السبت 20-04-2024 10:14:50 ص : 11 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

جرحى المقاومة .. معاناة مستمرة وملفات مفتوحة (الحلقة الاولى)

الثلاثاء 10 إبريل-نيسان 2018 الساعة 07 مساءً / الإصلاح نت – خاص/ فهد سلطان

 

يعرف الجريح بأنه "وصف للجنود الذين تعرضوا لإصابة أثناء الحروب، ولكن لم يقتلوا, وعادة ما يعني أنهم بصفة مؤقتة أو دائمة، غير قادرين على حمل السلاح أو الاستمرار في القتال لمرة ثانية أو لفترة محدودة، وأيضًا يمكن أن يموت بسبب الإصابة التي تعرض لها، والتي غالبًا ما تكون نتيجة وقوع انفجار أو طلق ناري أو تهدّم مبنى شبه مدمر أو وطأ لغم أرضي"- الموسوعة الحرة.
يعد ملف جرحى الثورة والمقاومة والجيش الوطني, من الملفات الأكثر تعقيداً منذ 11 فبراير 2011م, لحظة اندلاع ثورة التغيير السلمية بوجه النظام السابق, يضاف إليهم ملف الشهداء منذ تلك الفترة أيضاً, ويختصر هذا الملف تحت مسمى "الشهداء والجرحى".



الشرعية وملف الجرحى
بالنظر إلى ملف الجرحى الشائك خلال السنوات الماضية, يمكن القول أنه الأكثر إيلاماً, فقد بقي هذا الملف متصدراً للأخبار والصحف والمواقع الالكترونية وجلسات الحكومة ووسائل التواصل الاجتماعي, لا يرجع ذلك لقلة الإمكانات ولكن بسوء الإدارة تارة والتلاعب الرسمي به من رأس الهرم وحتى أسفله تارة أخرى!


سيطول الحديث فيما لو أخذنا هذا الملف حول معاناة كل جريح لوحده, فوراء كل فرد منهم قصة وحكاية أليمة مع المعاناة, والتي يمتد بعضها لسنوات, وأخرى انتهت فصولها بالموت – لبعض الجرحى - جراء عدم الاهتمام واللا مبالاة من قبل الحكومة, كما هو الحال للجريح عبدالغني القدسي والذي أصيب في محرقة تعز الـ 6 يونيو/ حزيران 2011م, وتوفي متأثراً بجراحه في 20 سبتمبر/ أيلول 2011م من نفس العام بعد تعفن جراحه. وذات الأمر تكرر لـ جريح آخر يدعى صدام حسين قايد المسوري, من محافظة عمران جرح في محافظة مارب وهو يقاتل في صفوف المقاومة أوائل 2016م وتوفي بعد ستة أشهر من إصابته بعد تأخر سفره الى الخارج.

 

جرحى ثورة 11 فبراير 2011
كانت واحدة من أبرز الملفات التي واجهت شباب الثورة والأحزاب والتنظيمات المؤيدة للثورة موضوع الشهداء والجرحى, ففي لحظة الزخم الثوري لم يكن هناك جهة معينة يمكن أن تحتوي هذا الملف الخطير والمهم, كون المؤسسات الصحية كانت لا تزال بيد النظام السابق, وكل المستشفيات الحكومية يصعب الوصول إليها فضلاً أن الجرحى كانوا على قائمة الاستهداف, وحصلت حوادث عديدة في خطف الجرحى أثناء تلقيهم العلاج وبقوا في الزنازين والمعتقلات لسنوات.

