الخميس 18-04-2024 06:43:22 ص : 9 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

الركائز الدينية والمنطلقات السياسية عند الإمامة.. تشويه الخصوم وتكفيرهم 

الخميس 06 ديسمبر-كانون الأول 2018 الساعة 09 مساءً / الإصلاح نت - خاص
 

 

(الحلقة السادسة)

في سلسلة حلقات عن الأيديولوجيا الحوثية الإمامية نستعرض أهم الركائز التي قامت عليها هذه الأيديولوجيا من لدن بذرتها وحتى اليوم وأثرها على وحدة المجتمع وكيف نخرت المجتمع اليمني أو المجتمعات الأخرى التي وجدت فيها، وأثر ذلك مستقبلاً.

تشويه الخصوم والمنافسين لهم لاستحلال دمائهم

ارتكزت الإمامة طيلة تاريخها وعبر كل الأئمة على تشويه الخصوم والمنافسين لتنفير الناس من حولهم والانفضاض عنهم وإضعاف جانبهم حتى يبقون بلا ناصر ولا مؤيد ولا أتباع فينقضون عليهم ويخرجون عليهم ويستحلون دماءهم، يستوي في ذلك الحكام والولاة والعلماء والتجار وحتى المواطنون، فلا يفرقون بين أحد منهم في سبيل تحقيق مآربهم وأهدافهم.

فقد عمد الهادي الرسي إلى تشويه العباسيين في اليمن وغير اليمن لتأليب الناس ضدهم والخروج عليهم، واتهمهم بكل رزية ونقيصة، ومن ذلك مثلاً خطابه ورسالته إلى بعض أتباعه، يقول فيها:

"لا يرحمون العباد، ولا يصلحون البلاد، رافضون معطلون بالنكاح، معتكفون بالسلاح، المكر بينهم ظاهر، وأفعال قوم لوط أفعالهم، وأعمالهم في ذلك أعمالهم، يتخذون الرجال ويأتونهم من دون النساء، ويظهرون الفجور علانية، إن عاهدوا نقضوا، وإن أمنوا غدروا، وإن قالوا كذبوا، وإن أقسموا حنثوا. قد قتلوا الأرامل والولدان، وحرموهم ما جعل الله لهم. في الفسق منغمسون، وعن الحق مجنبون. لم ينالوا ما نالوا من أولياء الله إلا بالغدر، ولم يقدروا عليه إلا بالجبر، وعقدوا مواثيق الله له في أعناقهم، وسط أمان الله وأمان رسوله منهم، فإذا أركن إلى عظيم ما يعطونه، ووثق بجليل إيمانهم قتلوه من بعد ذلك غادرين، ومثلوا به ناكثين. فأي ظلم أو غشم أو إثم أعظم مما فيه من هو يدعي أنه إمام للمسلمين أو أمير للمؤمنين من الذين أماتوا الكتاب والسنن، وأحبوا البدع والفتن، وقتلوا الحق، وأحبوا الفسق. جلسوا في غير مجلسهم، وتعاطوا ما ليس لهم.

ألستم ترون ما قد صار إليه أعداء الله وأعداؤكم من النقص والخذلان والضلال والنقصان، فكل يوم يردنون، وكل شهر ينقصون، وكل عام يفتنون". وهذه الرسالة موجودة في سيرته من كتاب "سيرة الإمام الهادي" لابن العلوي.

وكان الهادي قبل أن يتحرك ضد أية قبيلة من القبائل اليمنية يسبقه جهازه الإعلامي التشويهي بحق اليمنيين وقبائلهم فيتهمها في أعراضها والزندقة والفجور وارتكاب المحرمات وحتى التكفير، وأنهم أعداء الله وأعداء رسوله الذين وجب قتالهم وتخليص الناس من شرورهم، وما هي إلا من مكائد الإمامة لتبرير جرائمها.

