الخميس 25-04-2024 02:53:44 ص : 16 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

السلام المتعثر.. هل ينجح المجتمع الدولي في حل الأزمة اليمنية سلميا؟

الأحد 25 نوفمبر-تشرين الثاني 2018 الساعة 09 مساءً / الإصلاح نت- خاص/ وئام إسماعيل

  

تشهد الأزمة اليمنية حراكا مكثفا من قبل المجتمع الدولي، بهدف إحراز تقدم في ملف السلام في البلاد التي تعاني من الحرب منذ مارس 2015، بعد تدخل التحالف العربي من أجل دحر الانقلاب.

حتى الآن يبدو أفق الحل السلمي في اليمن ضبابيا، ويعود السبب إلى فشل جولات المشاورات السابقة، آخرها التي كان مقرر أن تعقد في سويسرا في سبتمبر الماضي، والتي تعثرت بسبب عدم سفر الحوثيين.

  

حراك بريطاني أمريكي

لكن وبرغم ذلك، هناك تحرك واسع ومكثف هذه المرة، خاصة بعد تفاقم الأوضاع الإنسانية في اليمن وارتفاع نسبة الفقر إلى أكثر من 85%، فقدمت بريطانيا مشروع قرار بشأن الوضع الإنساني باليمن إلى مجلس الأمن الدولي، تؤكد فيه على الالتزام بوحدة وسيادة واستقلال البلاد، ودعم جهود المبعوث الأممي، ويدين الصواريخ البالستية والهجمات الصاروخية من قبل الحوثيين على السعودية.

كما يتضمن خمسة مطالب وهي "تنفيذ وقف الأعمال العدائية في جميع البنى التحتية والمرافق وحولها، التي تعتمد عليها عمليات الإغاثة والمستوردين التجاريين"، و"تسهيل وحماية الإمدادات الغذائية وغيرها من السلع الأساسية في جميع أنحاء البلاد"، و"ضرورة دعم الاقتصاد اليمني عن طريق ضخ العملات الأجنبية ودفع الرواتب"، و"زيادة التمويل والدعم لعملية المساعدات"، و"التعاون مع المبعوث الأممي إلى اليمن".

سبق ذلك دعوات أمريكية إلى وقف إطلاق النار وبدء محادثات سلام خلال 30 يوما، وهي المطالب التي أيدتها كذلك بريطانيا، إذ شددت رئيسة وزراء بريطانيا، تريزا ماي، على أنه لن يكون لوقف إطلاق النار في أنحاء البلاد تأثير على الأرض، إن لم يرتكز على اتفاق سياسي بين الأطراف المتحاربة. في الوقت ذاته مارست لندن بعض الضغوط على الحكومة اليمنية من أجل إيقاف معارك الحديدة، وظهر من خلال ذلك مدى التوافق بالمواقف بين البلدين ( أمريكا وبريطانيا) تجاه اليمن.

  

تحذير

وحتى الآن تبدو الحلول التي يقدمها المجتمع الدولي من أجل السلام في اليمن بعيدة بعض الشيء عن المرجعيات الثلاث المعتمدة دوليا، أبرزها كانت رؤية وزير الدفاع الأمريكي الذي تحدث قبل أسابيع فيها عن إقامة منطقة حدودية منزوعة السلاح، ونزع الأسلحة الثقيلة بشكل كبير، فضلا عن وعده للحوثيين بمنطقة حكم ذاتي.

لكن ذلك قوبل مرارا بتأكيدات حكومية على ضرورة أن يكون أي حل سلمي في البلاد مستندا على المرجعيات الثلاث، وهو ما يؤكده كذلك سفير اليمن لدى بريطانيا الدكتور ياسين سعيد نعمان، الذي قال إن قرار مجلس الأمن الدولي 2216 هو الحل الوحيد للأزمة اليمنية، محذرا من اتخاذه لأي قرار يتعارض معه، كون البلاد ستغرق بمزيد من الفوضى.

