الأربعاء 24-04-2024 03:23:09 ص : 15 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

رفاهية في زمن الجوع.. ثراء الحوثيين قصص لا تنتهي

الجمعة 19 أكتوبر-تشرين الأول 2018 الساعة 06 مساءً / الإصلاح نت – خاص/ عبد السلام قائد




في الوقت الذي تتزايد فيه الأوضاع المعيشية للمواطنين في اليمن تدهورا، خاصة في المحافظات التي يسيطر عليها الحوثيون، فإنه على الجانب الآخر يعيش قادة جماعة الحوثي وما يسمى بـ"المشرفين" حالة رفاهية غير مسبوقة، جراء سيطرة قيادات الجماعة على كل إمكانيات الدولة وعائدات الجمارك والضرائب، وفرض إتاوات على القطاع الخاص وصغار التجار بذريعة دعم المجهود الحربي، وتدمير الاقتصاد الوطني من خلال إقامة اقتصاد موازٍ لصالح الجماعة.

كما أن جماعة الحوثي لم تكتفِ بالتخلي عن مسؤوليتها الاجتماعية إزاء الموظفين في القطاع العام، الذين أوقفت رواتبهم وأحالتهم إلى رصيف البطالة، ولكنها أيضا تتعمد افتعال أزمات تثقل كاهلهم وكاهل المواطنين كافة، من خلال افتعال أزمات في المشتقات النفطية والغاز المنزلي ورفع أسعارها، وزيادة الضرائب والجمارك على التجار، مما يتسبب في زيادة أسعار مختلف المواد الغذائية، وبالتالي زيادة معاناة المواطنين.

- نهب الاحتياطي النقدي

بعد الانقلاب على السلطة الشرعية، بدأ الحوثيون بتدمير الاقتصاد الوطني وإقامة اقتصاد موازٍ يمكنهم من تحقيق ثراء سريع، انعكست آثاره على الحالة المعيشية للمواطنين، في ظل توقف تام لكل الخدمات العامة كالماء والكهرباء والصحة والتعليم والطرقات وغيرها.

وكانت بداية مسيرة النهب والتدمير من البنك المركزي اليمني، الذي تؤكد مصادر حكومية أن جماعة الحوثي نهبت منه كافة الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية والمقدر بخمسة مليار دولار، مما تسبب في كارثة اقتصادية من أبرز مظاهرها الانهيار المتسارع للعملة المحلية أمام العملة الأجنبية، وما ترتب على ذلك من ارتفاع مخيف في أسعار مختلف المواد الغذائية.

وبالتوازي مع نهب جماعة الحوثي للاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية من البنك المركزي، فقد أقدمت على سحب العملات الأجنبية من السوق من خلال فتح عدد كبير من محال الصرافة وتكديسها في خزائنهم أو تحويلها إلى حسابات بنكية خارج البلاد باسم قيادات الجماعة، رافق ذلك زيادة في الطلب على العملات الأجنبية، خاصة الدولار الأمريكي، فزاد ذلك الطين بلة، حيث تسبب الإقبال على شراء العملات الأجنبية مقابل انخفاض أو انعدام المعروض من هذه العملات في انهيار العملة المحلية وارتفاع الأسعار.

كما سيطرت جماعة الحوثي على كافة المؤسسات الإيرادية للدولة، وسخرتها لصالحها تماما، مثل شركة النفط اليمنية، وشركة يمن موبايل، وشركة يمن نت المزود الرئيسي والوحيد لخدمة الإنترنت في اليمن، والمؤسسة العامة للاتصالات، وغيرها من المؤسسات الحكومية الإيرادية التي تدر دخلا كبيرا يذهب لصالح قيادات ومشرفي جماعة الحوثي، دون أن يستفيد المواطنون شيئا من ذلك، سواء كرواتب لموظفي القطاع العام أو افتتاح مشاريع خدمية جديدة وغير ذلك.

- ضرائب وجمارك وإتاوات

وبخصوص الضرائب والجمارك، فقد ضاعفتها جماعة الحوثي بشكل خيالي، مما تسبب في ارتفاع جنوني لمختلف أسعار السلع والمواد الغذائية والكماليات، ولم تكتف بفرض الضرائب والجمارك على الواردات التي تمر عبر الموانئ التي تسيطر عليها، خاصة ميناء الحديدة، وإنما تفرض أيضا ضرائب وجمارك مضاعفة حتى على الواردات التي تمر عبر الموانئ التي تسيطر عليها السلطة الشرعية، بعد أن يكون التجار قد دفعوا ضرائب وجمارك في تلك الموانئ والمنافذ، مما يتسبب في زيادة ارتفاع أسعارها وإثقال كاهل المواطنين.

