الجمعة 29-03-2024 02:09:49 ص : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

 هل العاصمة المؤقتة عدن على أعتاب مرحلة جديدة؟

السبت 20 يناير-كانون الثاني 2018 الساعة 07 مساءً / الإصلاح نت – خاص/ فهد سطان

 



الخميس الماضي كان السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر قد وصل الى مطار عدن الدولي قادماً من الرياض في أول زيارة له الى محافظة عدن منذ تحريرها 2015م, وبعد وصوله توجه مباشرة الى ميناء عدن, حيث التقى المسؤولين داخل الميناء, الى جانب لقاءات أخرى في الحكومة الشرعية ابرزها لقائه برئيس الحكومة الدكتور أحمد عبيد بن دغر.


زيارة السفير السعودي آل جابر الى عدن في هذه الأثناء, جاءت عقب الإعلان عن منحة سعودية, بمبلغ 2 مليار دولار لدعم الريال اليمني, والذي تدهور خلال الأسابيع الماضية امام الدولار بصورة مريعة, حيث شهد تراجعاً كبيراً وغير مسبوق, فقد وصل الى أكثر من 510 ريالات للدولار الواحد, وفي ذات السياق تضرب المجاعة عدداً من القرى والارياف في عدد من المحافظات اليمنية, وسط تحذيرات محلية واقليمية من كارثة إنسانية بسبب تدهور الاوضاع الاقتصادية, حيث اوضح أنه يجري حالياً التنسيق مع الحكومة اليمنية لبدء تنفيذ العمليات الإنسانية الشاملة وكذا دراسة الاحتياجات العاجلة في الموانئ والطرق، والاستعداد للإعلان عن خطة العمليات الإنسانية الشاملة في اليمن خلال أيام .. متوقعاً أن يشهد الوضع الاقتصادي تحسن ملحوظاً كما ستزيد الواردات مقارنة بالعامين الماضيين .
السفير السعودي آل جابر عين رئيساً لملف إعادة الاعمار في اليمن, وحسب بعض المعلومات التي اوردتها صحف سعودية, وتصريحات في الحكومة الشرعية فإن ملف الإعمار سينطلق خلال الاشهر القليلة القادمة, حيث ستعقد مؤتمرات وندوات لإعادة الإعمار, وهو ايضاً بحسب مراقبين ربما يعكس جدية في حسم ملف الحرب في اليمن, والذي بات مرهقاً للشعب اليمني في المقام الاول, وللتحالف العربي ايضاً, خاصة أن مؤسسات الدولة انهارت, ولا يزال الحوثيون يرفضون الانصياع لأي حل سياسي, ينهي المعاناة التي تعيشها البلاد مثل ثلاث سنوات.


وصرح آل جابر "ان المملكة العربية السعودية تريد يمناً قوياً يسوده الأمن وينعم بالرخاء، في حين يريد الحوثيون ومن ورائهم إيران يمناً ضعيفاً تسوده الفوضى والفقر وانعدام الأمن, كما اشار إلى أن الوديعة السعودية المقدرة بملياري دولار التي وضعتها في حساب البنك المركزي اليمني يأتي في إطار حرص المملكة على الشعب اليمني ومقدراته ".


في أواخر فبراير/ شباط ٢٠١٧م كان رئيس الحكومة اليمنية الدكتور أحمد عبيد بن دغر قد أعلن أن مرحلة ‏الإعمار في البلاد ستبدأ خلال أشهر، وقبل ذلك التصريح بأيام قلائل كان الرئيس عبد ربه منصور هادي، قد تحدث عن تقديم السعودية عمليات دعم للاقتصاد وإعادة الإعمار, غير ان الاوضاع السياسية غير المستقرة في العاصمة المؤقتة عدن حالت دون ذلك, وهو ما يظهر من خلال التحركات الاخيرة أنها محاولة استدراك ذلك التعثر والبدء بمرحلة جديدة, وكل ذلك كفيل بمحاولة تنشيط العمل الاقتصادي المتوقف داخل البلاد منذ بداية الحرب.

 