وكما كان الهادي يعيب على العباسيين استبدادهم وظلمهم، فإنه لما تولى بعض مناطق اليمن ارتكب من الجرائم أبشع مما ارتكب العباسيون، وكما عاب الأئمة شرف الدين والمطهر ويحيى حميد الدين على الأتراك، ارتكب أولئك الأئمة بحق الشعب اليمني جرائم لا تعد ولا تحصى بمجازر عرقية وتصفيات طائفية وممارسات ليست من الإسلام ولا الأخلاق ولا الإنسانية في شيء.

وكذلك فعل من بعده ابنه الإمام أحمد الناصر بحق الهمداني لسان اليمن ومفكرها وشاعرها ومؤرخها الحسن الهمداني، حيث يروي أبو الرجال في كتابه "مطالع البدور" عن بعض مؤرخي الزيدية: إن الهمداني أعتقل لشأن في دينه، قيل بصنعاء، وقيل بصعدة أيام الناصر أحمد وأيام أسعد بن أبي يعفر، إلى أن قال: لهج ابن الحائك بتفضيل قبيلة قحطان على عدنان، وحقَّر ما عظَّم الله وتجاسر على انتقاص من اصطفاه الله"، وانظروا إلى هذه الكلمات الأخيرة "حَقَّر ما عظَّم الله وتجاسر على انتقاص من اصطفاه الله"، وانظروا إلى الألفاظ العنصرية التي أوردوها في حق الهمداني.

أما عبدالله بن حمزة فقد شوه المطرفية بكل أنواع التشويه ورماهم بكل التهم حتى كفرهم، وكفر من يعارض الإمامة والأئمة بتكفير الإلزام وتكفير التأويل وهو صاحب فتاوى عجيبة غريبة أنه يقتل كل الأطفال والنساء الذين يتحصن بهم العدو ويبادون في القرى والأماكن التي يتواجد فيها العدو إن لم يتم الاستطاعة الوصول إليهم وحسابهم على الله تعالى هو يفرز البريء من المذنب.

بعد عملية التشويه تلك قام ابن حمزة بإبادة المطرفية، وقتل كثيراً من اليمنيين الآخرين المعارضين لحكمه واستحل أموالهم.

ثم جاء الإمام شرف الدين وابنه المطهر، وقاموا بتشويه الدولة الطاهرية أيما تشويه، واتهموا الملك عامر بن عبد الوهاب الطاهري بكل التهم واستطاعوا تضليل أمير المماليك حسين الكردي الغوري والتحالف معه وكسبه ضد الملك عامر حتى قتلوه على أبواب صنعاء والقضاء على الدولة الطاهرية.

كما عمل الإمام شرف الدين على تشويه خصومه وخاصة الملك الظافر عامر بن عبد الوهاب الطاهري الذي رماه بكل نقيصة ورزية، واتخذ العنصرية السلالية مدخلاً لذلك في تأليب أمير المماليك الشركس في جزيرة كمران على الملك عامر، كما تظهره رسالته الواضحة للأمير حسين الغوري، وهذه نوردها بنصها كاملاً لأنها كانت من أسباب سقوط آخر الدول السنية في اليمن، حيث تقول الرسالة:

"كتابنا هذا لتعريف خاطر الأمير، وفقه الله الملك القدير، بأنا لم نزل إلى الله مبتهلين، ولما لديه من الفرج منتظرين، وبالتجرد لما بدت من عدو الله الجائر عامر، والقيام بالدعاء إلى دفاعه وجهاده، امتثالاً لأوامر الله الملك القادر، ولكن مع ذلك عدم المعين والناصر، وخذلان من أهل الزمان المشؤوم القاصر، وميل الناس إلى الأطماع الحقيرة، والانخداع من الخلف بزخارف الأباطيل الفاضحة المبيرة، حتى تمكن منهم هذا الظالم الغشوم، وأوقعهم من الخزي والوبال والهون في أقصى التخوم، وشمل بشره البريء والغوي، والضعيف والقوي، والشجي والخلي، وتتبع بمعظم جيشه ومكره أهل بيت النبي، ولم يبق في سلطانه لأهل البيت باقية، ولا أجيبت لهم بإجابة نافعة واعية حتى بددهم الظالم في البلاد، وفرق منهم بين الآباء والأولاد، والأكثر منهم في تخوم اليمن مطرودين متبددين يتمنى الولد أن يحضر موت أبيه، والوالد أن يشاهد أحوال بنيه، وفعل في آل المصطفى ما حرمه الله في سيئ الكفار الخارجين عن الدين، وأعانه على ذلك رجل من أهل البيت ادعى ما ليس له بحق، فأنكر عليه الإمام الوشلي، ولم يعذرنا أهل زماننا عن القيام في مقامه الجلي، ولقد هم -أخزاه الله- بقصد الحرمين، وإخراج من فيه من ولد الحسين، فرجعنا مع بذل ما بقي معنا من جهد في دفاع مجهود المذاكرة له في كثير من الحدود إلى الله سبحانه وتعالى، وسألناه تعجيل الفرج وإطفاء وهج المهج، على يد من هو أهل للمحامد المبرورة والمقاصد المشهورة في حياطة هذا الدين والرعاية لحق رسول رب العالمين، وما ذاك إلا لسريرة صالحة وتجارة رابحة مع السلطان الأكرم، والنور المستطيل الأعظم (قانصوه)، أطال الله توفيقه، وأوضح إلى كل مقصود مبرور طريقه".

وبعد أن استفرد الإمام شرف الدين وابنه المطهر بحكم اليمن بعد القضاء على الدولة الطاهرية لم يتركوا جريمة من الجرائم إلا وارتكبوها بحق الشعب اليمني، ولم يتركوا نقيصة ولا مثلبة أخذوها على الطاهريين وهي غير صحيحة إلا ارتكبوها بصورة منقطعة النظير في حق اليمنيين.

ومع كل دولة إمامية تنشأ يتخذ الأئمة سياسة تشويه الخصوم لضربهم وغزو بلدانهم، ففي القرن الحادي عشر الهجري؛ زمن الإمام المؤيد القاسمي، قاموا بتشويه أهل "فيفا" في عسير.

ومن ذلك مثلاً ما فعله الإمام المؤيد أحمد بن القاسم بأهل بلاد "فيفا" بالقرب من عسير سنة 1135هـ، من تشويههم دينياً وقبلياً واجتماعياً.

فقد روى الكبسي في تاريخه أن "أهل تلك البلاد لا يعرفون الله ولا رسوله، ولا أحكام الإسلام، ولا صلاة ولا صياماً، وكانت أنكحتهم على الجاهلية الجهلاء والغرانيق الأولى، إذا اشتهت المرأة رجلاً تزوجها من دون عقد ولا شهادة، وإذا وصل إليهم الضيف أكرموه وطلبوا له من نسائهم أجملهن يبتن معه في فراشه -إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل". وأضاف: "إن جيوش المؤيد ارتكبت بحقهم مجزرة كبيرة، ولم يكن لهم سلاح إلا السهام والأوضاف، وجيشه مدجج بالبنادق والمدافع، واستولت جيوش الإمام على أموالهم وقراهم وكل ما يملكون، فشردوهم في البلاد، وغني الفليس من أموالهم، وذللوا عاصيها، وملكوا صياصيها".

