الثلاثاء 23-04-2024 21:45:05 م : 14 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

من عاشوراء إلى الغدير: قراءة في الاختراق الشيعي للفكر السني

الثلاثاء 11 سبتمبر-أيلول 2018 الساعة 12 مساءً / الإصلاح نت - خاص / عبد العزيز العسالي (2-2)
 

آثاره.. نتائجه..إمكانات الحل


2ــ2

خلاصة الحلقة الأولى:

ــ قدمنا بإيجاز شديد أهم البراهين الدالة على الاختراق الشيعي للفكر السني, وكان ابرز برهان هو أن التمذهب والتدوين الشيعيين سبقا التمذهب والتدوين السني بعقود!
ــ هذه المفهوم المحوري لدى العقل الشيعي تمخض عنه فعل تنظيمي حركي على أرض الواقع, وكان التراكم الفكري والثقافي الموروث لدى الفرس عاملاً حاسماً في جانب ضبط و توجيه الخطط ورسم الأهداف, وصولاً إلى التنفيذ على أرض الواقع!

عصر التدوين:
جاء عصر التدوين الرسمي والشعبي عام 153 هـ فتناول التدوين أهم المجالات كالعلوم الشرعية, والسياسية, والتاريخ.
ــ كانت العلوم الشرعية منقولة بطريقة شفوية
ــ كان الجانب السياسي والتاريخي قد تم تدوينه ــ شيعيا ــ من وقت مبكر كما اسلفنا.
ــ انطلق العقل السني صوب التدوين السياسي والتاريخي فلم يجد بين يديه سوى ما أثبته العقل الشيعي ودبّجَهُ وكثّفه بقوة فائقةٍ ومهارة وتخطيط.
ــ مثال من منتصف القرن الثاني الهجري:
سيف بن عمر الرافضي الشيعي التميمي الكذاب باتفاق الجميع, ورغم هذا الاتفاق وجدنا أنه احد رواة الطبري, وقد افترى روايةً إجراميةً لو قيلت في أحد رجالات الجاهلية ما قبلها احد فكيف قُبِلت على حشدٍ من الصحابة؟!
فما مضمون هذه الرواية الخبيثة؟
تقول إن خالد بن الوليد قتل مالك بن نويرة وأخذ زوجته ودخل بها في اللحظة, وكان حول الخيمة 700 من الصحابة لم يتكلم منهم أحد! وعاد خالد منصورا ودخل المدينة والسهام مغروزة على عمامته فبادره عمر وأقسم أن ينكِّل بخالد وانتزع السهم من رأس خالد وكسره على خوذة خالد قائلا له: قتلت رجلا ونزوت على زوجته قبل أن يجف دمه? فبادر الصديق قائلا:
ياعمر: إن خالدا متأوِّلاً!
وتنتهي الروايات أن عمر لما عزل خالدا في اليرموك كان بسبب هذه الجريمة!
ــ هذه الفرية ما كانت لتحصل أيام الجاهلية; ذلك أن العربي كان إذا اشترى جارية أو سباها فلا يمسها حتى يستبرئ رحمها، فكيف حصل من خالد بحضرة الصحابة والصديق اعتذر له?!

ترسيم الاختراق الشيعي:
ــ من المعلوم أن الدولة العباسية قامت على أنقاض الدولة الأموية, ومن المعلوم ان الدولة الأموية كانت في صراع دائم، تارة علناً والعكس, وأيا كانت كانت المبالغات حول سياسة الامويين, فانه وبطبيعة الحال السياسي وجود صراع كسنة من سنن الاجتماع السياسي تختلف صوره واشكاله.
ــ من سوء حظ العقل السني ان الصراع الشيعي مع الامويين كان جهويا؛ أعني صراعا شاميا يمثل وجهة الدولة, وبمرور الأيام تحولت الشام الى جهة (سُنِّيَّة)!
يقابله صراع عراقي كوفي, بل وشيعي من الوهلة الأولى, شيعة علي؛ أي اصحابه هكذا بدون عقائد!
ــ استمرت الدولة الاموية 92 عاما (تسعة عقود)!
ــ العباسيون اعدوا تنظيما سياسيا بدأ التخطيط والإعداد من وفاة عمر بن عبدالعزيز رحمه الله, عام100 هــ.
استمر التنظيم العباسي الجهوي السري بفارس موظِّفاً ثقافة التشيع للهاشمية ورَفَع الشعار: البيعة للرضا من آل محمد! وكلمة الرضا هذه مطاطة مجهولة الوجهة! والذي يعنينا هنا هو أن هذا التنظيم وظف ما كتبه الشيعة وأضاف روايات لأحاديث الملاحم وجيش الإسلام صاحب الرايات السود القادم من فارس, سيغزو الشام والقدس الخ!
هذه الروايات اليوم تستخدمها داعش والدولة الإسلامية وبتوظيف مخابرات غربية!

