الجمعة 29-03-2024 04:16:27 ص : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

10منهم يتبوؤون مواقع رفيعة.. انقلاب الحوثي يعيد أسرة "المتوكل" لحكم إب

الأحد 29 إبريل-نيسان 2018 الساعة 09 مساءً / الإصلاح نت- المركز الإعلامي (إب)

   

 حين فرضت مليشيا الحوثي الانقلابية سيطرتها بالقوة على محافظة إب- وسط اليمن، منتصف أكتوبر 2014م، لم تكن أسرة "المتوكل" تتبوأ كل هذا الهيلمان التسلطي في أرقى المناصب بالمحافظة، وإن هي إلاّ أشهر حتى مكّنتها المليشيات من أهم وأفضل تلك المواقع، التي لم يكونوا ليحلموا بها قبل الانقلاب.

 

من منطلق تركيبتها الأسرية السلالية، مضت المليشيا الحوثية في تثبيت دعائم حكمها المغتصب عبر تعيينات طائفية لأسر هاشمية تدين لها بالولاء والاعتقاد. وعمدت إلى اختيار أسر معينة دون غيرها أوصلتها إلى مواقع كثيرة في أجهزة الدولة المختلفة كأسر: الشامي، والمؤيد، والعماد، والمتوكل، وشرف الدين...، إضافة إلى أسرتهم أسرة "بدر الدين الحوثي".

 

في هذه السطور، نسلط الضوء على تمكين أسرة "المتوكل" في محافظة إب. وكيف أن المليشيا أعادت بريق اسم تلك الأسرة إلى الواجهة، على أسس سلالية طائفية، بعد عقود غابرة من الاندثار والغياب.

 

تمكين ممنهج

 

تنتمي "أسرة المتوكل" إلى مديرية "جبلة"، جنوب غرب مركز محافظة إب؛ وتعتبر من الأسر الهاشمية العليا، وباسمهم سميت مملكتهم الإمامية المندثرة "المملكة المتوكلية اليمنية" (1918 -1962)، والتي أسقطتها ثورة 26 سبتمبر 1962.

 

وعليه، ترى مليشيا الحوثي، التي جاءت كامتداد لحكم الأئمة، بأن أسرة "المتوكل"، لهم الحق في إعادتهم وتمكينهم من الوظائف العليا في دولتهم الجديدة، التي ظلوا على مدى أكثر من نصف قرن- بعد سقوط مملكتهم الإمامية- يخططون ويعملون في السر على استعادتها. الأمر الذي- على ما بدى لهم- أنه تحقق بانقلابهم المسلح على السلطة الشرعية للبلاد، في 21 سبتمبر 2014م.

 

ومنذ ذلك الحين، سارعت مليشيا الحوثي بكل دأب ودون رادع من أحد إلى تعيين الكثير من أبناء تلك الأسرة في وظائف مهمة على حساب معايير الكفاءة وإتاحة الفرص المتكافئة. بل يجري الآن تعيين آخرين في مواقع أخرى بقرارات غير معلنة في مكاتب الأوقاف والصحة والتربية. بحسب ما أفادت مصادر خاصة بالسلطة المحلية، مراسل "يمن شباب نت".

 

وبعد البحث والتقصي لمراسلنا بالمحافظة بشأن تمكين "أسرة المتوكل"، حصلنا على عينة شملت ثلاث أسر من بيت "المتوكل"- مديرية "جبلة"، من الذين جرى تعيينهم في مواقع حساسة خلال فترة وجيزة. ولم تشمل العينة التي سنتناولها هنا، أسر وتعيينات أخرى غير معلنة.

 

ويتضمن الجدول أدناه، أسماء الموظفين من الأسر الثلاث التي شملها البحث من بيت "المتوكل". حيث قمنا بتجميع أفراد كل أسرة بشكل متتالي، مع توضيح مواقعها (الهامشية) التي كان كل منهم يتولاها في السابق، ثم الوظيفة الجديدة لكل فرد بعد الانقلاب.  

 

ملخص السيطرة المتوكلية

 

بنظرة سريعة على الجدول أعلاه، يتضح أن أسر بيت "المتوكل" الثلاث، يتركز حضورها الوظيفي على ثلاث مؤسسات حكومية رئيسية هامة أكثر من غيرها، وهي: "الأمن، والصحة، والتربية"، إلى جانب بعض الإدارات الأخرى التي لا تقل أهمية عن سابقاتها مثل التخطيط والتعاون الدولي. وجميعها تقريبا لها علاقة بالخدمات المجتمعية الأكثر انتشارا واحتياجا للمجتمع، بما تشمله من مصالح مالية واستثماراتية واسعة، معززة بالنفوذ الأمني المرافق لحماية تلك المصالح. 

