الخميس 18-04-2024 09:24:08 ص : 9 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

استهداف ناقلات النفط.. هل أعلنت إيران الحرب الاقتصادية على الخليج؟

الأحد 05 أغسطس-آب 2018 الساعة 07 مساءً / الإصلاح نت - خاص/ عبد السلام قائد

 

تتزايد حدة التهديدات التي تتعرض لها طريق التجارة الدولية المارة عبر مضيق باب المندب، خاصة تجارة تصدير النفط، بعد الهجوم الذي نفذته مليشيات الحوثيين ضد ناقلتي نفط سعوديتين بالقرب من مضيق باب المندب، بالتزامن مع تجديد إيران لتهديداتها بإغلاق مضيق هرمز، الأمر الذي عده مراقبون بمثابة حرب اقتصادية أعلنتها إيران وحلفاؤها الحوثيون ضد دول خليجية، خاصة السعودية، التي أعلنت إيقاف تصدير نفطها عبر مضيق باب المندب حتى يتم تأمين طريق التجارة الدولية هناك.

وبالرغم من أن هذه التهديدات المتزايدة ستتضرر منها الدول المصدرة والمستوردة للنفط على حد سواء، كون البدائل المتاحة حاليا لتجارة تصدير النفط مكلفة وستتسبب في زيادة كبيرة في أسعار النفط الخام، لكن المثير للاستغراب هو أن الدول الغربية -التي ستكون أول المتضررين جراء ذلك- لم تحرك ساكنا إزاء التهديدات الإيرانية وتهديدات مليشيات الحوثيين الموالية لها بإغلاق مضيقي هرمز وباب المندب، رغم أن معظم تجارة تصدير النفط تمر عبر المضيقين المذكورين.

 

دلالات متعددة

هناك عدة دلالات لتصاعد أزمة المضائق البحرية خلال الأيام الأخيرة. فقد ظلت ورقة المضائق البحرية أبرز ورقة تشهرها إيران في وجه المجتمع الدولي، بغية تحقيق مكاسب سياسية تتعلق ببرنامجها النووي، وعادة ما تلوح بورقة المضائق البحرية كلما وصلت أزمتها مع المجتمع الدولي إلى نقطة حرجة.

لكن الأزمة هذه المرة انتقلت إلى مرحلة التطبيق العملي، بعد هجوم الحوثيين الأخير الذي استهدف ناقلتي نفط سعوديتين بالقرب من مضيق باب المندب. وفيما يلي أهم دلالات هذا التصعيد:

- أوعزت إيران لحلفائها الحوثيين باستهداف ناقلات نفط سعودية لجعل المجتمع الدولي أمام الأمر الواقع، وليأخذ تهديداتها على محمل الجد، خاصة أن تهديدات إيران بإغلاق مضيق هرمز تزامنت مع استهداف الحوثيين لناقلتي نفط سعوديتين بالقرب من مضيق باب المندب.

- تصعيد إيران وحلفائها الحوثيين لأزمة المضائق البحرية له أهداف ترتبط بالمشروع الإيراني التوسعي، ويأتي ذلك رداً على إلغاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للاتفاق النووي مع إيران، وما سيترتب على ذلك من حصار لإيران قد يطال صادراتها النفطية.

- تخشى إيران أن يتمكن التحالف العربي من تحرير مدينة الحديدة، ما يعني أنها تريد أن تستثمر ورقة مضيق باب المندب قبل أن تخسرها في حال دحر الحوثيين من مدينة الحديدة، كما تهدف من وراء ذلك إلى عرقلة معركة الحديدة وتحقيق مكاسب للحوثيين تحول دون تحرير مدينة الحديدة ومينائها.

- تسعى إيران إلى تنفيذ تهديداتها بإغلاق المضائق البحرية بدءاً من مضيق باب المندب، لجس نبض المجتمع الدولي إزاء هذه التهديدات، ولاختبار مدى فاعليتها، وأيضا للتهرب من مسؤولية ذلك بالتبرؤ من مثل هكذا هجمات تنفذها مليشيات الحوثيين الموالية لها في حال قوبلت هذه التهديدات بردود فعل دولية صارمة.