ــ باختصار:

تم توظيف الكثير من الروايات حول الهاشمية وفضائل قريش وفضائل الآل, واختلط التاريخ بالحديث النبوي!

ــ قامت الدولة العباسية, فماذا حصل؟
ــ انقلب العباسيون ضد الفرس, وتم قتل القائد الفارسي أبا مسلم الخراساني بخطة من المنصور العباسي!
ــ هنا تحول التشيع الى مواجهة العباسيين, فاضطر العباسيون لمواجهته عبر اصطناع روايات ــ أدلة شرعية ـ منسوبة إلى النبي (ص) تنص ليس على أن الخلافة للعباسيين فقط! وإنما ايضا النبوة ممتدة فيهم, والمهدي والهادي في ولد العباس!
هذه الروايات صنعت لمواجهة دعوى البطنين اولاً, و لمواجهة حديث ــ الأئمة من قريش ثانيا; هذا الحديث الأخير كان متكأً للأمويِّين!

ــ وحتى يكون القارئ على دراية بحجم الكذب في الروايات عن الرسول (ص) وغيره:
نقدم إليه شهادة الإمام الشافعي المعروف -رحمه الله- حيث قال:
ــ الذي وصل إلينا من تفسير ابن عباس قرابة 100 رواية فقط! يعني تفسير 100 آية بل اقل!

طيب وهل حفظ التاريخ شيئا غير هذا؟
نعم : قد حفظ التاريخ ان الخليفة المأمون توفي ومكتبته الشخصية احتوت 23 مجلداً ضخماً هذه المجلدات هي تفسير ابن عباس!
ــ إذن:
الكذب الشيعي والتزلف السني والشيعي للعباسيين, ورفض العباسيين لأحفاد علي سياسيا أدى إلى ترسيم الاختراق, أو قل خضوع العقل السني للإختراق الشيعي تحت سيف السياسة العباسية!

دور شيعي جديد:
الرفض العباسي لأحفاد علي, فتح الباب مرة أخرى لتكثيف حركة الوضع ــ أو قل تنظيم حزبي هدفه الكذب على النبي (ص) واختلاق أحاديث جديدة تواجه المستجدات العباسية حول فضائل علي بن ابي طالب و أحفاده!

موقف العقل السني:

