كنا في الحلقة الثالثة قد تحدثنا عن رؤيتنا الإجرائية المتمثلة في:
ـــ الطريق إلى تكوين المفكرين أولا.
ـــ خلصنا إلى أمر بديهي هو أن شرط نجاح برنامج تكوين المفكرين يتمثل في وجود مراكز تدريب ــ تقوم وفق دراسة جدوى أهدافا, وسياسات, ووسائل, ورؤية ورسالة, وشعار, ومدة زمنية, وشهادات رسمية.

في هذه الحلقة، سنتحدث - بعونه سبحانه- حول المدخلات المنهجية (برنامج التكوين المفكرين كجانب نظري , وبرنامج عملي يتمثل في قضايا آنية) تطبيق عملي, وصولا إلى بلورة أفكار, وصياغة مبادئ ومفاهيم مبسطة, وصولا الى تحويلها وعيا عاما.

غير أننا، وانطلاقا من المقولة الرائعة "الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أولى بها"، نرى انه من الجدير إيراد مقولة منسوبة الى قائد الثورة البلشفية ــ الشيوعيةــ لينين جديرة ان نستلهمها.

قيل أن لينين كان يعرِّف الشيوعية بما يتلاءم وعقليات الشريحة التي يخاطبها!
فإذا التقى بتخصصات اقتصادية فيسألونه بطبيعة الحال: ما الشيوعية؟
فيقول: ان يكون الاقتصاديون هم صناع القرار الاقتصادي!
ومع الأطباء هكذا، ومع المعلمين ومدرسي الجامعات ومع النقابات!
أما اذا التقى مع الفلاحين والعمال فتكون إجابته مختلفة بعض الشيء: "الشيوعية تعني ايصال الكهرباء وطريق السيارة الى بيت الفلاح والعامل، وان تقدم الدولة للفلاح المضخات وقنوات الري والمبيدات"!

لنا هنا ان نتساءل: السنا الأولى بهذا التبسيط للمفاهيم التي نريد ترسيخها ولدينا موروث زاخر يؤهلنا لهكذا صياغة مبسطة للمفاهيم وسهلة وصولا الى ترسيخها في الوعي المجتمعي؟!

الــبــرنــامـــج الــمــنشـود في تــكويـــن الــمـفــكــريــن

هذا مقترح المدخلات قابل للتعديل والتنسيق تقديما وتأخيرا وإضافة الخ، ويتمثل في المدخلات التالية: وسنشير سريعا الى أهمية كل منها وأثرها..
1ــ التعريف بفقه المقاصد مكانة وفوائد, وأهميتها للفقيه, والآثار السلبية الناجمة عن غياب فقه المقاصد, وتطبيقات عليها ابتداء من القرآن والسنة العملية وعمل الراشدين والفقهاء عبر التاريخ. هذا النوع من المدخلات يعد بالغ الأهمية في تكوين المفكر والملكة الفقهية.
2ــ مدخلات منهجية للفهم والتعامل مع ما صح من الروايات.
3ـــ مدخلات منهجية حول فقه الواقع (من يصنع واقعنا)? مشبعا بأمثلة من السيرة العملية والتطبيقات الفقهية عبر التاريخ.
4ــ مدخلات القواعد المقاصدية والفقهية والأصولية.
5ــ مدخلات منهجية لفهم القرآن وتدبره وتفسيره.
6ــ مدخلات منهجية ــ دراسة معمقة هدفها تحرير محل النزاع بين الفرق الإسلامية ـ والمرجع (إيثار الحق على الخلق) ابن الوزير.
7ــ مدخلات منهجية حول الاجتماع السياسي ـ في ضوء القرآن.
8ــ مدخلات منهجية حول علم النفس الاجتماعي ـ محددة في شخصية المجتمع المهدور والمقهور والآثار السلبية لهذا الهدم النفسي الإنساني, مثل اللجوء الي مظاهر الاستهلاك المطلق كتعبير عن الذات والبحث عن أنواع الأكلات والبذخ والإسراف, وغياب المثل العليا والبحث عن الأهداف السامية, والإيمان بالشعوذة والخرافة من حملة الشهادات العليا، وكيف أن المثل العليا تتحول الي خلاص فردي ــ التصوف نموذجا- , ثم يتحول هذا إلي معتقد جبري أراده الله ولا مفر منه ـ وهنا سيتضح للمفكرين اسلوب ووسائل الإصلاح ذات الفاعلية ـ وغير هذا سيكون العمل ــ نفخ في قربة مخروقة ، أو صرخة في واد ونفخ في رماد، ومن الإحباط الفكري!
9ــ مدخلات منهجية مستخلصة من السيرة العملية ــ حول بناء الاتجاهات (التدريب).
10ــ مدخلات منهجية في بلورة القواعد والمبادئ القائم على التغليب وليس الحسم او دعاوى الإجماع؛ التغليب القائم على النظر المنهجي في مآلات التصرفات.
11ــ مدخلات منهجية في علم الدلالة اللغوية وخصوصا البنية القرآنية وأصول الفقه مليء، والمكتبة العربية زاخرة.
12ــ مدخلات منهجية في علم الممارسة السياسية.
13ــ مدخلات في التنمية السياسية في ضوء القرآن العظيم.
14ــ مدخلات منهجية حول أمهات الأخلاق السياسية, والنظرية السياسية في الإسلام، كون تراثنا فقير جدا جدا في هذا المجال.
15ــ مدخلات منهجية مقارنة بين التراث الفقهي والقوانين الوضعية وإعادة النظر في روايات السيرة المتصلة بالسياسة والملاحم والفتن، وفق منهج أصولي قرآني مقاصدي.
16ــ مدخلات منهجية حول كرامة الإنسان وحقوقه في القرآن والسيرة العملية.

الســيــاســة الإجــرائــية
1ـــ منع التلقين ورفضه بنسبة90%
2ــ عدم النظر في الفروع والجزئيات إلا في الأيام الأخيرة من التدريب.
3ــ التدريب علي النقد والعصف الذهني بين المتدربين, والإيعاز لبعض المتدربين أن "يشغبوا" ويقدموا شبهات الى حد التطرف ـ كل ذلك في فترة زمنية محددة.

4ـــ تصميم بحوث ونقدها من المتدربين ثم الحكم.
5ـ إلزام المتدربين بمطالعة بحوث محكمة, والندوات والمناقشات والتعقيبات.
6ــ التدريب العملي على تصميم البحوث العلمية الرصينة القائمة علي العلم لا على الظن.
7ــ تكليف المتدربين بدراسة كتب ــ أطروحات علمية وتدريبهم عمليا على نقدها وإشراك متدرب فأكثر في النقد إيجابا والعكس, وتحديد مدة زمنية لتقديمها من الناقد, واستدعاء صاحب الأطروحة ليسمع ويوضح, وما لم فيستدعى شخص في نفس التخصص.
8- وهناك أساليب ووسائل أخرى ممكن إضافتها من مجلس أمناء المركز ومن من متخصصين، ويمكن إشراك المتدربين في ابتكار وسائل.

مــجــالات عـــلــميــة للــتــدريــب الـــعــمــلي
1ــــ التأصيل المقاصدي للحرية.
2ــ التأصيل المقاصدي لحقوق الإنسان.
3ــ التأصيل المقاصدي للدولة المدنية والمجتمع المدني والمواطنة.
4ــ التأصيل المقاصدي للتمييز بين السياسي والدعوي.
5ــ بحث وتأصيل حالة الدين والاجتماع عربيا.
6ـــ شرعية المتغلب والآثار السلبية.
7ـــ أولويات المرحلة في ضوء إكراهات الواقع بحث مقاصدي.
8ــ تقييم البنوك الاسلامية مقاصديا في ضوء أهدافها.
9ــ التأصيل المقاصدي ــ الثابت والمتغير من حقوق المرأة ـ
10ــ الثابت والمتغير في ميدان الهوية, والولاء والبراء ـ وفض الاشتباك بين الرؤى الظرفية وثوابت العقيدة.
11ــ الثابت والمتغير في ميدان العرف والعادة.
12ـ التاصيل والتقعيد للجانب الشرعي المتصل بتطبيقات المجتمع , والمتصل بجانب الدولة.
13ـــ حسم الصرع الوهمي بين النقل والعقل في أكثر من بحث.
14ــ حرمان المرأة من الميراث في ضوء تعاليم القرآن وتصنيف هذا الحرمان هل بدعة أم كبيرة أم كفر?
15ـ التأصيل المقاصدي للمال العام.
17ــ التأصيل المقاصدي للتأمين بأنواعه.
18ــ التأصيل المقاصدي لنظرية اقتصادية إسلامية.

يشترط في البحوث: المنهجية العلمية, التأصيل المقاصدي, بلورة الخلاصات والنتائج وتبسيطها وتعميمها وتقريبها انطلاقا من المنهج الأصولي لدى جمهور الأصوليين (جلب مصلحة اودفع مفسدة).

اكتفي بهذا مع العلم ان هذا مشروع رؤية , قابل للإضافة والتعديل.

أ. عبد العزيز العسالي