وفي السياق نفسه، ضاعفت جماعة الحوثي الضرائب التي تفرضها على المواطنين في المحافظات التي تسيطر عليها، مثل ضرائب القات والمحاصيل الزراعية والعقارات وعائدات الزكاة، بالإضافة إلى الإتاوات التي تفرضها على القطاع الخاص، بالإضافة إلى ما تسميه "زكاة الخمس"، وأيضا الإتاوات التي تفرضها على صغار التجار والمزارعين بذريعة دعم ما تسميه "المجهود الحربي"، كما فرضت إتاوات على الأسر الميسورة والتي يوجد من بين أفرادها مغتربون خارج الوطن.

كما اتخذت جماعة الحوثي من الاختطاف وسيلة للابتزاز والدخل المادي، حيث يقوم بعض أفراد الجماعة باختطاف أشخاص من أسر محددة ميسورة الحال، وتلصق بهم تهم الانتماء لتنظيمات إرهابية أو التخابر مع التحالف العربي، ويتم تهديد أسرهم بأن لا تتحدث عن اختطافهم لوسائل الإعلام وإلا سيتعرضون لمكروه، ثم يأتي سماسرة آخرون ويعرضون على أسرهم دفع مبالغ مالية طائلة مقابل الإفراج عنهم، وهم ما يتم بعد تفاوض على المبالغ المطلوبة.

- إنهاك القطاع الخاص

سلكت جماعة الحوثي طرقا ملتوية لإنهاك وتدمير القطاع الخاص، فهي لم تكتفِ بإنهاك هذا القطاع بالإتاوات والضرائب وما تسميه "زكاة الخمس" وطرق أخرى للابتزاز، ولكنها عمدت إلى منافسة التجار وأحيانا عزلهم من السوق تماما، مثل تجار المشتقات النفطية والغاز، حيث عمد الحوثيون إلى إيجاد بدائل مثل السوق السوداء، واحتكار تجارة استيراد وتوزيع المشتقات النفطية والمواد الغذائية الرئيسية، وأيضا احتكار بيع الغاز المنزلي للمواطنين بشكل مباشر، سواء عن طريق عقال الحارات أو السوق السوداء، ومنع أصحاب المحال ومحطات الغاز من البيع.

كما أن سيطرة الحوثيين على السلع الضرورية للمواطنين مكنتهم من التحكم في أسعارها وافتعال الأزمات متى ما أرادوا، خاصة مادة الغاز المنزلي والمشتقات النفطية، كما سبق أن رفض الحوثيون التعاون مع السلطة الشرعية بشأن إيصال الكهرباء إلى العاصمة صنعاء من محطة مأرب الغازية، بهدف إيجاد فرص استثمارية خاصة بهم من خلال المحطات الكهربائية التجارية واحتكارها، وعدم منح المستثمرين الآخرين تراخيص للاستثمار في هذا المجال.

- رفاهية في زمن الجوع

وعطفا على كل ما سبق ذكره، يمكن القول إن قيادات جماعة الحوثي وما يسمى بـ"المشرفين" يعيشون هم وأسرهم حالة من الرفاهية غير المسبوقة على حساب أنين وأوجاع ملايين المواطنين الجوعى، الذين تقطعت بهم السبل، وانقطعت مصادر دخلهم، خاصة موظفي القطاع العام، وتدهورت مختلف الخدمات العامة، كالتعليم والصحة والمياه والكهرباء والطرقات وغيرها، وازداد معدل البطالة، وانتشر اليأس والقلق وحالات الانتحار والاكتئاب النفسي على نطاق واسع.

تتعمد جماعة الحوثي إنهاك المواطنين، من خلال تدمير الاقتصاد وافتعال الأزمات ومنع صرف رواتب الموظفين ورفع الأسعار وتدمير التعليم، بغرض جعل المواطنين يضطرون للقتال في صفوفها، خاصة الطلاب، بحثا عن الفتات الذي يمكّن أسرهم من البقاء على قيد الحياة، وهو ما نجحت فيه الجماعة ومكنها من الصمود حتى الآن، وكما يقال: الفقر والجوع يصنعان مقاتلا جيدا.

وفي الوقت الذي تزج فيه جماعة الحوثي بالمغرر بهم من أبناء القبائل إلى جبهات القتال مقابل الفتات من المال، فإن قيادات ومشرفي الجماعة، خاصة الذين يدعون النسب الهاشمي، يعيشون في رفاهية غير مسبوقة، حيث يتسابقون على شراء الأراضي والفلل والسيارات الفارهة، وإنشاء شركات خاصة بهم ومولات تجارية ومحال صرافة، ويسرفون في الإنفاق وشراء المواد الغذائية ومضغ أفخر أنواع القات.

يضاف إلى ذلك، منح أدعياء النسب الهاشمي خدمات خاصة مجانية في المستشفيات والمؤسسات التعليمية والجامعات، والحصول على الغاز والمشتقات النفطية مجانا، وغير ذلك من الامتيازات التي خصوا بها أنفسهم، وحرموا الفقراء والجوعى منها، بل فقد زادوا أنهكوهم من خلال الأزمات المفتعلة وإيقاف صرف رواتب الموظفين وغير ذلك من وسائل محاربتهم في أرزاقهم وتضييق سبل العيش عليهم.