 

المستشفيات الميدانية
تأسس فور اندلاع الثورة المستشفى الميداني بصنعاء وتعز وفي عدد من المحافظات الأخرى التي أقيمت فيها ساحات للاعتصام كمارب وعدن وإب, واستقبلت ساحاتها جرحى الثورة منذ اليوم الأول, كما شهدت توسعا سريعا للمستشفى الميداني بصنعاء والذي هو عبارة عن مسجد وملحقاته الخارجية لـ 200 سرير حسب تصريحات الدكتور محمد العباهي مدير المستشفى بتاريخ 18 مايو/ أيار 2011م, وجاء التوسع بعد مذبحة جمعة الكرامة بصنعاء في 18مارس/ اذار 2018م, وهي الحادثة التي خلفت أكثر من 500 جريح بإصابات مختلفة, وفي نفس اليوم قام الأطباء المتطوعون داخل المستشفى بإجراء 27 عملية جراحية مختلفة, وبعضهم نقل الى مستشفى العلوم والتنكولوجيا غرب العاصمة.


كان لتزايد عدد الجرحى في صفوف المؤيدين للثورة, تعزيز فكرة الانتقال الى مؤسسة تقوم على رعايتهم والاهتمام بالشهداء والجرحى, وهنا تشكلت مؤسسة وفاء لرعاية أسر الشهداء والجرحى بشكل طوعي وغير رسمي, من عدد من رجال الأعمال وشخصيات اجتماعية وسياسية, وكان أول مبلغ تم جمعه عقب جمعة الكرامة لذات الهدف مبلغ 60 مليون ريال حسب تصريحات لرئيس المؤسسة.


وبدأ فوراً أول نشاط للمؤسسة تشكيل لجنة مباشرة من قلب الساحة وتم الاتفاق على تقديم 200 الف ريال لكل أسرة شهيد و60 ألف كمواد غذائية من احد المجمعات الغذائية، وكان ذلك بعد أسبوع واحد من تأسيس المؤسسة. ففي تاريخ 6 فبراير/ شباط 2013م كانت إحصائية الشهداء في تقارير مؤسسة وفاء على النحو (1443) شهيدا وقرابة 5 آلاف جريح في كل محافظات الجمهورية.


وهنا: تضاعفت معاناة جرحى ثورة 11 فبراير, ولم تستطع مؤسسة "وفاء" أن تفي بالتزاماتها تجاه الجرحى والشهداء بسبب قلة الإمكانات وتزايد أعداد الجرحى, كما يلاحظ أن الدور الرسمي كان محدود إن لم يكن معدوم اثناء حكومة الوفاق الوطني, وقد شهدت تلك الفترة اعتصامات, واستغلال لملف الجرحى من قبل النظام السابق وتيارات داخل اللقاء المشترك, انتهى بحل مؤسسة وفاء وتشكيل صندوق الشهداء والجرحى والذي سيتوقف نشاطه سريعاً, وستعود قضية الجرحى للبروز من جديد.

 

الانتقال بالملف إلى الطور الرسمي
فور انتخاب الرئيس عبده ربه منصور هادي رئيساً للبلاد 21 فبراير/ شباط 2012م, حيث أصدر القرار رقم (8) لسنة 2012 بشأن ضحايا الاحتجاجات السلمية ونصت مادته الأولى الفقرة (ج) بأنه "على الحكومة توفير الرعاية الصحية للمصابين ومعالجتهم في الداخل والخارج بحسب طبيعة الإصابة" غير أنه منذ ذلك الحين ظل العشرات من الجرحى وعلى شهور طويلة يترددون على بوابة مجلس الوزراء مطالبين بتدارك جراحاتهم قبل أن تستفحل لكن الحكومة, قابلتهم بالتسويف وبالوعود من وقت إلى آخر فيما كانت معاناة ومضاعفات إصاباتهم تتزايد وحالاتهم الصحية تتدهور حتى أن بعضهم قضى متأثراً بجراحه بسبب ضعف أحوالهم المادية.


وسيتكرر هذا الأمر في كثير من القرارات التي كانت تصدر من الرئاسة أو الحكومة, في سير حثيث على منوال النظام السابق, إعلان قرارات جيدة وإفراغها من محتواها في نفس الوقت, ويمكن القول أن ذلك القرار التاريخي الذي أصدره الرئيس توقف عند الإعلان, إذا ما تم مقارنة جهود الحكومة أمام خطوة هذا الملف الشائك والخطير.


يتبع..