الخميس 18-04-2024 08:25:52 ص : 9 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

خطيب الثورة« فؤاد الحميري» في حوار مع "الإصلاح نت": ثورة فبراير كانت ضرورة وهي ميلاد آدميتنا التي كشفت المجرمين

السبت 09 فبراير-شباط 2019 الساعة 10 مساءً / الإصلاح نت - خاص

  

تحل الذكرى الثامنة لثورة الحادي عشر من فبراير وقد مرت اليمن بالعديد من المنعطفات والمتغيرات، أبرزها الانقلاب ومقتل الرئيس السابق على أيدي شركائه الحوثيين.

وفي حين يتجهز أنصار الثورة للاحتفاء بها، يتهمها خصومها بأنها أنتجت ما لحقها من انقلاب واقتتال وأزمات، كما يرى البعض بأنها كانت ثورة لكنها انتهت.

محاور عديدة طُرحت في هذا الحوار الذي أجريناه مع الثائر وخطيب الثورة الأستاذ فؤاد الحميري.

الحميري أكد أن ثورة فبراير لم تكن حاجة سياسية بل ضرورة سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية.

وفي معرض رده على الاتهامات الموجهّة لثورة فبراير، قال الحميري إن الثورة حققت الكثير من الإنجازات، ومن يقول إن الثائرين هم السبب في جرائم حلف الانقلاب، كمن يقول إن الضحايا هم السبب في جرائم الجناة.

وأضاف "حين نتحدث عن ثورة عمرها لا يزيد عن ثماني سنوات يكون من غير الإنصاف الحديث عن أخطاء".

  

حاوره: عامر دعكم

* بعد مضي ثماني سنوات على اندلاع شرارة ثورة فبراير كيف تقرأ واقع اليمن اليوم على وقع نتائج الثورة؟

- إن كنت تتحدث عن الواقع المعيش في لحظتنا هذه فلا يمكن للمنصف أن يقرأه كنتيجة لثورة 2011، وإنما كنتيجة للانقلاب العسكري عليها، والارتداد السياسي عنها، في 2014، والأمر أوضح من أن يشرح.

* من وجهة نظرك ما الذي حققته ثورة فبراير للشعب اليمني؟ وهل كنا بالفعل بحاجة إلى ثورة شعبية؟

- حققت الكثير ومن ذلك:
- حكومة وفاق هي من أفضل الحكومات التي مرت على اليمن في الثلاثة العقود الأخيرة والوحيدة التي بكى عليها اليمنيون.
- انتخابات رئاسية ناجحة كانت بمثابة استفتاء على رحيل رأس النظام السابق وبالتالي استفتاء على الثورة وأهدافها.
- مؤتمر حوار شامل ضم تحت سقفه كل الكيانات والمكونات التي لم تكن تحلم مجرد حلم أن تحاور يوما في شؤون حاضرها ومستقبلها.
- مشروع دستور كان جاهزا لعرضه على الشعب للاستفتاء عليه يعتمد "اليمن الاتحادي" عنوانا لليمن القادم بعيدا عن الهيمنة الأسرية أو المناطقية أو الجهوية أو الطائفية أو حتى الحزبية.
- إعادة الاعتبار للشخصية اليمنية إقليميا ودوليا بعد تشويه صورتها من قبل النظام السابق مخوفا منها وبها بقصد الارتزاق الرخيص.
- تثبيت سعر الصرف وإلغاء جرع سعرية لأول مرة منذ عرفت البلاد سياسة التجريع.
- رفع سقف الحريات ومنها الحرية الإعلامية إلى حدود السماء وهو ما لم يحدث قبلُ مثله.
- إعلاء قيم السلمية والمدنية والشراكة.
- لكن الأهم من ذلك كله هو كسرها حاجز الصمت وهدمها جدار الخوف، وإعادة الثقة إلى الإنسان اليمني بنفسه وقدرته على الفعل، وغير ذلك الكثير والكثير، مما يؤكد أن الثورة لم تكن حاجة سياسية بل ضرورة سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية.