 

كما يمكن، أيضا، ملاحظة توزيع المصالح بين هذه الأسرة والجماعة التي تنتمي إليها. حيث سعت الجماعة إلى تمكين أسرة المتوكل من منطقتهم (مديرية جبلة)، من خلال تعيين أحد أفراد الأسرة مشرفا رئيسيا على المديرية، والذي يتردد أنه المرشح القادم لتولي منصب مدير المديرية. كما تم، أيضا، تسليم أسرة المتوكل إدارة المركز التعليمي بالمديرية. الأمر الذي يستهدف خلق بيئة حاضنة للفكر الحوثي في هذه المديرية، التي لا يتمتع فيها، لا الحوثي، ولا حتى أسرة المتوكل أيضا، بحضور أو قبول شعبي حتى الآن.

 

أما ما يتعلق بخدمة مصالح الجماعة ككل، فإن معظم تلك المؤسسات الحكومية التي توزعت عليها أسرة المتوكل، تعتبر حساسة، بالنظر إلى أهميتها في إطار خدمة المشروع العام الذي تسعى له الحركة الحوثية، في إعادة تشكيل هوية المجتمع بما يتواءم مع أفكارها الدينية والفكرية ذات البعد الطائفي القائم على تخصيص الولاية (سلطة حكم الناس)، بقصرها على أسرة سلالية واحدة، متفردة النسب.

 

ومن المفارقات التاريخية، أن تتركز وظائف أسرة المتوكل، بشكل أكبر على هذه المؤسسات الثلاث (التربية، الصحة، والأمن)، من حيث أن مثل هذا يعيد إلى الأذهان كابوس رباعية: "الخوف، الجهل، الفقر، والمرض" التي اشتهرت بها اليمن إبان فترة حكم الدولة المتوكلية.

 

تفاصيل السيطرة..

 

التربية والتعليم

 

إذا بدأنا بمؤسسة التربية والتعليم، نجد أن "محمد لطف المتوكل"، الذي كان مجرد مدرس صفوف أولى، قفز به الانقلاب الحوثي مباشرة إلى الرجل الثاني في مكتب التربية بالمحافظة، حيث تم تعيينه نائباً لمدير مكتب التربية، دفعة واحدة وبدون مقدمات.

 

عمليا، يعتبر "متوكل" التربية، هو الرجل الأول في المكتب، حيث يُدير أنشطة المكتب بعيداً عن مديرها المؤتمري، الذي تم تهميشه شبه كليا، كونه مشكوك في ولائه للجماعة. حسبما هو شائع لدى الأوساط التربوية.

 

وتؤكد المعلومات المتداولة على نطاق واسع، أن هذا المتوكل، يبذل قصارى جهده في خدمة المشروع الحوثي الطائفي. حيث زار معظم مدارس المدينة، حكومية وخاصة، وصادر من مكتباتها الثقافية كل الكتب الدينية التي كانت فيها، بحجة دراستها ومراجعتها. ثم قام، لاحقاً، باستبدالها بملازم طائفية وإرغام المدارس بضمها إلى تلك المكتبات التثقيفية، وتحديد حصص خاصة لتدريسها بين الحين والآخر.

 

أما شقيقه "عبدالملك محمد المتوكل"، الذي لم يكن سوى مدرسا مفصولا منذ ست سنوات، ليتم تعيينه- بعد الانقلاب- مديرا للمركز التعليمي في مديرية "جبلة"، حيث مسقط رأس الأسرة، فينشط هو الآخر، على قدم وساق، في فرض نشر الفكر الطائفي عبر مختلف الأنشطة تحت مسؤوليته، بما في ذلك الإذاعة المدرسية والنشاطات المدرسية والدورات التثقيفية المتواصلة لموظفي المركز التعليمي في المديرية، والمدرسين، قبل الطلاب.

 

الصحة العامة

 

تتفوق أسرة "يحيى زيد المتوكل"، عن غيرها من الأسر المتوكلية قيد الدراسة، بأنها تحكم سيطرتها على شئون الصحة العامة بالمحافظة بثلاثة أشقاء؛ الأول "أشرف المتوكل"، وكيل محافظة إب للشؤون الصحية؛ والثاني، شقيقه "عمار المتوكل"، الذي أصبح نائبا لمدير عام الصحة بالمحافظة، وكان قبل مثل أخيه موظفا بالمكتب؛ أما الشقيق الثالث "رضوان المتوكل"، فقد كان حظه من الانقلاب أن أصبح هو المدير العام لمستشفى ناصر، بعد أن كان مجرد طبيب فيه.

