الجمعة 19-04-2024 06:38:04 ص : 10 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

تعز وآفاق الفجر .. الوقفة الثالثة والرابعة .. صبر يعلمها الشموخ

الأحد 18 نوفمبر-تشرين الثاني 2018 الساعة 09 مساءً / الإصلاح نت- خاص / أ. عبد العزيز العسالي

 

قلنا في الوقفة الثانية: إن المليشيا غيرت فكرة سقوط تعز بالضربة القاضية، كما أشرنا إلى الإعداد الذي اتخذته المليشيا لتنفيذ خطتها والمتمثل في توغل المليشيا في أحياء مدينة تعز، وكذا الحصار من الشرق والشمال والغرب بل والجنوب، ثم التوجه إلى مديرية المعافر بالحجرية.

هذا السبق المليشياوي لاقتحام الحجرية لم يكن عفويا وإنما كان عملا مخابراتيا عفاشيا بامتياز، هذا أولا.

ثانيا، السبق إلى الحجرية كان له أهداف سياسية واجتماعيه وجغرافية وثقافية لا مجال لاستعراضها طالما وهذا الحُلْم العفاحوثي قد وأدته مقاومة الحجرية.

 


الحُلُم المضمون.. مديريات صبر:

حولت المليشيا وجهتها من الحجرية إلى صبر، كون مديريات صبر مضمونة، فانطلقت أطقم المليشيا وعددها أربعون طقما عبر منطقة ثعبات إلى صبر الموادم، وتلقاهم الشيخ المؤتمري السلالي العقيد في الجيش، والعضو في الأمن القومي، والبرلماني الناجح دائما باسم المؤتمر "عبد العزيز الجنيد"، فاستقبل نصف الحملة، ولكن في المساجد وبعض البيوت.

في البداية كان المواطنون البسطاء يرون أن المليشيا دعاة خير وصلاح، ولم تمر سوى أيام قلائل حتى فوجئ المواطنون بمنعهم من دخول المساجد من قبل المليشيات، فلا جمعة ولا جماعة، صلوا في رحالكم.

لاحظ المواطنون الأقذار مكدسة في المساجد، والقات والشمة والقراطيس.. عبث متعمد.

النصف الآخر اتجه مديرية مشرعةوحدنان، فاستقبلهم أبناء بيت الرميمة المتعصبون جدا للسلالية، عدا أفراد قليلين من بيت الرميمة لا يتجاوزوا ثلاثة أو أربعة رفضوا بل انعزلوا بعيدا.

فُتِحتْ بيوت عشيرة الرميمة وتم تفريغها من السكان وسلمت للمليشيا.

اتجهت دبابة مدفعية كبيرة إلى أسفل منطقة حدنان فوق المدينة، موقع الكُشَار.

صعدت دبابة بي إم بي إلى الموادم منطقة ذي مرين تحديدا غرب العروس بمسافة عدة كيلومترات.

التيار الغالب في مشرعة وحدنان: الاشتراكي والناصري مجتمعان، الإصلاح حاضر بقوة، ويوجد أعلى منطقة حدنان ضريح يدَّعي آل الرميمة أنه لصحابي.

الضريح يتبوّأ تلة مهيمنة على حدنان وبقية المناطق، وتم تصعيد عدد من المليشيا إلى جوار الضريح، ومقابل الضريح توجد تلة موازية وفيها مركز صحي.

أبناء حدنان تملكهم القلق جدا فخرج عدد منهم بلا سلاح مرتبكين إلى جوار المركز الصحي.

بقي عدد آخر من الشباب فكانوا يجتمعون للمقيل العادي في بيت أحد وجاهاتهم وهم في حالة إرباك يطاردهم صوت المفسد عفاش "من طاقة لطاقة" ها هو قد أصبح حقيقة واقعة.

ازداد الرعب شدة، نظرا لتلاصق البيوت وكثرة المليشيا وقد انضم إليهم آل الرميمة.



بنت صبر.. تشعل الفتيل:

- اقتحمت الأخت "هـ" المجلس التابع للوجاهة وهو من قرابتها، ونادته:
- يا فلان..
- نعم.. تفضلي..
- بندقيتك موجود؟
- نعم موجود، ليش تسألي؟
- محتاجة لها هل ستقبل مني الشكة الذهب رهنا؟
- نعم..
- هذه الشكة خذها بشرط تعطيني الجعبة والقرون والذخيرة..
- حاضر..
- خذي طلبك..

