الخميس 18-04-2024 11:30:27 ص : 9 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

تداعيات الفشل.. وملامح ما قبل اندلاع ثورة 11 فبراير 2011م (الحلقة الأولى)

الخميس 14 فبراير-شباط 2019 الساعة 09 مساءً / الإصلاح نت - خاص / فهد سلطان
 

 

تمهيد

تخطت الثورة الشبابية الشعبية السلمية 2011م جملة من العقبات والعراقيل والفخاخ التي نصبت في طريقها منذ اندلاعها في 11 فبراير/شباط من نفس العام. فبعد ثماني سنوات من الصراع المرير مع الانقلاب ومنعطفات الاحتراب الذي صنعته الثورة المضادة بتآمر مباشر من النظام السابق بشقيه العفاشي والإمامي الهاشمي، فلا زالت الثورة تشق طريقها باقتدار في وجدان وقلوب اليمنيين محملة بأحلام كبيرة رُصعت كثير من أهدافها وأحلامها في الوثيقة التاريخية التي خرج بها اليمنيون ضمن حوار وطني شامل بين أغلب المكونات السياسية والاجتماعية خلال الفترة من 18 مارس/آذار 2013م وحتى 25 يناير/كانون الثاني 2014م.

ومع حلول ذكرى الثورة من كل عام، يخرج أعداؤها وأعداء التغيير داخلياً وخارجياً بشكل عام -كما هي العادة- بجملة من الاتهامات والتحريض على الثورة والأحرار الذين فجروا شرارتها وتحميلهم كل تبعات ما جرى ويجري في البلاد، ويغفل الكثيرون جملة من الحقائق في هذا الصدد وليس أقلها إخفاء حقائق الوضع العام الذي كانت تعيشه البلاد خلال السنوات الأخيرة التي سبقت قيام الثورة من عمر النظام السابق.

وبالتالي، تبدو الصورة مجتزأة من سياقها الطبيعي والموضوعي، حيث ينحصر الاستهداف من شقين: الأول، تحميل الثورة كل تبعات ما يجري في البلاد حالياً مع إغفال الوضع الذي كانت تسير إليه البلاد حينها قبل اندلاعها. والثاني، إغفال ما حققته الثورة خلال الأربعة الأعوام الأولى لانطلاقتها رغم الصعوبات التي واجهتها إلى ما قبل الانقلاب البغيض في 2014م من قبل النظام السابق وتيار الإمامة من أتباع الهاشمية السياسية الذين يتربصون بالجمهورية منذ ما يقارب خمسة عقود.



اليمن في التقارير الدولية قبل اندلاع الثورة السلمية

من الحقائق التي يتم إغفالها، وصول الوضع في البلاد إلى مستوى قياسي من التدهور على كل الأصعدة الاقتصادية والسياسية والتنموية. ففي التقارير الدولية دخلت اليمن ضمن اللون الرمادي منذ عام 2005 كمؤشر خطير على الانهيار الاقتصادي ويليه باقي القطاعات الأخرى بنسب متفاوتة، وتكرر ذات المؤشر خلال الأعوام: 2006م، 2007م، 2008م، 2009م، 2010م، ضمن تقارير سنوية لـ"فورين بوليسي" الأمريكية، وهو مؤشر دخول الدول في حالة الفشل، ويعني ذلك ظهور عدد من الأعراض كدولة فاشلة، أولها، أن تفقد السلطة القائمة قدرتها على السيطرة الفعلية على أراضيها أو أن تفقد احتكارها لحق استخدام العنف المشروع في الأراضي التي تحكمها. وثانيها، فقدانها لشرعية اتخاذ القرارات العامة وتنفيذها. وثالثها، عجزها عن توفير الحد المعقول من الخدمات العامة. ورابعها، عجزها عن التفاعل مع الدول الأخرى كعضو فاعل في الأسرة الدولية(1).

ففي عام 2005م، قال تقرير صادر عن مجموعة استيعاب الديمقراطية الأمريكية إن اليمن أصبحت على وشك أن تتحول لدولة فاشلة، وتصبح صومالاً أخرى إذا لم تفكر بجدية في التحول نحو الديمقراطية الحقيقية وليس الهشة.

التقرير ذاته أشار إلى أن الفساد أصبح وباء مستشريا في مؤسسات الدولة، حيث جاءت اليمن في الترتيب الـ112 في الدول الأكثر فسادا، حسب مؤشرات الشفافية الدولية لعام 2005م.

وأشار التقرير إلى أن النظام اليمني -حينها- بحاجة لتطوير أشكال جديدة من المشروعية والدعم خصوصا أنه يواجه احتمال تضاؤل إيرادات النفط التي يعتمد عليها في استقطاب العديد من الشخصيات وعقد صفقات التسوية.

وفي مفتتح لتقرير آخر تابع للأمم المتحدة منشور على الإنترنت في عام 2008م، جاء في الافتتاحية التالي: "تدهور الوضع الإنساني في اليمن كثيراً على مدار السنوات الماضية. وكان اليمن قد سبق أن أحرز شيئاً من التقدم على مسار سيادة القانون، وتم سن الحقوق في الدستور وقانون العقوبات وقانون الإجراءات الجنائية. إلا أن هذه الحقوق تآكلت بفعل المئات من عمليات الاعتقال التعسفي والعشرات من وقائع الاختفاء القسري، بالأساس في سياق المصادمات المسلحة في الشمال، لكن أيضاً فيما يتعلق بجهود مكافحة الإرهاب الحكومية في الداخل، وحملتها القمعية التي استهدفت الاضطرابات الاجتماعية والسياسية في جنوب البلاد. كما أن اليمن واحدة من خمس دول معروفة أنها منذ يناير/كانون الثاني 2005 تقوم بإعدام أشخاص جراء ارتكاب جرائم وهم تحت سن 18 عاماً"(2).

على المستوى السياسي، كانت اليمن قد وصلت إلى مرحلة الانسداد السياسي بالغ الخطورة. وفي منتصف 2010م، كانت الأحزاب السياسية المنضوية ضمن تكتل اللقاء المشترك قد وصلت إلى شبه قطيعة مع النظام ترتب عليها خروج مسيرات عارمة إلى الشارع تطالب بعمل إصلاحات حقيقية. فالوضع السياسي المتراكم منذ انتخابات 2006م تسارعت عملياته خلال السنوات الأخيرة، وكان النظام السياسي يقفز على كل المؤشرات الخطيرة التي كانت تمر بها البلاد.

 

هامش
1- الموسوعة الحرة.
2- رابط التقرير من موقع المنظمة (https://www.hrw.org/ar/world-report/2009/country-chapters/258865).

كلمات دالّة

#ثورة_فبراير