الجمعة 19-04-2024 22:16:59 م : 10 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

من استهداف «الرئيس» إلى قرارات «إعدام المعارضين».. «محاكم صنعاء» تحت سيطرة الحوثيين (تقرير)

الخميس 26 إبريل-نيسان 2018 الساعة 05 مساءً / الإصلاح نت - متابعات

   

منذ اجتياحها للعاصمة اليمنية صنعاء 21 سبتمبر 2014، سعت مليشيات الحوثي إلى إحكام قبضتها الكاملة على جميع مؤسسات الدولة وحرمت المواطنين من خدماتها واستخدمتها كأدوات لتنفيذ مشروعها الإنقلابي.

 

ولم تكتف المليشيات بحرمان ملايين اليمنيين من خدمات مؤسسات الدولة المختلفة وقطع مرتبات الموظفين بل اتخذت بعض تلك المؤسسات كأدوات لإلحاق الأذى باليمنيين ودهاليز لتعذيبهم حد الموت، واستخدمت المقرات الأمنية منطلقات لتنفيذ "غزواتها القرآنية" على منازل المواطنين ونهب ممتلكاتهم واقتيادهم إلى السجون في مسيرة تعذيب لا نهاية لها.

 

ولم تتوقف الجماعة المتعطشة للسلطة والمال هنا، بل استخدمت بعض المؤسسات الحكومية لإصدار أحكام الإعدام ضد رجالات الدولة الشرعيين ودمغهم بتهم الخيانة والعمالة وأخرى لسن قوانين تحت عناوين مختلفة تفرض على اليمنيين الجبايات والتبرعات لمشروعها الحربي ضد اليمنيين على مختلف الأصعدة، كما استغلت أموال الدولة لتحشيد المقاتلين لشراء الولاءات المختلفة لتنفيذ أجنداتها وأفكارها الطائفية الدخيلة المجتمع اليمني المتعايش منذ مئات السنين.

 

المحاكم والنيابات ومؤسسات القضاء المختلفة، لم تسلم من عبث المليشيات الإرهابية، بل أقحمتها في ميدان السياسة واتخذتها وسيلة لشن حرب لا هوادة فيها ضد اليمنيين من رجالات الدولة على رأسهم الرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي، وآخرين ممن يخالفونها الرأي.

 

الخيانة العظمى

  

وفي مارس 2017، أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء (خاضعة لسيطرة المليشيات الحوثية)، حكمًا يقضي بإعدام رئيس الجمهورية الشرعي عبدربه منصور هادي، بتهمة "الخيانة العظمى للدولة وانتحال صفة رئيس الجمهورية"، وكذا إصدار أحكام إعدام شخصيات أخرى من قيادات الدولة، وهم: أحمد عوض بن مبارك سفير اليمن لدى الولايات المتحدة، ووزير الخارجية السابق رياض ياسين، وياسين سعيد نعمان سفير اليمن في لندن، ومستشارو "هادي" وهم: سلطان العتواني، وعبدالوهاب الآنسي، وعبدالعزيز جباري.

 

وأحدث هذا القرار الحوثي ردود أفعال واسعة محلية ودولية ساخرة، ووصف بأنه أشبه بـ"نكتة سياسية ساذجة"، في إشارة إلى الحالة التي وصلت إليها مؤسسة القضاء في اليمن من الابتذال والتبعية للمليشيات الحوثية التي أسقطت الدولة ومؤسساتها المختلفة بقوة السلاح وإغراء المال خدمة لأجندات إيرانية طائفية بحته.

 

إعدام الصحفي الجبيحي

 

في سبتمبر/أيلول 2016، أقدمت مليشيا الحوثي الانقلابية على اعتقال الصحفي يحيى الجبيحي، مع نجله، من منزله بصنعاء، وفي إبريل/ نيسان العام الجاري، فوجئ الوسط الصحفي اليمني، بصدور حكم ضد الجبيحي بالإعدام، بعد اتهامه بـ"التخابر"، مع دولة أجنبية.

 

ويعد حكم الإعدام هذا هو أول حكم تصدره الجماعة الحوثية بحق صحفي مختطف حيث تختطف الميلشيات أكثر من 16 صحفيا منذ ثلاث سنوات.

 

مرحلة جديدة

 

وقبل إصدار المليشيات حكم الإعدام بحق "الجبيحي" أقرت مليشيا الحوثي سلسلة من الإجراءات التمهيدية لتنفيذ أحكام قضائية بحق المختطفين لديها، ومنها بدء المحاكمات والدعوة لإعلان حالة طوارئ في مناطق سيطرتها ومن ثم تعيين هيئة إفتاء جديد من فقهاء موالين لها سبق لهم مواقف متطرفة بشأن معارضي الميلشيات.

 

وكانت هذه الإجراءات بمثابة تدشين مرحلة جديدة من القمع بحق معارضيها تحت غطاء المحاكمات الشكلية والتهم التلفيقية التي تلصقها بكل المعارضين لها وهي "التخابر مع دول خارجية" ومن خلالها يتم تنفيذ عمليات تصفية بحق المختطفين وغيرهم.

 

ولم تكتف المليشيات بتنفيذ أحقادها التاريخية عبر مؤسسة القضاء التي يفترض أن تكون بعيدة عن المكايدات السياسية والحروب العبثية، بل شنت من خلالها حربا شعواء جميع شرائع المجتمع اليمني المعارضة لسياساتها أهدافًا سائغة، حيث أحالت 36 مختطفًا يقبعون في سجونها منذ أكثر من عامين، وجميعهم من معارضي الانقلاب على الشرعية.

