الجمعة 19-04-2024 11:21:53 ص : 10 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

تجنيد المليشيا الحوثية الإجباري للأطفال وأثره على حاضر ومستقبل اليمن

الجمعة 20 يوليو-تموز 2018 الساعة 10 مساءً / الإصلاح نت –خاص/ وئام اسماعيل

 

بعد حرب طاحنة دخلت عامها الرابع، استنفد الحوثيون الكثير من مقاتليهم، وهو ما دفعهم للجوء -وبنهم كبير- للتجنيد الإجباري الذي ضاعف معاناة الآباء والأمهات؛ لخوفهم على حياة أبنائهم، واضطر العديد منهم للنزوح من المحافظات التي يسيطر عليها الانقلابيون.

 

كان الحوثيون يلجأون لتجنيد أتباعهم، لكن الدائرة توسعت بعد مقتل المئات منهم في مختلف جبهات القتال، وأصبح الأطفال بدور رعاية الأيتام هدفا لهم، كما تم الزج بذوي الاحتياجات الخاصة بمعارك الساحل الغربي وتحديدا بالحديدة وميدي بحجة.

 

إضافة إلى ذلك فقد عمدت مليشيات الحوثي إلى اختطاف الأطفال من الشوارع وقامت بتجنيدهم، وعملت على تعبئة المختطفين والمخفيين قسرا، وزودتهم بملازم الحركة الحوثية، وخيرتهم بين القتال معهم أو استمرار سجنهم وتعذيبهم.

 

منذ سبتمبر/أيلول الماضي، صرح زعيم مليشيات الحوثي الانقلابية عبدالملك الحوثي، باعتزام جماعته إعادة التجنيد الإجباري في اليمن، لرفد الجبهات بالمقاتلين، دون أن يحدد الفئة العمرية المستهدفة.

 

ووضعت مليشيات الحوثي أبناء عدد من المحافظات أمام خيارين، إما التجنيد أو دفع إتاوة تبلغ ثلاثين ألف ريال، إضافة إلى تهديدهم واستدراج بعض الأطفال دون علم أهليهم، للمشاركة في الأعمال القتالية، وزرع الألغام، واستخدامهم دروعا بشرية٬ وفي الحراسة٬ وعند نقاط التفتيش.

 

يُذكر أن اليمن قد ألغت التجنيد الإجباري عام 2001، والذي يلزم جميع الطلاب الذكور من خريجي الثانوية العامة، بأداء الخدمة العسكرية لمدة عام.

 

الأطفال أبرز الضحايا

 

ذهب ضحية التجنيد الإجباري الأطفال، الذين يقع العديد منهم في الأسر، وتقوم بعض الجهات المدنية بعمل برامج تأهيل لهم ولأولياء أمورهم وأفراد أسرهم.

 

يؤكد أطباء نفسيين تعرض الأطفال المجندين للمعاناة نتيجة لإصابتهم الجسدية ولتضررهم نفسيا كذلك، وهم يسعون لمساعدتهم من خلال إعادة تأهيلهم ودمجهم بالمجتمع وبالمدارس مجددا وإبعادهم عن أجواء العنف.

 

برغم أن اليمن من الدول الموقعة على معاهدة الأمم المتحدة لحقوق الطفل التي تمنع انخراطهم من هم دون سن 18 من المشاركة في الحروب، إلا أن الحوثيين ما زالوا حتى اليوم مستمرين بتجنيد الأطفال وتفخيخ مستقبل البلاد.

 

تتحدث وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، عن تجنيد الحوثيين ما يزد عن 23000 طفل بصورة مخالفة للاتفاقيات الدولية وقوانين حماية حقوق الطفل.

 

بينما تذكر "مؤسسة وثاق للتوجه المدني" في تقريرها الأخير، عن رصدها لأكثر من أربعة آلاف طفل يمني جندتهم جماعة الحوثي المسلحة خلال الأعوام الماضية في مختلف المحافظات.

 

وبحسب المتحدثة باسم المفوضية العليا راقينا شمدساني، فما بين 26 أذار/مارس 2015 و31 كانون الثاني/يناير 2017 نجحت الأمم المتحدة في التحقق من تجنيد الحوثيين لـ 1476 طفلا جميعهم من الذكور، "مضيفة أن هذا العدد "قد يكون أكبر بكثير لأن معظم الأسر غير مستعدة للتطرق إلى مسألة تجنيد أولادهم خشية التعرض لأعمال ثأرية".

 

استغلال وتعبئة

 

استعانت المليشيات بمشائخ المناطق الريفية الواقعة تحت سيطرتها، وكذلك المساجد للدعوة إلى التجنيد وإلزامهم به، في سياق ذلك يذكر الناشط الحقوقي موسى النمراني، أن المجتمع برمته يعيش تحت سيطرة مليشيات الحوثي، التي تسيطر على أكثر من ستين بالمئة من مناطق الكثافة السكانية في اليمن.

 

وأضاف أن أولئك يعانون من تدني مستوى الوعي، إضافة إلى خضوعهم لعملية غسيل دماغ مكثفة من التعبئة الدعائية لوسائل إعلام جماعة الحوثي المختلفة، والزوامل والخُطب والمحاضرات، لدفع اليمنيين إلى الجبهات لمساعدة الحوثيين في مواصلة السيطرة على الدولة.

