الخميس 28-03-2024 23:42:17 م : 18 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

زيارة المبعوث الأممي لتعز.. هل ستكسر الركود في ملف المدينة؟

الأحد 28 أكتوبر-تشرين الأول 2018 الساعة 05 مساءً / الإصلاح نت – خاص/ وئام اسماعيل

 


من المتوقع أن يزور المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث مدينة تعز، التي دخلها الانقلابيون في مارس 2015، وأطبقوا حصارا خانقا عليها منذ ذلك الحين، إلى أن تم كسره جزئيا في أغسطس 2017.

وكان وفد أممي قد غادر تعز السبت 20 أكتوبر الجاري، بعد زيارة رسمية استغرقت ثلاثة أيام، بحث خلالها مدير مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، محمد خاطر، مع قيادة السلطة المحلية بتعز، الترتيبات الأولية لزيارة المبعوث الأممي مارتن غريفيث إلى المحافظة.

وناقش الجانبان تقييم زيارة الوفد الأممي إلى المحافظة وبحثا الترتيبات الأولية لزيارة المبعوث الأممي إلى المحافظة، وكذلك سبل التعاون في تقديم الخدمات المدنية والإنسانية لمحافظة "تعز"، وإمكانية فتح مكتب للأمم المتحدة في المحافظة، الواقعة تحت حصار الحوثيين.

وذكرت مصادر صحيفة لـ"الشرق الأوسط" أن غريفيث قبيل أن يصل إلى عدن، ثم تعز، سيقضي الأسبوع الحالي في العاصمة الأميركية واشنطن، وسيجري اجتماعات حول الملف الاقتصادي.
 وتمهيدا لتلك الزيارة وصل المسؤول الأمني للمبعوث الأممي إلى اليمن الخميس الماضي إلى تعز، تهدف وفق وكيل أول المحافظة عبدالقوي المخلافي، إلى التهيئة لزيارة غريفيث خلال للمدينة خلال الأيام القادمة.

 



إنعاش بعد ركود

في هذا السياق يشير الصحفي عمار زعبل إلى أنه حتى اللحظة لم تتأكد زيارة المبعوث الأممي لتعز, لكنه رأى أن زيارة مدير مكتبه في الأيام القليلة الماضية مهمة، ربما ستعمل على تحريك ملف تعز في المؤسسة الأممية الأولى "الأمم المتحدة".

 ولفت إلى تجاهل الأمم المتحدة لملف تعز نهائيا طيلة السنوات الماضية, برغم أنها لا تزال ترزح تحت وطأة حصار الحوثيين لها, ناهيك عن القصف المستمر للمدنيين, والإمعان في تجويع والتضييق على مناطق بعينها في المدينة.

ورأى أنه إذا تمت هذه الزيارة سيشكل ذلك مكسبا لمعسكر الشرعية بشكل عام، والتحالف العربي، برغم إهمال المسألة الإنسانية في تعز وجعلها ميدانا للتجاذبات السياسية, وهو ما استفاد منه الحوثيون في الفترة السابقة، بأن جعلوا الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية تصدر تقارير لصالحهم.

لكن زعبل أبدى في الوقت ذاته مخاوفه من أن يكون خبر الزيارة مجرد شائعة؛ لأغراض أخرى هي من باب تمرير صفقات أخرى وتأجيل قضية تعز وتحريرها ودعمها سياسيا وإغاثيا, والعمل على تطبيع الحياة؛ "لأن ما يحدث في تعز معروف ولا يحتاج لزيارات أممية, وإذا سلمنا بالزيارة لننتظر ولتنتظر تعز, لسيناريوهات أخرى ومنها التدويل, الذي ربما يريده البعض, لذا يدعم مشاريع الفوضى والخروج عن القانون"، وفق زعبل.

 



أهمية الزيارة

تعد زيارة غريفيث إلى تعز فرصة لأبناء المحافظة لإيصال صوتهم إلى الخارج، فهم يعانون كثيرا بسبب الحصار المستمر منذ أكثر من ثلاث سنوات، كما سيكون بإمكان المبعوث الأممي أن يشاهد آثار الحرب وطبيعة الأوضاع الصحية والبيئية المختلفة.

وفي حال جدية الأمم المتحدة بتقديم المساعدة لتعز، فإن تلك الزيارة سيثمر عنها الضغط على المليشيات لإيقاف قصف المدنيين من حين لآخر، وسيتم فك الحصار الذي فرضه الحوثيون، كما يمكن تقديم مزيد من الدعم الإغاثي للمحافظة، وستمثل الزيارة فرصة لإيصال الصورة الحقيقة عن المدينة وسكانها، وكذلك مقدمة لزيارات قادمة لمسؤولين أممين مستقبلا.

 



أوضاع مأساوية

تعيش تعز كما هو معروف منذ مارس 2015 أوضاعا إنسانية ومعيشية صعبة للغاية، لخص تلك المعاناة خلال شهر (أغسطس الماضي) ائتلاف الإغاثة الإنسانية بالأرقام، وذكر أن30 أسرة فقدت عائلها بعد أن قتلوا بسبب الحرب، ونحو 24 شخصا آخر توقفوا عن إعالة أسرهم جراء إصابتهم، إضافة إلى سقوط 29 قتيلا بينهم أطفال ونساء و 18 جريحا جراء القصف العشوائي، وكذلك فإن هناك 102 يتيم بحاجة للرعاية والمساعدة، و 8 منازل ومنشآت وممتلكات خاصة وعامة تعرضت للتضرر الجزئي والكلي.

