الأربعاء 24-04-2024 09:59:51 ص : 15 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

في اليمن.. لا عيد لأمهات المختطفين والمخفيين قسراً (تقرير خاص)

الخميس 14 يونيو-حزيران 2018 الساعة 11 مساءً /   الإصلاح نت – خاص/ وئام إسماعيل

   

منذ انقلاب (سبتمبر/أيلول 2015) زجت مليشيات الحوثي بآلاف اليمنيين في معتقلاتها، بدون تهمة وبطرق غير قانونية، في محاولة من تلك الجماعة لفرض واقع جديد على اليمنيين وإسكات كل صوت مناوئ لها، وهو ما فشلت فيه.

 

حتى اليوم ما زال يقبع في معتقلات المليشيات الآلاف من المدنيين، الذين يعيشون أوضاعا مأساوية جراء تعذيبهم الجسدي والنفسي، ويتعرضون لمحاكمات غير قانونية، وتستخدمهم الجماعة كورقة ابتزاز تجني مقابلها مبالغ طائلة، بحسب تقارير حقوقية.

 

ومع حلول عيد الفطر المبارك، إلا أنه لا عيد لمئات الأمهات اليمنيات اللائي تجدد مثل هذه المناسبات أوجاع فراقهن لأبنائهن، ويعشن على أمل خروجهم من معتقلات الحوثيين.

 

تفتح مثل هذه المناسبات جراح أمهات المختطفين؛ كونها فرصة لالتقاء الأهل وتبادل الزيارات، فيتحول العيد إلى مأتم كبير يخيم فيه الحزن على كل منزل يغيب عنه أحد أفراده نتيجة لاختطاف المليشيات لهم.

 

وبرغم مطالبات أمهات المختطفين والمخفيين قسرا بالإفراج غير المشروط عن أبنائهن الذين تم اختطافهم دون مسوغ قانوني، إلا أن تلك الدعوات لم تلقَ أية استجابة، وقوبلت –مرارا- احتجاجاتهن بالقمع من قِبل الحوثيين.

 

وكانت أمة السلام الحاج -رئيسة رابطة أمهات المختطفين والمخفيين قسراً- قد أكدت تعرض المختطفين للتعذيب الوحشي، وتعامل المليشيات معهم بطرق قانونية، ومحاكمتها للعديد منهم محاكمة سياسية في المحكمة الجزائية بصنعاء، إضافة إلى مبادلة مختطفين مدنيين بمقاتلين تم أسرهم.

 

 وطالبت بسرعة الإفراج عن المختطفين الذين مضى على بعضهم أكثر من ثلاث سنوات دون تواصل مع أهاليهم، ودون معرفة مكان احتجازهم، ودون تقديمهم للمحاكمات، مشيرة إلى وجود أكثر من 5000 مختطف دون مذكرات توقيف، أو تعيين محامين لهم أو تقديمهم للقضاء.

 

4 سنوات من الحزن

 

وللعام الرابع على التوالي، تنتظر أم الصحفي عبدالخالق عمران خروج ابنها من معتقلات الحوثيين، وهي تترقب حدوث ذلك كل يوم، وأملها يكبر ولكن دون جدوى.

 

تروي بحرقة والدموع بعينيها شوقها لابنها وانتظارها لخبر خروجه من المعتقل، وهي لا تتخيل قدوم العيد وفلذة كبدها ليس قربها ويقبع في المعتقل.

 

وتؤكد أن لا عيد لها ولا أبنائه، الذين كلما كبروا فهموا ما يجري وزاد قهرهم على والدهم، وتضيف: "يفتقدوا أبوهم ما يشتوا ملابس ولا عيد، ولما نتصل لأحمد ابنه نسأله ما تشتي من صنعاء؟ يقول ماشتيش ولاشيء أشتي أبي وهو بيشتري لي كل حاجة".

 

وتشعر أم عبدالخالق بالحزن الشديد كلما شاهدت الأطفال فرحين بالعيد مع آبائهم ويستعدون لها، بينما أحفادها كالأيتام، يتمنون أن يقضوا لحظاتهم كغيرهم من أقرانهم.

 

ويقبع في معتقلات المليشيات 11 صحفيا لازالوا مختطفين لدى مليشيات الحوثي، ويعيشون ظروف اختطاف سيئة وتعرضوا في مرات عديدة للتعذيب الوحشي، وفق نقابة الصحفيين اليمنيين.

 

بشاعة الواقع

 

في تقرير رابطة أمهات المختطفين والمخفيين قسرا لعام 2017، رصدت 5347 حالة اختطاف، و721 حالة إخفاء قسري لم يتم الإفراج سوى عن 1800 شخص فقط. وبلغ عدد من قتلوا في المعتقلات وأماكن الاحتجاز سواءً بالتعذيب أو رمياً بالرصاص 118 مختطفا ومخفيا قسراً.

 

أما منظمة "رايتس رادار" فتفيد بأن عدد المعتقلين في سجون المليشيات بلغ نحو 7000 معتقل، يتوزعون على 643 سجنا غير قانوني.

 

وعن أوضاع المختطفين تؤكد رئيسة الرابطة أمة السلام الحاج في تصريحات صحفية، تعرضهم للتعذيب الوحشي ومن وسائله "الضرب الشديد بأعقاب البنادق أو بالأسلاك أو العصي على الرأس والعمود الفقري والكلى والتعذيب بالكهرباء والماء‘ والحقن بالإبر بسوائل غير معروفة أو إدخال الإبر في أجزاء من الوجه، وقلع الأظافر، والتعليق من اليدين لأيام عديدة مما يسبب تمزق الأعصاب".

 

إضافة إلى "الاحتجاز في حفر أو غرف ضيقة بدون تهوية بدرجة حرارة تصل 45 درجة مئوية، والإهمال الصحي يصل حد الموت. وهناك الحرمان من الشمس لعام كامل، واحتجازهم في أماكن تمتهن الكرامة الإنسانية، وتطفح فيها مجاري الصرف الصحي. وكذا التجويع المتعمد، منعهم من دورة المياه، والاعتداء والتحرش الجنسي، والتعرية. وكذلك السجن الانفرادي"، حسب الحاج.

وأظهر مقطع فيديو لواحدة من حالات التعذيب تلك بحق الشيخ جمال المعمري، وجلاديه يضربونه بالعصي والأسلاك الكهربائية ويضربونه في كل أنحاء جسده، وخرج المعمري بحالة شلل تام جراء ذلك التعذيب الوحشي بعد تغييب وتعذيب لثلاث سنوات.

 

وحشية

 

ويفيد الصحفي فؤاد مسعد أن الإخفاء القسري سلاح استخدمته الأنظمة التي حكمت اليمن قبل الوحدة (1990) لمعاقبة خصومها السياسيين، وظلت كثير من الأسر لا تعلم عن مصيرهم شيئا لسنوات كثيرة، وبعضها ما تزال تنتظر حتى اليوم أن تتوصل إلى معلومة واحدة صحيحة عن ذويها المختطفين.

 

ويتابع: ظلت المشكلة دون حل في ظل قيام دولة واحدة في اليمن، لتستمر في السنوات الأخيرة مع سقوط الدولة في كثير من المحافظات، وظهور أكثر من طرف يسيطر على جزء من الأرض.

 

ولفت إلى أن الإخفاء القسري بات يُمارس بطريقة وحشية في فترة الحرب الراهنة.

 

ويتعرض بعض المخفيين قسراً للتصفية الجسدية –كما يذكر مسعد في تصريحات صحفية-  لأن الأطراف التي تقوم بالإخفاء ليست أجهزة حكومية ويظل كثير منهم في حالة الخطر.

 

ووفقا لمسعد فإن حل هذه الظاهرة يتمثل في بسط سيطرة الدولة ومساعدتها من قبل التحالف العربي في معالجة هذه الظاهرة، والكشف عن كل الحالات التي تعرضت للإخفاء القسري.

 

وتستمر حتى اليوم معاناة آلاف المعتقلين والمختطفين قسرا في سجون مليشيات الحوثي الانقلابية، في ظل صمت منظمات المجتمع الدولي إزاء ممارسات تلك الجماعة.