الخميس 25-04-2024 18:19:25 م : 16 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

تعز وآفاق الفجر .. الوقفة الثانية.. تعز بين السيطرة والحصار

الخميس 15 نوفمبر-تشرين الثاني 2018 الساعة 06 مساءً / الإصلاح نت - خاص / أ. عبد العزيز العسالي

 

تنويه:

أشرنا في نهاية الوقفة الأولى أن عنوان الوقفة الثانية "بداية التحرير"، لكن طبيعة الأحداث جعلتنا نستحضر معنا القارئ الضِّمْني والذي سيطرح السؤال: متى سقطت تعز وكيف؟

إذن، هو تساؤل منطقي جدير بالتفاعل معه ليس لأجل التأريخ، وإنما لتقديم رؤية تقريبية تعطي القارئ معالم يُمْكُنُه من خلالها بلورة صورة لسير الأحداث فنقول:

أولا:للتذكير، أشرنا في الوقفة السابقة إلى أن عفاش خطط لإسقاط تعز عبر خطوط أربعة وهي:
1- بيت الرميمة صبر مشرعة وحدنان.
2- بيت الجنيد صبر الموادم.
3- بيت الجابري مديرية المسراخ.
4- المخابرات السياسية والعسكرية والأمن القومي... إلخ.

ثانيا:قلنا بما أن عفاش قد فشل أن يسقط تعز عن طريق قيادات المؤتمر والسلطة المحلية، فإنه قد لجأ إلى الخط الرابع وهو المخابرات، ولكن هذا ولد حساسية لدى مجلس اصطفاف أعيان تعز والمكون من قيادات مؤتمرية ذات وزن.

لا جدال أن هناك أشخاصا كثر مذبذبين، لكن الاصطفاف الجمعي جعلهم يتماشون معه كما ذكرنا في الوقفة الأولى.

 

ثالثا:كانت عاصفة التحالف قد أحدثت شللا لدى عفاش ومليشياته الانقلابية، لكن الشخصيات المؤتمرية التي كانت قد خضعت للاصطفاف الجمعي، اتجهت بحميمية جياشة بعد العاصفة متفاعلة مع عفاش ومخابراته.

صحيح أن هذه الشخصيات قليلة، لكنها كانت في أماكن حساسة، كقيادة الجيش والأمن والمخابرات والبرلمان وعملاء، وعليه، فالاختلال حصل بنسب متفاوتة داخل قيادة المؤتمر التي أعلنت اصطفافها مع تعز.

 

رابعا: هذا التخلخل أدى إلى:
1- تمكين مليشيا الانقلاب من الأمن المركزي كاملا.
2- استمداد الأسلحة من الحرس الجمهوري أطقم شفر حديثة وعليها مدفعيات م ـ ط ـ أربع مواصير.
3- معسكر الجند قدم دبابات بي أم بي ودبابات ومدفعية ثقيلة.
4- انتشار نقاط عسكرية كثيرة للمليشيا بين الحوبان وجولة القصر مع حضور مكثف للمليشيا في تشريفات القصر.
5- حضور لافت بالأطقم الفخمة في صالة جوار بيت عبد الوهاب الجنيد وكيل محافظة تعز، وبيت عبد الولي الجابري المتعصب جدا لبكيل والانقلاب وللسيد، وكذلك في حي المشفى العسكري أعلى وأسفل منه، وكذا الجحملية وأعلى منها حارة قريش.
6- قلعة القاهرة ومبنى الأمن السياسي كانا بيد المليشيا من يوم الانقلاب فقط حولت الميري إلى مدني.

خامسا: تغيير الإستراتيجية
هذا تحليل من خلال متابعةالواقع، تمثل تغيير الإستراتيجية في استبعاد الضربة القاضية، وإبدالها حسب لغة المصارعة بالفوز بالنقاط، فاتجهت المليشيا إلى:

1- استخدام كثيف للقذائف الصوتيه ذات انفجارات مجلجلة في جو المدينة، قاصدة إرعاب السكان وإخراجهم من المدينة.

2- طلاق قذائف الهوزر والهاون والكاتيوشا بطريقة إجرامية إلى وسط المدينة، وسقط ضحايا وجرحى من النساء والأطفال والمواطنين الأبرياء، ويشهد الله أن قذيفة هاون سقطت جوار منزلي بأمتار، فسقط سبعة قتلى من النساء والرجال، وخمسة آخرين من الجنسين إعاقة دائمة.

3- رغم انتشار النقاط والتفتيش الدقيق، إلا أن الطريق مفتوح بين الحوبان والمدينة، وكذا من جهة الستين شمال المدينة. هذا التكتيك كان هدفهم الدفع بأكبر عدد من المليشيا القادمين مدنيين من ذمار وعمران... إلخ.

أيضا فتح الشهية للمتطوعين مقاومة ربما ينطلقوا صوب المدينة فيقعوا فريسة.