العقل السني أمام أعاصير الصراعات المكرسة للنقائض الأسياسية والاجتماعية باسم الدين:
ــ دخل في إرباك متعدد الأبعاد, فإذا رفض رواية البطنين أو الغدير, أو عاشوراء, أو كربلاء أو الردة, أو التحكيم الخ. فهو زنديق لا توبة له اولاً, ثم الإعدام ثانياً; لأن النقد الفلسفي والعلمي والمنهجي سيطال مقام العباسيين!
إذن ليس هنالك حل أمام العقل السني سوى القبول بالروايات وفق شروط.
فما هي هذه الشروط, وهل نجحت؟
نبدأ بذكر أهم الشروط المتصلة بموضوع حديثنا، فما هو هذا الشرط؟
ــ قال فقهاء السنة يتم قبول رواية المبتدع أي الشيعي أو المتشيع الصادق الضابط أي الحافظ إذا لم يكن داعياً الى بدعته!
تعالوا نتأمّل هذا الشرط السُّنِّي العجيب, نقبل روايته إذا لم يكن داعٍ الى بدعته؛ أي الى مذهبه!
طيب إذا قلنا لكم إن هذا المتشيع او الشيعي او او هو لم ولن يدعو لبدعته بمحض أقواله وفلسفته! وإنما دعا اليها باسم النبي (ص)، فأيهما اخطر يا عقلاء السنة?!
هذا الشرط السني الباهت ولد تحت سيف السلطة العباسية التي كانت متشيعة القلب والفكر وسنِّية الهُدار; كونها قامت على أكتاف الشيعة الفارسية!
فالعباسيون شيعة غير دعاة الى مذهبهم; كسبا لعواطف السنة ــ كلاما فارغا ــ وتم إقصاء العرب تماما!
وإذا كان احد أولاد خلفاء بني العباس قد قتل أباه وأصبح خليفة اسمه المستضيء بالله! فماذا سيكون الموقف السياسي تجاه الفقيه او المحدث لاسيما إن كان عربيا؟!
اذن: الحل السُّني هو قبول رواية من لا يدعو الى بدعته انه غلاط للذااات!
وهنا فُتِح الباب لقبول الروايات السياسية وما يتصل بها كالخلافة وفضائل الأشخاص والقبائل والجهات, والملاحم والفتن والمهدي المنتظر عند الشيعة والهادي عند السنة, وقبل هذا تاريخ السقيفة وحرب الجمل الخ. فهذا كله مقبول عند فريق من محدثي السنة, ومردود عند فريق آخر أيضا!
وذلك على النحو التالي:
المنهج السني: سلك المنهج السني طريقين.
الطريق الأول: التحقيق المنهجي في جانب رواية الحديث أي سندُهُ, غير أن هذا التحقيق المنهجي تفاوت تطبيقه بين أهل الحديث, فمثلا:
1ــ اذاتشدد البخاري بشروطه ــ ومنها أن الراوي يكون قد التقى بمن روى عنه ولو يوما واحدا!
فإنَّ (مسلم) أهمل هذا الشرط واكتفى بمعاصرة الراوي لمن روى عنه ولو لم يلتقيان!
2ــ إذا كان البخاري ومسلم قد تركا أحاديث; لأنها مكذوبة او ضعيفة, فإن الترمذي والنسائي وابن ماجه وأبا داود واحمد بن حنبل وغيرهم وغيرهم قد التقطوا هذه الروايات المهملة واعتبروها صحيحة!
مثال على ذلك: روى البخاري حديث أن النبي (ص) قال: تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي (كتاب الله) فقط.
أرجو القارئ أن يتأمل..
ــ جاء مسلم وزاد بعد كتاب الله لفظ (سنتي)!
ــ جاء الترمذي فأضاف العجيب الغريب (كتاب الله وعترتي)! ولأن الترمذي من محدِّثي القرن الثالث: وهو عصر ربيع السنة النبوية, نجده قد أورد هذه الزيادة (وعترتي) من 13 طريقا تقريبا! فهذا التكثيف مقصود منه إقناع العقل السني كون المنهج قد اعتمد كثرة الرواة أنها من قواعد الترجيح!
إذن القارئ هنا سيقبل بالكثرة! أمِّا النظر في معنى الحديث فهو دعوة لمصادمة الشرع بالعقل!

إرهاب سياسي فكري بامتياز!
فهل كان الترمذي وأقرانه شيعة؟! إنهم شيعة بحسب الجهوية الفارسية, أشبه قبائل شمال الشمال فهم متشيعون ثقافة!
ومن الذي سيجرؤ أن يتجه عكس التيار!
هاهو الشوكاني المجدد المختلف مع الهادوية وهو بمنصب عال, يؤلف كتابا بعنوان
(العقد الثمين في إثبات الوصية لعلي أمير المؤمنين)! جمع فيه كل الروايات, ربما يكون الكتاب مزور, لكن المحقق لم يقدم ذلك!
نعم: نجح منهج الحديث إلى حد كبير في تنقية الحديث في جانب المعاملات, وهو المجال البعيد عن النسق السياسي!
إنها محنة الفكر العربي الإسلامي; حيث تحول صراع أولاد العم على الكرسي إلى عقيدة ودين ومخالفتها كفر لا توبة منه!
المثال الثاني:

