الخميس 18-04-2024 12:21:34 م : 9 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

التعذيب الوحشي.. منهج الحوثيين المستمر في التعامل مع المختطفين

الجمعة 06 إبريل-نيسان 2018 الساعة 08 مساءً / الإصلاح نت - خاص/ وئام اسماعيل

 

ليس بخبر جديد أن نسمع في اليمن عن حالات تعذيب وحشية تستهدف المختطفين والمخفيين قسرا في سجون مليشيات الحوثي الانقلابية، التي أسقطت العاصمة صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014.

 

يتعرض المختطفون والمخفيون قسرا لمختلِف أنواع التعذيب الجسدي والنفسي في سجون ومعتقلات المليشيات، وقضى جراء ذلك 113 يمنيا، وفق منظمة رايتس رادار لحقوق الإنسان في العالم العربي.

 

واعتبر الناطق الرسمي لمنظمة "رايتس رادار"، خيرارد فاندير كرون، أن قضايا القتل تحت التعذيب من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان "ترقى إلى مستوى جريمة حرب وفقا للقانون الإنساني الدولي"، مؤكدا أن استمرار صمت المجتمع الدولي إزاء تلك الانتهاكات يشجع مرتكبيها على تكرار المزيد منها.

 

خلال العام 2017 فقط، ذكر التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان "تحالف رصد" في تقريره السنوي الثاني، أن 28 شخصا توفوا في سجون ومعتقلات مليشيات الحوثي الانقلابية.

 

وترتفع بشكل دائم أعداد القتلى جراء التعذيب مع استمرار تلك الممارسات، التي كان آخر ضحاياها التربوي أحمد محسن علان، الذي توفي في سجن عبس بحجة، جراء التعذيب الذي تعرض له، بعد اختطافه وإخفائه قسراً لمدة شهرين.

 

 ومنذ انقلاب سبتمبر/أيلول 2014، نفذت مليشيات الحوثي عمليات اختطاف كثيرة غير قانونية، طالت مختلف مناوئيها في المحافظات الخاضعة لسيطرتها.

 

المعمري أنموذجا

 

جمال المعمري هو أحد أبرز ضحايا مليشيات الحوثي الانقلابية، الذي أفرجت عنه قبل أيام بصفقة تبادل أسرى، بعد اختطافه منذ مارس/آذار 2015.

 

فقد خرج من معتقلات الحوثيين محمولا على نقالة، نتيجة لإصابته بالشلل التام جراء التعذيب الوحشي الجسدي والنفسي الذي تعرض له.

 

روى بعض تفاصيل تلك الجريمة الدكتور عبدالقادر الجنيد أحد المختطفين السابقين لدى مليشيات الحوثي، والذي قضى قرابة ثلاثة أشهر مع المعمري في زنزانة واحدة.

 

فبحسب الجنيد فقد تعرض المعمري للشلل جراء التعذيب الذي أدى إلى قطع أعصاب الضفيرة العضدية للذراع، وتلف عصب النسا في منطقة الألية، ونتيجة لضمور عضلاته لعدم الحركة، والتغذية السيئة، ونقص فيتامين دي الذي أدى إلى إصابته بالكساح، وشلل كل العضلات.

 

وذكر أن المعمري كذلك تعرض لعملية إخصاء بشعة، لافتا إلى أن حالته النفسية كانت في "الحضيض" على حد وصفه.

 

وأكمل المعمري قصة معاناته لوسائل الإعلام، والتي كشفت عن الوجه الأكثر بشاعة للمليشيات الحوثية، فقد ذكر في إحدى وسائل الإعلام المحلية، أنه تعرض للضرب المباشر بأعقاب البنادق حتى أغمي عليه، وأصابوا فقرات عنقه بجروح خطيرة، إضافة إلى الضرب على مؤخرة الرأس والعمود الفقري، والضرب بأسلاك الكهرباء وإحراق وثقب بعض أعضاء جسده.

 

وتحدث كذلك عن تعرضه للحرمان من النوم واستخدامه وبعض السجناء كدروع بشرية، وضعه في غرفة لا تصلها الشمس، فضلا عن إطلاق عن إطلاق مضاد الطيران من قربه، ما أدى إلى إصابته بالألم في أذنيه، ما زال يعاني منه حتى اليوم.

 

أساليب أبو غريب

 

من خلال سرد المفرج عنه جمال المعمري عن حالات التعذيب التي تعرض لها وآخرون، تذكرنا أساليب التعذيب التي استخدمت معه بكتائب الموت العراقية في معتقل أبو غريب الشهير، حيث تعرض لعملية شوى إحدى قدميه حتى تناثر لحمها -بحسب المختطف المعمري- ثم قام الحوثيون بعد ذلك بثقب فخذه بالمثقاب الكهربائي (الدريل)، وهي نفس العملية التي كان يستخدمها جبر صولاغ –وزير الداخلية العراقي بعد الاحتلال- ومليشياته بحق المختطفين السنة في أقبية وزنازين المختطفين في العراق، مما يؤكد أن المشروع الإيراني واحد وأساليب تعذيب مليشياتها واحدة في العراق وسوريا واليمن.

 

أهداف الحوثيين من العنف

 

وفي هذا السياق يؤكد الناشط والحقوقي عبدالرحمن برمان، أن الحوثيين مارسوا عمليات الاعتقال والإخفاء القسري علي نطاق واسع، لم يشهده اليمن في تاريخه.