 

قبل الانقلاب، كان "أشرف المتوكل" مجرد موظف صغير بمكتب الصحة بالمحافظة. أما الآن، أصبح ملف الصحة بالمحافظة رهن يديه بالكامل. لذلك، من الطبيعي أن يسعى شقيقه "عمار"، نائب مدير مكتب الصحة، إلى الاستحواذ على القرار داخل مكتب الصحة، وممارسة كل أنشطة المكتب بعيداً عن المدير.

 

وبالمثال، ستجد شقيقهما الثالث "رضوان المتوكل" قد قطع أشواطا كبيرة نحو تحويل مستشفى ناصر، إلى بديل عن مستشفى الثورة، ولم يقصر شقيقاه في مساعدته على ذلك، ليحقق نجاحا كبيرا في هذا الإطار من خلال تحويل كل المساعدات الطبية من المنظمات الدولية والأممية إليه، وتجهيزه بشكل يوحي إلى تحويله إلى مستشفى "مخصخص" يعتمد على الربحية أكثر منه على الخدمية. وكل ذلك يصب لصالح الأسرة الخاصة، وما يصب لصالح الأسرة الهاشمية فهو يصب- قطعا- في مصلحة المشروع السلالي ككل.

 

لم يتوقف الأمر عند هذه التكاملية الأسرية فحسب، بل يجري- مؤخرا- الحديث عن خطط استراتيجية لأسرة "يحيى المتوكل" ثلاثية القيادة، بتشكيل مجلس طبي أعلى في المحافظة، يهدف إلى سحب البساط كلياً من مكتب الصحة وتحويل صلاحياته لصالح هذا المجلس.

 

وفي هذا الاتجاه، عُقدت العديد من اللقاءات خلال الأسابيع الماضية بقيادة الشقيق، وكيل المحافظة، لاستكمال تشكيل هذا المجلس ككيان جديد وموازي لمكتب الصحة تسلم له كل الصلاحيات، ويتولى الأدوار التنظيمية والرقابية على الخدمات الصحية في المحافظة.

 

ومن المهم الإشارة، هنا، إلى أن التجارة الطبية بمحافظة إب، يعد من الاستثمارات الأكثر رواجا وانتعاشا، خلال فترة الثلاث سنوات من الحرب. ويعود ذلك بدرجة رئيسية إلى انهيار المنظومة الصحية في محافظة تعز بفعل الحصار المفروض عليها من الميليشيات الحوثية منذ بداية الحرب. الأمر الذي أدى إلى انتقال المستشفيات والعيادات الخاصة، ومعظم الأطباء إلى محافظة إب، ومعهم انتقل المصابون بالأمراض بحثا عن العلاج.

واستغلت الميليشيات، وعلى رأسهم وكيل المحافظة للشئون الصحية، "أشرف المتوكل"، هذا الانتعاش التجاري الطبي، لفرض قوانين جديدة، شملت فرض رسوم باهظة على المستشفيات والعيادات الخاصة، والخدمات الصحية، تجني من ورائها الملايين شهريا وسنويا.

 

وتتجاوز مكاسب الدكتور "أشرف المتوكل"، التي يجنيها من وراء منصبه كوكيل المحافظة للشؤون الصحية، الحدود المحلية، لتصل إلى العالمية. حيث أوكلت له أيضا مهمة الإشراف على الجانب الإغاثي والمساعدات الإنسانية والمواد التموينية للمؤسسات الصحية.

 

وخلال فترة وجيزة، تحول موظف مكتب الصحة السابق "أشرف المتوكل" من صاحب مؤسسة طبية صغيرة للمستلزمات الطبية، إلى صاحب إمبراطورية مالية ضخمة تملك العديد من المشاريع الاستثمارية والعقارات والأراضي والصيدليات ومحلات الصرافة ومحطات المشتقات النفطية التي تكتسح الأسواق السوداء.

 

ويُتهم "المتوكل" بنهب المخصصات التموينية والمساعدات الإغاثية المخصصة للمؤسسات الصحية في المحافظة من قبل المؤسسات والمنظمات الأممية، بما في ذلك نهب مساعدات إنسانية ضخمة ومواد إغاثة واستقطاع كميات كبيرة منها، لصالحه الخاص، ولشخصيات نافذة في الجماعة يعمل كوكيل لها داخل المحافظة.

