الجمعة 29-03-2024 13:52:27 م : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

جرحى المقاومة والجيش الوطني.. رحلة في دهاليز المعاناة! (الحلقة الثانية)

الجمعة 13 إبريل-نيسان 2018 الساعة 03 مساءً / الإصلاح نت– خاص/ فهد سلطان

 




لم يحسم ملف جرحى الثورة نهائياً, وبقي طي الإهمال وتبادل التهم - وغياب المسؤولية - بين الحكومة ومؤسساتها, والجهات المهتمة بشؤون الجرحى والجرحى أنفسهم, ومثل بحق أسوء الملفات لدى الشرعية. لقد شعر الجرحى وأسر الشهداء بخذلان عميق وكبير متواصل ومستمر, فلم يحضوا بالاهتمام المناسب بحجم التضحيات التي قاموا بها في ميادين القتال.
بتاريخ 11نوفمبر/ تشرين الثاني 2013م, صدر القرار الجمهوري رقم (178) لسنة 2013م بإنشاء صندوق رعاية أسر شهداء وجرحى ثورة 11 فبراير الشبابية الشعبية السلمية والحراك السلمي في المحافظات الجنوبية, وكانت تلك الخطوة نقطة تفاؤل لحسم موضوع الجدل الدائر حول هذا الملف, مما أثر بشكل مباشر على اوضاع الجرحى وأسر الشهداء بشكل عام, خاصة وأن هذا القرار الجديد من قبل الحكومة, جاء على غرار إلغاء "مؤسسة وفاء" لرعاية أسر الشهداء والجرحى, إلا أن هذا الصندوق الجديد انتهى ولم يتم تفعيله, أو يمكن القول أنه فشل تماماً في القيام بأداء مهامه, وتبادلت الأطراف السياسية الاتهامات حول التعطيل, وعادت قضية الجرحى الى مربعها الاول!

معاناة جرحى المقاومة الشعبية


يمكن اعتبار عام 2015م هو الأسوأ – في تاريخ المقاومة - على الإطلاق, وهو العام الذي انتقلت فيه المقاومة الشعبية من خط الدفاع وصد الانقلاب - بشقيه الحوثي والعفاشي - منذ 19مارس/ اذار 2015م لحظة الاجتياح الواسعة للمحافظات والمدن في الشمال والجنوب, والسير نحو الى مرحلة التحرير وخاصة بعد تدخل التحالف العربي بعاصفة الحزم في 26 مارس/ اذار 2015م.
وهذا الخط والتحول للمقاومة - من الدفاع إلى التحرير - نتج عنه أعداد كبيرة من الجرحى والشهداء في صفوف المقاومة, يعود ذلك لعدد من الاعتبارات, منها قلة الإمكانات, ومستوى التسليح المنخفض مقارنة بتشكيلات الحرس الجمهوري المقاتلة في صفوف الانقلاب. كما أن كمية الألغام والانتقال لخط الهجوم, وخاصة في مدينة تعز ضاعف من أعداد الجرحى بشكل عام.
في منتصف ديسمبر/ كانون أول 2015م أعلن مستشفى الروضة الخاص بـ تعز, توقفه عن استقبال أية حالات من جرحى المقاومة الشعبية والجيش الوطني، يعود ذلك إلى انعدام مادة الأكسجين عن المدينة بالكامل, ونفاذ كمية كبيرة من الأدوية من داخل المستشفيات, كنتاج طبيعي للحصار المفروض على المدينة منذ ما يقارب العام, أعقبه مباشرة إغلاق قسم العمليات وقسم الحاضنات بشكل كلي داخل ذات المستشفى، وبات قسم العناية المركزة شبه مغلق.

