الخميس 28-03-2024 13:49:02 م : 18 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

اعلام الإصلاح والمشروع الوطني

الثلاثاء 31 يناير-كانون الثاني 2017 الساعة 05 مساءً / التجمع اليمني للإصلاح - خاص - د. محمد زبارة

 

لم يخدم الاعلام في الغالب الاعم المشروع الوطني الحقيقي بقدر ما تنامت فيه ظواهر الانحياز الواضح لحزب دون أخر ولطائفة دون اخرى ولمطالب فئوية بغض النظر عن أحقيتها من عدمها، وبقى الوطن والمواطنة مشروع يبحث عن حامل له خصوصا وأن وسائل الاعلام المؤثرة ظلت حكرا في يد الحاكم تتحدث عنه وله فقط, لتحقق رغباته على حساب المشروع الوطني, لبلد عاش التغيير السياسي منذ سنوات ولم يتحصل على المستوى الايجابي المفترض لترسيخ مقومات مجتمع يواكب باقي المجتمعات من كافة النواحي الحضارية.

ساهم الاعلام في ظل غياب المؤسسة الاعلامية التي تتولى التوجيه السليم وتحدد مواطن الخلل وتحاسب على الشطط في ايجاد ارضية وطنية في عمل الاعلام المرئي والمسموع والمكتوب، وظل المواطن يتلقى من طرف واحد سيل من المواد الإعلامية غير المرغوب فيها, بهدف التأثير فيه واقناعه برغبات المستبد، وهذه كلها تركت ندوبا في عقلية المتلقي لا تمحى بسهولة وقد ساهم في ذلك غياب الوعي بسبب التجهيل المستمر للمجتمعات العربية تحديدا. ومن هذا المنطلق والشعور بالمسؤولية رأى الإصلاح أن الإعلام شريك مهم وأساسي في المشروع الوطني سواء التقليدي منه أو الجديد, فكانت فكرة إنشاء قناة سهيل الفضائية, والذي انطلقت قبل الربيع العربي بفترة وجيزة. وقبل ذلك كانت سهيل قد حركت المياه الراكدة في الاعلام المرئي ذو الاتجاه الواحد لتحقق في فترة قصيرة نسبة مشاهدة فاقت المتوقع, وتبنيها المشروع الوطني وتوعية المواطن بحقوقه وتثقيفه وتعليمه متبنيه كل الآراء وبما لا يتعارض مع قيم وعادات وتقاليد المجتمع اليمني الأصيل.

بل ورفعت شعار التعاون وتوحيد الجهود مع جميع المؤسسات الإعلامية من اجل التثقيف والتوعية في مختلف المجالات، وما أن انطلقت ثورة الشباب الشعبية السليمة إلا وظهر دور الإعلام الحر جليا وخصوصا المرئي منه في ثورات الربيع العربي ولولا وقوفه ـ بعد الله عز وجل ـ بجانبها لكانت في مربعها الأول.

 ولقد كان لثورة اليمن الشبابية الشعبية النصيب الأكبر من خلال قناة الثورة - قناة سهيل الفضائية - كما يسميها الثوار في اليمن؛ ولعلنا نستطيع القول انها الثورة الوحيدة التي كان لها قناة تتحدث باسمها، إضافة الى القنوات الأخرى التي تبنت الربيع العربي.

 وقد أنشأت هذه القناة ابتدأ بهدف العناية بقضايا وهموم الناس في المجتمع اليمني خصوصا في ظل نظام لم يكن يُسمع اليمنيين إلا رأيه، ولا يعرض إلا ما يحلو له متناسيا كل شيء جميل في البلد؛ مما زاد من تفاقم المشاكل المتعددة في المجتمع، وزيادة نسبة الفقر، والبطالة فيه حتى أصبحت اليمن مصنفة من أكثر بلدان العالم فقرا رغم مواردها المتعددة وإمكاناتها الكبيرة.

ولأن الإعلام يشكل حجر الزاوية ويكشف الحقائق ويساهم في الوعي فقد كان لزاما أن تكون للشعب نافذة إعلامية من خلالها يناقش همومه ويضع النقاط على الحروف, فتم البدء في إنشاء قناة سهيل في العام 2007م وانطلق بثها من خلال رؤيتها ورسالتها التي من أجلها أُنشأت.