استغلت المليشيا هذه الفترة بالتسريب عبر مخابرات عفاش وما أكثرها، أن هدف المليشيا هو البحث عن الفارين من وجه العدالة وعن الدواعش، إلى جانب شخصيات محددة لا علاقة للمواطنين بها.

4- لم تكن أطقم المليشيا تتوسط المدينة وإنما تمر عبر خط الستين الشمالي، وعبر الخط الدائري الجنوبي المؤدي إلى الأمن السياسي وقلعة القاهرة وصولا إلى بئر باشا.

5- الدفع بالقناصة والمقاتلين إلى جبل وعْش شمال المدينة وإلى الزنوج وجبل جرة، متطلعة إلى الاستيلاء على المجمع القضائي كموقع إستراتيجي.

6- الدفع بالقناصة إلى الشمال الشرقي للمدينة (تلة الصبري).

7- صاحب ذلك شراء شخصية كانت مقربة من الشيخ حمود ساكنة في جبل وعش، وتم الإعلان أن الشخص محاصر، وأنه تحت رحمة النيران.

لم تنته اليوم حتى تغيرت النغمة إلى حرب إعلامية مفادها: ما عسى الشيخ حمود أن يفعل، وقد خانه صديقُه المقرب، بل و"صهيره".

8- التكتيك الأخطر هو أن لغة عفاش "من طاقة إلى طاقة" تنفذت حرفيا، حيث تمركزت المليشيات في البنايات المرتفعة في حوض الأشراف ووصلت إلى قرب مدرسة الشعب، بل واحتلت منازل مؤتمرية في الحي الأسفل من مدرسة الشعب أعلا ساحة الحرية بقليل.

أيضا تغلغلت في الجحملية وكذا حي المستشفى الجمهوري، علما بأن الطرق كلها لا زالت مفتوحة مع التشديد في التفتيش مستخدمين فتيات من المهمشين بإيجار ألف ريال لتفتيش النساء في جولة القصر.

9- تزامن مع كل ما سبق زخات من أعمال المقاومة بين كر وفر، سيما في التلال المتاخمة لحي الروضة شرقا والشمال الشرقي، كون المنطقة على خط تماس مع الأمن المركزي.

10- ظلت هذه الأحداث خلال أشهر أبريل، ومايو، وحتى منتصف يونيو 2015.

وحيث إن اصطفاف أعيان تعز قد تخلخل كما أشرنا والبعض غادر المدينة، فقد تم الإعلان عن مجلس أعيان تعز في منتصف أبريل 2015.

تلاه الإعلان عن مجلس إسناد الدولة، وكان فيه قيادات مؤتمرية ومستقلة ومشترك، مطالبا السلطة المحلية القيام بوظيفتها عبر اللجنة الأمنية للمحافظة، لكن السلطة المحلية كانت قد اختبأت بدءًا من المحافظ ووكلائه لاعتبارات منها أن جلهم سكان في المجلِّية وشرق المدينة أي تحت سيطرة المليشيات.

كان شهر يونيو 2015 يطوي أيامه الأخيرة وشعبان تجاوز النصف تقريبا.

 

سادسا: إسقاط المدينة
كانت المليشيات على ثقة من إحكام التغلغل داخل المدينة، والطوق من خارجها، وكذا ثقتها من جهة أخرى ببيت الرميمة (صبر مشرعة وحدنان) كونهم جاهزين لتسليم منازلهم للمليشيا في ساعة الصفر.

- اعتماد تام على ترسانة المليشيات المستميتة داخل أروقة المدينة.

- تكثيف تواجدها في خط الستين شمال المدينة بهدف قطع الإمداد من شرعب السلام والمخلاف والعدين حسب تفكيرها.

حركة خائبة:
في الأيام الأولى تقريبا من شهر يوليو 2015 :

1- انطلقت ثلاثة أطقم مليئة بالمليشيا والعتاد تجاه الحجرية مدينة التربة خصوصا، فكانت المفاجأة غير المتوقعة حيث وجهت المقاومة ضربة قاصمة قضت على الأطقم واستولت على الأسلحة.

2- أرادت المليشيا التعويض السريع حيث انطلقت نحو صبر مشرعة وحدنان وصبر الموادم، حيث عملت المليشيا على:

- صعود دبابة كبيرة إلى أسفل منطقة المِهال -حدنان- ووجهت مدفعيتها صوب المدينة وبدأت بالقصف.

- صعود دبابة بي أم بي إلى صبر الموادم قرب جبل العروس لحماية ظهر مليشياتها في حدنان.

- تعزيزات مكثفة بكتائب من الحرس الجمهوري المتمرس قتاليا، إلى خط الستين شمال المدينة مزودة بدبابات حديثة تابعة للحرس الجمهوري وانتظار ساعة الصفر.

نلتقي مع الوقفة الثالثة "صبرٌ يعلمها الشموخ".