- بدأت الأخت "هـ" تلبس الجعبة أمام الجميع وحملت البندقية، فقال لها: ليش هذا التصرف؟
- ردت: أدافع عليكم شوفوا كم أنتم ما شاء الله عدد ولا يوجد من يدافع عنكم، أفنترككم للحوثي يقتلكم؟

- "طلع الحامض بين القات"، لكنهم ابتلعوها حاميةً وقالوا: يا أخت.. نشكرك.. فقط كيف نخرج بالسلاح وأنتِ تشاهدي أننا محاصرون؟
- ردت: أنا سأخرج لكم السلاح كل سلاح القرية.. فقط اعطوني فرصة ثلاثة أيام.. أنتم تتحركوا فورا جوار المركز الصحي..
- ردوا جميعا: خلاص اتففنا..
تم..

اتجهت الأخت "هـ" واجتمعت بعدد من الأخوات، وأبرمت الخطة وهي أن يتم تسجيل أصوات رُضَّع في الهواتف، وكل واحدة تلبس جلبابها وتحمل السلاح والذخيرة وتشغل الجهاز يبكي، وكأنها ذاهبة للتطعيم.

نجحت الخطة بامتياز، وخلال ثلاثة أيام كان سلاح أبناء قرية حدنان في الموقع الموازي للمليشيا جوار الضريح.

تم التواصل مع قيادة المقاومة بالمدينة، الشيخ حمود، فما قصرت قيادة المقاومة، فقد قدمت الإمداد، الآربيجيهات والرشاشات الخفيفة والقنابل والذخائر والمال وشفرة اتصال.

  



حدنان تفتح خط السريع:

أفاقت المليشيا والرصاص يمطر بغزارة.
أحكم الحصار على المليشيا، ومن حاول الخروج وجد نفسه في مرمى المقاومة، فقتل الجميع.
تم حصار موقع الضريح وسقط عدد من القتلى، بقي الأكثر فاتجهوا صوب مديرية الموادم.
تمت ملاحقتهم وتبادلوا بالنيران فاستشهد قرابة سبعة من المقاومة وجرح عدد آخر لكن المعنويات فوق السحاب.
كان ذلك خلال يومين وليلتين لم تنم بندقية المقاومة.

 

القائد عبد الله الزعيم:

صبيحة اليوم الثالث وصل القائد عبد الله الزعيم من أبناء حدنان ومعه عدد من المقاتلين قدموا ليلا من تعز لتعزيز المقاومة، فتمت ملاحقة الفارين باتجاه الموادم، منطقة سيعة تحديدا وما جاورها.

كانت المليشيا الفارة قد تلقت أوامر بالعودة لفك الحصار عن بقية المحاصرين أعلى حدنان أولا وبهدف الانتقام ثانيا.

- فجأة التقوا بالقائد عبد الله الزعيم ورجاله فحصدتهم قوات الزعيم جميعا وكانوا 35 مسلحا ولديهم سلاح وعتاد كثير اغتنمه الزعيم.

الفصيل الذي كان في حماية الجنيد تحركوا هاربين باتجاه ذي مرين وطلبوا ابن الشيخ محمد سعيد (مؤتمري) أن يحميهم، فأدخلهم دارا تراثيا يتكون من أربعة طوابق، فجاء الطيران فضرب الدار وانقسم نصفين، نصف تساوى بالتراب مع المليشيا ونصف الدار قائم حتى اللحظة.

مليشيا المساجد كان لديها معتقلين وأصحاب قضايا، فخرجوا تجاه مدرسة السعادة، وكانت رصاص المواطنين الممنوعين من الصلاة تطاردهم، فاحتموا بالمدرسة، فجاء الطيران وقصف المدرسة وانتهى الجميع.

تحركت دبابة بي إم بي متسللة للهروب تجاه تعز فضربت بأيدي المقاومة في منطقة ثعبات. انتهى تحرير صبرخلال ثلاث ايام.

 

دبابة الكُشار:

كانت دبابة الكشار تقصف باتجاه المدينة قصفا متقطعا.

مرت خمسة أيام من رمضان تقريبا، وكانت المليشيا قد ابتعدت عن مرمى السلاح الخفيف، مقررين الدفاع المستميت عن الموقع والدبابة، كما أن الدبابة هي موقع وسلاح في آن والمكان مهيمن على المدينة.

وفي نهاية الأسبوع الأول من رمضان تقريبا يوم الثلاثاء الساعة11 صباحا خرج ثلاثة شبان صوب الدبابة مطالبين برحيل الدبابة وطاقمها خوفا من ضربات الطيران، فكان الرد متبجحا، فجاء شاب رابع ومعه دبة بترول فدفعها لأحد الثلاثه فانطلق إلى أعلى الدبابة وصب محتواها، وأشعل "الولاعة" فانتشر الحريق سريعا تحت وهج الشمس فهرب الطاقم وقتلوا اثنين من الشباب وجرحوا ثالثا، فخرج المواطنون ليمطروا المليشيا رصاصا، فقتلوا، أما الدبابة فقد تفجرت القذائف فيها ولم يبق منها سوى هيكل.