وتعد قناة سهيل قناة الثورة اليمنية السلمية الشبابية الشعبية السلمية، من خلال كونها مصدرا رئيسا وربما وحيدا في بعض الأحيان لأخبار الثورة، ونقل أحداثها وتحليلها، والتصدي لهجمات خصومها، فلم يقتصر دور قناة سهيل الفضائية على تقديم الصورة الخبرية، أو يكتفي بتحليل مفرداتها، وإنما ذهبت إلى حث الجمهور إلى القيام بواجبهم نحو تلك الصور والأخبار المنقولة، وتجاوزت ذلك إلى رسم خارطة الطريق في ذلك من جهة، وحددت بوصلة السير من جهة أخرى.

إن المعلومات التي قدمتها قناة سهيل الفضائية ـ لا سيما في حالة البث المباشر ـ جعلت المشاهد يعيش الحدث لحظة وقوعه نظرا لتوفير عنصر الصورة المتحركة والفورية في نقل الأحداث، ويبني موقفا موجها تجاهه، وأصبح البث المباشر للأحداث، وشريط الأخبار العاجل أحد السمات المميزة للمعلومة الخبرية وللموقف الثوري، مما يمكن معه القول: إن الخريطة الإعلامية لقناة سهيل الفضائية كانت تشكل خريطة المواقف السياسية وتصوبها أحيانا وتوسع شرايين العمل السياسي الثوري، كونها تصنع الممر الإعلامي الذي تعبر من خلاله المواقف السياسية.

إن صناعة السلوك السياسي عبر الوسيلة الإعلامية يتطلب وجود تفاعل بينه وبين مصدر المعلومات التي تقدمها وسائل الإعلام الإخبارية نظرا لاختلاف التوجيه السياسي للمعلومة بما يتوافق مع رؤية عارض الخبر وناشره.

يضاف إلى ذلك أن سهيل استطاعت أن تواكب الثورة خطوة خطوة، حتى يمكن القول: إن سهيل تماهت في الثورة تماما فيوميات سهيل هي يوميات الثورة، ويوميات الثورة هي يوميات سهيل، وحاولت أن تلبي رغبة الجمهور اليمني الثائر في متابعة الأخبار من جهة وفي التواصل مع الثوار من جهة أخرى، بحيث احتلت مكانة الوسيط في حمل رسائل الثورة وفي تحديد زمن المسيرات والتظاهرات والوقفات الاحتجاجية ومكانها وبيان خط سيرها في بعض الأحيان؛ بحيث تراجع دور الاتصال الفردي ليحل ثانيا، وأخذت مكانة المرشد والموجه في تعميم الرؤية لكافة المستهدفين في لحظة واحدة نحو الأحداث بما يحقق أهداف الثورة.

ولعبت قناة سهيل دورا آخر على درجة عالية من الأهمية هو التصدي لقنوات الإعلام الرسمي وحملاته المضللة ومحاولاته الحثيثة لتشويه صورة الثورة والثوار.

إن قناة سهيل الفضائية استطاعت أن تنقل الثورة من الساحات إلى داخل كل بيت، وأن توصل صوت الثورة إلى كل قلب، وأن تنقل مشاهد الثورة وأحداثها إلى كل أسرة بل كل فرد يتابعها، ولم تكن هذه نهاية المطاف فعندما بدأ الحوار الوطني بعقد جلساته كانت سهيل مساهمة وبفاعلية في نقل الجلسات وما تمخض عنها, واطلاع المواطن على ذلك الامل الذي ظل ينتظره طويلا حتى تم الإعلان عن مخرجات الحوار الوطني, وهي تواكب الحدث خطوة خطوة.

لقد حرصت سهيل وغيرها من وسائل اعلام الإصلاح على تبني المشروع الوطني والحفاظ على الهوية الوطنية, وقاومت المشاريع الصغيرة بكل قوة وعزيمة رغم كل ما لقته من محاربة وحينما ارتكب الإنقلابيون جريمتهم ظلت سهيل هي صوت الشرعية والمقاومة كما كانت صوت الثورة, فرافقت الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في كل ميادين الشرف ووصلت الى كل موقع ومحافظة فهي قناة المقاومة كما كانت قناة الثورة وستظل هي صوت الشعب ما بقية الحياة.