ــ الزيادة الواردة في حديث الوصية لعلي وهي:
(اللهم والي من والاه وعادي من عاداه) تركها مسلم وحسنا فعل, لكن النسائي أثبتها وصححها, وهي من رواية سلمة بن كهيل الشيعي المتعصب!
ثالثا:
ــ ما أهمله أصحاب الأمهات الست؛ أي البخاري ومسلم و والخ.
وجدنا احمد ابن حنبل قد أورده بصورة مهولة ومذهلة, فمثلا: أورد أحمد حول فضائل علي فقط قرابة 400 حديث!
قيل بأن هذا عمل ولده عبدالله بن احمد بعد وفاة أبيه!
لكن الذي يهمنا هو النتيجة التي دوخت العقل المسلم! فعبدالله بن احمد هو سني أيضا.
رابعا:
ــ ما تركه احمد بن حنبل وغيره وجدنا الحاكم؛ صاحب المستدرك على الصحيحين، قد روى مئات الأحاديث في فضائل علي وعياله وأحفاده! ولم يكتف الحاكم بقناعته هو, وإنما يقول هذا حديث على شرط البخاري ومسلم! وإذَنْ: نحن أمام تطور غاية في الذكاء! إنه تقويل للغير ما لم يقل?
وفوق ذلك وقبله, هل سلم البخاري ومسلم من الاختراق؟ لااااا, فالبخاري قد روى حديث الأئمة من بعدي اثني عشر إماما كلهم من قريش!
وروى البخاري ومسلم (إذا بُويِع لِخليفتين فاضربوا عنق الآخر)! حديث متفق عليه, يعني في أعلا درجات الصحة سندا! والسؤال: لم سكت علي عن هذا عندما رفض معاوية البيعة?!
في حين نجد أحمد بن حنبل يقول هذا الحديث لا أصل له! فما عسى العقل السني أن يفعل?! فأحمد ينكر حديثا ويثبت400 في فضائل علي!
باختصار:
ــ اذا كان البخاري قد انتقى صحيحه حسب قوله من بين 600 ألف رواية, وبلغ إجمالي أحاديث البخاري بدون تكرار: 2750 حديثا فقط!
هنا نترك للقارئ أن يستخدم طريقة النسبة الرياضية وينظر كم هي نسبة الكذب والصدق في رواية الحديث?
ــ نؤكد مرة أخرى أن تلك النسبة التي رفضها البخاري قد دخلت علينا من قِبِل محدثين آخرين محسوبين على السنة، ومنهم المحدث عبدالرزاق الصنعاني صاحب المصنف, فقد جاء بروايات تخدم التشيع للبطنين وما يتعلق بموضوع السياسة والردة ووو الخ.

هذه الطريقة المنهجية الأولى التي التزمها العقل السني بدأت من اللحظة الأولى باهتة في جانب الروايات السياسية, وانتهت كإسفنجة امتصت العجائب والغرائب!

الطريقة الثانية:
الطريقة المنهجية الثانية لدى العقل السني: وهي إهمال شروط قبول الرواية في جانب التاريخ; متعللا بعلة باردة وهي أنه لا يشترط تطبيق منهج قبول الحديث النبوي عند كتابة التاريخ! وهذه ارتكاسة أقوى للعقل السني, فظل تائها في مسارب التيه، فهل التاريخ أمر عادي لا يترتب عليه دِيْن ولا فكر ولا ثقافة?! كيف قبل العقل السني بهذا, أوليس التاريخ ابو العلوم؟!
نترك التعليق للقارئ.
أمر أخير في هذا المقام هو أن هنالك أربعة مجلدات أحاديث حول فضائل الشام, وفضائل سكنى الشام وفضائل من سكن الشام!
هل نحن أمام رسول رحمة للعالمين أم شخص متفرغ للتعصب الجهوي? هذا واحد من ردود الفعل السياسي السني ضد التشيع الجهوي!