 

وكان موقع "يمن شباب نت" قد حصل في وقت سابق على صور خاصة تُظهر بيع مواد إغاثية مقدمة من برنامج الغذاء العالمي في محلات تجارية، كإثبات عن حجم الفساد الذي يعتري عملية توزيع المعونات الإنسانية.

 

كما أن الوكيل "أشرف المتوكل"، بحكم موقعه الحكومي، وتوليه مسؤولية الإشراف على المساعدات الإنسانية، عمل كمسوق مشاريع للمنظمات الدولية الداعمة، عبر نائب مدير مكتب التخطيط في المحافظة، "العزي محمد المتوكل"، الذي يتولى هذه المهمة في إطار تقاسم المصالح بين الطرفين.

 

الأمن وأشياء أخرى

 

 بحسب الكشف السابق، هناك ثلاثة من أسرة المتوكل (ضمن الثلاث الأسر قيد الدراسة)، تم تعيينهم في مواقع حساسة وهامة، هم: "عبد الصمد محمد المتوكل" مدير البحث الجنائي على مستوى الجمهورية؛ "عبد القدوس لطف المتوكل" مساعد مدير أمن العاصمة؛ والثالث: "أنور يحيى زيد المتوكل" مدير مكتب مصلحة الجوازات بمحافظة إب. (أنظر إلى الكشف المرفق أعلاه، لمعرفة الأسرة المتوكلية التي ينتمي إليها كلٌ من هؤلاء الثلاثة).

 

 سنترك الحديث عن "المتوكلين" الأولين، بحكم أنهما يتوليان مواقع أمنية رفيعة على مستوى الجمهورية. وكنا قد أوردنا اسميهما ضمن الكشف لارتباطهما الأسري- كأشقاء- مع النماذج قيد الدراسة في إب.

 

أما "المتوكل" الأمني الثالث (مدير عام مصلحة الجوازات بإب)، فهو شقيق الدكتور "أشرف المتوكل"، الذي يعد بمثابة "بطل" هذا التقرير المخصص لرصد وتحليل وظائف أسرة المتوكل في إب. وبهذا أيضا تكون أسرة "يحيى زيد المتوكل"، هي الأسرة الأكثر استحواذا على الوظيفة الحكومية بمحافظة إب، بواقع أربعة أشقاء (أنظر الكشف).

 

ومن المهم الإشارة إلى أن مصلحة الجوازات في إب، شكلت رافدا ماليا كبيرا للمليشيات، في وقت سابق مع بداية الحرب، وذلك حين توقف عمل نظيراتها في محافظات أخرى، كـ: تعز والحديدة وغيرها. وحينها تخطت قيمة الجواز الواحد أرقاما قياسية، لم تصل إليها من قبل، حيث تجاوزت- أحيانا- المائة ألف ريال للجواز الواحد (القيمة الإجمالية الرسمية لاستخراج جواز تصل إلى 6000 ريال فقط).

 

خاتمة..

ليست الوظيفة الرفيعة هي المنحة الوحيدة التي قدمها الانقلاب لأسرة المتوكل في إب. بل هناك أمور أخرى، بعضها وصل حد الجنون. 

 

فمع سيطرة المليشيا على المحافظة، عاد إلى الواجهة الحديث عن أراضي الأوقاف والأملاك العامة وأحقية ملكيتها للأئمة الذين حكموا البلاد في السابق. وبالتالي حق أسرة "المتوكل" في ذلك، كونها الوريث الوحيد لأسرة المملكة المتوكلية.

 

وعلى ضوء ذلك، برزت مشاكل أمنية كبيرة، تحملت المليشيا، المساندة لهذه الأسرة، كبر وزرها. وتواصلت تداعياتها لتطال مساحات كبيرة داخل المحافظة. وما تزال مستمرة حتى اللحظة.

 

فقد عمدت تلك الأسرة على استخراج وثائق، وتزوير أخرى، تدّعي بأحقيتها لمعظم أراضي الأوقاف وبعض الأملاك العامة في مديريات: الظهار، السياني، جبلة، وذي السفال. وتمت مصادرة كثير منها، فيما مارست ابتزازاً مالياً على ملاك، وآخرين مستأجرين من الأوقاف، وجنت من وراء ذلك أموالاً طائلة.

 

وتدعي تلك الأسرة، أحقيتها لجبال كاملة مطلة على خط الثلاثين بمدينة إب، وأخرى مطلة على الخط العام الرابط بين محافظة إب وتعز، وأراضي واسعة في مديريات جبلة والسياني وذي السفال.