الأربعاء 24-04-2024 16:08:51 م : 15 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

هل المجتمع الدولي جاد بتصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية؟

الإثنين 19 نوفمبر-تشرين الثاني 2018 الساعة 09 مساءً / الإصلاح نت- خاص / وئام إسماعيل

 


للوهلة الأولى يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية عازمة على تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية، لكن سرعان ما يتبدد ذلك الاعتقاد بالنظر إلى مواقف واشنطن من الحرب في اليمن التي دخلت عامها الرابع.

كانت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية قد قالت قبل أيام إن إدارة الرئيس دونالد ترامب تبحث تصنيف جماعة الحوثيين في اليمن كتنظيم إرهابي، بعد أن كان قد تم مناقشة الموضوع بشكل متفرق منذ عام 2015، إلى أن تم إعادة دراسته مجددا مع سعي البيت الأبيض لتبني موقف صارم من الجماعات التابعة لإيران.

ويبدو التلويح بذلك ليس جديا، فتصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية، يعني أنهم سيكونون هدفا سيتم محاربته، وأن مشروع دعم الكيانات الصغيرة الهادفة إلى تمزيق المنطقة سيتوقف، وهو ما يتناقض مع توجه بعض دوائر صناعة القرار الدولية الداعمة لتلك المليشيات حتى اليوم.

كما سبق وأن صنفت الولايات المتحدة الأمريكية مسؤولين في الشرعية والمقاومة الرافضة للانقلاب، في قائمة الإرهاب، برغم أن بعض تلك القيادات والأسماء عرفت بتوازنها وترفض العنف.

  

ورقة ضغط

يؤكد الكاتب الصحفي مأرب الورد أن مليشيات الحوثي لا تشكل تهديدا على المصالح الأمريكية باعتراف سفراء سابقين وحاليين في اليمن، وهي من هذا المنظور مكون يمني يغدقون عليه برسائل الإغراءات السياسية للانخراط بعملية سلمية تفضي لاتفاق ينهي الحرب في البلاد.

ويرجح أن يكون توجه إدارة ترامب لوضع الحوثيين في قائمة الجماعات الإرهابية، لا يعدو كونه رسائل ضغط لإجبارهم على العودة للمحادثات، لافتا إلى تزامن ذلك مع الحديث عن إعادة العقوبات الأمريكية على طهران بعد الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي، في محاولة للحد من النفوذ الإيراني الإقليمي والطموح النووي والصواريخ الباليستية.

ومن الناحية القانونية -يذكر الورد في مقال له- أن التصنيف يعني منع المواطنين الأمريكيين أو أي جهة من تقديم المساعدة للحوثيين وتجميد أموالهم وحظر السفر على قياداتهم، لكن أكد أن مثل هذه الإجراءات غير عملية لعدم وجود أموال معروفة في بنوك خارجية يمكن تجميدها علاوة على محدودية سفر هذه القيادات إلى الخارج.

وأشار إلى عدم اتخاذ واشنطن لأي إجراء عقابي ضد الحوثيين سابقا واستمرار دعمهم بالحديث عن منحهم حكما ذاتيا في مناطق سيطرتهم، فيما لم يقم الأخيرون بأي نشاط يثبت مصداقية العداء لأمريكا بحسب شعارهم أو خطابهم الإعلامي والسياسي، حتى إنهم عندما سيطروا على صنعاء في ٢٠١٤ تولوا حماية السفارة الأمريكية بعد مغادرة طاقمها.

وتطرق إلى تصنيف الأمريكان في وقت سابق لقيادات شيعية في العراق، واستمرار التعاون معهم في الحرب ضد ما يعرف بـ"داعش"ً، مستبعدا حدوث ذلك بالنسبة للحوثيين حتى لا يؤثر ذلك على جهود التفاوض التي ترعاها الأمم المتحدة.

  

مظاهر إرهاب

يمارس الحوثيون الإرهاب بحق اليمنيين منذ انقلابهم في سبتمبر 2014، وهو ما زاد من توسع الشرخ الاجتماعي في اليمن، وانتشار العنف على نطاق واسع، خاصة أن الحوثيين جماعة أصولية تنتهج العنف للوصول إلى أهدافها.

عقب انقلاب تلك المليشيات دخلت أغلب المحافظات اليمنية بالقوة، ونفذت حملة اعتقالات ومداهمات بحق كل مناوئ لها، ونال النصيب الأكبر من ذلك الصحفيين والنشطاء والسياسيين، نتيجة للدور المتوقع أن يلعبوه.

إضافة إلى ذلك، تعرض الكثير من مناوئيها للملاحقة، والاعتقال والتعذيب، فضلا عن القتل العمد، وقصف الأحياء السكنية، كما قامت بقمع الحريات، وطال الدمار كثير من المساجد والأماكن الأثرية والمنازل.

الملاحة الدولية تعرضت هي الأخرى لتهديدات وصفتها الحكومة اليمنية والمجتمع الدولي بـ"الإرهابية"، فكثيرا ما استهدفت جماعة الحوثيين السفن في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، من أماكن تمركزها القريبة من تلك المواقع.

أدت كل تلك الممارسات إلى مطالبة الحكومة اليمنية مجلس الأمن الدولي بتصنيف مليشيات الحوثي كجماعة إرهابية، خاصة بعد تفجيرها المنازل وتهجير كثير من المواطنين.

