الجمعة 29-03-2024 17:00:41 م : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

مليشيا الحوثي الانقلابية.. تاريخ حافل بإفشال الحوارات ونقض العهود

الأربعاء 05 ديسمبر-كانون الأول 2018 الساعة 10 مساءً / الإصلاح نت - خاص

 

دأبت مليشيات الحوثي على إفشال أي جهود أممية وكل مشاورات تفضي إلى إيجاد حل سياسي ينهي انقلابها على الشرعية في اليمن، وينهي انقلابها على الدولة، كما هي عادتها من قبل في خرق أي اتفاقات مع السلطات الرسمية، اتساقاً مع تاريخها العبثي في التهرب من جهود الحل السياسي للأزمة التي أحدثتها.

وحيث إن جماعة الحوثي الممولة من إيران أفشلت كل المبادرات الإقليمية والدولية من أجل الوصول إلى حل سلمي يعيد الأمن والاستقرار لليمن والشعب اليمني الذي ذاق ويلات حروب المليشيات العبثية، وجرائمها وانتهاكاتها بحق مختلف شرائح المجتمع اليمني وقواه السياسية والاجتماعية، وهو ما جعل الكثيرين غير متفائلين بمشاورات ستوكهولم المزمع انعقادها في السويد خلال الأيام القليلة القادمة.

ولتفادي هذا الفشل الذي كان نتيجة حتمية لمشاورات ومؤتمرات سابقة فقد حرص مبعوث الأمم المتحدة غريفيث على الحضور إلى صنعاء برفقة السفير الكويتي، لاصطحاب وفد المتمردين الحوثيين المفاوض إلى السويد، وتم نقل 50 من مقاتلي المليشيات ومرافقيهم بطائرة أثيوبية للعلاج في الخارج وذلك بعد محاولات من الحوثيين لإفشال المشاورات كسابقتها عبر الإخلال بالتزاماتهم، وبهذا فقد سُدت كل الذرائع أمام المتمردين رغم مماطلاتهم في تنفيذ الشروط التي اشترطوها، ووافقت عليها الحكومة اليمنية ضمن إطار بناء الثقة.

 

جنيف2.. فشلت قبل أن تبدأ

في 8 سبتمبر الماضي، غادر وفد الحكومة اليمنية جنيف، بعد فشل المفاوضات التي كان يزمع عقدها في بداية الشهر، لكن إفشالها هذه المرة من قبل المليشيات الانقلابية كان مختلفاً، فقد أفشلتها قبل أن تبدأ، بتعمدها عدم حضور وفدها إلى جنيف، في حين التزم وفد الحكومة بالحضور وجدول المشاورات مع المبعوث الدولي مارتن غريفيث.

لقد أثبت إفشال الحوثيين لمفاوضات جنيف الأخيرة أنهم يقابلون الجهود الدولية للسلام بالاستهتار وليس لديهم أي جدية لإنهاء معاناة الشعب اليمني، وهم ما دفع وزير الخارجية ورئيس الوفد الحكومي المفاوض لدعوة المجتمع الدولي لتحمل مسؤوليته في تطبيق القرارات الدولية والمبادرة الخليجية لأن إفشال المفاوضات سياسة اعتاد عليها الانقلابيون، وطالب بأن تكون هناك رسائل حازمة وحاسمة من المجتمع الدولي عندما يتم خرق التزام مهم كالحضور إلى جنيف.

فشل مفاوضات جنيف في سبتمبر الماضي وتغيب الحوثيين أثار جملة من التساؤلات حول مدى جدية المجتمع الدولي في إنهاء الأزمة اليمنية، وحول السر وراء رفض الحوثيين الحضور للمفاوضات، غير أن مراقبين اعتبروا غياب الحوثيين حينها لم يكن يفاجؤهم، فقد كانوا يتوقعون أن تجهض المليشيات الانقلابية مساعي السلام التي تقودها الأمم المتحدة وتباركها دول التحالف العربي، خصوصاً أن وزير الخارجية خالد اليماني فند أسباب عدم ذهابهم إلى جنيف، وذرائعهم من أن الطائرة التي كان من المفترض أن تقلهم، لم تحصل على تصريح من التحالف العربي، وأكد أن طائرة الأمم المتحدة كانت موجودة في صنعاء لنقلهم قبل أيام من المشاورات، وجاء تأكيد قيادة القوات المشتركة للتحالف بأنها أعطت تصريحا لطائرة مليشيا الحوثي لمغادرة اليمن للمشاركة في محادثات جنيف.

وقد اتضح فيما بعد أن إفشال الحوثيين لمفاوضات جنيف كان وراءه شروط مريبة حيث قدم الحوثيون شروطاً للأمم المتحدة أو المبعوث الخاص حيث رفضوا طائرة الأمم المتحدة وطالبوا بطائرة خاصة ونقل جرحى إلى الخارج، بينهم عناصر من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله، في دليل على عدم الجدية والتعنت واختلاق الأعذار واتباع سياسية المماطلة، وهو ما تسبب بخيبة أمل لدى الأمم المتحدة ومبعوثها.

ورغم أن المبعوث الأممي أكد أثناء تهيئته للمشاورات أنها ستكون بدون أي شروط مسبقة، فإن الحوثيين أصروا على فرض شروطهم على المحادثات حتى قبل أن تبدأ، وهو الأمر الذي يتكرر قبيل كل مشاورات.

