السبت 20-04-2024 06:15:17 ص : 11 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

 عاصفة الحزم.. الضرورة في اللحظة الحاسمة!

الأحد 26 مارس - آذار 2017 الساعة 07 مساءً / الاصلاح نت - خاص - توفيق السامعي

    

لماذا انطلقت عاصفة الحزم في اليمن؟ سؤال كثير ما يتردد على الألسن بين مختلف الأوساط السياسية والإعلامية..وفي هذا التقرير سنحاول الإجابة على هذا السؤال.

 

تهديدات استراتيجية:

  في الثاني والعشرين من سبتمبر 2014 صرح العديد من المسؤولين الإيرانيين أن صنعاء هي العاصمة الرابعة التي سقطت بيد إيران بعد بغداد ودمشق وبيروت.

أخذ مندوب مدينة طهران في البرلمان الإيراني، علي رضا زاكاني، المقرب من المرشد الإيراني علي خامنئي يصرح منتشياً أن "ثورة الحوثيين في اليمن هي امتداد للثورة الخمينية".

كانت هذه التصريحات وحدها كافية لتوقظ القادة العرب وتستفزهم بأبعادها المختلفة المتمثلة في أن إيران ماضية في ابتلاع العالم العربي دولة دولة، وقد أصبحت أربع دول في يدها.

هذه الدول الأربع هي من الأهمية الجيوستراتيجية والسياسية ما تجعلها القلاع العسكرية الإيرانية المحيطة بالخليج العربي والجزيرة العربية؛ حيث منابع النفط والغاز والثروات الطبيعية والممرات الدولية الهامة.

ثمة خطوة أخرى أكملت هذه الرؤية والاستراتيجية والنظرة بعيدة المدى، والمتمثلة في تلك المناورة العسكرية على الحدود الجنوبية للمملكة العربية السعودية في أطراف محافظة صعدة التي قام بها الحوثيون بشكل مستفز وفظ تجاه المملكة.

صاحب كل تلك الرؤى والاستراتيجية تدخلات إيران المستفزة والمتغطرسة الأخرى في دولة البحرين الشقيقة مما يعني أن إيران مصممة في تنفيذ مشروعها الملتهم للخليج العربي، بعد الإحاطة به من كل اتجاه.

فدولة العراق تحيط بالخليج من الشمال، ومن الشمال الغربي سوريا، ومن الجنوب اليمن، بينما بذرة الصراع والتدخل الكامنة في البحرين يجري تنميتها ورعايتها بشكل هادئ يمكن أن يتفجر في أية لحظة. وبالإضافة إلى نقطة البحرين هناك نقاط كامنة أخرى متمثلة في الحركة الشيعية الداخلية في المنطقة الشرقية للمملكة العربية السعودية تنظر إليها إيران بعين الطمع والطموح والتواصل وهي قريبة من الجغرافيا الإيرانية، ما يعني أن المشروع يكون متكاملاً في أية لحظة لإعلان التمرد وتغذية الصراع من قبل إيران.

وفضلاً عن التصريحات الإيرانية السابقة، ثم تحليلات وتلميحات أو تهديدات حقيقية تسربها إيران بين لحظة وأخرى للخليج العربي ملمحة إلى احتمال أن تكون الكويت الدولة الخامسة في طريقها إلى الالتحاق بالمشروع الإيراني، بينما تكون البحرين الدولة السادسة المهددة بالتهام إيران لها.

 

توازن قوى:

يرى مراقبون من خلال تدخل دول التحالف في اليمن كانت الضرورة تقتضي أن تكوّن درعاً عسكرياً قوياً لمواجهة المخاطر المحتملة التي تطرق أبواب دول الخليج من إيران وغيرها، فروسيا وتحالفها مع إيران في المنطقة لها أيضاً مطامع في المنطقة وقد فتح شهيتها انتصاراتها في سوريا في وأد الثورة السورية، وتتطلع إلى منافسة أمريكا في المنطقة بالتدخل عبر بوابة إيران ومناصرتها حلفاءها في اليمن وسوريا.

كما يعتقد الكثير من المحللين السياسيين والعسكريين أن عاصفة الحزم تبدو النقطة الإيجابية اليوم في تاريخنا المعاصر؛ إذ تكوِّن بارقة أمل للشعوب المقهورة من التدخلات الخارجية والعبث الدولي شريطة أن تصل إلى غاياتها النبيلة وتحدث التغيير النبيل دون أن تقف في منتصف الطريق دون تحقيق أهدافها كاملة التي وضعتها عند انطلاقتها، وأخذ الدرس من سوريا.

ومنذ اللحظة الأولى لانطلاقة عاصفة الحزم أعلن التحالف العربي عن أهم أهدافه في اليمن والمتمثلة في استعادة شرعية الرئيس هادي، انسحاب مقاتلي مليشيات الحوثي وصالح من الشوارع والمدن، ونزع سلاح مليشيات الحوثي، وعدم السماح بأي دور للرئيس المخلوع صالح في مستقبل اليمن.

ومن خلال مؤشرات على الأرض تمضي دول التحالف مصممة على تحقيق النصر في اليمن على المشروع الإيراني لأهداف بعيدة المدى أيضاً، وتعتبر المملكة العربية السعودية هي المعني الأول كونها اليوم متصدرة المشروع العربي، والغاية النهاية والكبرى من الاستهداف الإيراني وتحالفها، وهي الدولة الأقوى حالياً بما تمتلكه من مقومات استراتيجية مالية وجغرافية وروحية متمثلة في الحرمين الشريفين ليضيف لها بعداً إسلامياً حضارياً إلى البعد العربي والإقليمي.