 

وأشار إلى وجود آلاف المعتقلين الذين يتعرضوا لتعامل سيء، وتعرضوا للإخفاء القسري خاصة خلال الأسابيع الأولى من وجودهم في سجون الانقلابيين.

 

ووفقا لبرمان فإن قرابة 90% من المختطفين والمخفيين قسرا ينتمون إلى طبقة المتعلمين الذين يمكن أن يؤثروا في المجتمع، وعلى رأسهم القيادي في حزب الإصلاح محمد قحطان، وفيصل رجب، ووزير الدفاع محمود الصبيحي، وناصر هادي.

 

وتحدث عن قيام المليشيات بتعذيب المختطفين والمخفيين بصورة بشعة، كبتر أعضائهم أو إعدامهم بالرصاص، وإطلاق النار عليه أثناء التحقيق.

 

وحول سبب لجوء المليشيات لأساليب التعذيب، يرى برمان أن الحوثيين هم جماعة عنف وتربت عليه، وليس لديها أي هدف سوى الانتقام والحقد على كل من يخالفها، وإسكاتهم بالإخفاء القسري أو الاختطاف.

 

وبيَّن أن الحوثيين يمارون التوحش بشكل بشع، ليرعبون المواطن وتمنع الناس دون مواجهتهم، وهو ما لم يتحقق، وخرج اليمنيون ضدهم يقاتلوهم في مختلف المدن، رفضا منهم لأي جماعة تسيطر على السلطة بالقوة، أو بادعائها أحقيتها بالحكم.

 

معاناة ومَطالب

 

وفي وقت سابق، اتهمت الحكومة الشرعية مليشيات الحوثي الانقلابية بتعذيب مئات المعتقلين حتى الموت، ودعت إلى سرعة الإفراج الفوري عن كافة المعتقلين.

 

بينما كشفت مديرة حملات المنظمة الدولية سماح حديد، عن تنفيذ مليشيات الحوثي منذ عام 2016 موجة من الاعتقالات التعسفية والاحتجازات والإخفاء القسري، شملت صحفيين ومدافعين عن حقوق الإنسان والأقليات الدينية.

 

وتؤكد أسرة الصحفي عبدالخالق عمران المختطف في سجون مليشيات الحوثي، أنه يكاد لا يوجد سجين دخل معتقلات المليشيات، وخرج على ما كان عليه من الصحة، (في إشارة إلى تعرضهم للتعذيب).

 

وأضافت: "القلق والخوف الذي يعيشونه من أول ما يتم التهجم عليهم بالسلاح والدبابات، يجعلهم لا يفكرون إلا بطريقة الموت التي سينالونها على يد المليشيا".

 

وأشارت إلى صعوبة معاناتهم في السجون، جراء تعرض السجناء للتحقيق في مختلف الأوقات، وتحت سطوة السلاح ووجود الملثمين حولهم، فضلا عن تعرضهم للتعذيب الجسدي والنفسي كالتجويع والتهديد، والتعليق، والضرب.

 

وطالبت بالإفراج عن مختلف المخطوفين والمخفيين قسرا، والإفراج عن الصحفي عبدالخالق عمران، الذي تم احتجازه وعدد من الصحفيين دون أي مبرر قانوني.

 

إنصاف الضحايا

 

وكثيرا ما تجدد المنظمات الحقوقية دعواتها لوقف الانتهاكات التي تمارسها المليشيات،  منها العفو الدولية التي طالبت بالإفراج فورا وبدون قيد أو شرط عن جميع معتقلي الرأي الذين يقبعون في السجون.

 

في صعيد ذلك،  لا يعتقد الحقوقي موسى النمراني أن يأخذ الحوثيون بملاحظات المنظمات الدولية بالحسبان، عند رسم سياساتهم التي تنطوي على انتهاكات لحقوق الإنسان.

 

واستطرد: "وبالتالي لا يمكن وضع اللوم على عاتق هذه المنظمات، سواء تلك التي أبدت رفضها للانتهاكات التي يقوم بها الحوثيون، أو الأخرى التي تتعرض للخداع وتبني مواقفها على معلومات مضللة، يزودها بها أفراد يعملون لصالح المليشيا، سواء من داخل تلك الجهات أو من مؤسسات محلية حليفة.

 

ولا يعول النمراني على إنصاف للضحايا من خلال المحاكم الدولية؛ كونها بمثابة نهاية الخدمة لمنتهكي حقوق الإنسان، بقدر ما يؤمن بقدرة القانون اليمني والقضاء على إنصاف الضحايا في حال توفرت الأجواء السياسية والأمنية المناسبة، من خلال بسط الدولة سلطتها وسيطرتها على البلاد بمختلف المؤسسات الرسمية.

 

الجدير ذكره أن عدد المعتقلين في سجون مليشيات الحوثي نحو 7000 مختطفا، يتوزعون على 643 سجنا غير قانوني، بحسب منظمة "رايتس رادار".

 

كما تعمل مليشيات الحوثي على قمع الوقفات الاحتجاجية التي تنفذها منظمة أمهات المختطفين والمخفيين قسرا، والتي كثيرا ما تطالب بالإفراج عن أبنائهن دون شروط.