ميناء عدن


يطرح سؤال بشكل ملح, لماذا بدأ السفير السعودي محمد آل جابر جولته الأولى في العاصمة المؤقتة عدن بزيارة الميناء!, هل لذلك دلالة معينة وخاصة بعد إقرار المنحة السعودية لدعم الريال اليمني؟
هذا السؤال يدفع اولاً لمعرفة طبيعة الميناء وماذا يشكل في اقتصاد اليمن قديماً وما يمكن أن يكون عليه مستقبلاً, وكيف أن هذا الميناء فيما لو كتب له أن يعود الى واجهة الاقتصاد من جديد, فإنه سيمثل الاساس لإعادة الاقتصاد اليمني من جديد, وسيمثل داعم ورافد حقيقي وكبير ومهم للشرعية في المناطق المحررة.
حيث يعد ميناء عدن أحد أهم الموانئ البحرية الرئيسية والهامة بمنطقة خليج عدن, كما يعتبر من أكبر الموانئ الطبيعية في العالم, وخلال الخمسينيات من القرن الماضي, تم تصنيفه كثاني ميناء في العالم بعد نيويورك لتزويد السفن بالوقود. واهمية الميناء أنه يقع على الخط الملاحي الدولي, الذي يربط الشرق بالغرب, ولا تحتاج السفن لأكثر من 4 أميال بحرية فقط لتغيير اتجاهها للوصول إلى محطة إرشاد الميناء, كما يتميز بأنه محمي طبيعياً من الأمواج, والرياح الموسمية الشمالية الشرقية, والجنوبية الغربية, وذلك لأنه يقع بين مرتفعي جبل شمسان على بعد 553 متر وجبل المزلقم على بعد 374 مترا, مما يمكنه من العمل دون توقف طوال العام, وهذه ميزة حيوية وغاية في الاهمية, كما يغطي الميناء مساحة مقدرة بـ 8 أميال بحرية من الشرق إلى الغرب و5 أميال بحرية من الشمال إلى الجنوب.
هذه الصورة التقريبية لميناء عدن, تعزز الأهمية البالغة لإعادة تشغيله من جديد, وهو الملف الذي سيكون أمام الشرعية انجازه فيما لو حصل تعاون حقيقي بين الشرعية والتحالف, من واقع الزيارة الاخيرة للسفير السعودي الى الميناء, والذي سيعيد الاعتبار لتعزيز الاقتصاد اليمني مرة أخرى.

 

الملف الامني في المناطق المحررة


يعتبر الملف الامني واحداً من أبرز المشكلات التي واجهت الشرعية خلال الفترة الماضية في المناطق المحررة, وسبب لها انتقادات واسعة, وعلى الاقل منذ تحرير عدن؛ فالملف الامني المرتكز الاول لإعادة الاستقرار المنشود والذي ظل هشاً حتى هذه اللحظة, والذي على ضوئه يمكن الحديث عن أي خطوة في الملف الاقتصادي والسياسي في نفس الوقت. وقد مثل القلق عامل اساسي في اضعاف الحكومة عن تأدية الدور المطلوب منها انجازه, بما ينعكس ذلك على اداء الشرعية بشكل عام!
كما كانت واحدة من المشكلات القائمة, ايضاً هو طبيعة التعاطي الأمني والإعلامي والاقتصادي للحكومة الشرعية ودول التحالف العربي مع أزمة المناطق المحررة ، فقد نظر لها الكثير أنها لا يرقى إلى مستوى المعالجة والحل بصورة حاسمة، فغياب المؤسسات للدولة واحدة من مشكلات الشرعية, وظهور تشكيلات عسكرية وأمنية خارج سلطة الشرعية مشكلة اخرى جميعها ساهمت في غياب الاستقرار الذي كان ينشده الناس هناك.
هل تنجح الحكومة اليمنية في الاستفادة من المنحة السعودية لتثبيت الريال؟


هذا هو أهم سؤال أمام الحكومة الشرعية بعد المنحة السعودية لدعم استقرار الريال اليمني, وهو ما يعني حسب مراقبين أن اي جديد في هذا الملف سيسبقه تغيرات وترتيبات لإعادة انعاش اقتصاد البلاد المتدهور والذي تمثل له هذه المنحة فرصة أخيرة للحياة, عبر محاولة جادة في ايجاد طرق فعلية تتجاوز كل اخطاء الماضي وتحاصر المشكلات التي اعقبت نقل البنك المركزي الى عدن دون أن يعقبه تحرك فعلي يستفيد من طبيعة النقل ذاته.
كان للاستنزاف الكامل الذي قام به الحوثيون للاحتياطي النقدي الاجنبي داخل البنك المركزي بصنعاء على قمة المشكلة الاقتصادية التي تشهدها البلاد, غير أن هذه المشكلة يمكن تداركها الآن بحسب مراقبين إذا كانت هناك خطوة جديدة من خلال قيادة جديدة للبنك, وتشكيل لجنة فعلية لمتابعة الوديعة المالية الخاصة بتثبيت الريال.

 

قيادة جديدة للبنك


في متابعة بسيطة لملف البنك المركزي اليمني منذ صدور قرار نقله في منتصف سبتمبر/ ايلول 2016م من صنعاء الى مدينة عدن العاصمة المؤقتة يلاحظ أن التنبؤ بالفشل كان حاضراً لدى اغلب المتابعين وخاصة من الذين لهم اهتمام بالشأن الاقتصادي، ابتداءً من الإدارة ذاتها وانتهاء بالظروف المحيطة بالبنك من جانب آخر, وهو ما سيعني بالضرورة أن تغير إدارة البنك أو تشكيل لجنة خاصة للمعاجلة هي الخطوة العملية في هذا الملف, لتدارك الانهيار الكامل لاقتصاد البلاد وفي نفس الوقت العمل على الاستفادة من الوديعة الجديدة المقدمة من المملكة العربية السعودية.