لا ننسَ هنا دور عدد من أبناء صبر الموادم ضباط وجنود في الحرس الجمهوري والأمن المركزي والبالغ عددهم تقريبا 32 مقاتلا، حيث تحركوا فور سماعهم أن المليشيا اقتحمت المديرية، لقد أسهموا من أول لحظة إعدادا وتخطيطا وأبلوا بلاء رائعا يشكرون عليه.

أربعون طقما للمليشيا دخلت صبر ولم يخرج منها سوى أقل من الربع جرحى.



الوقفة الرابعة:

تجذر الحقد تجاه تعز، فتم إغلاق الطرقات من كل اتجاه.

وتم تعزيز خط الستين شمال المدينة بحرس جمهوري متمرس ودبابات حديثة وأسلحة مختلفة.

كانت المقاومة متمترسة في الستين معتمدة في حماية الظهر من اللواء 35 المطار القديم والدفاع الجوي.

فكان الحرس يوجه مدفع الدبابة بعشر قذائف وأكثر إلى المتر س الواحد يهدُّه هدّا، ورغم حداثة الخبرة عند شباب المقاومة فقد انطلقوا خلف الأشجار والصخور والتلال واستبسلوا وقاتلوا حتى نفاد آخر طلقة، فانسحب أغلبهم واستشهد قرابة 20 منهم بعد معارك سلاحها الدبابات والآربيجي والرشاشات الخفيفة لساعات طويلة.

كان الخذلان من الجيش في المطار القديم غرب الستين، كون أغلب الجيش من محافظة ذمار، فلم يستجيبوا للأوامر، وإنما سلموا المعسكر للمليشيا التي خططت لاقتحام المعسكر فسقط المعسكر ونجى عدنان الحمادي بعد إصابته.

انطلقت المليشيات إلى وادي الدحي جوار بوابة الجامعة ووضعت نقطة تفتيش نالت من كرامة المواطنين إذلالا وامتهانا وتعويقا حتى إن بعض المسافرين كانوا يجلسون يومين في طابور عند النقطة حتى يأتي دورهم، وبمزاج بارد يتم ردهم من صاحب النقطة، وهكذا مع عشرات المواطنين.

اقتحمت دبابات الحرس المليشاوي جامعة تعز وجعلتها ثكنة عسكرية.

اشتد الحصار جدا على المدينة ولم يبق سوى خط ريفي وعر ينزل من حدنان غربا تجاه خط الحجرية، ونحن سميناه خطاً وهو ليس سوى طريق صاعد جدا وحفائر وبعيد يمشي فيه الصالون أربع ساعات ببطء شديد، المهم أنه كان ممهدا للحمير التي خدمت مشافي تعز بالأكسجين كما سيأتي.

انقطع الأكسجين على المشافي ومات في يوم واحد 21 شخصا منهم أطفال مرضى بأزمات قلبية وعجزة وجرحى.

الحصار استخف المليشيا فقررت صبيحة عيد الفطر اقتحام المدينة من جهة الشرق مولية ظهرها الأمن المركزي يحميها، وفعلا تقدمت المليشيا مع تغطية بقصف شديد، ولم أستطع أنا والجيران نخرج لصلاة العيد في مسجد الحارة جوار خط الأربعين.

صادف العيد يوم جمعة، وكان القصف قد هدأ قبيل الظهر، فاتجهنا لصلاة الجمعة، فاقتربت المليشيات محاصرة الحي وحال رصاصها الغزير دون العودة للمنازل بعد الصلاة.

لكن العودة كانت من الأزقة البعيدة، فوصل رجال المقاومة بدبابتهم المبروكة واشتبكوا مع المليشيا نصف ساعة فلاذت المليشيا بالفرار إلى مكانها الأول (كلابة).

كانت دبابة المقاومة المسماة مبروكة تنطلق من جبهة لأخرى تقصف وتعود فهي السلاح الثقيل الوحيد الذي تملكه المقاومة.

اشتد الحصار خلال شهري أغسطس وسبتمبر وحتى منتصف شهر أكتوبر 2015 تقريبا.

تم الإعلان عن مجلس تنسيق المقاومة: صادق سرحان، الشيخ حمود، علي الضالعي، وآخرون.

صادق سرحان بدأ بنواة لتكوين اللواء22 ميكا وقد كان مشرفا مباشرا على التدريب، والشيخ حمود أيضا قام بالحشد والتدريب.

لم يمر يوم واحد خلال الثلاثة الآشهر الآنفة إلا وعشرات القذائف تنهال على المدينة: هاون، هاوزر، دبابة، كاتيوشا، ناهيك عن قذائف م. ط.