- تأمل إيران من أن تؤدي تهديداتها بإغلاق مضيقي هرمز وباب المندب إلى الوصول لاتفاق جديد مع الولايات المتحدة الأمريكية بشأن برنامجها النووي بعد إلغاء دونالد ترامب للاتفاق الأول معها الذي تم في عهد سلفه باراك أوباما.

  

بدائل مكلفة

يمر 32% من النفط العالمي عبر مضيق هرمز، و8% عبر مضيق باب المندب، ويتحكم المضيقان في مرور أكثر من عشرين مليون برميل نفط يوميا، منها 4.6 ملايين برميل تمر عبر مضيق باب المندب، بخلاف المشتقات النفطية وصادرات الغاز التي تمر من خلال المضيقين.

وفي حال أقدمت إيران وحلفاؤها الحوثيون على إغلاق المضيقين، فإن أسعار المشتقات النفطية سترتفع إلى مستويات قياسية، مما قد يتسبب في أزمة اقتصادية عالمية، نظرا لأن البدائل لنقل النفط الخليجي وتصديره ستكون مكلفة، وربما يتسبب الأمر في اندلاع حرب إقليمية؛ لأن دول الخليج -وعلى رأسها السعودية- لن تقبل بأن تخنق إيران وحلفاؤها الحوثيون اقتصادها القائم على تجارة تصدير النفط، مهما كلفها ذلك من ثمن.

ومن البدائل المكلفة لنقل النفط الخليجي في حال أُغلق مضيقا هرمز وباب المندب، أن يتم مد خطوط الأنابيب داخل دول مجلس التعاون الخليجي وصولا إلى موانئ عُمان، لتجنب المرور بمضيق هرمز، وقد تكون كلفة مد هذه الأنابيب غير باهظة، لكن مرور ناقلات النفط عبر طريق رأس الرجاء الصالح، في جنوب قارة أفريقيا، لاستحالة مرورها عبر مضيق باب المندب، سيزيد من تكاليف النقل، وبالتالي ارتفاع أسعار المشتقات النفطية.

وبما أن دول الخليج تعتمد اعتمادا كليا على إيرادات النفط، فإن إغلاق مضيقي هرمز وباب المندب سيكون بمثابة إعلان حرب اقتصادية من جانب إيران ومليشيات الحوثيين الموالية لها على الاقتصاد الخليجي، وستتأثر مختلف دول مجلس التعاون جراء ذلك، وسينعكس تأثير ذلك على حياة المواطنين هناك على المدى القريب.

كما سيتأثر أيضا الاقتصاد المصري؛ كون إغلاق مضيقي هرمز وباب المندب سيؤثر على مضيق قناة السويس، الذي تعد عائداته إحدى ركائز الاقتصاد المصري.

ويمكن القول بأن إعلان السعودية إيقاف تصدير النفط الخام عبر مضيق باب المندب، من شأنه تنبيه المجتمع الدولي إلى خطورة الصراع القائم على اقتصادات الدول المستهلكة للنفط، وضرورة مساندة دول المنطقة في وجه التهديدات الإيرانية، ضمانا للمصالح الاقتصادية المشتركة.

  

ما هو الحل؟

أثبتت تطورات الأحداث أن إيران ماضية في مشروعها التوسعي والتخريبي في منطقة المشرق العربي وبنفس طويل، خاصة بعد أن استطاعت تشكيل مليشيات طائفية مسلحة وموالية لها في عدة بلدان عربية، من بينها مليشيات الحوثيين في اليمن، التي أصبحت تمتلك صواريخ إيرانية الصنع وتقصف بها عدة مدن سعودية، وتستهدف ناقلات النفط، وتهدد بإغلاق مضيق باب المندب، بحسب التوجيهات الصادرة من حكام طهران.

وأمام هذا الخطر المتزايد، فإن الحل الوحيد يكمن في بتر أذرع إيران في المنطقة العربية، والقضاء عليها ومحاربتها بلا هوادة، ثم تشكيل تحالف عربي كبير وقوي لمواجهة الأطماع الفارسية، وجعل إيران تحت رحمة التهديدات العربية وليس العكس. وما عدا ذلك، فلا غرابة أن يأتي يوم تتمكن فيه إيران وأذرعها في المنطقة من فرض سيطرتها على الجميع، في حال استمر التخاذل العربي في مواجهة المشروع الإيراني التوسعي والتخريبي في آن واحد.