطق والحجة ولذلك يتهرب منه ويلجأ إلى العمل المسلح واغتصاب السلطة بالانقلابات والمليشيا المسلحة.
ويدرك أصحاب هذا المشروع أنهم لا يمكن أن يحكموا اليمن عبر الديمقراطية وصناديق الاقتراع لأنهم أقلية وحججهم واهية لا يستطيعون مواجهة الشعب بها، ولذلك يتهربون وينقلبون على كل الاتفاقيات.

كلمات دالّة

#اليمن