تقارير رسمية


خلال عام واحد فقط ومنذ إنشاء أولى تشكيلات المقاومة الشعبية في تعز ومارب وعدن وباقي المحافظات اعتباراً من منتصف مارس/ أذار 2015م وحتى تاريخ 11 مارس/ أذار 2016م, وحسب تقرير رسمي عن جرحى المقاومة, نشر حينها في وكالة "سبأ" للأنباء التابعة للشرعية أشار الى أن عدد جرحى الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، الموالين للرئيس عبد ربه منصور هادي، بلغ 23 ألفاً, أصيبوا جميعاً في الحرب الدائرة في البلاد منذ عام, في المعركة المصيرية ضد جماعة الحوثيين المسلحة, والقوات التابعة للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح.
التقرير ذاته أشار الى أن 1850 جريحاً يتلقون العلاج في السعودية، ونحو 350 في السودان، و85 في الإمارات العربية المتحدة، و54 في سلطنة عمان، و635 في الأردن، وجميعهم يتلقون العلاج على نفقة مركز الملك سلمان للإغاثة والخدمات الإنسانية.
وفي تاريخ 13سبتمبر/ أيلول 2017م وقع مركز الملك سلمان عقوداً لعلاج دفعة جديدة لعدد 650 جريحا داخل اليمن, مع بعض المستشفيات الخاصة, يضاف الى جرحى آخرين لعدد 3257 جريحا يمنيا من جميع أنحاء الجمهورية, تلقوا العلاج في الداخل, حسب تصريحات مساعد المدير العام أحمد البيز.
لقد مثلت هذه الخطوة – الاستثنائية - لمركز الملك سلمان, تحولاً استراتيجياً في ملف جرحى المقاومة, وهو أن كان لم يحسم بشكل كامل, إلا أن هذه الانفراجة المحدودة في دعم العلاج والسفر خارج البلاد لعدد لا بأس به من الجرحى خفف من تعقيدات هذا الملف, كما أنه وفي نفس الوقت لا يزال خارج دائرة اهتمام حكومة الشرعية بصورة مباشرة, وهو ما يعني أن كل المبادرات بهذا الملف, بمجرد أن تتوقف أو تضعف أو تنتهي العقود سوف تعود المشكلة الى مربعها الأول.

فشل حكومي في احتواء ملف الجرحى


على نفس وتيرة جرحى الثورة الشبابية الشعبية سار ملف جرحى المقاومة والجيش الوطني, ورغم أن مركز الملك سلمان قد ساهم بصورة مباشرة والى حد كبير في إنعاش هذا الملف والتخفيف من حدته لدى الشرعية, إلا أن الفساد والمحسوبية عاد يعبث بهذا الملف من جديد, لا يبدأ بالانتقائية في عملية الترحيل للعلاج في الخارج, ولا ينتهي عند العبث المباشر بالمنح العلاجية من قبل وزراء وشخصيات محسوبة على الشرعية.
وبسبب تفاقم مشكلات الجرحى, بشكل عام وفي تعز بشكل خاص, فقد بدأ الجرحى بتنفيذ وقفات احتجاجية للضغط على الحكومة الشرعية. ففي 17 سبتمبر/ أيلول 2016م, نفذ عدد من جرحى المقاومة الشعبية بتعز، من الذين أصيبوا في المعارك الدائرة مع المتمردين الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح أنفسهم وحيدين، بعدما تعفنت جراحهم، وتدهورت حالتهم الصحية، وامتدت تلك الاحتجاجات لتشمل جرحى منطقة ميدي ومارب والبيضاء وأخيراً جرحى محافظة الضالع جنوب البلاد.
كان التجاوب الحكومي محدوداً, كما لم تنته المعاناة من خلال رحلات العلاج الى الخارج, إذا كانت كثير من المشكلات قد تضاعفت بسبب التعامل غير المسؤول مع الجرحى داخل المستشفيات وفي الدول التي وصلوا إليها, وهو ما فتح باباً آخر, وصل إلى فتح اعتصامات ومناشدات جديدة لحل المشكلات التي ترافق رحلاتهم للعلاج.