مرجعان تاريخيان:
الأول: فتوح البلدان للواقدي, وكتاب المغازي وكتاب فتوح الشام.
هذا رجل إخباريٌ محسوب سنياً وقد جاء بما لا يقبله عقل في كل المجالات!

المرجع الثاني: تاريخ ابن جرير الطبري: هذا مؤرخ سني, توفي عام 310 هـ.
وتاريخه أول وأهم مرجع للمؤرخين عموما ولأهل السنة خصوصا!
هذا المؤرخ اعتمد على مؤرخ شيعي متعصب هو (هشام الكلبي)
وقد غطت روايات هشام الكلبي 8 مجلدات من تاريخ الطبري!
الجدير ذكره أن هشام الكلبي له 104 كتب كذب فيها من عهد الراشدين, حتى نهاية الدولة الأموية!

نموذجان من رواية الطبري:
النموذج الأول:
ــ قصة الجمل: رواها من20 طريقا, منها 16 طريقا رواتها مجهولون, نعم هم كوفيون شيعة! وأربع طرق رواتها سنة, ولكنهم وُلِدُوا بعد حادثة الجمل بقرابة عقدين من الزمن فهل هذا عمل علمي?!
النموذج الثاني:
ــ أورد الطبري 300 رواية أن معاوية هو الذي نقض الاتفاق وهاجم جيش عليٍ ليلاً، ثم روى 300 رواية أن الذي غدر هو علي وجيشه?

وقف الباحثون المحققون عند تاريخ الطبري كثيرا, كونه أهم موسوعة تاريخية محسوبة على السنة, فبحثوا في مصادر الطبري, وكان أول الباحثين المؤرخ العراقي الفذ جواد علي -رحمه الله- وقد أثبت في كتابه مصادر الطبري أن تاريخ الطبري ليس علميا؛ أي لا يعتمد عليه في قضايا خطيرة!
مبديا استغرابه أن يكون الطبري هكذا متساهلا، فازدادت الحيرة لدى القارئ!

الاختراق الشيعي للطبري..شهادة محققة:

أثبت محقق تاريخ الطبري أن هذا التاريخ اختفى بعد وفاة الطبري عام310 هـ، ولم يظهر الا في أوائل القرن السابع.. غاب قرابة 400 عام!
إذن الشك الذي أثاره جواد علي, وكذلك تساؤلات القراء العقلاء قد أجاب عليها هذا المحقق!
أين كان هذا الكتاب?! ثم كيف أصبح هو المعتمد عند مؤرخي السنة?!
للمزيد أخي القارئ أنظر رسالة دكتوراه للباحث عبدالعزيز نور ولي بعنوان
"اثر التشيع في الروايات التاريخية", موجود على "شبكة النت".
تلكم هي أهم وأبرز آثار الاختراق الشيعي للفكر السني وهذا قليل من كثير!

النتائج:
ــ بما أن السبق الشيعي قد انطلق مبكرا على النحو الذي ذكرنا, وبما أن الكتابات الشيعية قد طالت القرن الهجري الأول مكرسة الكذب الى حد تغطية الحقائق وإفسادها، فإن هذه الغاشية الشيعية قد عكست قتامةً وعتامتة كثيفة على العقل السني, وساعدها على عدم النظر: السيف المقدس!
ولا غرابة إذا وجدنا حلقات العلم الشرعي تحذر الطلاب:
ما حصل بين الصحابة فاسكتوا!
إذن لا غرابة إن كانت النتائج قد طغت على المجالات العقدية والسياسية والتشريعية والثقافية; الأمر الذي يجعلنا نشير بإيجاز خشية الإطالة.. فنقول:
ارتكز الفكر العقدي و السياسي ـ الشرعية السياسية والتقعيد الفقهي والأصولي والثقافي والأدبي والتاريخي على الموروث المكتوب شيعيا وما بعده فجاءت النتائج في غاية الخطورة!

