الجمعة 29-03-2024 08:21:56 ص : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

التجمع اليمني للإصلاح 28 عاما ترسيخاً للوسطية وتجسيداً للقيم الوطنية

السبت 15 سبتمبر-أيلول 2018 الساعة 09 صباحاً / الإصلاح نت - خاص / عبد العزيز العسالي(2-3)

 


تجسيد القيم الوطنية:

الأنظمة الشمولية وخصوصا العربية, والنظام اليمني بصورة أخص تتميز بأنها أخذت من كل نظام أسوأه!
لقد استبشر المجتمع اليمني بميلاد جديد متمثلا في إطلاق الحريات السياسية والمدنية, وأن للوحدة فضائل كثيرة, لكن ليس هناك قيمة أفضل وأقوى اساسا وأعظم متانة يوازي إطلاق الحريات; ذلك أن الحرية هي الذراع الحامل لكل الحقوق, كما انها هي المعراج الحضاري لكل الامم التي انطلقت في مضمار النهوض الحضاري!

أحلام راودت المجتمع اليمني, فحضرت الأمثلة والحكم والشعر, حول التسامح والأخوة والالتحام, ولكن أنى للأماني ان تصبح حقائق ماثلة? ذلك أن نظامي ما قبل الوحدة اجتمعا على اسوأ مخلفاتهما فتجسد فيهما المثل السائر "كلا الأخوين فسّاءٌ ولكن شهاب الدين أضرط من أخيهِ"!

فحضرت العقلية الإقصائية لدى شلة الحكم, من لحظاتها الأولى ملوحةً بالتصريح:
أن الاعتراض على الدستور يعني اعتراض على الوحدة, والعكس صحيح!
لم يقف الأمر ها ههنا, وإنما جلد ارضا بالاتفاقيات التي تضمنتها ادبيات الوحدة ومنها: انه بعد إعلان الوحدة سيجتمع البرلمان الموحد في اول جلسة ستكون مخصصة للنظر في المواد الدستورية التي هي محل خلاف, وكعادة النظم الشمولية فقد اجتمع البرلمان وفي مسرحية هزلية تحمل ثقافة الإقصاء وعدم احترام هوية الأمة, بل لم تحترم مبدأ حرية الشعب الذي طالما تغنوا به!
في غضون دقائق تم التصويت نعم للدستور!
ــ اشتدت أصوات المعارضة بقيادة الإصلاح إزاء هذا العبث الذي صادر حرية الشعب من أول لحظة، فاتجه الإصلاح إلى:

التجسيد الأول: المعارضة السلمية!

جسّد الإصلاح من خلال موقفه المعتدل و المتمثل في المعارضة السلمية, ومن حق البعض ان يقول: اية ميزة تحسبونها للإصلاح في هذا الصدد؟
الجواب: لقد كانت اصابع الفجور السياسي تتحرك من خلف الكواليس محاولة ان تزج ببعض القبائل وبعض العناصر المتشددة نحو العنف, والوسام جاهز سيتم تعليقه على مشجب الإصلاح!
غير أن الإصلاح رغم حداثة التجربة أدرك ما ينويه الساسة فقدم موقفا معتدلا في الاعتراض على مواد الدستور محل النزاع, مجسدا القيمة الاولى الاعتراض السلمي.
فتظاهر الحكام بالاستجابة ورفعوا شعار حقٍ أريد به باطل، قائلين: الشعب هو الحكم والمرجع, وعليه: نعم للاستفتاء الشعبي حول الدستور.
واستُهلكت أموالٌ وجهودٌ ..ووو...إلخ، غير أن حزب الإصلاح أدرك ان هذه الخدعة; كونها ليست غريبة على العقلية الشمولية التي دأبت على تزوير إرادة الجماهير ازاء هذا العبث الفاجر.
دعا الإصلاح أعضاءه وأنصاره لإطلاق مسيرة سلمية منددة بمصادرة حق الشعب في اختيار القانون القادم من عقيدة الشعب وهويته, مناشدة الحزبين الحاكمين الاستماع لرأي الشعب!
لقد شهد خصوم الإصلاح بمستوى الوعي الحضاري لدى حزب الإصلاح!
كان الفجور السياسي قد وضع في إحدى اذنيه طينا والأخرى عجينا، كما يقال, وهدفهما استفزازي مفاده أن الإصلاح لن يفرط بثوابت الشريعة وهنا ربما سينجر موقف الإصلاح نحو العنف، ففشل الرهان.