  

تضييق خناق

وكانت مصادر قد قالت للواشنطن بوست إن الإدارة الأمريكية الحالية تبحث مجموعة من التحركات الممكنة، من بينها إجراءات أخف لمعاقبة الحوثيين.

ويرى كثير من متابعي الملف اليمني، أن الولايات المتحدة في حال صنفت الحوثيين كجماعة إرهابية، فإن ذلك يعني أنها جادة في تضييق الخناق على إيران وحلفائها الحوثيين باليمن، والذي يأتي في إطار مساعي إدارة ترامب لاتخاذ موقف صارم من الجماعات المرتبطة بإيران.

الولايات المتحدة الأمريكية في أكتوبر 2016، لم تتوانَ عن قصف مواقع الرادار التابعة للحوثيين في مناطق ساحلية كانت خاضعة لسيطرة الحوثيين، الذين كانوا يستهدفوا بها السفن الأمريكية في خطوط الملاحة الدولية.

في المقابل هناك مخاوف من أن يزيد تصنيف تلك الجماعة كإرهابية الأمر تعقيدا في اليمن، كون ذلك سيجعل تلك المليشيات عرضة لتدخل دول عديدة لاستهدافها، باعتبارها كيانا إرهابيا، مثلما حدث مع داعش والقاعدة، وخلط لكثير من الأوراق. لكنهم يستبعدوا حدوث ذلك، نظرا لوجود تخادم بين الجانبين حتى قبل تنفيذهم الانقلاب، فتلك الجماعة تسعى مرارا لتسويق نفسها على أنها تحارب الإرهاب، برغم أن هناك الكثير من التقارير الدولية تثبت تواطؤها معهم.

إلا أن الكثيرين يرجحوا أن يكون الحسم العسكري في اليمن، وسحب السلاح من جماعة الحوثي، هو ما سيجعل الدائرة تضيق على تلك المليشيات، كونها ستضعف ولن يكون بمقدورها الاستمرار بإرهاب المواطنين في الداخل، أو تهديد دول الجوار.

  

تأثير التصنيف

يقول المحلل السياسي فيصل علي في تصريحات صحفية "إن كان الإرهاب لابتزاز الحكومات أو لفرض أجندة معينة في أقرب تعريفاته الأكاديمية، فالحركة الحوثية سليلة الإرهاب الجارودي الشيعي، وهو موجه بنصوص دينية تجيز للشيعي الجارودي تكفير وقتل الشيعي الجعفري والشيعي الإسماعيلي الداوودي، وتجيز لهم نصوصهم اعتبار المسلمين كفارا، وتسمح بنهب أموالهم".

ويعتقد أن تصنيف الحركة الحوثية كإرهابية لن يضيف إلى أدبياتها شيئا يذكر، فهي إرهابية المنشأ والجذور، وحركة التشيع بشكل عام هي انتقام من التاريخ ومن الإسلام الذي قضى على إمبراطورية الفرس، التي بدأت بستار مظلومية آل البيت والبيت منهم براء، وانتهت بمظلومية الشيعة في كل مكان.

وتابع "الخروج عن الدولة وهدمها هو مذهبهم"، لافتا إلى سيطرة إيران على العراق وإنشائها فيها لحكومة وسلطة طائفية شيعية.

وأردف "إيران عندما استأجرت الحوثيين لمهامها القذرة في اليمن والخليج، لم تفكر بإقامة دولة، وليس لديها والحوثيين مشروع غير الفوضى والإرهاب وإنهاء وجود الدولة".

وعلى المستوى الخارجي هناك -حسب علي- من يستخدم الحوثيين لتنفيذ أجندة خاصة، ولذا لن يكون هناك ضغط على حركتهم كونها مصنفة إرهابية، لافتا إلى حركتي حزب الله وحزب الدعوة اللتين تتخذان من الإرهاب سلوكا، وما زالتا تمارسان عملهما في عدة فروع في المنطقة.

ويستدرك المحلل السياسي بالقول "لكن قناعة الناس والمجتمع اليمني والخليجي والعربي، بخطورة هذه الحركة هو ما سيؤثر عليها".

  

مطلب شعبي

ومع تنامي انتهاكات الحوثيين بحق المواطنين، أكد السياسي اليمني المعروف عبد العزيز المفلحي، أن تصنيف المليشيات الحوثية وقياداتها جماعة إرهابية هو "مطلب شعبي" قبل أن يكون مطلباً حكومياً.

وقال المفلحي في تصريحات صحفية، إن استخدام الانقلابيين للسلاح ضد اليمنيين "يمثّل كارثة حقيقية وعملاً إرهابياً"، لافتاً إلى أنهم "يردّدون ثقافة الموت كما هو الحال لدى المنظمات الإرهابية، ولذلك يجب حظر نشاطهم باعتبار أن جرائمهم تهدّد الأمن والسلم العالميين".

كما أن الأدلّة المتوفرة تكشف تطابق نهج المليشيا الانقلابية مع الأعمال الإرهابية لمنظّمات مثل القاعدة، وداعش، فضلاً عن استهدافهم للسفن والبوارج البحرية، ما يؤكّد أن لديهم مخططاً لنقل عملياتهم إلى دول عدة خارج اليمن، وفق المفلحي.

الجدير ذكره أن مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث، يسعى لعقد جولة مشاورات جديدة في السويد قبل نهاية هذا العام، لكن جهوده تصطدم بتعنت الحوثيين وتدليل بعض الأطراف الدولية لهم وفق سياسة تغذية الطائفية في المنطقة ورعايتها.

كلمات دالّة

#مجلس_الأمن