وفيما بذل المبعوث غريفيث جهوداً لأشهر وجولات في عواصم عربية من أجل عقد مشاورات جنيف، إلا أن مليشيات الحوثي كانت تهيئ نفسها لاستخدام الأسلوب ذاته الذي استخدمته في مفاوضات الكويت قبل عامين بالتسويف والمماطلة والبحث عن مخرج سياسي يبقيها -رغم الهزائم- كحركة مسلحة مثل حزب الله في لبنان، فظهرت مستعدة للحرب أكثر من استعدادها للسلام.

  

صلف وغطرسة نسفت مفاوضات الكويت

وبنهاية يوليو 2016 تم الإعلان عن فشل مفاوضات الكويت بين الحكومة اليمنية والانقلابيين الحوثيين، وإمعاناً من الحوثيين في إفشالها، فقد أداروا ظهورهم للخطة المقدمة من الأمم المتحدة، واستبقوها بخطوات أحادية، فسارعوا إلى إعلان تشكيل ما يسمى "اتفاق تشكيل مجلس سياسي لإدارة البلاد" كسلطة انقلابية وأمر واقع، وهو ما عكس الصلف والغطرسة لدى مليشيات الحوثي الانقلابية، وعدم احترامها للأمم المتحدة والمجتمع الدولي، والدول التي رعت المشاورات في الكويت لثلاثة أشهر.

لقد أثبتت المليشيات الممولة إيرانياً للمجتمع الدولي عدم جديتها في الوصول إلى حل سياسي ينهي معاناة الشعب اليمني وكشفت ممارساتها في استغلال مشاورات السلام كتغطية لحرف انتباه المجتمع الدولي عن تحركاتها الحثيثة لاستمرار الحرب والانقلاب، والاستمرار في مشروعها الطائفي السلالي المنبوذ.

أما الأمم المتحدة وعبر مبعوثها الدولي حينها إسماعيل ولد الشيخ أحمد، فقد اعتبرت إعلان المليشيات الانقلابية في اليمن تشكيل مجلس سياسي لإدارة البلاد بمثابة نسف للعملية السياسية والمشاورات التي كانت في الكويت، بينما اعتبرته الحكومة الشرعية انقلاباً جديداً، ومن يومها لم تفلح أي محاولات لإحلال السلام، واستمر تقدم الجيش الوطني على الأرض.

  

أسلوب المراوغة والاستهتار

لم يكن إفشال المتمردين الحوثيين لمفاوضات الكويت الا استكمالاً لمسلسل عبثهم واستهتارهم، فقد أخفق مؤتمر جنيف في 16 يونيو 2015 في التوصل إلى حل سياسي، بسبب تعنت الحوثيين، ورغبتهم المسبقة في إفشاله.

فقد أحبط الحوثيون جميع جولات التفاوض التي شهدها مؤتمر جنيف عام 2015 بتعنتهم وإصرارهم على التهرب من الالتزام بالقرارات الدولية، ومن جهة ثانية بفعل التأخر المتعمد لوفد الانقلابيين عن الحضور لعدة أيام عن الموعد المحدد، الأمر الذي أدى إلى تأجيل إحدى الجولات، وفي المحصلة فقد كان الحوثي وشريكه صالح حينها يتعمدون عرقلة المفاوضات، ورفضوا تطبيق القرار الدولي الملزم رقم 2216 الذي أصدره مجلس الأمن الدولي في أبريل من نفس العام تحت الفصل السابع الذي طالب المليشيات الانقلابية بوقف القتال وسحب قواتها من المناطق التي فرضت سيطرتها عليها بما في ذلك صنعاء تمهيدا لاجتماع برعاية مجلس التعاون الخليجي يفضي إلى اتفاق سياسي مع الحكومة الشرعية.

ومنذ انقلابها على السلطة الشرعية في اليمن، مارست مليشيات الحوثي المراوغة والتحايل كأسلوب لرفض الالتزام بالقرارات الدولية وإفشال مبادرات الحل السياسي، وقبلها وطوال الحروب الست بين المليشيات الحوثية والحكومة بين 2004 و2010 وما بعدها من حروب لإسقاط المحافظات والدولة اليمنية، كان الحوثيون ينقضون كل الاتفاقات التي يوقعونها سواء مع الدولة أو مع القبائل اليمنية، ويبتكرون الذرائع للتنصل من أي مواثيق، حيث تشير تقديرات الباحثين إلى أن الحوثيين نقضوا أكثر من 75 اتفاقا مع الحكومات والقبائل اليمنية، وأصبح الحوثي لدى عامة اليمنيين خائناً للعهود وناقضاً للاتفاقات.

لكن اليوم ومع تغير المعادلة على الأرض وأصبحت عملية تحرير مدينة الحديدة ركنا أساسيا في الحل السياسي فإن مليشيات الحوثي هذه المرة تحضر المفاوضات تحت ضغط الهزائم المتوالية التي تتعرض لها في مختلف الجبهات، وهي في كل مرة تعتبر جولات التفاوض والهدن فرصة لالتقاط أنفاسها وترتيب أوراقها، وفي حال فشل هذه المشاورات كما يتوقع كثيرون فإنه لن يتبقى أمام الشرعية اليمنية سوى اللجوء لخيار الحسم العسكري امتثالاً لقرار مجلس الأمن الدولي.