تجسيد قيمة وطنية أخرى:
ادرك حزب الإصلاح موقف النظام العابث والمصمم على تمرير الاستفتاء فوجه أعضاءه وأنصاره والجمهور بمقاطعة الاستفتاء!
وهنا نجح الإصلاح في كسب مواقف عدة.
ــ تفويت الرهان الفاجر; حيث سلك الإصلاح المعارضة السلمية.
ــ جسد قيمة وطنية تمثلت في ثقافة المعارضة السلمية البناءة ورفض العنف.
ــ كشف حقيقة ادعاءات النظام الذي انكشفت سوأته ــ حزبان حاكمان وأموال وقوة وإعلام, غير أن الإقبال على الاستفتاء كان ضحلا ومخزيا في اغلب الأماكن!

ثانيا: قانون التعليم :

تجسيد آخر لقيمة وطنية ذات بعدين وطنيين, حيث أقدم النظام السياسي على تفجير ورقة أخرى, لا تقل خداعا تمثلت في ظهور النظام السياسي بمظهر الحريص علي تجديد نظام التعليم, والحقيقة انه ليس نظاما فضلا عن كونه تجديدا, وإنما بقايا نفايات المانية من ايام الحرب العالمية الثانية! غثائية أفكار تجاوزها الألمان وغيرهم; كونها قائمة على رؤية وضعية مادية ولا علم فيها ولا فكر.
لم يتغير موقف الإصلاح, بل ترسخت لديه قناعة اقوى تجاه تجسيد القيم الوطنية واعلان الولاء للأمة في احترام ثقافتها وهويتها!
تم الاعتراض على قانون التعليم, وأصر الفجور السياسي علي تمريره برلمانيا لكنه توقف عن التنفيذ.

ثالثا: لجنة الحوار الوطني، ووثيقة العهد والاتفاق:
الحقيقة أن هذه الوثيقة تضمنت قضايا وقيما وطنية رائعة, لو صدقت نوايا حزبي النظام, وبما انني هنا لست مؤرخا وانما مستعرضا مواقف حزب الإصلاح المجسدة للقيم الوطنية الصادرة عن مسؤولية تجاه الوطن.
لقد شارك الإصلاح كغيره من الأحزاب والتجمعات ومنظمات المجتمع المدني في هذا الحوار, والذي تمخض عنه وثيقة العهد والاتفاق, غير أن حزب الإصلاح تميز عن بقية المشاركين انه ظل حاضرا في كل الجلسات ولم يتغيب عن اية جلسة، كونه وجد هذا الخط الأنسب للوصول إلى بلورة القيم الوطنية سياسيا وثقافيا واجتماعيا, وإدارة الدولة فيدراليا وهيكلة نظام الحكم, وتحويل وضع الجيش الى مؤسسة وطنية, بعيدا عن الشخصنة وتنظيم حمل السلاح, ونظام الغرفتين ــ البرلمان ومجلس الشورى الخ.

القضايا الهامة!
لقد حرص الإصلاح على خروج هذه الوثيقة الى النور; كونها ستحسم قضايا كثيرة جدا بطرق سلمية وديمقراطية! لكن الحزبين الحاكمين كانا غير جادين, والدليل أنهما من لحظة التوقيع في الأردن, ظهرت مواقف وتصرفات اعقبها تراشق إعلامي يشير بقوة ان الوثيقة ماتت فور ولادتها اوربما ولدت ميتة!