1ــ إيجاد تشريع موازي ــ الرواية حتى طغت على القرآن, وتم إضاعة مقاصد القرآن المتمثل في أمهات القيم السياسية:
كالحرية, والمساواة، وحق الأمة في امتلاك الشرعية السياسية!
2ــ التكريس الطبقي ــ تفضيل قبيلة وعشيرة على بقية المجتمع!
3ــ إعادة تكريس الكهنوتية والبابوية والحق الإلهي في الحكم والوصاية على الأمة والدين والتشريع!
4 ــ لا يجوز الاستدلال بالقرآن; لأنه حمّال أوجه! وهذا تكريس وقح وفتح الباب للروايات المكذوبة! وهذا التأصيل المقرف ينسبونه إلى علي بن أبي طالب زورا وبهتانا؛ فالشيعة يعلمون ما يريدون، لكن حماقة العقل السني أعيت الأطباء!
5ــ التاريخ المشرق ليوم السقيفة ــ بيعة أبي بكر ــ والذي يعد بارقة إشعاع في إقامة الشرعية السياسية أصبح محل تشكيك زرعه الشيعة بأن بيعة السقيفة كانت فلتة وقى الله شرها، ونسبوا هذا القول الفج إلى الفاروق، وتلقاه السنة بالقبول.. إننا أمام ثقافة مزورة!
6ــ الطعن في الصحابة; من مغفلي السنة ووعاظهم وعلمانييهم على السواء، والواعظ السني الذي يحترم عقله يلوك لسانه ويبتلع جمراً; لأن الروايات عنده قاضية على القرآن أو مقيدة له، معتبرا أنه على الصراط المستقيم، والعياذ بالله!
وقصة خالد بن الوليد الآنفة الذكر نموذج ومثلها عشرات, وبعض أهل السنة يقول خالد لم يكن فقيها!
العياذ بالله طيب والصحابة كلهم حراس خيمة خالد؟ ألا شاهت الوجوه!


7ــ تكبيل العقل السني بتقعيد يقول:
ــ لا اجتهاد مع النص!
ــ لا قياس مع النص!

وأن هذا هو فقه أهل السنة والجماعة! وهذا كذب صريح, والصواب هو اختراق شيعي للفكر السني خدمة لمذهب الشيعة الذي يعتبر بيعة الصديق اجتهاد وقياس يصادمان نص يوم الغدير!
ثم كيف لا قياس ولا اجتهاد مع النص والاجتهاد صاحب النص في كل حال?!
8ــ محاصرة القرآن بالرواية, وإلغاء الرواية بتقديم الإجماع عليها!
ومن أغرب الغرائب أنه من المعلوم أن الفقهاء اختلفوا مع وجود النص, فكيف سيتفقون في حال غياب النص؟!
9ــ تقديم رأي الحاكم الجلاد الطاغي على الإجماع! هذا يعني تدمير الشرعية السياسية لصالح تقديس الحاكم الفرد وتأليهه!
غير أنه عند السنة يعتبر مواجهة للفكر الشيعي الذي يقدس عليا والأئمة من أحفاده!
إذن: نحن عندنا الحاكم مقدس مثلكم ياشيعة سواء بسواء!
كيف لا ومن لم يبايع فإنه سيموت ميتة جاهلية؟! وهذه طعنة شيعية هدفها تكفير معاوية ومن معه والخوارج! لكن العباسيين حولوها ضد الشيعة وأصبحت سنة قطعية محمية بالسيف السياسي!
10ــ محاربة الاجتهاد والتجديد وهذا هو مذهب الشيعة; لأن مذهبهم أن الأئمة قد تكلموا بكل شيء ولا يجوز الاجتهاد!
وبالمقابل تجد كلاما من هذا النوع الفج عند أهل السنة كقولهم: إن استطعت أن تًحُكَّ رأسك بأثرٍ عن السلف فافعل ففيه البركة!
11 ــ رأي العالم المجتهد ولو استدل من القرآن صراحة ومن السنة فهو مبتدع زائغ ــ أي قال الشورى ملزمة! جريمة وأية جريمة؟.. مخالفة الإجماع!
لكن الحاكم لو جاهر ببدعته بدليل او بغير دليل, بل لو سفك الدماء وانتهك الأعراض وو الخ، فلا ضير ــ إنه إله مقدس!
12ــ أصبح الثابت متغير والمتغير ثابت؛ فالسياسة من المتغيرات, لكن بفضل الاختراق الشيعي فالحاكم والسياسة عقيدة ثابتةٌ!
والثابت متغير ــ الدماء- فلو سحق الطاغي نصف الشعب فهذا هين وسهل!

