الجمعة 29-03-2024 13:19:30 م : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

الوضع الاقتصادي اليمني بين مخاوف التدهور وصعوبة المعالجات

الأربعاء 12 ديسمبر-كانون الأول 2018 الساعة 08 مساءً / الإصلاح نت - خاص/ وئام اسماعيل
 

 

لا تزال حتى اليوم قضية التدهور الاقتصادي من أبرز المشكلات التي تؤرق الشعب اليمني الذي يدفع فاتورة باهظة جراء ذلك، وكذلك الحكومة كون البلاد تعيش في ظل حرب توقفت معها أغلب المؤسسات الإنتاجية.
تدهورت العملة في اليمن بشكل كبير، ووصل سعر الدولار الواحد أكثر من 800 ريال يمني، قابله ارتفاع خيالي للأسعار، وهو ما شكل ضربة قاسية للمواطن الذي تعتمد بلاده على الاستيراد بنسبة وصلت إلى 90% أثناء الحرب.
يرى خبراء اقتصاديون أن من أبرز أسباب التدهور الاقتصادي قيام الحوثيين بإيقاف دورة السيولة النقدية التي نتج عنها وجود قطاع مصرفي موازٍ لا يخضع للرقابة، إضافة إلى وجود إدارتين للبنك المركزي واحدة بصنعاء والأخرى بعدن، فضلا عن توقف تصدير النفط والغاز.

 

جهود الحكومة
حاولت الحكومة اليمنية الحد من الانهيار الاقتصادي باتخاذ الكثير من الإجراءات، من بينها إصدار سندات مالية بقيمة 100 مليار ريال لتغطية عجز الموازنة من مصادر غير تضخمية، فضلا عن رفع أسعار الفائدة إلى 28%، وتكوين احتياطي من العملات المحلية بمبلغ 500 مليار ريال.
كما حددت سعر بيع الدولار بـ520 ريالا، وصرف الاعتمادات للتجار لتغطية السلع الغذائية الأساسية، وتوجه الحكومة إلى استئناف تصدير النفط، مستفيدة كذلك من منحة المشتقات النفطية المخصصة للكهرباء بقيمة 60 مليون دولار.
ركزت الحكومة على محاولة إخراج المضاربين بالعملة من السوق وتحسن سعر الريال قبل أيام بشكل مفاجئ، ثم أعلن محافظ البنك المركزي اليمني الدكتور محمد زمام أن "السعر العادل للريال اليمني مقابل الدولار هو (450) ريالاً للدولار و(120) ريالاً للريال السعودي".
لم يستمر ذلك السعر طويلا فما هي إلا بضعة أيام وعاد النقد الأجنبي يرتفع مجددا أمام العملات الأخرى، مقتربا من السعر الذي حدده البنك المركزي وأصدر قرارا به وهو 520 ريال للدولار الواحد.
وكان زمام قد تحدث عن البدء في ترتيبات بنكية مع منظمات الأمم المتحدة، لتوريد مساعداتها عبر البنك المركزي وبقية الدول والمنظمات.
ويعتزم صندوق النقد الدولي إجراء تقييم للاقتصاد اليمني للمرة الأولى منذ عام 2014، بطلب من الحكومة اليمنية، بهدف إعادة البنك المركزي إلى النظام المالي الدولي من أجل الإفراج عن بقية الحسابات الخارجية المجمدة، وأيضا بغرض استعادة ثقة الدول والمؤسسات المانحة للحصول على منح وقروض جديدة تساهم في الحد من الأزمات المالية والمعيشية الخانقة التي تعاني منها البلاد.
كما تم مؤخرا عقد اجتماع اللجنة الرباعية المكونة من السعودية والإمارات وأمريكا وبريطانيا بشأن اليمن، لتنمية وإعمار البلاد، جرى خلاله بحث آليات دعم البنك المركزي.

 

مخاوف المواطنين
وبرغم كل تلك الإجراءات لا يزال ارتفاع الأسعار أبرز القضايا التي تثير مخاوف المواطنين، خاصة مع استمرار المضاربة بالعملة والتي تؤثر سلبا على استقرار الاقتصاد.
أرهق ذلك الكثير من المواطنين الذين لم يعودوا قادرين على توفير احتياجاتهم الأساسية بسهولة، وهو ما يؤكده محمد الدميني الذي قال إن الأسعار لا تزال مرتفعة ولم ينقص إلا القليل منها، وهو الأمر الذي يزيد معاناته وأسرته المكونة من 8 أشخاص.
واستغرب من قيام التجار برفع أسعار المواد الغذائية بمجرد ارتفاع الدولار، وعدم خفضهم له حين يتحسن سعر الريال أمام النقد الأجنبي، وحديث أصحاب البقالات الصغيرة عن رفض تجار الجملة البيع لهم بأسعار منخفضة، بسبب بيعهم لهم بضاعة من مخازنهم والتي قاموا بشرائها بأسعار مرتفعة.