أما مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان في اليمن، وثق معاناة المدنيين منذ بداية الحرب في مارس/آذار 2015 وحتى مايو/أيار 2018، فقد بلغ عدد القتلى في تعز 3 آلاف و21 مدنيا بينهم 680 طفلا و371 امرأة، فيما وصل عدد المصابين إلى 15 ألفا و956 مدنيا بينهم ألف و655 طفلا وألفان و449 امرأة، كما حصدت عشرات الآلاف من الألغام التي زرعتها مليشيات الحوثي 714 مدنيا بينهم 32 طفلا و14 امرأة، وأصيب جراءها 1132 مدنيا بينهم 38 طفلا و17 امرأة، إضافة إلى 179 حالة اختطاف و167 حالة إخفاء قسري، و792 حالة احتجاز تعسفي، و 87 حالة تعذيب.

وأدى الحصار المفروض على تعز حتى الآن، إلى صعوبة التنقل داخل المدينة، ولجأ المواطنون إلى استخدام طرق فرعية، يتم عبرها التنقل وإدخال متطلبات المدينة عبرها، وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل كبير.

 



انحياز

لكن ورغم كل ذلك، فإن تقارير الأمم المتحدة غالبا ما يظهر انحيازها للحوثيين، وهو ما برز عدة مرات بينها تقرير خبراء بحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، وآخر صادر عن مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان.

وزارة حقوق الإنسان اليمنية آنذاك قالت إن تقرير الخبراء الأمميين بشأن حقوق الإنسان، يفتقر إلى الدقة والحيادية، ووصفته بـ"الصادم".

وفي سبتمبر الماضي، رفضت الحكومة اليمنية التمديد لفريق الخبراء الأمميين المكلفين برصد انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، نتيجة لتسيس وضع حقوق الإنسان في البلاد، للتغطية على جريمة قيام مليشيات مسلحة بالاعتداء والسيطرة على مؤسسات دولة قائمة بقوة السلاح، وانحيازها بشكل واضح للمليشيات الحوثية بهدف خلق سياق جديد يتنافى مع قرارات مجلس الأمن الدولي الخاصة باليمن وعلى رأسها القرار 2216، ولأنها جانبت معايير المهنية والنزاهة والحياد والمبادئ الخاصة بالآليات المنبثقة عن الأمم المتحدة.

يشار إلى أن وكيل وزارة حقوق الإنسان ماجد فضائل، اتهم مؤخرا منظمات الأمم المتحدة بالتعامل بشكل سيئ ومركزي في العمل الإغاثي مع الانقلابيين، الذين يتحكمون بهذه المعونات وتوجه بشكل سلبي إلى قتل اليمنيين بدلاً من إنقاذهم وذلك باستخدامها بعدة أشكال لدعم وتغذية ما يسمى المجهود الحربي.

 



إهمال متعمد

ويرى مراقبون أن استمرار محاولة تدويل ملف حقوق الإنسان باليمن، وإهمال ملف تعز، وانحياز منظمات الأمم المتحدة للحوثيين، يأتي في سياق دعم تلك المنظمة الدولية للقوى الطائفية من أجل تفتيت المنطقة.

في إطار هذا تساءل الناشط الحقوقي همدان العليي عن سبب قيام ممثل منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة "يونيسيف" ومنظمتي "أوكسفام" و"أنقذوا الطفولة" البريطانيتين، سابقا بتضليل لجنة برلمانية بريطانية، وتبرئة ساحة المليشيات الحوثية من خلال إنكار وجود حصار "فعلي" على مدينة تعز، والقول بأن مأساوية الوضع المعيشي فيها مبالغ به من قبل وسائل الإعلام.

واتهم تلك المنظمات بعدم الحياد، وأنها مخترقة من قبل عناصر تدين بالولاء للمشروع الإيراني في المنطقة ومن جنسيات مختلفة، كما أن كثيرا من الموظفين اليمنيين في مكاتب هذه المنظمات في اليمن يتبعون الحوثيين، الذين ينتمون إلى سلالة تدعي الحق الإلهي في حكم اليمن، وهذا يجعلها غالبا تنقل معلومات مضللة للمجتمع الدولي.

وأشار العليي، في تصريحات صحفية، إلى أن الموظفين الحوثيين في هذه المنظمات على تنسيق مستمر مع قيادات الجماعة، وتنقل لهم المعلومات التي يتلقونها عن المنظمات، وخطط عملها لإغاثة المدنيين في مناطق سيطرة الحكومة.. موضحا: "كما أن لهذه العناصر دوراً حقيقياً في إرهاب الموظفين الأمميين، وإقناعهم بعدم الدخول إلى محافظة تعز المحاصرة ومناطق في البيضاء، التي ترتكب فيها المليشيات الحوثية الإيرانية أبشع الجرائم ضد المدنيين".

ومنعت مليشيات الحوثي في وقت سابق، جهات تتبع الأمم المتحدة من دخول تعز، وهو ما اعتبره مراقبون محاولة من قبل تلك الجماعة للتغطية على جرائمها بالمدينة، كما أن زيارات المسؤولين الأمميين السابقة إلى تعز كانت محدودة للغاية ولم تفِ بالغرض، ولم يصدر عنها بيان منصف، يوقف معاناة المدنيين.