 

ولفت -في تصريحات صحفية- إلى أنهم يقومون بتسويق الكثير من الأفكار التي يوجهونها بحسب الشريحة المستهدفة، مستخدمين الخطاب الوطني العاطفي، وخطاب الأمل، والتلويح بالوظيفة، والراتب، والغنيمة، فيذهب ضحية ذلك الأطفال الذين هم الشريحة الأضعف في هذا السياق، نتيجة لتفكك كثير من الأسر بسبب الظروف الاقتصادية السيئة التي أصابت السكان، بعد انقطاع رواتب الموظفين وتعثر حركة الاقتصاد وتداول العملة التي يصنعها الحوثيون ويستفيدون منها.

 

ووفقا لـ"النمراني" فإن كثيرا من الأطفال تسربوا من المدارس بعد توقف العملية التعليمية مع إضراب المعلمين المتوقفة رواتبهم منذ أكثر من عام، وهؤلاء هدف للتجنيد من خارج المدارس، وحتى أولئك الذين لا يزالون في المدرسة، إذ يتعرضون لتعبئة فكرية وخطاب طائفي يجندهم في صف المليشيا.

 

بعض وسائل التجنيد

المليشيا الحوثية تلجأ إلى أساليب لي الذراع في التجنيد الإجباري وذلك من خلال قيامها باختطاف الأطفال أو حتى اختطاف الشباب الذين من غيرهم وتغيبهم في السجون والمعتقلات السرية وتقوم بعمل لهم دورات ثقافية بملازم الحوثي وترغبهم بالقتال فإن رفضوا خيرتهم بين القتال أو استمرار الإخفاء القسري والتعذيب، الأمر الذي وضحته عمليات الأسر المختلفة لبعض هذه العناصر في الجبهات.

مصادر ميدانية مطلعة ومقربة من المليشيات الحوثية أفادت أن الآلاف من المختطفين في مدينة الصالح بتعز يتم تخييرهم بهذا الأمر وإجبارهم على الذهاب للجبهات، أو استمرار التعذيب والإخفاء وفي أحسن الأحوال إطلاقهم مقابل فديات مالية باهظة.

 

وعي مجتمعي

 

الناشط الحقوقي عبدالرحمن برمان، أرجع أسباب لجوء الحوثيين للتجنيد الإجباري، إلى أن العديد من أبناء الشعب اليمني وحتى مناصري تلك المليشيا، لم يعودوا متحمسين كالسابق للقتال في صفوفهم، بعد أن رأوا إجرامهم وحجم الخسائر التي يعانوا منها، فمن يذهب معهم إلى الجبهات لا يعود.

 

وأشار إلى خداع الحوثيين لآباء الأطفال وزعمهم أنهم يأخذونهم لدورات تدريبية وأعمال مدنية، ليتفاجأوا أنهم عادوا قتلى بعد أن تم الزج بهم في جبهات القتال، وهو ما شكل وعي لدى الناس، وجعلهم يحرصوا على عدم إرسال أبنائهم، فقلَّ مخزون الجماعة من المقاتلين المدربين، وأصبح لديهم عجز، فأصبحوا بحاجة للتجنيد الإجباري.

 

واستطرد "يبحث الحوثيون عن مقاتلين كبار، لكن الأطفال من السهل التأثير بهم وخداعهم، وأصبح الآباء يفكرون بجدية عن أماكن للانتقال إليها للحفاظ على أبنائهم حتى لا يقعوا فريسة للجماعة".

 

وتحدث عن استهداف الحوثيين لفئة الأيتام، إذ لا يوجد من يحميهم، خاصة أن دور الرعاية تتبع جهات حكومية وبعد انقلاب المليشيات وسيطرتهم على الدولة بالقوة، أصبحوا لقمة سائغة لهم، وأفرغوا تلك الأماكن ونقلوا الأطفال إلى جبهات القتال.

 

مستقبل غامض

 

وكان وكيل وزارة التربية والتعليم محمد باسليم، قد ذكر في تصريحات صحفية أن إجبار الحوثيين للطلبة على الرسوم المالية يدفعهم للتجنيد الإجباري، وباتت مخرجات جيل بأكلمه تتجه نحو مستقبل مجهول.

 

فيما أكد برمان أن التجنيد سيؤثر على حاضر ومستقبل اليمن، فهو يعني إطالة أمد الحرب، واستمرار سقوط ضحايا خاصة من الأطفال والشباب الذين يعول عليهم بناء الوطن.

 

بينما يذكر الصحفي حسين الصوفي أن تجنيد الاطفال جريمة حسب المواثيق الأممية الخاصة بالطفولة، غير أن مليشيا الحوثي الإرهابية ترتكب سلسة جرائم في حق الطفولة بتعمدها مخالفة مواثيق وقوانين دولية وقيامها بتجنيد الأطفال وإجبارهم على ذلك وتضليهم والزج بأغلبهم في المعارك دون تدريب، وحرمانهم من التعليم، وتفخيخ عقولهم وأفكارهم بسموم طائفية وتعبئتهم على ثقافة "الكراهية" والعنصرية المجرمة دوليا وإنسانيا، وبتشجيعهم على القتل وطمأنتهم بعدم الاكتراث بتبعات ارتكاب ذلك.

 

بحسب الصوفي فإن لهذه الجريمة الاجتماعية آثار ظهرت بعضها في جنايات ارتكبها أطفال ضد أقاربهم في بعض المحافظات، فمنهم من قتلوا آباءهم، وآخرين أطلقوا النار على أسرهم نتيجة ما تعرضوا له من شحن عنيف حولهم إلى قنابل متحركة.

 

وختم بالقول: "لا تزال مخاطر الزج بالأطفال في الحرب كارثية مستقبلا، حيث تعمد مليشيا الحوثي على تكوين عصابات مفخخة نفسيا وفكريا تحترف الجريمة، وقابلة للعمل كقاتل مستأجر".