الجمعة 29-03-2024 08:22:03 ص : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

الإصلاح والوطن والخصوم.. من إطلاق الإشاعات إلى سلوك الإجرام (الأخونة)

الخميس 29 نوفمبر-تشرين الثاني 2018 الساعة 09 مساءً / الإصلاح نت - خاص

 

(الحلقة الأخيرة)

الأخونة

السلطة أو الرئاسة في اليمن انتقلت من رئيس المؤتمر الى نائب رئيس المؤتمر، أي من داخل السلطة وليس من خارجها، وتشكلت حكومة وفاق وطني نصفها من المؤتمر(17 حقيبة وزارية)، والنصف الثاني من قوى سياسية مختلفة من بينها الإصلاح الذي شغل أربع وزارات فقط، وبالتالي لم يكن يوجد أي مسوغ منطقي للدعاية بالأخونة أو الأصلحة، إذ لا توجد أرضية حقيقية لوقوع الأصلحة حتى على المستوى النظري.

كان من الواضح أن الثورة المضادة وتحالف الحوثي صالح واليسار بصورة عامة، قد تبنوا رؤية إعلامية مشتركة كانت صدى لإعلام الثورة المضادة والدولة العميقة في مصر، وتحت عنوان الأخونة واتباع نظرية الشيطنة وفحواها إن أردت الخلاص من خصم ما، وتمهد الطريق لذلك، وتجعله محاصرا، قم بشيطنته.

لم تتردد الأطراف المختلفة في الحديث عن الأخونة، والقول إن الإصلاح يبتلع الدولة، ومن ثم تتوعد الإصلاح بالاجتثاث.

الأخونة تعني إخلاء أجهزة الدولة من موظفيها وإحلال الإخوان محلهم، وفي اليمن إحلال الإصلاحيين محل الموظفين العامين، وهي عملية لم تكن لتشكل حضورا نظريا على مستوى الإصلاح، وأما عمليا فإنها في خانة الاستحالة، لذلك تبدو صناعة دعائية شديدة التأثير، على الرغم من أن الإصلاح لم يكن له سوى أربع وزارات من بين أكثر من ثلاثين وزارة، على الرغم من أن تعيين إصلاحيين كان محدودا جدا.

إن تلك الإشاعة جاءت من القياس على الذات، حيث غدت الوظائف الإدارية العليا وبعض الأجهزة مغلقة على شرط الانتماء للمؤتمر الشعبي، واستبعاد موظفين بسبب انتماءاتهم الحزبية
أو استقلالهم. لقد كانت موافقة مكتب الرئيس وجهاز الأمن القومي، شرطا للتعيين في الوظائف العامة.

لقد كان الهدف من تلك الإشاعات المنظمة، التمهيد لاجتياح البلد، وإسقاط السلطة، وتقويض الدولة اليمنية.

إحلال الحوثنة الفعلية في الأجهزة المختلفة والسيطرة الكلية عليها، محل الأخونة والأصلحة الوهمية، لتكون الحوثنة الفعلية.

  

إعاقة الحسم

من أكبر الأكاذيب الدعائية ضد الإصلاح القول أنه يعيق الحسم العسكري للأزمة وإنهاء الحرب، ويتكرر الحديث عن ذلك بلا انقطاع، خاصة مع تحرير معظم مديرية نهم، رغم أن الإصلاح ليس السلطة التي تتخذ القرار بشأن الحرب.

من يطلقون هذه الإشاعات يتجاهلون أن الإصلاح حزب سياسي مساند للشرعية، وليس السلطة ذاتها، وليس هو رئيس الجمهورية ولا الحكومة، ومن ثم القرار بشأن الحرب ليس من اختصاصه بل من اختصاص مؤسسات تدير الحرب ولها صلاحيات اتخاذ القرار.

وفي الحالة اليمنية الراهنة، للسلطة شركاء مثل التحالف العربي، كما أنه حتى السلطة الرسمية ليست منفردة ولا تملك اتخاذ القرار منفردة، أي أن وقف الحرب في جبهات ما أو تجميدها وتحويلها من حالة الهجوم إلى حالة الدفاع أو العكس ليس من شأن الإصلاح.

إن مطلقي الإشاعات ومن يصدقهم وخاصة من وسائل الإعلام يدركون هذه الحقيقة، ويكذبون عمدا بغرض تشويه الإصلاح بل وتصويره وكأنه مهيمن على الساحة السياسية والعسكرية، ولتبرئة جهات مسؤولة فعليا عن الحالة السياسية والعسكرية واتخاذ القرارات بهذا الصدد.

الإصلاح أكثر القوى اليمنية تضررا من إطالة أمد الحرب واستمرارها واستحالة تواصله مع الحوثيين.

يتجاهل صناع الإشاعات أن الإصلاح أكثر القوى تضررا من الحرب وإطالة أمدها، فكل الأحزاب لها تواصل مع السلطة والحوثيين، ولم تتضرر كثيرا من سيطرة الحوثيين، بل فبعضها صارت مستفيدة من إطالة أمد الحرب، لأن إنهاء الحرب والانتقال إلى الحالة الطبيعية سيضعها أمام الحقيقة، وهي أنها أحزاب أقرب إلى الوهمية، وأن وجودها محدود، والحرب تجعل من صوتها وحضورها مضاعفا أكبر من حجمها الحقيقي.

أما محاولات إيجاد علاقات أو تواصل من نوع ما للإصلاح مع الحوثيين فإنها من أكثر الأكاذيب ترديدا من قبل بعض المناوئين للشرعية نفسها ووسائل إعلام خارجية. أما العفاشيون فيبذلون محاولات مستميتة للتغطية على فضيحة القرن في اليمن، وهي تسليم صالح عفاش للبلد وجيشها وأجهزتها الأمنية للإمامة وخيانة ثورة 26 سبتمبر والدولة اليمنية ونظامها الجمهوري.

يستحيل وجود تواصل بين الإصلاح والحوثي، فالأخير منذ البداية اعتبر الإصلاح عدوه الإستراتيجي الذي يقف أمام الإمامة بكل ما أوتي، على المستويات المختلفة بما فيها الفكرية والإعلامية والثقافية، والسبب الآخر أن الإصلاح يرى أن الحوار لا يكون مع مجاميع مسلحة تمتهن العنف ، كما لا سبيل لجعل الأزمة اليمنية فصائلية، فالإصلاح يدرك خطورة فصلنة وملشنة الأزمة، وأن الحل يكمن في إنهاء تمرد الحوثيين وأشباههم وفرض سلطة الدولة اليمنية وبسط سيادتها على كل اراضيها.

لا يستطيع الإصلاح إعاقة الحسم حتى لو أراد، ولا يستطيع إيقاف الحرب أو إعاقة الحسم على الإطلاق. إنه لا يملك الإرادة (القرار) بشأنها، ولا القدرة، فقيادة الجيش ليست من اختصاصه، فالجيش له قيادة سياسية (السلطة)، وله قيادة عسكرية، ولهذا ما يقال عن الإصلاح بهذا الشأن هو دعايات متهافتة لا تقوى على الصمود في مواجهة الحقائق الدامغة.

ثمة قوى تستفيد من إطالة الحرب ليس الإصلاح من بينها فهو أول المتضررين، إن قرار الحسم خارجي بامتياز، أي أنه ليس للإصلاح حتى القدرة على التأثير فضلا أن يكون الفاعل.