رابعا: قضية مستجدة وتعاطٍ مسؤول:
الإعداد للانتخابات البرلمانية الأولى عام 1993م.
الموضوع المستجد هو أن الحزبين الحاكمين اتفقا على مشاركة المرأة ناخبة ومرشحة, وكان الهدف هو ان المجتمع اليمني سيرفض مشاركة المرأة, لا سيما مناطق شمال الشمال; الأمر الذي يعني تعليق وسام التشدد والتخلف على عنق الإصلاح, وبالتالي سيكسب النظام السياسي موقف المرأة, وأن الاصلاح سيفشل في اقناع المجتمع لا سيما القبيلة!
الحقيقة كان موقفا شديد الصعوبة, غير ان الاصلاح اعلن عن مشاركة المرأة في هذا الاستحقاق الوطني, مطالبا بوضع ضوابطـ تراعي قيم المجتمع وثقافته!
وهنا نجح الإصلاح في تجسيد قيمتين وطنية وثقافية بل وإدارية!

خامسا: موقف وطني:

تمثل تجسيد هذا الموقف بعد اول انتخابات برلمانية بعد الوحدة, ولأن لعبة التوازنات بين الحزبين الحاكمين كانت حاضرة إبان الانتخابات فقد حصل الإصلاح على المرتبة الثانية برلمانيا بعد المؤتمر الشعبي, غير أن الحزب الاشتراكي تذمر معتبرا هذا نوع من التآمر الجهوي ضد الجنوب, وهنا تنازل الإصلاح بمرتبته للاشتراكي متقبلا أن يكون في المرتبة الثالثة!
المهم في نظر الاصلاح هو تقديم خدمة للوطن ولا يهم المكانة البارزة في السلطة!

سادسا: تجسيد قيمة وطنية أخرى:
ولولا أن هذا الموقف اصبح من التاريخ ــ حسب الشهيد جار الله عمر رحمه الله- كنا سنضرب عنه صفحا.
نعم فالشهيد جار الله عمر -رحمه الله- قال اجعلوا الماضي كله تاريخا, هناك مثقفون كبار اعتبروا قضية 94 انها صفحة طويت! غير أن الموقف لا يخلو من قيمة!
فما هي هذه القيمة؟ حرب صيف 1994م.
ايا كان الموقف ومهما اختلفت الانظار اليه ــ بطبيعة الحال ــ نقول: توقف حزب الإصلاح عن المشاركة طيلة 13 يوما, ولما ظهرت مواقف تلوح بالانفصال كانت رؤية الإصلاح هي الوقوف مع الدستور والوحدة, وكانت وجهة نظره هنا انه لابد من تجسيد قيمتين وطنيتين, الشرعية الدستورية, وحماية الوحدة.

سابعا: تعديل الدستور:

هذا تجسيد لقيمة وطنية هامة ترسخ الولاء لإدارة الأمة واحترام قيمها, أوليست الديمقراطية هي احترام حق الشعب؟!
نعم تم تعديل الدستور انطلاقا من هيمنة الشريعة الاسلامية على كل القوانين؛ اذ كيف ندعي حرية ونخالفها في توجهاتها?

ثامنا: خروج ممثل حزب الإصلاح من مجلس الرئاسةــ الزنداني ــ عائدا الى البيت, ولم يسمع الشعب أي امتنان من الإصلاح!
المهم هو في نظر الإصلاح ترسيخ المفاهيم الوطنية والثقافة السياسية فهذا هو الذي يستحق توجيه العناية; كونه في دائرة التأثير, أما عضوية مجلس الرئاسة او مرتبة البرلمان او البقاء في الوزارات فهذا يبقى في أحسن الاحوال في دائرة الاهتمام, والمطلوب هو اولوية دائرة التاثير المتمثل في تجسيد القيم الوطنية فهي الاهم.

تاسعا: تجسيد قيم الديمقراطية بعد انتخابات 1997م:
خرج الإصلاح من الائتلاف الثنائي; كونه حصل على مقاعد اقل هذه المرة; نظرا لغياب التوازنات التي رافقت انتخابات 1993.
باختصار:
دخل الإصلاح في ائتلاف حكومي بطريقة ديمقراطية وتنازل بمرتبته كما سبق, وها هو في 1997 يخرج الى المعارضة بطريقة ديمقراطية، رافعا شعار المعارضة البناءة.