وتعد الحرب في اليمن ميداناً حقيقياً لدول التحالف في تحقيق هذه الرؤية بعيد المدى التي ستكون لها أبعادها على مدى قرون كاملة، في حين أي تراجع لها اليوم في اليمن وميدانها العسكرية سيصيبها في انتكاسة وانكماشة في ظل نهش العديد من المشاريع لهذا الجسم العربي.

 

قصقصة أجنحة إيران الجوية والبحرية:

نجح التحالف العربي من خلال عاصفتي الحزم والأمل في تحقيق نجاح ملموس من خلال قطع يد إيران باليمن فيما يتعلق تحديداً بتدمير الطيران وشل المطارات التي كان يمكن أن يستخدمها الحوثيون، وقد استخدموها قبل العاصفة في قصف قصر المعاشيق أثناء تواجد الرئيس هادي فيه.

كما نجح التحالف العربي بالقضاء على الجسر الجوي الذي كان الحوثيون قد أقاموه مع طهران بعد الانقلاب ما مثل تهديداً مباشراً لدول الخليج التي يمر فوق أجوائها، وعمل هذا الجسر الجوي على نقل الأسلحة المختلفة للحوثيين قبل انطلاق عاصفة الحزم.

ويرى مراقبون أنه لو لم يتم ضرب هذه الأهداف الجوية من طيران ومطارات ودفاعات جوية وصواريخ باليستية، لكانت الآن تنهال بالبراميل المتفجرة على رؤوس اليمنيين بنفس الاستراتيجية التي مضى بها بشار الأسد ضد السوريين، أو تحقيق من خلاله توازن قوى بين الانقلابيين والمملكة، رغم الفارق المهول في الإمكانات والمعدات من حيث الكمية والكيف لصالح المملكة العربية السعودية.

بعد تدمير الإمكانات الجوية للانقلابيين ومحاصرة الجسر البحري من خلال التحكم بمراقبة خطوط السير وحصار الموانئ اليمنية الخاضعة للانقلابيين إلا من الإمكانات التجارية، وحيث أن السواحل اليمنية متعددة وطويلة ممتدة لأكثر من ألفي كيلو متر، وجد الانقلابيون بعض الثغرات لتهريب الأسلحة عبر سفن متعددة ظاهرها تجارية مدنية لكن بعضها تعمل على تهريب الأسلحة للانقلابيين، وقد ألقت قوات التحالف العربي القبض على بعض سفن التهريب أو الزوارق الصغيرة الناقلة لهذه الأسلحة.

كما بقيت ثغرة برية هامة لتهريب هذه الأسلحة من إيران عبر دولة عمان إلى الحوثيين، وقد ألقى الجيش الوطني القبض على العديد من الشاحنات البرية المحملة بالأسلحة للحوثيين مموهة بأكياس القمح والدقيق.

ومن مكاسب عاصفة الحزم أنها حشرت الانقلابيين في زاوية ضيقة بعيداً عن سيطرتهم عن الموارد الأساسية للدولة كالنفط وغيرها، حيث كان الانقلابيون يعملون جاهدين بكل قوتهم للسيطرة على مارب والجوف والموانئ المختلفة، وكذلك محاولة الوصول إلى حضرموت حيث المصدر الأول للنفط اليمني، غير أن العاصفة أحاطت بهم من كل مكان ودفعت بهم من المحافظات الجنوبية والشرقية إلى الوسط، بينما قوات الجيش الوطني والتحالف يطوقون الجغرافيا اليمنية من كل اتجاه حتى صعدة.

 

تطبيق المبادرة الخليجية:

من ناحية أخرى، فإن دول الخليج كانت راعية المبادرة الخليجية الأولى ومهمتها أن تمضي بتطبيق هذه المبادرة حتى النهاية، كونها تواجه تمرداً على المبادرة التي ضمنتها وضمنت تطبيقها على كافة الأطراف اليمنية.

إذ أن دول الخليج وخاصة المملكة العربية السعودية شعرت بتحدي الانقلابيين لها بالوقوف في وجه المبادرة الخليجية التي وقعها صالح بنفسه، وشعرت أنه يتلاعب بها ويمد يده لإيران بعد أن قدمت له الشيء الكثير في كل مراحل رئاسته وكانت المملكة ملجأه الأول والأخير إلا أنه تنكر لهذا الأمر واتخذ نهج التلاعب بالوقت عبر الرضوخ للمبادرة ثم الانقلاب عليها.

كانت المملكة ترى أن المبادرة الخليجية هي المخرج الآمن لليمنيين بشكل عام من أزمته وتحقق توازناً على الأرض بين كافة القوى السياسية اليمنية، تخرج الجميع فيها منتصرين.

وكانت المبادرة تمثل أكبر إنجاز دبلوماسي للمملكة والخليج بدعم دولي، إلا أن المليشيات الانقلابية وبدعم من إيران كانت تخطط لإجهاض هذا النصر الدبلوماسي للخليجيين وبالتالي تم الانقلاب عليها منذ اللحظات الأولى بوضع العراقيل المتعددة من عدم الانتقال السياسي الحقيقي، والوقوف في وجه قانون العدالة والإنصاف لتعويض الضحايا والتي كانت من أهم مفاصل الاتفاق السياسي اليمني، ثم بدأت اليمن تذهب نحو الفوضى بفعل إرباك العملية السياسية وبدء الانقلابيين بتنفيذ الاغتيالات المختلفة لرجال الدولة والأمن، كخطوة أولى تلتها بالخطوات الانقلابية على مخرجات الحوار الوطني ومن ثم الدولة بشكل عام.