 

معالجات ضرورية
يرى الصحفي المتخصص بالشأن الاقتصادي فاروق الكمالي أن أي إجراءات تقوم بها الحكومة تظل مؤقتة وغير كافية، لكنها معالجات مطلوبة ومرهونة أولا بقدرة البنك المركزي على إدارة السياسة النقدية، والتي بدورها مرهونة بتوحيد البنك المركزي المنقسم حاليا بين الحكومة الشرعية وجماعة المتمردين الحوثيين.
وأكد في تصريحات صحفية أن استقرار الوضع الاقتصادي مرتبط بمستوى الثقة والقوة في علاقة الحكومة مع بعض الدول والمؤسسات المالية الدولية وبقية المانحين الدوليين.
ووفقا للكمالي فاليمن تحتاج إلى وديعة نقدية لرفد الاحتياطي من النقد الأجنبي في الخارج بما لا يقل عن 5 مليارات دولار، مشيرا إلى إعلان الحكومة مؤخرا عن مواصلتها البحث عن ودائع نقدية من الدول الصديقة.
أما المحاسب والمتهم بالشأن الاقتصادي محمد العامري، فأكد أن تعافي الاقتصاد ليس سهلا في ظل الوضع الحالي الذي تعيشه البلاد، لكنه أكد أن مساعي الحكومة الحالية للحصول على ثقة دول التحالف والدول المانحة، سيساهم في دعم خطوات المعالجات التي ستقوم بها الحكومة واللجنة الاقتصادية والبنك المركزي اليمني عدن.

 

صعوبات وحلول
وقال الكمالي إن الحرب هي أكبر أسباب تدهور العملة المحلية، لكن التهاوي المتسارع أخيرا لا يرتبط بعوامل اقتصادية، بقدر ارتباطه بعمليات مضاربة شديدة على النقد الأجنبي تشهدها السوق اليمنية.

وتابع "الحلول المؤقتة لم تعد مجدية، وتوسع البنك المركزي في استخدام العصا بحق المخالفين لن ينقذ العملة المحلية، دون الالتفات لإجراءات حقيقية تُنهي الأزمة".
وفي اعتقاد الصحفي الكمالي، ينبغي على المركزي الاستمرار في تغطية خطابات الائتمان بدعم واردات السلع الأساسية من العملة الصعبة وبكميات كبيرة، فهذا يساعد في استقرار سعر الصرف بالتوازي مع تفعيل البنك لأدوات السياسة النقدية.
بدوره ذكر العامري في تصريحات صحفية أن إعادة تصدير النفط والغاز، سيضمن بدء حصول الحكومة على الموارد لاستمرار معالجة الملف الاقتصادي، بالإضافة إلى قيامها بالتواصل مع المنظمات الإنسانية والدولية للتنسيق معها لاستجلاب الدعم. أما أكبر التحديات التي ستواجهها الحكومة فهي ردم فجوات الفساد والنفقات غير الضرورية.


ولتحسين قيمة الريال، يدعو العامري إلى تحييد الاقتصاد والسياسة النقدية عن الصراع السياسي والعسكري، كون المتضرر الوحيد من ذلك هو الشعب اليمني، مشيرا إلى أن اهتمام الحكومة بالملف الاقتصادي، سيجعلها تتفادى حقول الألغام المتمثلة بمراكز قوى لها مصالح سياسية وعسكرية.
وبدأ البنك المركزي مؤخرا بفرض عقوبات على بعض محلات الصرافة التي تعمل دون تراخيص، كما تحدث اقتصاديون عن اتفاق البنك مع مستوردي المشتقات النفطية بعدم شراء العملات الأجنبية من السوق، وسيفرض عقوبات على المخالفين.
وفي وقت سابق، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف"، عن وجود 2.2 مليون طفل يمني يعانون من سوء التغذية الحاد ويحتاجون إلى رعاية طبية، وقالت إن نحو 85 ألف طفل دون سن الخامسة ماتوا بسبب سوء التغذية الحاد خلال ثلاث سنوات من الحرب في اليمن، في الوقت ذاته بات 14 مليون مواطن على حافة المجاعة.