الثلاثاء 23-04-2024 21:40:52 م : 14 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

قراءة في كلمة رئيس الهيئة العليا للإصلاح في الذكرى الثامنة والعشرين لتأسيس الإصلاح (الحلقة الأخيرة)

الحياة المدنية هي المتنفس الوحيد لديمقراطية حقيقية

الإثنين 17 سبتمبر-أيلول 2018 الساعة 06 مساءً / الإصلاح نت - خاص

 

تفاقمت المشكلات الأخلاقية أثناء ومع الانقلاب، ومثلت قضية المختطفين واحدة من أعقد الملفات التي مرت بها البلاد على مدى أربع سنوات ماضية، تعرض الكثير منهم لعمليات ممهنجة من التعذيب الوحشي الجسدي منه والنفسي، ووصل الحال إلى أكثر من مائة وثلاثين حالة فارقت الحياة تحت التعذيب في السجون بصنعاء وسجون أخرى في عدد من محافظات الجمهورية في الشمال والجنوب، فيما تفيد منظمات محلية ودولية أن الغالبية العظمى -إن لم يكن الجميع- قد تعرض لصنوف مختلفة من التعذيب والإرهاب النفسي والجسدي أثناء فترة التعذيب سواء الذين غادروا تلك "المسالخ" أو الذين لا يزالون وهم لا يزالون بالآلاف.


تجاوزت أوضاع المختطفين القدر المعقول، وخالفت في قبحها كل الأعراف والأخلاق والقيم الدينية السائدة لدى الشعب اليمني, وكان الإصلاح من التيارات السياسية الوحيدة التي لم تفتأ من التذكير المستمر بهذا الملف، وطرحه على أجندة أية حوارات مع الانقلابيين، هذا الملف الإنساني يرتبط بعشرات الآلاف من الأسر التي تعرضت للظلم والخذلان.


في كلمة رئيس الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح في المؤتمر الثامن والعشرين طرح هذا الموضوع بكل وضوح، وجدد التأكيد عليه والتذكير به, فقد جاء في كلمة اليدومي ما نصه: "إن التعدي على حياة الإنسان وكرامته وتعريضه للإساءة ومخالفة مبادئ الشريعة السمحاء والقانون الدولي وقيم وأصالة المجتمع اليمني وشيمه في التعامل مع الأسرى والمختطفين وتعريضهم للتعذيب والإمتهان في سجون المليشيات الإنقلابية وكل سجن خارج إطار القانون لهي جرائم تضع مرتكبيها في مواجهة العدالة".


وهنا تذهب كلمة الحزب الى موقف آخر يتفق عليه كل الشرفاء والوطنيين في هذه البلاد، حول إغلاق هذا الملف الإنساني والذي طال انتظاره، أو على الأقل التخفيف من حدته بالصورة التي تبدو اليوم حيث يقول: "إن إطلاق سراح الأسرى والمختطفين مهمة يجب أن يناضل لأجلها جميع مكونات العمل الوطني ومنظمات الحقوق والحريات وتطبيق القانون والإفراج عن كل المعتقلين والمخفيين قسرا خارج إطار القانون في المناطق المحررة".


ويعود اليدومي مرة ثانية للتذكير بحق الأفراد والقوى السياسية والاجتماعية في التعبير عن مطالبهم بالطرق السلمية والتي ضمنها الدستور والقانون, فالاحتجاجات بطرقها المشروعة عمل مشروع، والحياة المدنية والسياسية في ظل العمل الحزبي الحقيقي هي المتنفس الوحيد لخلق بيئة ديمقراطية حقيقية، ترمم ما أفسدته الحرب وتعيد سكة القطار لمسارها الصحيح.


إن أي اعتداء على المؤسسات والمصالح الخاصة والعامة يخرج بتلك الدعوات والمطالب من العمل المدني إلى مسار آخر مخالف للقانون, وهو ما يجب أن يكون واضحاً، للفصل بين الفوضى والعمل المنافي لقيم العمل السلمي وبين العمل المدني المكفول بالدستور والقانون، وهنا تؤكد كلمة الإصلاح ذلك بوضوح لا لبس فيه "إن الإيمان بحق الأفراد والقوى في التعبير السلمي عن الرأي والإحتجاج المنضبط كحق مشروع ومكفول هو سلوك مدني يحترم، لكن العنف والاعتداء على المصالح العامة وتعطيل الحياة ونشر الفوضى والإساءة للأشقاء والرموز الوطنية نعتبرها سلوكيات فوضوية لا تخدم الوطن وتضر به، ونطالب كل القوى بالتحلي بالمسؤولية والالتزام بالسلوك المدني الحضاري في التعبير عن الرأي".


وأمام وضع البلد ككل، يتعزز الصف الداخلي بالموقف الخارجي، برفض الوصاية والتدخل في شؤون اليمن الداخلية, ورفض مطلق للتواجد الإيراني في اليمن، وكانت قرارات مجلس الأمن ومساعي المبعوثين لدى الأمم المتحدة في اليمن واضحة في إعادة الشرعية ورفض أي عمل مليشاوي يؤثر على مسار الدولة "إن قرارات مجلس الأمن وتوصياته ومساعي المبعوث الأممي تحتم على المجتمع الدولي الوقوف بحزم أمام التدخلات الإيرانية وتهديدها للأمن الإقليمي وللملاحة الدولية كما يحتم عليهم التوصيف الدقيق للصراع في اليمن بين مليشيات انقلابية انقلبت على المرجعيات الوطنية والدولية وبين شرعية تواجه هذا المشروع الإنقلابي الذي انقلب على مخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية وقرارات مجلس الأمن لتكون هذه هي الأرضية التي تنطلق منها الجهود الدولية في اليمن".


وتختم الكلمة بما بدأت به بأن مشروع الدولة الكهنوتية لا مكان لها في يمن الإيمان والحكمة, وكما أن مشروع الدولة الوطنية الجامعة دولة النظام والقانون تحت حكم مدني هو مطلب الجميع، فالكهنوت لا مكان له ولا يمكن أن يقبل بلد قدم تضحيات كبيرة في أن يعود الكهنوت ليحكمه من جديد "إن الأرض اليمنية المباركة التي ارتوت بدماء خيرة أبنائها في معركة فرضتها قوى الظلام لن تتقبل بذرة الإرث الكهنوتي ولا الفكر السلالي ولا السلوك العنصري أو المناطقي، وأن قوة الحق أمضى وأبلغ وأنه مهما اتسعت رقعة الطيش والمقامرة وخلفت هذا الواقع المر الذي يضع أمامنا كيمنيين سلطة وقوى وأحزابا وأفرادا مسؤولية تاريخية في انتشال وطننا وتضميد جراحه، وهذا لن يكون إلا بعقول تعي صعوبة الواقع وقلوب تستشعر حجم الألم والأذى الذي مس الناس بعد شلالات الدم وحجم الدمار والجراح العميقة في جسد الوطن، وأنه ليس بعد هذه التضحيات الكبرى إلا النصر المبين والفرج القريب بإذن الله تعالى".