 

صبيحة عيد الأضحى:

في هذا اليوم والناس رغم معاناتهم إلا أنهم متطلعين إلى بسمة العيد، فوجهت المليشيا أنواع المدافع من غرب تعز وشمالها وشرقها، فوصل عدد القذائف من السادسة صباحا وحتى الساعة الواحدة ظهرا 270 قذيفة هوزر وهاون ودبابة وكاتيوشا شملت كل أحياء المدينة، خلفت 72 شهيدا من مختلف الأعمار، و2700 جريح بين جراح طفيفة وإعاقة دائمة.

انطلقت حملة مناشدة علي صفحة فيسبوك الملك سلمان بلغت قرابة مليون توقيع مناشدة تدخل الطيران، فتحرك الطيران الواحدة بعد منتصف الليل فاختبأ المجرمون ثلاثة أيام.

 

ظلم ذوي القربى:

فوجئ المتابعون لصفحات الفيسبوك أن ثلاث شخصيات تنتسب إلى تعز اتفقت على إصدار بيان أنهم سيقفون على الحياد إزاء ما حصل بتعز هذا اليوم.

أحدهم كان إبَّان الثورة السلمية بتعز قد ملأ الدنيا ضجيجا في ساحة الحرية، وأنه سيقوم بثورة لإنقاذ الثورة، كون الشباب صمتوا إزاء الحصانة، وهورافض، وها هو اليوم يقف حيادا أمام دماء أبناء تعز.

المحايد الثاني لا غرابة، فهو لاعق نعال سيده عفاش وعضو كتلته البرلمانية.

المحايد الثالث، هذا دكتور أديب له موقف مع الشباب أيام سفارته عربيا استقال بعد جمعة الكرامة من سفارته، واتجه لندن تاجرا و... إلخ، لكن في هذا اليوم ضاع كل العلم والأدب والمعرفة و... إلخ، لأجل الحياد، وكأنّ الصراع حرب باردة، وليست دماء مواطنين أبرياء، أي حياد يا...؟!

 

الشقب والصراري:

عبد العزيز الجنيد، وأخوه الطبيب يحيى الجنيد، لاذا بالفرار إلى منطقة الحوبان، وقاما بإعداد حملة فجندوا من جهة الحوبان والراهدة، وظلوا يعدون المقاتلين طيلة خمسة أشهر.

ثم أطلقوا الحملة على منطقة الشقب ومنها سيصلون جبل العروس المطل على مدينة تعز.

كان اللواء 22 ميكا قد أعد سرية القناصة وما إن وصل الخبر بشأن اقتحام الشقب والعروس فانطلق فريق القناصة وأخذوا أماكن مهيمنة، فوصلت سرية الجنيد إلى منطقة اسمها "جهنم" مدرب سيل شاهق جدا، الحادية عشر ظهرا، فباشرهم القناصة فلم ينج منهم سوى ثمانية الذين كانوا في مؤخرة الكتيبة، وبعضهم حاول الفرار فسقط من ذلك الحيد الشاهق إلى جهنم.

تلاها حملة أكبر بعد أشهر بقيادة بن عبد العزيز الجنيد، لكن أهالي منطقة الشقْب كانوا قد أعدوا أنفسهم دفاعا عن منطقتهم، فأبيدت الحملة وقتل قائدها ابن الجنيد.

وبعد أشهر وفي منطقة أسفل الشقب كانت المليشيا تتردد عليها فقتلت ابن الأستاذ طه وخرجت أم القتيل فقتلت ثلاثة منهم، فقتلوها، فتحرك الأستاذ طه ومعه القرى المجاورة، فأرسلت المليشيا حملة تأديب حتى لا يتمثل الآخرون بزوجة أ. طه، فلاقت الحملة بقيادة طه إبادة شبه كاملة وسقوط أسرى.

 

الصراري - قُم صبر:

التشيع بكل طقوسه السخيفة في قرية الصراري من صدر ثمانينيات القرن العشرين.

وبقيادة أبو العباس وعدنان رزيق اللذَين لاقى الويلات بدماج وكتاف صعدة على يد مليشيا التشيع، فكان أن ردا الصاع بصاعين، فانطلقا برجالهما وتمت تصفية الصراري، وكان فيها إيراني وسوري ولبناني، فتم قتلهم وربما كان لديهم معلومات لكن التسرع.

  

دور الإصلاح:

- شحذ الهمم في صبر كلها ونفخ روح البسالة والتضحية في الأوساط، وكانت الأخت "هـ" وزوجة طه نموذجين (إصلاح) لاستنهاض الهمم.

- الإمداد بكامله (مؤن، عتاد، مال، رجال إلى جانب أبطال صبر عموما).

هناك أسفل منطقة الشقْب بقايا مليشيا، ولأن المنطقة ذات تماس مع سامع والصلو فالأمر يحتاج إلى رسم خطة مشتركة.

نلتقي مع الوقفة الخامسة "فك حصار تعز".