13ــ اذا كان لا يجوز الاعتراض على الله في الكوارث النازلة بالطبيعة, فكذلك لا اعتراض على الطاغي إذا دمر الإنسان وو , فهذا مجال ملكه فلا اعتراض عليه!
هذا الغثاء أخذته المدرسة الصوفية المتفلسفة من النفس الشيعي الكنسي البابوي, وطبقته عندنا باسم التزكية، وحاشا أنها تزكية بقدر ما هي بابوية كهنوتية شيعية وسخف صوفي متفلسف! أما التصوف الزاكي فهو أول الواقفين في وجه الظالمين!

عاشوراء:
عاشوراء دخلت علينا من أوسع أبواب الاختراق الشيعي, ورواية عاشوراء مضطربة سند ومتناً! فهي تارة شٌرعت قبل رمضان وتارة تصومها الجاهلية، وتارة في السنة الثانية للهجرة وتارة في السنة العاشرة للهجرة, وهناك اضطراب اكثر!
باختصار:
الفقهاء ردوا أحاديث اقل اضطرابا من روايات عاشوراء!
أما النكتة الحقيقية فإن صراعا ببغداد نشب بين الشيعة والسنة في القرن الرابع حول صيام عاشوراء إلى حد الاشتباك، بل نبش قبور الفقهاء فشرع أهل السنة صيام يوم التاسع من محرم لأنه قتل فيه مصعب ابن الزبير بسيف مراون, وكما تحتفلون يا شيعة بموت الحسين فنحن لنا الحسين ومصعب!
وكذلك النصف من شعبان كرسها الشيعة بمناسبة وفاة الإمام السادس, ومثلها 27 رجب مات فيها احد أئمتهم, لكن الصوفية السنية خطفتهما وفتشت عن روايات ساذجة فطلعت الشعبانية "فيها يفرق كل أمر حكيم"!

أخيرا:
إمكانات الحل أو المنهج الرشيد:
ــ وضع جمهور فقهاء الأصول وفقهاء المقاصد منهجا للتعامل مع متون الأحاديث الصحيحة, وهو منهج غمرته غاشية السياسة الكسروية في بطون الكتب, وعليه:
فالحل المنشود هو:
1ــ تفعيل هذا المنهج فقط فهو كفيل بتنقية -بل بقشع- هذه الغاشية المدمرة!

إعادة التأصيل
2ــ إعادة التأصيل في الجانبين السياسي والفكري فهما الثقب الأسود الذي طوح بثقافتنا الإسلامية ذات الأصول المعصومة!
3ــ السعي لإخراج فكر سياسي مرتكزه: "قواعد الأحكام مصالح الأنام"، بصيغة أخرى "جلب مصلحة ودفع مفسدة".
4ــ تنقية الروايات ذات العلاقة بالفكر السياسي وخصوصا روايات البيعة والفتن والانبطاح لولي الأمر, وهذا قد أشار إليه الفقيه المحدث المفكر رشيد رضا -رحمه الله!
5ــ تفعيل المنهج المقاصدي, وذلك بالسعي الجاد نحو وضع خارطة سنن الاجتماع السياسي وفق مقاصد القرآن, أو مقاصد التشريع العامة! ومنها مبدآ الحرية والمساواة.
6ــ إعادة التأصيل لمبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من زاوية مقاصدية سننية اجتماعية وربطها بمبدأ الرقابة الشعبية ودور الرقابة الشعبية في حصار المنكرات السياسية وفظائع سفهاء الحكام!
تنقية السنة النبوية من منظور مقاصدي إنساني تحرري, ونبذ كل ما يسيء إلى إنسانية الإنسان.. تلك هي أهم المعالجات..وبالله التوفيق.

كلمات دالّة

#السنة #الشيعة