 

"ضربونا بالحديد"

 

واشتكى المختطفون- وغالبيتهم أكاديميون ونقابيون وصحفيون وطلاب جامعة، من تعرّضهم للتعذيب الشديد قبل أن يعرضوا على المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء، وحكم على عدد منهم في جلسة واحدة بالإعدام، وهي محكمة أمن دولة كانت تحاكم المتهمين بقضايا ما يسمى الإرهاب.

 

الأستاذ في جامعة صنعاء يوسف البواب، أحد هؤلاء المختطفين، قال- خلال جلسة محاكمة منتصف 2017- إنهم يتعرضون للتعذيب البشع على أيدي عناصر المليشيا الحوثية داخل سجن الأمن السياسي، مضيفًا بقوله: "لقد عذبونا وضربونا بالحديد وعلقونا لمدة خمسة أيام وأرغمونا على شرب مياه المجاري ومياه الأمطار، وهم يمنعوننا من دخول الحمّام، ويرغموننا على قضاء حاجتنا في الزنازين داخل صحون".

 

أحكام جاهزة

 

من جهتها، نددت وزارة حقوق الإنسان في الحكومة اليمنية الشرعية بما أسمتها "انتهاكات المليشيا الحوثية بحق 36 مختطفا من أساتذة الجامعات والحقوقيين والإعلاميين، قامت بتقديمهم لمحكمة صورية بصنعاء".

 

وأشارت الوزارة إلى أن "الانقلابيين قاموا باختطاف واعتقال المواطنين دون أي مسوغ قانوني، وقاموا بسجنهم وممارسة كافة أنواع التعذيب عليهم لأكثر من عامين، فيما لا تزال أعداد كثيرة قيد الاختطاف والاحتجاز والإخفاء القسري، وهم يتعرضون بشكل يومي للتعذيب والمعاملة المهينة".

 

ووصفت الوزارة المحاكمات التي تقوم بها المليشيا بـ"الهزلية"، "حيث يصدر الانقلابيون أحكاما بالإعدام بعد عشر دقائق من بداية الجلسة، التي يرفض فيها من يسمي نفسه قاضيا تدوين أقوال المختطفين أو النظر في دعواهم التي كشفت عن تعرضهم لتعذيب بشع".

 

قتل تحت التعذيب

 

وكشفت وزارة حقوق الإنسان عن أن "أكثر من سبعين مختطفا قتلوا على يد مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية جراء التعذيب البشع وغير الإنساني في المعتقلات"، بينما ذكرت إحصائيات حقوقية أخرى أن عدد من قضوا تحت التعذيب 114 مختطفاً.

 

وكانت رابطة أمهات المختطفين أدانت "المحاكمة الهزلية للمختطفين"، وذكرت في بيان لها أن المعتقلين الـ36 تم اختطافهم قسرا، وإيداعهم سجن الأمن السياسي وتعريضهم لأبشع أنواع التعذيب.

 

وأشارت الرابطة إلى أن "سلطة الانقلاب لم تقم بإحالة المختطفين إلى النيابة الجزائية المتخصصة إلا بعد حوالي سنة من الإخفاء القسري والتعذيب الرهيب".

 

غسيل الجرائم

 

وتواصل مليشيا الحوثي الانقلابية، محاكمة المختطفين الـ36 حتى اللحظة بتهم باطلة، وهو ما اعتبر مراقبون بمحالة يائسة لغسل جرائم الانتهاكات والتنكيل الذي لحق بالضحايا منذ اختطافهم مرورا بإخفائهم قسرا وتعذيبهم وإساءة معاملتهم، وصولا لحرمانهم من حقهم في الطعن أمام القضاء بشرعية الاختطاف.

 

كما تحاول من خلال هذه المحاكمات الصورية تحسين سمعتها القاتمة أمام الداخل والخارج، وإضفاء نوع من الشرعية على إجراءاتها القمعية ضد المختطفين، واستخدام القضاء لتبرير جرائم الخطف والانتهاكات والتعذيب".

 

تشجيع دولي

 

سلسلة الجرائم الحوثية خلال السنوات الماضية، لاقت إدانات محلية واسعة على مستوى المنظمات والأفراد في الجانبين الحكومي والمدني، إلا أن التساهل الذي أبدته الجهات الدولية ذات العلاقة إزاء هذه الجرائم شجع المليشيات على ارتكاب المزيد منها وبمستوى أعلى وأبشع.

 

ففي مطلع العام الجاري 2018، قضت المحكمة الابتدائية الجزائية المتخصصة في صنعاء موالية الخاضعة لسيطرة المليشيا الانقلابية حكمًا بإعدام ثلاثة يمنيين بينهم امرأة، بتهمة «التخابر» لصالح التحالف العربي الداعم للشرعية في اليمن.

 

ونص منطوق الحكم - بحسب ما أوردته وسائل إعلام المليشيات الحوثي- على إعدام الثلاثة تعزيراً وهم «سعيد محفوظ الرويشد، وأسماء ماطر العميسي، وأحمد عبد الله باوزير، إضافة إلى الحكم بالسجن 15 عاماً على المواطن ماطر محمد العميسي، وهو والد أسماء العميسي المحكومة بالإعدام في الشق الأول من الحكم».

 

وكانت المليشيات الحوثية وجهت تهماً للأشخاص الأربعة بـ«التخابر وإعانة دول التحالف والعمل لصالحها»، وهو مماثل للحكم الذي سبق وأن أصدرته الجماعة ضد الرئيس هادي ومعاونيه، في الوقت الذي لا يزال آلاف اليمنيين من الناشطين والإعلاميين والأكاديميين في سجون مليشيات الحوثي الإرهابية ينتظرون ذات المصير ويواجهون ذات التهم الباطلة.

 

المصدر العاصمة أونلاين