الثلاثاء 16-04-2024 14:57:44 م : 7 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

تعز في واجهة الاحداث الحلقة (1)

الأربعاء 25 يوليو-تموز 2018 الساعة 08 مساءً / الإصلاح نت – خاص

 

مثلت حادثة إحراق ساحة الحرية بتعز في 29 مايو/ أيار 2011م، منعطفاً جديداً في الثورة الشبابية الشعبية السلمية, ضد نظام الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، وهي الحادثة التي لا تفصلها عن مجزرة جمعة الكرامة 18مارس/ اذار 2011م سوى عشرة اسابيع فقط، ومع الانهيار الواسع الذي أحدثه زلزال "الكرامة" داخل أجهزة نظام صالح، إلا أن إحراق ساحة الحرية بتعز والذي أفضى الى خسائر في الأرواح تزيد عن جمعة الكرامة لم تنل حقها من الصدى السياسي والتناول الإعلامي، فقد وصل عدد الشهداء 57 شهيداً اغلبهم قضوا حتفهم حرقاً، بينهم معاقون وأطفال، ومئات الجرحى وخسائر كبيرة في الممتلكات والمساكن المجاورة للساحة.


من المؤكد أن تعز مثلت شعلة (الربيع العربي في اليمن) وكانت بحق تمثل وهجها الأول، فقد نصبت أول خيمة في مدينة تعز 15فبراير/ شباط 2011م وبعدها بثلاثة أيام، قامت أول صلاة جمعة في الساحة ذاتها، ولم تخرج أول مسيرة لطلاب جامعة صنعاء في ساحة التغيير في ساحة الجامعة بصنعاء، إلا بعد أن كانت ساحة الحرية بتعز قد أرست عددا من الخيام وتوافد الناشطين من كل التيارات، وبدأ الاعتصام المفتوح المطالب برحيل نظام صالح الفاسد بصورة رسمية.

 

العنف في مواجهة الثورة
ظلت الأنظار المحلية والإقليمية والدولية تتجه صوب ساحة الجامعة، فهي الساحة الأبرز للفعل السياسي للفعل الثوري، كونها أقيمت في معقل النظام في العاصمة صنعاء، وبقيت تعز تؤدي زخمها الثوري بصمود أسطوري لا مثيل له، وتبين أن هناك حرصا من قبل النظام على أن تكون تعز خارج الاهتمام المحلي والإقليمي والدولي، وهنا سيعمل النظام على محاولة إطفاء جذوة الثورة بكل الوسائل والأساليب والطرق المتاحة لديه، مستخدماً العنف المفرط في سبيل هذه الغاية, وخلال أسابيع فقط توسعت دائرة القمع والاستهداف للنشطاء بتعز، فقد بقيت المدينة بعيدة عن أعين المنظمات المحلية والدولية، ولم يسلط الإعلام عليها بشكل كبير.


ارتكبت أجهزت صالح الأمنية ومعها قوات الحرس الجمهوري عشرات الجرائم في مدينة تعز، وتعرضت المدينة وشبابها لصنوف من الاستهداف والتنكيل، في محاولة لإخماد الثورة تارة والانتقام من المدينة تارة أخرى، فهلا مع نظام صالح تصفية حسابات طويلة؛ فهي المدينة التي بقيت على مدى عقود تمثل له قلقا مزمنا، ونالها من التهميش الشيء الكثير، وفشلت كل تلك المحاولات اليائسة في ايقاف مد الثورة, فقد كانت المدينة متسلحة بقدر كافٍ من الوعي الثوري المتراكم منذ عقود طويلة؛ فهي المدينة التي بقيت حاضنة للثقافة والأدب والفن والفكر، وهو ما لم يتوفر لكل المحافظات وساحات التغيير الأخرى، فحتى اليوم وبعد سبع سنوات من الثورة، ورغم الحرب وكل تداعياتها والاستهداف الممنهج تجاه هذه المدينة، فلا تزال ساحة الحرية بتعز مواصلة الفعل الثوري ولم يتوقف حتى هذه اللحظة.