* البعض يُحمل ثورة فبراير مآلات وعواقب ما تعانيه اليمن اليوم من حرب ودمار وعودة الإمامة بنسختها الحوثية القبيحة، ما رأيك بمثل هذا الطرح؟

- قديما قالوا "رمتني بدائها وانسلت"، وحديثا قالوا "ضربني وبكى وسبقني واشتكى". فهل الثورة من أنشأت الشباب المؤمن (بذرة الحوثية) ومولتها؟ وهل الثورة من قدمت القيادات الحوثية كمرشحين باسمها للبرلمان؟ وهل الثورة من مكنت لهم في كل أجهزة الدولة، بل وفي كل مفاصل الحزب الحاكم حتى أصبح -على حد قول أحد قياداته ذات يوم- "المؤتمر الشيعي العام"؟

وهل الثورة من خاضت مع الحوثيين حروب الكاميرا الخفية لتصفية القيادات العسكرية والقبلية ولإيقاع الأحزاب السياسية في لعبة القط والفأر المدمرة للوطن ولنهب ثروات البلاد باسم النفقات الحربية وكل ذلك تمهيدا للتوريث؟ وهل الثورة من سلمت لهم المعسكرات بترسانتها والمدن بمعالمها والدولة بمؤسساتها رغبة في الانتقام الشخصي من ضحايا المنتقِم طيلة ثلاثة عقود؟ وهل الثورة من حالفتهم في مؤتمر الحوار لإفشال جلساته وتصفية مخرجاته، ثم حالفتهم للانقلاب عليها وعلى الشعب والوطن؟

ثورة فبراير كانت نتيجة استبداد النظام السابق وفساده وتآمره المبكر على قيم الثورة والجمهورية والوحدة ولم تكن سببا له. ثورة فبراير هي ميلاد آدميتنا التي كشفت المجرمين ولم تصنعهم، تماما كما كشف خلق آدم شيطنة إبليس ولم يصنعها. ومن يقول إن الثائرين هم السبب في جرائم حلف الانقلاب، كمن يقول إن الضحايا هم السبب في جرائم الجناة.

* من وجهة نظرك، هل لا تزال ثورة فبراير قائمة ومستمرة ويمكن البناء عليها على الرغم من الادعاء بأنها صبت في جيب الحوثي؟

- الثورة المضادة بمكوناتها ومنهوباتها هي من صُبت في جيب الحوثي، والحوثي عاجلا أم آجلا سيُصب في جيب الثورة، أي جيب الشعب، ونحن في مرحلة من مراحل الثورة وهي مرحلة اختبار صلابتها وقدرتها على الصمود في المواجهة والانتصار للأهداف.

* بالنظر إلى ما آلت إليه الأوضاع في دول الربيع العربي واليمن تحديدا من ثورات مضادة واقتتال داخلي، هل استحق الربيع العربي اسمه أم كان نقمة وخطيئة دفعت الشعوب ثمنها؟

- كما يستحق كل ربيع اسمه من جمالياته التي يطبعها في ما حوله، فالربيع العربي يستحق اسمه بتلك المعاني الجميلة التي طبعها فينا وعنا، وكما أن تعاقب الفصول لا يمحو عن الربيع اسمه وصفته بل يميزه، ويغري به، ويشوق إليه، فإن فصول الثورات المضادة -التي أسقطت بخريفها الكثير من الأوراق، وجمدت بشتائها الكثير من الأجندات، وأذابت بصيفها الكثير من الأقنعة- لن تزيد الربيع العربي إلا تميزا، ولن تزيدنا به إلا تمسكا، وإليه إلا تشوفا، وله إلا انتصارا.

* لماذا برأيك يصر البعض على تحميل الإصلاح وزر المعاناة والمأساة التي تعيشها البلد بمزاعم أنه من فجر الثورة وقادها نحو المجهول؟

- لأنهم ربما لا يعرفون الإصلاح، أو لا يعرفون أنفسهم، أو لا يعرفون الثورة، أو لا يعرفون أيّاً من ذاك، وحين نرى التهجم على الإصلاح فإننا ندرك أن لحجمه أثر في محاولات تحجيمه.

* ما الدور الذي لعبه الإصلاح في ثورة 11 فبراير؟

- الإصلاح -ككل أحزاب الثورة- كان له دورا كبيرا في تنظيم العمل الثوري، وتسريع التحول من مستوى الفعل الشبابي إلى مستوى التفاعل الشعبي، كما مثّل -مع شركائه- حاملا سياسيا للثورة.

* ثمة من يقول إن الإصلاح نجح في السيطرة على الثورة والاستحواذ عليها وتوظيفها لمصالحه، ما قولكم؟

- سيكون هذا الكلام صحيحا إن كانوا يقصدون بالإصلاح وصفا لمجموع "اللقاء المشترك وشركائه والمؤتمر الشعبي وحلفائه"، لا اسما عَلَما على حزب هو التجمع اليمني للإصلاح.