تشويه الإمام الهادي محمد بن المتوكل للفقيه سعيد الدنوي

ظل المعارضون لحكم الأئمة وأتباعهم يشوَّهون في كل زمان ومكان وأثناء معارضتهم وحياتهم وحتى في مماتهم، ففي القرن الثاني عشر الهجري برز اسم الفقيه سعيد بن صالح بن ياسين العنسي الدنوي -صاحب الدنوة في إب- معارضاً لحكم وطغيان الأئمة، بسبب أنهم كانوا يبيحون ويهدرون إب وتعز وعدن وريمة واليمن الأسفل عموماً أرضاً وإنساناً، ويجعلونها أرض خراج ويبيحونها للقبائل المناصرة للإمامة وقطع الطريق، من قبائل بكيل والجوف وحاشد من ذو محمد وذو حسين وغيرهم، فبرز الفقيه سعيد بن صالح العنسي للتصدي لتلك الهمجية، فاجتمع الناس حوله من اليمن الأسفل ككل والمناطق الوسطى حتى قال المؤرخون إن اليمن الأسفل كله من عدن وحتى سمارة شمالاً وحتى زبيد غرباً دان للفقيه سعيد واجتمعوا تحت رايته وكونوا الجيوش المحاربة للتصدي للإمامة، وكانت أول ثورة وانتفاضة (سنية) ضد الإمامية منذ إسقاطهم الدولة الطاهرية.

تعالوا ننظر اليوم ما فعله الأئمة الجدد الحوثيون، حملوا حملات إعلامية كبيرة على اليهود اليمنيين في صعدة حتى هجروهم من ديارهم ونهبوا أموالهم، ثم قاموا بتشويه وحملات إعلامية كبرى ضد قبائل صعدة وقاموا بقتل أبنائها ونهب أموالهم وأرضهم وتشريدهم في كل مكان، ثم عمدوا إلى تشويه السلفيين في دماج بكل الرزايا واتهامهم بالإرهاب والتطرف ثم حاصروهم وقتلوهم وشردوهم من ديارهم وأخرجوهم من صعدة ونهبوا أموالهم وقتلوا الأطفال والنساء وحاصروهم من العلاج ونهبوا القوافل الإغاثية التي جاءت لإغاثتهم.

ثم عاب الحوثيون وانتقدوا الحكومات المختلفة بالفساد والضعف والإدارة والمعاملات اللاإنسانية والجرعات الاقتصادية المختلفة، واتهام الخصوم الآخرين بالدعشنة، ثم قاموا بالانقلاب ووصلوا إلى الحكم والتسلط على رقاب اليمنيين، فماذا فعلوا بعد ذلك؟!

قطعوا الطريق ونهبوا البلاد والعباد وقتلوا النفس التي حرم الله، وعاملوا الشعب معاملة سيئة، وأقاموا أسواقاً سوداء لكل شيء في البلد، وحاصروا المدن وقتلوا وشردوا ومنعوا حتى رغيف الخبز أن يصل للأطفال والشيوخ في تعز، وتبولوا في خزانات وصهاريج مياه الشرب، وقطعوا المياه عن المواطنين، وخربوا كل مصالح البلاد من كهرباء ونفط ومصانع واتصالات وشركات خدمية مختلفة، وقصفوا المستشفيات وفجروا المساجد ومدارس تحفيظ القرآن، ونهبوا البيوت وهتكوا الأعراض، وتحالفوا ونسقوا مع القاعدة وداعش ودعم بعضهم بعضاً ضد الشرعية اليمنية ممثلة بحكومة الرئيس هادي، وقطعوا المشتقات النفطية وصادروا الرواتب ونهبوا أموال الدولة وخزينتها وشردوا المواطنين وقتلوا الأطفال ونهبوا قوافل الإغاثة وزرعوا الموت في كل أنحاء اليمن بزراعتهم أكثر من مليون لغم، ودمروا كل مؤسسات الدولة وقادوا اليمن إلى المجاعات ودمروا كل مقومات الشعب اليمني.

الخلاصة:
تشويه الدول والحكومات والأفراد والعلماء والمفكرين والقبائل من قبل الإمامة هو مقدمة للخروج عليهم ولاستحلال قتالهم ودمائهم، والعمل على فض الأتباع والأنصار والموالين من حول تلك الدول للتسلل إليها من قبل الإمامة.

كلمات دالّة

#الإمامة #التكفير