الخميس 18-04-2024 19:50:48 م : 9 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

كيف أحدث الحوثيون كارثة إنسانية في اليمن!

الأحد 26 مارس - آذار 2017 الساعة 07 مساءً / الاصلاح نت - بقلم: أحمد عوض بن مبارك  - ترجمة خاصة بالاصلاح نت- مجلة نيوزويك الأميركية

     

باتت الحديدة مأساة إنسانية مروعة بعد أن قٌـتـل الآلاف، وفقد عشرات الآلاف مساكنهم وسبل عيشهم ليصبحوا مشردين لا أمل لهم.

إن تدفق الصور المزعجة لأطفال يعانون من الجوع، وقد برزت عيونهم، ونحلت أجسادهم، وكذلك أولئك المرضى الذين يعانون من أمراض يمكن الوقاية منها؛ بات هو النمط السائد.

ما يبعث على الدهشة هو أن تكون تلك الأماكن على مقربة من أهم بوابات إيصال المساعدات إلى اليمن، ألا وهو ميناء الحديدة، ويفترض أن تغمر بالمساعدات والإعانات، لكن هذا ليس هو الحال للأسف. هذا اللا منطق سببه أن ميناء الحديدة لا يزال تحت سيطرة الحوثيين؛ تلك المليشيات التي استخدمت القوة لبسط سيطرتها على أجزاء مختلفة من اليمن، في محاولة فاشلة لإسقاط الحكومة في سبتمبر 2014، بمساعدة الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وبعض المجاميع العسكرية التي لا تزل تكن بالولاء له.   

 

ميناء الحديدة يمثل للحوثيين مصدر دخل هام، وإن كان غير مشروع؛ من الجمارك والضرائب المفروضة على السلع الواردة. كما عمل الحوثيون -بالإضافة إلى ذلك- على تفكيك الاقتصاد والنظام المالي في اليمن، ليخلقوا بذلك أسواقاً سوداء مربحة لتحقيق مكاسب اقتصادية خاصة بهم، والتي أصبحت مصدراً رئيسياً لتمويل جهودهم الحربية.

 

ويأتي هذا على حساب السلع الحيوية التي لم يتم إيصالها إلى المناطق المستحقة التي تعيش حالة من الصدمة في الأجزاء الشمالية الغربية من اليمن؛ إذ يروي تجار محليون أن المساعدات تم الاتجار بها على نحو فاسد ولا أخلاقي.

 

علاوة على ذلك، دأب الحوثيون على إغراق السوق السوداء بالوقود المستورد، حيث يفيد تقرير لفريق الخبراء التابع للأمم المتحدة بأن الحوثيين "عملوا على إلغاء الضوابط المنظمة لتوزيع الوقود من اجل السماح للسوق السوداء بالازدهار تحت سيطرتهم".

وفي بيان أصدره المجلس النرويجي للاجئين في 20 فبراير / شباط 2017، أوردت المنظمة بالتفصيل كيف تم اعتقال ستة من عمال الإغاثة واحتجازهم لمدة أسبوع من قبل الحوثيين لمجرد أن المملكة العربية السعودية هي بلد المنشأ لبعض منتجات المساعدات التي يوزعونها.

 

هذا النوع من الاعتقال يظهر على نحو لا لبس فيه كيف أن الحوثيين يقوضون جهود الإغاثة. حتى رئيس منظمة الأمم المتحدة للمساعدة، ستيفن أوبراين، تعرض للتعامل الفج من قبل الحوثيين حين تم اعتراض طريقه في 28 فبراير/ شباط وهو يحاول الوصول إلى مدينة تعز.

 

ومما يبعث على مزيد من القلق أن الحوثيين مضوا -بلا توقف- في الاعتقالات التعسفية وعلميات الإخفاء القسري في الحديدة وتعز وأماكن أخرى، حيث وثقت هيومن رايتس ووتش حالات تم فيها اعتقال عدد من المدنيين، بمن فيهم أطفال، واكتشف فيما بعد أنهم في عداد القتلى. المدنيون واقعون في شركهم وبحاجة للحماية بشكل فوري.

 

إن استعادة الحديدة أمر ضروري لإعادة الاستقرار إلى الساحل الغربي لليمن، فوجود الحوثيين في الحديدة يمثل تهديداً لخطوط الملاحة البحرية الدولية والنقل البحري في البحر الأحمر، بل إن الحوثيين قد سبق -في حوادث عدة- أن أطلقوا النار على السفن في المياه الدولية، واستهدفت سفن تابعة للبحرية الأمريكية في ثلاث حوادث منفصلة استدعت الولايات المتحدة لتنفيذ ضربات انتقامية دمرت منشآت الرادار التي يسيطر عليها المتمردون الحوثيون.

علاوة على ذلك، حذر مكتب المخابرات البحرية الأمريكية مطلع مارس من أن المتمردين زرعوا ألغاماً بحرية في مضيق باب المندب الاستراتيجي، حيث يمر 30 % من إمدادات النفط في العالم. لذا لا مجال للحيرة والتقاعس.

إن حكومتنا عاقدة العزم على الاستمرار في دحر مليشيات الحوثي وصالح من أجل تحرير أولئك المنكوبين البائسين.

قبل بضعة أسابيع، نجحت القوات الحكومية في استعادة مدينة المخاء الساحلية؛ المدينة التي شهدت مولد قهوة موكا، وبينما يتم استعادة الخدمات الأساسية هناك، وجدت كثير السلع الإنسانية طريقها إلى الأحياء والمجتمعات المحلية.

 

وفي وقت لاحق، بدأت القوات الحكومية في استهداف مواقع الحوثيين المسلحة في ضواحي الحديدة. وإدراكاً منها بأن بعض الأحياء والمناطق الآهلة بالسكان محاصرة، تعهدت الحكومة بوضع تدابير السلامة من أجل حماية هؤلاء المدنيين الضعفاء.

 

وقد أشارت بعض التقارير إلى أن محاولة الحكومة التصدي للمتمردين في الحديدة قد تؤثر على تدفق المساعدات نظراً لأهمية مينائها. وحكومتنا هنا تقر بأهمية ميناء الحديدة لتقديم المساعدات، وبالتالي فان استئصال الحوثيين سوف ينهي تدخلهم المدمر في توزيع المساعدات. غير أن مثل هذه التقارير لم تتناول بشكل مفصل الظروف الفظيعة التي يتعرض لها المدنيون في ظل الحوثيين.

 

ومع ذلك، فإن التوصل إلى حل سلمي هو غاية حكومتنا. لقد وضع بلدنا في ظروف استثنائية، ونحن حريصون على إعادة بناء بلدنا من أجل شعبنا والأجيال المقبلة. وسنواصل دعم جهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة.

 

وحتى ذلك الحين، لا يمكننا أن نجلس مكبلي الأيدي لأن شعبنا لا يزال يعاني. إن الحوثيين، ما لم يتم مجابهتهم، سوف يصبحون أكثر جرأة وستؤدي أفعالهم إلى مضاعفة المأساة الإنسانية.

 

ومن واجب الحكومة حماية مواطنيها وضمان وفاء اليمن بالتزاماته في حماية خطه الساحلي ومياهه الدولية. ولذلك فإننا ندعو المجتمع الدولي إلى مساعدة الحكومة اليمنية على إنهاء المأساة في الحديدة وغيرها من المناطق لتهيئة بيئة مواتية لتمرير المساعدات الإنسانية حيثما دعت الحاجة، وفي الوقت نفسه حث المليشيات على الحضور إلى طاولة المفاوضات لصياغة تسوية نهائية للصراع.