  

مواقف متعددة

يأمل الحوثيون -كما قال القيادي في الجماعة الانقلابية محمد علي الحوثي- أن يحمل المبعوث الأممي الخاص أجندة بناءة تلبي الوضع الاقتصادي والإنساني وتحدد معالم حقيقية لصناعة السلام، لكنهم في الوقت ذاته وبرغم مبادرتهم المعلنة لوقف إطلاق النار فقد سارعوا إلى التصعيد مجددا في الحديدة واستمرت مليشياتهم بالتحشيد على وقع خطابات التعبئة التي يطلقها زعيم الجماعة المتمردة.

من جهتها، أيدت المملكة العربية السعودية الحل السلمي في اليمن، وأكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز دعمه للوصول إلى حل سياسي وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 2216، والمبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني اليمني الشامل، مؤكدا أن وقوف بلاده مع اليمن لم يكن خيارا بل واجباً اقتضته نصرة الشعب اليمني للتصدي لمليشيا إيران.

بينما الشرعية اليمنية وافقت على إرسال وفد الحكومة للمشاورات بالسويد للتوصل إلى حل سياسي للأزمة مبني على المرجعيات الثلاث، مؤكدة في الوقت ذاته أهمية ممارسة الضغط على المليشيا الانقلابية للتجاوب مع الجهود الأممية والمشاركة فيها دون قيد أو شرط.

  

فرص النجاح

على الرغم من كل تلك المؤشرات إلا أن المحلل السياسي محمد الغابري يتوقع -في تصريحات صحفية- أن يستجيب الحوثيون ظاهريا بغرض الوصول إلى تسوية ترضيهم وتمكنهم من نسفها (تركها) لاحقا، ويكونوا بذلك قد أنهوا شيء اسمه "الشرعية".

فيما يتذرع الحوثيون -مبكرا- بمشروع القرار البريطاني، فعضو المكتب السياسي لجماعة الانقلاب الحوثية عبدالملك العجري قال إن مشروع القرار البريطاني إذا أقر بصيغته الحالية فسيكون لغما آخر في طريق السلام "ليس لأنه لم يطالب بوقف إطلاق النار فحسب بل إن الخطوات الإنسانية والاقتصادية التي نص عليها تبقى بلا معنى بدون آليات عمل موحدة لإدارة السياسات الاقتصادية والنقدية"، وهو مؤشر على إمكانية إفشال المليشيا الحوثية للمشاورات مجددا.

ولا يبدي كثير من المراقبين تفاؤلهم إزاء نجاح المشاورات، بسبب عدم ممارسة الضغط على الحوثيين من قِبل المجتمع الدولي، فضلا عن أن المليشيا أسقطت الدولة بالقوة وهي ترى أن تلك الطريقة تساعدها في الاحتفاظ بما حققته والاستمرار بمشروعها الذي يهدد المنطقة ككل، وتخليها عن السلاح سيكون سببا في ضعفها، خاصة مع لجوء الحوثيين إلى سياسة النفس الطويل التي يراهنون عليها للخروج بمكاسب سياسية.

والحل كما يرى كثير من المراقبين لن يتحقق إلا بكسر شوكة الحوثيين في مختلف جبهات القتال، ليذعنوا للحل السلمي، الذي يؤدي تعثره للمزيد من تدهور الأوضاع في البلاد.

ويرى الناشط محمد الأحمدي أن إفشال تلك المليشيا لجولة المشاورات السابقة التي كان مقررا عقدها في سبتمبر، يؤكد مرة أخرى عزوفها عن السلام ومضيها قدما في الحرب وصناعة المأساة اليمنية والتفنن في إغراق البلاد في الحرب والمآسي، مستدركا "ما من خيار أمام الشرعية اليمنية الآن وبعد فشل جنيف 3، إلا الاستمرار في النضال على الأرض لاستعادة الدولة اليمنية وإسقاط المشروع الانقلابي الإيراني في اليمن".

الجدير ذكره أن مشروع القرار البريطاني الذي وزعته لندن على أعضاء مجلس الأمن قبل أيام، ما زالت المفاوضات حوله جارية، ويتضمن نقاطا عديدة بينها هدنة فورية للقتال في الحديدة، وأسبوعين للحوثيين والشرعية لرفع كل الحواجز أمام المساعدات الإنسانية، في ظل وجود دعوات أمريكية لتسليم ميناء الحديدة إلى طرف محايد وهو ما ترفضه الشرعية بشده وتعده انتقاصا من سيادتها المعترف بها دوليا.