الخميس 28-03-2024 20:15:09 م : 18 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

كيف أثر تأييد تجمع الإصلاح لـ"عاصفة الحزم" في الحرب على الانقلاب؟

الثلاثاء 26 مارس - آذار 2019 الساعة 09 مساءً / الإصلاح نت - خاص / عبد السلام قائد

 

بعد اندلاع عملية "عاصفة الحزم" العسكرية، في 26 مارس 2015، ضد انقلاب الحوثيين وعلي صالح على السلطة الشرعية، كانت مختلف الأطراف في داخل البلاد والأطراف الخارجية تترقب موقف التجمع اليمني للإصلاح منها، خاصة بعد أن ترددت أنباء تفيد بأن الانقلابيين (علي صالح والحوثيين) عرضوا على الإصلاح إصدار بيان يدين تدخل التحالف العربي ويصف "عاصفة الحزم" بـ"العدوان" على البلاد وسيادتها، مقابل الإفراج عن قياداته المعتقلين في سجونهم وإشراكهم في السلطة، كما هددوا بمحاكمة كل من يؤيد ذلك التدخل بتهمة الخيانة العظمى.

لكن الإصلاح لم يكن يفكر بأسلوب العصابات في البحث عن مصالح خاصة على حساب الثوابت الوطنية، فسارع إلى تأييد عملية "عاصفة الحزم"، وكان موقفه ذاك بمثابة "عاصفة ثانية" أربكت الانقلابيين، كونها شجعت مختلف الأطراف في البلاد على إعلان تأييد تدخل التحالف العربي لمساندة السلطة الشرعية ضد الانقلاب، فضلا عن ما يعنيه ذلك التأييد من منح التحالف شرعية التدخل، نظرا لحالة الإجماع الوطني على ذلك، والذي كان أيضا بمثابة إدانة شعبية للانقلاب ورفضا له.

 

- خلفيات ودوافع

لقد كان تأييد التجمع اليمني للإصلاح لعملية "عاصفة الحزم" موقفا متقدما نظرا لخطورة الأمر وما سيترتب عليه من أضرار كبيرة ستطال قياداته ومؤسساته من قبل الانقلابيين، لكن الإصلاح جعل مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، وأعلن موقفه ذلك وهو على استعداد للتضحية بكل إمكانياته، كما أنه أتبع موقفه بأن ألقى بثقله في المعركة، ووجه جميع قياداته وأعضائه بالانضمام إلى الجيش الوطني والمقاومة الشعبية والاستبسال في الحرب على الانقلاب.

أما خلفيات ودوافع تجمع الإصلاح لتأييد "عاصفة الحزم"، فتتمثل في ركنين أساسيين: الأول، نظرته لخطورة الانقلاب وضرورة القضاء عليه، لأنه يعد من أخطر الانقلابات العسكرية، كونه ليس انقلابا على رئيس الدولة من داخل منظومة الحكم، وإنما كان انقلابا على الدولة والمجتمع والثوابت الوطنية وعلى الجمهورية والديمقراطية وأهداف الثورات اليمنية (26 سبتمبر 1962، و14 أكتوبر 1963، و11 فبراير 2011)، كما أنه انقلاب على الوحدة الوطنية والشراكة السياسية، فضلا عن كونه أول انقلاب في التاريخ يتحرك عسكريا للسيطرة على مختلف أنحاء البلاد، وكأنه غزو قدم من خارجها.

والثاني، كان تجمع الإصلاح يرى في "عاصفة الحزم" إنقاذا للبلاد من الغرق في بحار من الدماء التي سيسفكها علي صالح والحوثيين، خاصة بعد أن حركوا معسكراتهم وجيوشهم بمختلف عتادها العسكري استعدادا للانقضاض على البلاد وإبادة كل من يعترض مشروعهم الانقلابي، فضلا عن الدماء التي كانوا سيتسببون في سفكها بعد أن يتقاتلوا فيما بينهم على السلطة، وكان الطرف المنتصر سيحكم البلاد بالحديد والنار، وستشهد البلاد أسوأ حكم ديكتاتوري في تاريخ العالم أجمع.

  

- تأثير إستراتيجي

لا شك أن تأييد تجمع الإصلاح لعملية "عاصفة الحزم" كان له تأثير إستراتيجي كبير على الأزمة سياسيا وعسكريا، فمن الناحية السياسية، دفع إعلان الإصلاح تأييد "عاصفة الحزم" مختلف القوى السياسية في البلاد إلى إعلانها تأييد التدخل العسكري، مما منح التحالف العربي شرعية التدخل بعد حالة الإجماع الشعبي والسياسي المؤيدة لذلك رفضا للانقلاب.

ومن الناحية العسكرية، فقد دفع الإصلاح بقياداته وأعضائه وأنصاره إلى الانخراط في ميدان المعركة، والانضمام إلى الجيش الوطني والمقاومة الشعبية التي كان له الفضل الكبير في تشكيلها منذ ما قبل إعلان التحالف العربي عن عملية "عاصفة الحزم"، وشجع ذلك بقية الفئات الرافضة للانقلاب على الانضمام إلى صفوف الجيش الوطني والمقاومة الشعبية.

كما أن تأييد الإصلاح لـ"عاصفة الحزم" جعل منه حليفا إستراتيجيا للتحالف العربي ضد الانقلاب والنفوذ الإيراني في اليمن، خاصة السعودية التي تقود التحالف، وتعد المستهدف الأول بالمشروع الإيراني التخريبي، الذي زرع ودعم المليشيات الإرهابية الموالية له في عدن بلدان عربية بغرض تطويق المملكة بمليشياته من جميع الجهات، وكان آخرها اليمن.

 

- ماذا تحقق؟

لقد كان دور التجمع اليمني للإصلاح مكملا لدور التحالف العربي في الحرب على الانقلاب والنفوذ الإيراني في اليمن، ففي حين تمكن التحالف من تدمير مختلف مخازن الأسلحة للانقلابيين، وحَيّدها عن المعركة، وقزّم نفوذهم العسكري، وجعلهم يلجؤون إلى توزيع السلاح الخفيف والمتوسط على مقاتليهم بعد أن تم تدمير معظم سلاحهم الثقيل، فإن تجمع الإصلاح، وبقية حلفاء السلطة الشرعية في الحرب على الانقلاب، واجهوا الحوثيين في مختلف الجبهات وبأسلحة بسيطة ودحروهم من بعضها ومنعوا تقدمهم في البعض الآخر، وكان لأعضاء الإصلاح وأنصاره الدور الكبير في ذلك، ولا يستطيع أحد إنكاره.

وبعد مضي أربع سنوات من الحرب، ودخول "عاصفة الحزم" عامها الخامس، ما زال تجمع الإصلاح أبرز حلفاء السلطة الشرعية والتحالف العربي في الحرب الانقلاب، ولم تنجح كل محاولات "الطابور الخامس" في شيطنته إعلاميا أو التقليل من دوره في الحرب على الانقلاب، خاصة أن بقية القوى السياسية تمزقت ووضعت رجلا في الشرعية والأخرى في الانقلاب، بينما ما زال الإصلاح متماسكا ويزداد كل يوم حماسا للقضاء على الانقلاب، وهو في انتظار القرار السياسي من السلطة الشرعية والتحالف العربي للحسم العسكري، بعد فشل كل محاولات الحل السلمي للأزمة بسبب تعنت المليشيات الحوثية.