الجمعة 29-03-2024 12:45:55 م : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

مؤتمر الحوثيين الطائفي .. قراءة في الأبعاد والدلالات

الجمعة 26 أكتوبر-تشرين الأول 2018 الساعة 11 مساءً / الاصلاح نت - خاص
 

  

الحلقة الثانية

الرغبة في الهيكلة الشاملة
تعززت مخاوف الحوثيين بشكل فعلي على مشروع الإمامة والذي استمر التحضير له لأكثر من خمسين عاماً منذ انتهاء الحرب بين الملكيين والجمهوريين 1970م، وشعروا بخطورة حقيقية فيما لو نجح مؤتمر الحوار الوطني الشامل (18 مارس/ اذار/ 2013م - 25 يناير/ كانون الثاني/ 2014م)، وافضى الى اول انتخابات والاستفتاء على الدستور كما كان مقررا. ومخرجات المؤتمر لا تعيد تشكيل السلطة بقدر ما تعيد توزيع السلطة والثروة، إضافة الى تقسيم البلاد الى أقاليم، في إنهاء كامل لفكرة الدولة المركزية، وهي الفكرة التي يرفض الحوثيون التعاطي معها ومعهم الرئيس المخلوع الراحل علي عبدالله صالح (1947م - 2017م).
بناءً على هذا القلق فقد انقلبوا على السلطة في سبتمبر/ أيلول 2014م عشية التوقيع على ما يسمى بوثيقة السلم والشراكة، وهي الوثيقة التي لم تكن سوى خدعة واستراحة محارب، في نفس الوقت مثلت انقلابا أوليا على مؤتمر الحوار الوطني، وهي "استراحة محارب" للانقلاب على الدولة والجمهورية والذي سيتشكل بصورة اوضح مع ما يسمى بالإعلان الدستوري.

الإعلان الدستوري

اتسمت غالبية أفعال الحوثيين تجاه أهدافهم الحقيقية بالمراوغة وخداع الجماهير، وحتى هذه الفترة لم يكن قد اتضحت ملامح المشروع الامامي لمن لم يقرأ كل الرسائل السابقة بصورة عميقة بناءً على هدفهم الكبير في استهداف الجمهورية واستعادة مشروع الإمامة، غير أن الإعلان الدستوري (6 فبراير/ شباط 2015م) مثل مرحلة فاصلة، في حياة اليمنين وطرح عدداً من الأسئلة بقوة عن مشروع الإمامة الجديد والاستهداف المباشر للجمهورية.
كانت المادة (13) من الإعلان الدستوري تنص على التالي " تلتزم سلطات الدولة الانتقالية خلال مدة أقصاها عامان بالعمل على إنجاز استحقاقات المرحلة الانتقالية وفق مرجعيتي مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل واتفاق السلم والشراكة الوطنية، ومنها مراجعة مسودة الدستور الجديد وسن القوانين التي تتطلبها المرحلة التأسيسية والاستفتاء على الدستور تمهيدا لانتقال البلاد إلى الوضع الدائم وإجراء الانتخابات النيابية والرئاسية وفقا لأحكامه".
وبعد ثلاثة أعوام من الإعلان الدستوري يتضح أن الجماعة مررت مشروعها داخل هذا البند الذي غلف بأهداف ومواد لم تلتزم بها مطلقاً، وبقي فقرة منها هي التي تسير عليها بصورة حثيثة هي (مراجعة مسودة الدستور الجديد وسن القوانين التي تتطلبها المرحلة التأسيسية والاستفتاء) وهنا كان الإعلان برمته عبارة عن خدعة تمرر عبره اجندتها الطائفية – كما سيتضح بعد قليل – حتى وصلت الى ما يسمى وثيقة "عهد علي بن ابي طالب لـ مالك الاشتر"، وهي الوثيقة التي تحدد شكل المشروعية للدولة في فكر الجماعة.

استنساخ مؤتمرات طائفية

يمكن القول إن عام 2018م بالنسبة للحوثيين هو عام طائفي بامتياز، العام الذي زاد فيه التسارع الطائفي في فكر الجماعة وافعالها ومشاريعها، وباتت تعمل بصورة واضحة بعكس السنوات الماضية، التي كانت أفكار "الجماعة" واعمالها وخطواتها تتسم بالخداع والمكر والتزييف للحقائق، والتمهيد لأي عمل تقوم به للسير نحو مشروعها الطائفي بوقت قد يطول لشهور عديدة.
فكرة "عهد علي بن ابي طالب لمالك بن الاشتر"
تعود لفكرة مؤتمر قديم وندوات شيعية أقيمت في العراق وايران وباكستان، فقد أقيم في دولة العراق وعلى مدى يومين تحت شعار "نظام الحكم وإدارة الدولة على ضوء عهد الامام علي بن ابي طالب لمالك الاشتر" مؤتمراً بتاريخ 25- 26/ 12/ 2016م، وقد استضاف فعاليات المؤتمر جامعة الكوفة، وحضره مشاركون من داخل العراق وخارجه، ومن داخل اليمن شارك ثلاثة أشخاص على رأسهم رجل الدين الشيعي عصام العماد، وخرج المؤتمر بتوصيات سيجعلها الحوثيون شعاراً لمشروعهم الطائفي في مؤتمرهم الذي عقد بصنعاء قبل أيام.
وقبل هذا التاريخ الذي أقيم في جامعة الكوفة وتحديداً في الأول من مايو/ أيار 2016م اقام مركز الإمام الشيرازي ندوة تحت عنوان "الحكم الصالح في الدولة العراقية من خلال عهد مالك بن الاشتر"، وستخرج الندوة بتوصيات عدة لتحقيق ما يسمى بالحكومة العلوية المثالية.
وفي الـ 10أكتوبر/ تشرين أول 2018م سيختتم الحوثيون بصنعاء ندوة عقدت على مدى ثلاث ايام، على ذات النسق وتحت ذات العنوان وبنفس المضامين نصاً، وستكون سلطة الحوثيين هنا هي أول من تنفذ تعاليم ذلك التوجه الشيعي المحموم حول فكرة بناء الدولة على ذات القاعدة المشار اليها سلفاً، في المؤتمرات والندوات الطائفية الشيعية السابقة.

البعد الطائفي في المشروع الحوثي

على مدى سنوات طويلة كان الحوثيون يرفضون القول إنهم شيعة اثني عشرية أو لهم توجه في هذا المسار، لقد كان الكثير منهم يستعير الثقافة الزيدية والتي تبرز المعارك وتبادل الفتاوى والتكفير بين الزيدية والاثني عشرية، فيما لا يزال الكثير حتى الآن ينكر أن يكون لدى الحوثيين أية فكرة في استنبات موطن طائفي شيعي اثني عشري في اليمن، وان ما يجري هو تحالف سياسي مع إيران ومع قوى شيعية للدعم والمناصرة، فيما تؤكد هذه المؤتمرات ومخرجاتها زيف هذه الدعوة.
يشعر قطاع كبير لدى الحوثيين اليوم أن المذهب الزيدي ضعيف في مواجهة مد التسنن، وكان لحسين بدر الدين الحوثي -كما في بعض ملازمه- نقد شديد للزيدية، وبالتالي ستكون الاثنا عشرية وتثبيت دعائمها داخل اليمن قادرة على المقاومة لأية مشاريع قادمة فكرية أو سياسية تكرر تجربة ثورة سبتمبر/ أيلول 62م، وهو ما يجعل هذا التوجه الجديد اشبه بالأحزمة الطائفية لتثبيت دائم المشروع الامامي الجديد.

كلمات دالّة

#الحوثيين