* يحلو للبعض وخصوصا في حزب المؤتمر اتهام ثورة فبراير بأنها كانت السبب في مقتل علي عبد الله صالح رغم كونه قتل على أيدي حلفائه الحوثيين، بماذا تفسر ذلك؟

- لا رصاصات الحوثي، بالنسبة لنا، شهادة على ثوريته، ولا دماء صالح حكم ببراءته، وهؤلاء إنما يدافعون عن شريكهم في جريمة الانقلاب، باتهام ضحية تلك الشراكة.

* بماذا تفسر المواقف العدائية من قبل أجنحة المؤتمر إزاء ثورة فبراير وكذلك الشرعية؟

- لا نستطيع تفسير هذه المواقف تفسيرا واحدا مع اختلاف دوافع أهلها، فمنهم الفاقد مصالحه، ومنهم الفاقد بوصلته، ومنهم الفاقد... إلخ، وعلينا أن نميّز نوع الفقدان الذي يعاني منه هؤلاء أو أولئك عند مقاربة التفسير.

* ما هي رسالتك التي توجهها لأعضاء المؤتمر خصوصا والقوى السياسية عموما في ظل ما تقوم به مليشيا الحوثي من تجريف للنظام الجمهوري؟

- لنتفق اليوم إن كنا حريصين على بقاء حريتنا في الاختلاف غدا.


* أين أخطأت الثورة برأيك؟ وهل كان الترحيب بجماعة الحوثي في ساحة التغيير بصنعاء أحد أخطائها؟

- حين نتحدث عن ثورة عمرها لا يزيد عن ثماني سنوات يكون من غير الإنصاف الحديث عن أخطاء، دع الثورة تأخذ مداها وتبلغ رشدها وتكبر، ونحن أيضا نكبر معها وعندها نتحدث عن: أين أخطأت؟ وأين أصابت؟ هذا حديث للتاريخ.

* ما زالت ساحة الحرية بتعز، دون غيرها، قِبلة للثوار، يرتادونها كل جمعة، رغم القصف الحوثي الذي لا يكاد يتوقف، ما مدلول هذا الزخم المستمر منذ 8 سنوات؟

- تعز عاصمة الثورة، وساحتها عاصمة الساحات، وبصمود العواصم تفشل الانقلابات، هذه هي الخلاصة.

* ما المطلوب اليوم من شباب الثورة والقوى السياسية الأخرى لإنقاذ ما يمكن إنقاذه واستعادة الدولة؟

- المطلوب التمسك بالإنجاز الجمعي المتمثل في وثيقة الحوار الوطني والبناء عليه.


* هل كانت مخرجات الحوار الوطني إحدى ثمار ثورة فبراير؟ وما هي المكاسب المتوقعة من ورائها لليمن؟

- بالتأكيد هو كذلك، والدليل أن من عملوا على عرقلة هذه المخرجات قبل الاتفاق، ثم انقلبوا عليها بعد الاتفاق، هم رموز الثورة المضادة، والحوثيون على رأسهم.

* ما الذي تحتاجه تعز لكسر الحصار ودحر مليشيات الحوثي من المدينة؟

- مشكلة تعز جزء من كل، والكل هو الشرعية، فمتى تداركت السلطة الشرعية نفسها، وعالجت مشكلاتها، وصارحت حلفاءها، وتحركت وفق أولوياتنا الوطنية ومصالحنا القومية، إذا حصل ذلك فلن تجد تعز إلا محررة، ومن يروجون أن مشكلة تعز من داخلها يقفزون على حقيقة أن تعز حين كانت صاحبة كلمتها وسيدة قرارها -بعد سقوط الدولة ورحيل السلطة- حررت أغلب ترابها، وها هي اليوم وقد أسلمت مقاليدها للسلطة الشرعية، وتحول مقاوموها إلى جيش، ومتطوعوها إلى موظفين، تنتظر اضطلاع تلك السلطة بمسؤولياتها وقيامها بواجبها.

* في الذكرى الثامنة لثورة فبراير، ما هي رسالتك التي تحب أن توجهها للشعب اليمني وقواه السياسية؟

- لقد ثرنا من أجل يمن جديد، ولد في زخم الساحات، فكانت ولادته ثورة. ورُعي بحوار القاعات، فكانت رعايته ثورة. وحُمي بسلاح الجبهات، فكانت حمايته ثورة. وغدا يَرعى من رعاه ويحمي من حماه، فقفوا مع اليمن صغيرا يقف معكم كبيرا. "ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا".