الجمعة 19-04-2024 03:37:01 ص : 10 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

الــيمــن ومـسـيرة الاصلاح في التاريخ الحديث (4ـ4)

السبت 19 مايو 2018 الساعة 11 مساءً / الإصلاح نت - خاص / عبد العـزيز العسالي


الـــجــمــهــــوريـــــة الـرابــعــة ـ1978ـــ 2011
انتهينا في الحلقة الثالثة الى ان مسيرة الاصلاح حددت استراتيجيتها في الاصلاح السلمي المتمثل في اصلاح الوعي الوطني المؤطر بعقيدة الشعب وهويته واصالته, وان نظام الشطرين كان شموليا قمعيا اقصائيا.


فحددت مسيرة الاصلاح جبهتين لإصلاح الوعي , الاولى: مواجهة الثقافة الوافدة، الثانية: اصلاح وترميم وتجديد الخلل الثقافي الديني المتراكم من قرون طويلة والناجم عن السلالية العنصرية والتشوهات والخرافات التي لحقت بتعاليم الاسلام ايا كان مصدرها.

  

الـــجـــمــهـــو ريـــــة الــــرابــــعــــة
ابـــعـــاد مـــتـــشـــابـــكـــة ومــعــقــدة
تسلم (صالح) مقاليد الحكم في الشمال في وضع كان الشطران يعيشان توترا حادا واحتكاكات على مختلف الاصعدة, فالحدود بين الشطرين ملتهبة عسكريا، ومناطق في الشمال سيطر عليها المد الماركسي (المناطق الوسطى, ريمة, العدين, مديريتا شرعب السلام والرونة, وغيرها).
ـــ كان المد الماركسي في الشمال يستمد زخما اعلاميا من اعلام الشطرالجنوبي؛ اذ كان يقوم بتوزيع منشورات تعكس رؤية التوجه الماركسي فطرح الشعارات والمفاهيم اهمها:


تصفية ركائز الاقطاع (المشايخ في ريف الشمال) ; معللا انهم ركائز النظام الرجعي المتخلف وأذيال الراسمالية العالمية!
ــ كما اشتبكت الماركسية مع اليسار البعثي العراقي واليسار الناصري, وبطبيعة الحال اشتبكت الماركسية مع مسيرة الاصلاح التي حددت استراتيجيتها في رفع وعي الشعب وطنيا المؤطر بعقيدة الأمة وهويتها وحضارتها.


هذا الاشتباك الماركسي في طليعة الجمهورية الر ابعة ــ حكم صالح ـ رافقه زراعة ملايين الالغام في المناطق الخاضعة للمد الماركسي , كما رافقه تصفيات جسدية, لبعض خصوم الفكرة، اضافة الي رفع شعار استهلاكي (تحرير الاراضي اليمنية من حكم آل سعود)!


كانت لغة المد الماركسي فجة الي حد كبير، كما انها لا تخلو لغتها من صدق توصيفات لجو انب الواقع المعيش. وفي ذات الوقت يقابلها لغة مماثلة تعكس حالة النظام في الشمال، وان كانت هذه اللغة اقرب القولبة النمطية (الشيوعية).


الاشتباك الآنف للماركسية كان طبيعيا ان يتولد عنه اصطفاف للفرقاء في الشمال انتقاما من الماركسية (مشايخ, ناصريون, بعث, اسلاميون, تجار, النظام). انطلق هؤلا تحت مظلة الدستور، وهنا أخذت المعركة أبعادا مختلفة عسكرية فكرية سياسية ثقافية اجتماعية; الاستقطاب الرأسمالي الشيوعي كانا حاضرين وراء المتاريس.


وينتهي الموقف عسكريا بلقاء رئيسي الشطرين في جبهة الحدود الشطرية والمناطق الشمالية الخاضعة للمد الماركسي.

  

اصـــلاح نـــوعــي

شــــــاهـــد لـــمســــيـــرة الاصــلاح:
انتهى الصراع المسلح غير أن الجبهة الثقافية والفكرية المتعطشة لإصلاح الوعي الوطني والديني تكشفت عن دمار وأي دمار؟! (تشـويه, مسخ, وقلب للحقائق خلال فترات الحكم السلالي والشمولي)!

 

ـــ استطاعت مسيرة الاصلاح ان تحصل على قرار سياسي بتوسيع المعاهد العلمية التي انشأها الزعيم الحمدي -رحمه الله ـ حيث كانت محدودة جغرافيا في ثلاث عواصم للمحافظات تقريبا فكان القرار الجديد قاضيا بتوسيع المعاهد في عموم الر يف والمدينة.


ـــ عزّز هذا القرار مسيرة الاصلاح في استراتيجيتها في جانب اصلاح التعليم (المدخلات التربوية واصلاح الوعي الوطني والديني حيث سارت المعاهد جنبا الى جنب مع المدارس العامة مع فارق في مقرر التربية الاسلامية واللغة العربية وشيء من الثقافة).


استطاعت مسيرة الاصلاح تقديم نموذج في القبول بالآخر ــ فكريا وثقافيا ومذهبيا، وعلي المستوى الاداري- وذلك على النحو التالي:
ــ كانت الذؤابة الهاهاشمية على راس الهيئة العليا للمعاهد العلمية؛ الفقيه حمود شرف الدين ـ رئيسا للهيئة العليا للمعاهد.
ــ هاشميون آخرون شاركوا بمفاصل الإدارة للمعاهد ومدرسون ومشرفون.


النتيجة: موت العصبية السلالية والمذهبية.
السبب هو ان المدخلات التربوية كانت ابعد التمذهب والتمترس والتخندق100%.
شاركت المرأة في المعاهد جنبا الى جنب في اطار عقيدتها وهويتها.


عكست مسيرة الاصلاح على مستوى الممارسة في ارض الواقع تعاملا ناضجا، فقد كان المعهد الى جوار المدرسة المذهبية الهادوية بصعدة وذمار وحجة، كما ان المعهد كان الي جوار مدرسة الحديث المتشددة بدماج!


هذه الممارسة العملية اعطت مسيرة الاصلاح ثمرة أخرى هي انضواء شخصيات هاشمية في اطارها التنظيمي ولا زالت حتى اليوم.
استمر عطاء مسيرة الاصلاح في اطار المعاهد العلمية وغيرها ملتزما بالدستور والقانون حتى عام 2000م.

  

خــطــوة اصــلاح في مجال الثقافة السياسية
قلنا آنفا ان حكومة الشطرين اتفقتا علي نزع فتيل العسكرة وصولا الى حوار وطني شامل في الشمال تمخض عنه تكوين تنظيم (اطار سياسي) اسمه المؤتمر الشعبي العام وبرنامجه السياسي: الميثاق الوطني؛ كون الدستور يحرم التعددية.


للعلم إن هذا التكوين والميثاق لم يكن وليد الاتفاق بين حكومتي الشطرين وانما ــ حسب الرئيس القاضي الارياني رحمه الله ــ كان حاضرا أبان حكومة السلال رحمه الله، التي رافقها تطاحن مقرف جراء الضغوط المصري المانع للتعددية مقابل دعم الثورة اليمنية.

 

اقيم تنظيم المؤتمر الشعبي العام عام1983 م، وتم الاستفتاء على الميثاق شعبيا.


الخلاصة هي ان مسيرة الاصلاح أسهمت الي حد كبير في بلورة وإعداد وانتاج وادارة التوجه الجديد, والذي تكلل بانتخابات بلدية ــ المجالس المحلية عام1986 م , وقد كان لمسيرة الاصلاح فيه مشاركة ملحوظة .


تمخض عما سبق اول انتخابات تشريعية مباشرة عام 1988م كانت مسيرة الاصلاح ترى انها قد قدمت في طريق اصلاح الوعي ـــ الثقافة السياسية عمليا خطوة طيبة.

  

نــــعــــــــم للــــــوحـــــدة لا للـــدســتـــور
أعيدت الوحدة اليمنية 1990 وكان الفجور السياسي الرامي الى تفجير الموقف قد ربط بين الوحدة والدستور الذي حمل توجها مغايرا لعقيدة الشعب وهو يته, ذلك أن الفجور السياسي رفع شعار (رفض الدستور يعني رفضا للوحدة) عاش الشعب اليمني حالة محنة قاسية؛ محنة المساس في اعز ما يملك ــ عقيدته وهويته ــ والقبول بالوحدة.


اعلنت مسير الاصلاح عن تنظيمها السياسي في ظل الوحدة والتعددية وبرز للوجود تنظيم التجمع اليمني للاصلاح.

اتجهت مسيرة الاصلاح للنضال السلمي والضغط الهادف نحو اصلاح الخلل الدستوري ـ فإذا كانت استراتيجيتها اصلاح الوعي الوطني فإن وسيلة الاعتصامات والمسيرات اصبحت واجبة في التغيير السلمي.
ارتفعت لغة الصراع الي أعلى درجات الحدة ـ بين الاصلاح الوحيد في الجبهة الفكرية يقابله اليسار بأنواعه بما في ذلك النظام الحاكم!
كان الفجور السياسي متربصا متفرغا لجرجرة الاصلاح الى لغة العنف وفشل.

 


مـسـيـرة الاصلاح في موكب الديمقراطية
الانتخابات التشريعية التعددية 1993 في ظل الممارسة السياسية العلنية, شارك الإصلاح في العملية الانتخابية, وكان ترتيبه الثاني والاشتراكي المرتبة الثالثه فتنازل الاصلاح مختارا ليكون في المرتبة الثالثة.


ودخل الاصلاح في الائتلاف الحكومي بوسيلة الديمقراطية، وخرج بذات الوسيلة عام 1997، رافعا شعار المعارضة البناءة ــ عند الصواب اصبت وعند الخطأ لا يتعدى الاعتراض القول أخطأت وهذا البديل!



خطوة اكـثر جدية نحو الـوعي بالـثـقافة الـسياســية
من المعلوم أن المحيط العربي لا يعرف انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب, فاراد الاصلاح ان يخطو خطوة اكثر جديّةٍ وجِدّةً فأعلن عام 1999 عن تجديد العهد للرئيس صالح ــ انتخابه رئيسا للجمهورية! وبحسب مراقبين فإن تلك الخطوة كانت احسن من حركة خطوة مماثلة في وادي النيل يومها!
البعض قدم تفسيرات مختلفة ازاء هذا التصرف من الاصلاح، وايا كانت التفسيرات فإن لها نصيبا من مسيرة الاصلاح السلمي, فايا كانت نوايا النظام فان الاصلاح فر منها الى الامام، مبتعدا عن اصطدام!


الخلاصة: كانت خطوة عززت مسيرة النضال السلمي، وهذا يحسب أداءً جيدا لمسيرة الاصلاح.

 

قـــنـــبـــلـــة أخـــرى
قرار الغاء المعاهد العلمية
في عام 2000 قرر النظام إلغاء المعاهد العلمية وكان للهاشمية السياسية دور في اخر اج قرار الإلغاء، بل كان الفجور السياسي الاعلى هو من اوعز للهاشمية السياسية السلالية ان تطالب بالإلغاء، وما لم يتم الإلغاء للمعاهد فان الهاشمية السلالية تريد معاهد مذهبية. لم يكتف الفجور السياسي الاعلى بهذا بل أوعز لمن يصرح ان المعاهد اقيمت كمعادل موضوعي للنجمة الحمراء في الجنوب سابقا.


وكان هذا الايعاز يحمل في طياته رؤية منامية قديمة، اكتفي الاصلاح بالقول ان التعليم كله بحاجة بحاجة الي اصلاح وانسل بعيدا عن وهدة العنف!

  


الــتــربــيـــة الــعــمــلــيـة الـعفـاشــيــة للسـلالــية

بدأت علي الواقع من عام 1998 حيث مكن النظام العفاشي للحوثية السلالية واعطاها الضوء الأخضر بإقصاء كل اداري منتم للاصلاح ـفي صعدة وحجة.


ويدخل عام 2004 وبإشراف مباشر من النظام تفجير حرب تربوية للسلالية العنصرية! وكانت في اس الفجور السياسي عدة اهداف ابرزها واهمها تدمير مسرة الاصلاح السلمية..قدم الاصلاح طرح السؤال التالي: ماسبب الحرب? لا اجابة!"

 

تـــــجــــــربـــــــة مــشــــرقــــة
في عام 2005 خرج اللقاء المشترك بمشروع تعديل النظام السياسي المختل المعتل والساعي بخطىً حثيثة نحو الـتـوريـــث الــجــمـــهـلـــكي!!
كانت هذه اكبر خطوة اخذت بعدين؛ التقاء اليسار مع الاصلاح الاسلامي، والبعد الآخر وهو الانسجام النظري حول طبيعة النظام السياسي المنشود ـ شهد بهذا الجميع ــ عدا الفجور السياسي والسلالية العنصرية.



خـــطــــــوة جـــــادة فــي طـــريــــق الــتــغيـيـــر السلمي
انطلقت مسيرة الاصلاح والتغيير السلمي الى الامام مترجمة البرنامج النظري الساسي للقاء المشترك في جانب اهم نقاط الاصلاح السياسي ــ انتخابات رئاسية تعددية حقيقية, وشهدت الساحة اليمنية صيفا انتخابيا ساخنا كرس الكثيرمن مفاهيم الثقافة السياسية! وبغض النظر عن النتائج التي صودرت فيها الارادة الشعبية والتهديد الاحمق بالسحق فقد قبل اللقاء المشترك بالأمر الواقع انطلاقا وتعزيزا لمسيرة الاصلاح السلمية.



الـــهـــبـــة الــشعـــبــيـة
تغول رأس النظام وكثر فساده رافضا اي سماع للمعارضة البناءة , فقرر "المشترك" تعزيز المسيرة السلمية للاصلاح ــ النضال السلمي وخرج اواخر عام 2009 ومطلع 2010 في عموم الجمهورية الى الاعتصامات السلمية في الميادين مطالبا بالاصلاحات السياسية والاقتصادية والتعليمية.
تكرر الخروج السلمي وأتحدى من يقول ان هناك ورقة من شجرة سقطت بسبب مسيرة الاصلاح.