الجمعة 29-03-2024 17:07:41 م : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

محمد قحطان.. من النضال السلمي إلى سجون الانقلابيين

الخميس 05 إبريل-نيسان 2018 الساعة 10 مساءً / الإصلاح نت- خاص

     

ما زالت قضية اختطاف وإخفاء السياسي والقيادي في حزب الإصلاح الأستاذ محمد قحطان تتفاعل على كافة المستويات، منذ اختطافه من قبل مليشيات الحوثيين وقوات الرئيس الراحل علي صالح في 4 أبريل 2015، ورفضها مختلف المطالب بالإفراج عنه، نظرا لكبر سنه وتدهور حالته الصحية جراء إصابته بمرض السكري، بل وترفض حتى الإفصاح عن مكان اعتقاله والسماح لأسرته بزيارته.

 

ورغم أن قحطان عرف بمعارضته القوية لنظام علي صالح ورفضه أيضا للانقلاب، لكنه كان يمثل صوت العقل والحكمة من بين مختلف القادة السياسيين في اليمن. وبفضل انفتاحه على الجميع، فقد كان صديقا للسياسيين والإعلاميين من مختلف الأحزاب والتيارات السياسية، وكان لا يعدم الحلول لمختلف المشاكل والأزمات التي تعصف بالبلاد.

 

وتعكس قضية اختطافه كل هذه المدة، وعدم الإفراج عنه أو على الأقل الإفصاح عن مكان اعتقاله والسماح لأسرته بزيارته، تعكس مدى بشاعة السقوط الأخلاقي لمليشيات الحوثيين، ويعني ذلك أيضا عدم إيمان مليشيات الحوثيين بالحوار والحل السياسي للأزمة اليمنية، خاصة وأن قحطان كان أبرز دعاة الحوار والحلول السلمية لمختلف الأزمات الداخلية، ولم يغفر له حتى موقفه المناهض لحروب صعدة الست، التي كان يشنها الرئيس الراحل علي صالح على الحوثيين.

 

 سيرة ذاتية

 

ولد محمد محمد قحطان قائد في عام 1958 بمديرية مذيخرة محافظة إب، ودرس حتى الثانوية في مدينة تعز، ومن ثم التحق بالجيش، بعد ذلك دخل كلية الشريعة والقانون بجامعة صنعاء، وعمل مدرسا في تعز خلال الفترة (1974 - 1980).

 

وبخصوص نشاطه الحزبي، فقد تولى قحطان رئاسة الدائرة التنظيمية لحزب الإصلاح حتى عام 1994، ثم تولى رئاسة الدائرة السياسية للحزب، وبعد إعلان تكتل أحزاب اللقاء المشترك، في عام 2003، عمل ناطقا باسم التكتل حتى عام 2011، وهو أيضا عضو في الهيئة العليا لحزب التجمع اليمني للإصلاح، ومثّل حزب الإصلاح في مؤتمر الحوار الوطني.

 

وبعد انقلاب الحوثيين والرئيس الراحل علي صالح على السلطة الشرعية، اختطفه مسلحون من المليشيات الانقلابية، في 4 أبريل 2015، بعد فرض إقامة جبرية عليه لعدة أيام.

 

وكانوا قبل ذلك قد اعتقلوه وهو في طريقه إلى محافظة إب، في 24 فبراير 2015، وأعادوه إلى منزله في صنعاء، وفرضوا عليه إقامة جبرية، وبعد ذلك اختطفوه ضمن عدد كبير من قيادات وأعضاء حزب الإصلاح، وإخفاء بعضهم قسرا، بسبب موقف حزب الإصلاح الرافض للانقلاب، والمؤيد لتدخل التحالف العربي بقيادة السعودية للقضاء على الانقلاب وإعادة السلطة الشرعية.

 

وفي 20 يناير 2016، قالت منظمة العفو الدولية، في بيان عاجل لها، إن قحطان عرضة للتعذيب، وإن حالته الصحية قد تتدهور بسبب إصابته بمرض السكري.