 

المنظمات الدولية
يمكن القول أن المنظمات المحلية قد خذلت تعز كثيراً، أو بمعنى أدق ظهر أنها كانت عبارة عن دكاكين للاسترزاق والتسول، وبعضاً منها عملت وفق أجندات خارجية جعلت من العمل الإنساني واجهة لأنشطتها المشبوهة، وخاصة تلك التي علق بوعي الناس منذ سنوات أن لها اهتمام في جانب حقوق الإنسان. فمنذ الانقلاب الذي قام به الحوثيون في 21 سبتمبر/ ايلول 2014م، اختفت اغلب تلك المنظمات، ومن بقيت على حيز الوجود خرجت بتقارير مشبوهة كما هو الحال مع منظمة "مواطنة"، والتي كانت الأسوأ من بين اغلب المنظمات المحلية.

 

المبادرات المجتمعية
من انطلاق ثورة الحادي عشر من فبراير 2011م وحتى اليوم تشكلت عدد كبير من المبادرات المجتمعية داخل مدينة تعز, يضاف اليها منظمات رسمية (التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان) ساعدت -بصورة لا بأس بها- في توثيق كثير من الجرائم والانتهاكات التي مورست على المدينة وأبنائها بصورة، وخاصة خلال الاجتياح البربري للمدينة من قبل جماعة الحوثيين وقوات الحرس الجمهوري في 23مارس/ اذار 2015م، وما تلاه من حصار خانق استمر لسنوات ولا زالت تداعياته حاضرة حتى اليوم.
خلال هذه الفترة قامت مبادرات كثيرة، في مجالات وصنوف شتى، من الاهتمام بالجرحى والشهداء، الى المهتمة بجانب التراث الثقافي والمعرفي، الى المهمة بجانب المساعدات الإنسانية والاهتمام بالنازحين, وبأسر الشهداء والجرحى، وارتفع منسوب هذه المبادرات خلال الثلاث السنوات الماضية، فقد استطاعت كسر العزلة عن المدينة وإفشال كثير من الخطط التي كانت ولا زالت تستهدفها بصورة مستمرة.

 

منظمات المجتمع الدولي
يمكن القول ان كل المناشدات التي قدمت من المدينة وشبابها ومكوناتها السياسية والاجتماعية للمبعوث الأممي الاول الى اليمن جمال بن عمر لزيارة المدينة والاطلاع على احوالها، وخاصة في عهد النظام السابق، قد فشلت، فقد كان يماطل في كل مرة، مع العلم أنه زار محافظة صعدة وعدن، كما التقى في صنعاء بكل المكونات السياسية والاجتماعية والشبابية، وفي كل الإحاطات التي قدمها الى مجلس الآمن كان يتناول الأحداث التي تجري في تعز على الهامش. بل كان الصمت تجاه ما يجري في تعز من قبل نظام صالح والحوثيين فيما بدا أشبه بالضوء الأخضر بالاستمرار في الانتهاكات المروعة، والتي لم تتوقف من قرابة أربع سنوات، وخلفت مآسي وجراح لا حدود لها.
وعلى ذات الطريق سار المبعوث الأممي الثاني اسماعيل ولد الشيخ، والذي كان يكتفي بإصدار التصريحات تول التصريحات دون أن يترجم ذلك على واقع، وشهدت المدينة في عهده جملة من الانتهاكات المروعة ليس اقله الحصار الخانق الذي فرض على المدينة، وهو ما سنتناوله في حلقة قادمة بالتفصيل.

 

كسر العزلة على مدينة تعز
في أواخر ديسمبر/ كانون اول 2011م زار وفد من مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عدداً من أحياء مدينة تعز للاطلاع على آثار الدمار والخراب التي تعرضت لها عدد من المنازل جراء القصف الذي تعرضت له المدينة. فقد التقى الوفد خلال زيارته بقيادة أحزاب اللقاء المشترك في تعز، كما قام بزيارة إلى ساحة الحرية ومستشفى الروضة الذي حوله المتظاهرون المناهضون لصالح إلى مستشفى ميداني. وسيخرج رئيس الوفد ريمو ديتال في تصريح صحفي إن زيارتهم لتعز جاءت للاطلاع على مستوى تنفيذ القرارات والتوصيات التي قدمتها المفوضية خلال زيارة سابقة.
مرت تلك التوصيات وتلك الزيارات مرور اللئام، وانتظرت تعز طويلاً فارق في الأحداث بعد كل زيارة، ولم يتغير من الأمر شيء فقد كانت مجالاً لامتصاص الغضب دون أن يترتب عليها أي شيء حقيقي على الأرض.