عاشرا: تجسيد قيمة وطنية أخرى:
انتخابات رئاسية من قبل الشعب مباشرة:
بطبيعة الحال اختلفت التفسيرات حول دعوة حزب الإصلاح مبكرا الى هذه الانتخابات!
ان اهم تفسير تم طرحه يومها هو أن الرئيس عفاش يومها كان قد اتجه لتدمير الإصلاح بعد الاشتراكي, وان الإصلاح اتخذ هذا الإجراء اتقاء لشر النظام اولا, ولكي يتمكن من ترتيب أوراقه ثانيا; كونه خرج من الحكم الى شارع المعارضة بلا رؤية; الأمر الذي يمكن النظام من القضاء عليه!
اقول ــ مضيفاــ على وجاهة هذا التفسير, ربما كان هذا وارد وربما غيره وربما كلاهما, لكن السؤال هو: كيف تصرف الإصلاح؟ هل المواجهة و التحدي؟ ام انه هرب الى الامام وليس هذا فقط, وانما جسد قيمة ثقافية سياسية مهما قيل عنها ضئيلة؟!
ان ضآلت هذه القيمة الثقافية يومها ـ مقارنة بانتخابات مبارك والاسد وصدام وغيرهم من زعامات العرب سنجد أن وجود مرشح شكلي ينافس عفاش افضل من لا شيء عند أقرانه، وأن استفتاء مبارك للجنة المركزية في حزبه فقط عدوها ديمقراطية! أليس الانتخاب المباشر في اليمن افضل حالا؟
نعم افضل وان كانت هذه الافضلية تحت السالب; ذلك ان الدول العربية كانت ديمقراطيتها تحت تحت تحت السالب؟
باختصار: ايا كانت التفسيرات فحزب الإصلاح تحيز من مصادمة لا تخدم الوطن ولا الإصلاح وجسد قيمة ثقافية!
اليس هذا ترسيخا للوسطية وتجسيدا للقيم الوطنية ومبدأ الاعتدال؟
ان لم تكن هذه التصرفات المسؤوله تجاه الوطن فما هي الوسطية اذن؟، وما هي القيم الوطنية؟
لا أخفي على القارئ ان البعض اعتبر هذه الانتخابات جريمة، ونحن هنا لا نرفض ولا نؤيد بالمطلق, لكن نقول ذلك اجتهاد الإصلاح وليس عيبا ان يصاحب هذا الاجتهاد أخطاء؟ لكن العيب الأكبر في العنف والدمار؟!

الحادي عشر: الانتخابات البلدية2001 م
هنا قدم الاصلاح موقفا مسؤولا رغم التصرفات المستفزة التي اخرجت قانون البلديات بصورة هزيلة ومقرفة، وكان الاستعراض من راس النظام انه اصبح مالك الامر كله لا معقب لحكمه!
لقد احتوى القانون على سبيل المثال شروط التعريف بالمرشح على مستوى اضيق ــ المركز البلدي, ان يعرف به سبعة أُمناء شرع ولو من خارج منطقته؟ أسمعتم عن هزلية وعبثية أسوا من هذا؟
تلك اشارة فقط اما بقية القانون ففيه غرائب?!

شارك الاصلاح رغم امتعاضه ازاء العبث بالقانون لكنه ظل متمسكا بخطه ــ ترسيخ القيم الوطنية وان بصورة متدرجة! اذ لا يكلف الله نفسا الا وسعها.

الثاني عشر: تجسيد قيمة وطنية أخرى:
إلغاء المعاهد العلمية.. لقد راهن النظام وجلاوزته يومها انه بمجرد ان يشم الاصلاح ان النظام يبيت قرار الغاء المعاهد فلا شك أن ردة الفعل هي السلاح والسلاح لاغير!
وفشل الرهان; حيث أعلن حزب الاصلاح مطالبا بإصلاح التعليم ككل على مستوى الجمهورية! والمعاهد جزء من منظومة التعليم؛ اذ لابد من اصلاح التعليم عموما، معتبرا هذا من ابرز اصلاحات التنمية الوطنية.