 

  سنوات النضال

 

عرف محمد قحطان بنضاله ضد الاستبداد والظلم منذ شبابه، وبدأ ذلك بنضاله ضد الظلم الذي كان يمارسه بعض الشيوخ القبليين في محافظة إب، ثم برز كمناضل كبير ضد فساد واستبداد نظام الرئيس الراحل علي صالح، وكان أول من نادى برحيل علي صالح من السلطة، حدث ذلك في العام 2007، بعد أن رأى أن علي صالح ونظامه يقودون البلاد إلى المجهول، وأن التدهور المتسارع قد طال مختلف مناحي الحياة.

 

كان محمد قحطان قارئا نهما، ومحاضرا بارعا، ولديه ثقافة سياسية واسعة، مؤمنا بالنضال السلمي، ويصدح بكلمة الحق كلما سكت الجميع، غير مبالٍ بالسباب والشتائم والتهديد الذي كان يطاله من قبل نظام علي صالح، حتى بعد محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها عن طريق رسالة وصلته عبر شخص مجهول، وأثناء فتحها انفجرت في وجهه.

 

كما كان قحطان من أكثر السياسيين تجاوبا مع الإعلاميين ووسائل الإعلام المختلفة، وعرف بصداقته للإعلاميين من مختلف الأحزاب والتيارات السياسية، وكان في تصريحاته الصحفية ينتقي كلماته بعناية، لتصل رسالته للطرف الآخر بقوة، حتى وإن اضطر إلى أسلوب السخرية، وهو الأسلوب الذي كان يثير عليه سخط وجنون علي صالح وإعلامه.

 

ومن مواقفه السياسية المشهورة، عندما سُئل عن موقفه من إعلان علي صالح بعدم ترشحه لانتخابات 2006 الرئاسية أجاب بأنه أصيب بالصدمة جراء ذلك الإعلان، وظل يرفض الحديث عن ذلك كلما وُجه له نفس السؤال، بمبرر أنه ما زال تحت تأثير الصدمة، وبعد أن تراجع علي صالح عن إعلانه بعدم الترشح، قال قحطان بأنه فاق من صدمته.

 

وبعد انتهاء الانتخابات، والإعلان عن فوز علي صالح قبل اكتمال فرز الأصوات، بدأت الأزمات المعيشية تتوالى، وبدأ علي صالح ونظامه يتهمون أحزاب المعارضة بإثارة الأزمات، فوجه محمد قحطان كلمته إلى علي صالح مباشرة، قائلا له: "إذا كنت رئيسا بالفعل فأعد سعر البيضة كما كان قبل الانتخابات"، وكان سعر البيضة حينها قد ارتفع من 20 ريالا إلى 30 ريالا.

 

ومع تزايد حدة الأزمات المعيشية، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وتعقد الأوضاع في الجنوب وفي محافظة صعدة، وفشل علي صالح في تنفيذ برنامجه الانتخابي، طالب قحطان برحيل علي صالح من السلطة إنقاذا للبلاد. وعندما قال علي صالح بأن لديه "حزمة إصلاحات"، رد عليه قحطان بسخرية قائلا: "لو قلت أنه لديك حزمة حطب لصدقناك".

 

وخلال مؤتمر الحوار الوطني، أعلن محمد قحطان "الصمت" عدة مرات، احتجاجا على "عنجهية الحوثيين"، ووصف تمدد الحوثيين بتواطؤ ودعم علي صالح بـ"الانتفاشة"، وأبدى رفضه للخطوات الانقلابية من قبل الحوثيين وحليفهم حينها الرئيس السابق علي صالح، وكان يدعو للحل السلمي للأزمة.

 

واليوم، تحولت قضية اختطاف وإخفاء السياسي محمد قحطان إلى قضية رأي عام محلي ودولي، خاصة مع تزايد المطالب المحلية ومطالب منظمات حقوقية دولية بالإفراج عنه، لاسيما وأنه يعاني من تدهور وضعه الصحي جراء إصابته بمرض السكري، إضافة إلى تقدمه في السن، وما زالت قضيته تعكس المدى الذي وصل إليه السقوط الأخلاقي للحوثيين.