الأربعاء 01-05-2024 13:07:26 م : 22 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

قنص وقصف وألغام.. سكان "تعز" بين حقد المليشيا الحوثية والتجاهل الأممي

الأربعاء 30 أغسطس-آب 2023 الساعة 04 مساءً / الإصلاح نت-خاص

 

لا تزال مدينة تعز تتعرض لعقاب جماعي وحشي من خلال الحصار الذي تفرضه مليشيا الحوثي على المدينة للعام الثامن على التوالي، وسط تأكيدات حكومية مؤخرًا عن وصول التفاوض مع المليشيا الحوثية بشأن فك الحصار على تعز إلى "طريق مسدود"، وذلك في ظل صمت دولي، وعجز حكومي.

لم يكن الحصار الحوثي المفروض على تعز هو الجريمة الوحيدة التي ترتكبها المليشيا الإرهابية بحق سكان المدينة، فجرائم القتل والإبادة الحوثية، وجرائم القصف المدفعي والطيران المُسيّر، وليس ختامًا بالألغام التي تحصد أرواح السكان المدنيين وعلى رأسهم النساء والأطفال، والتي ستظل ذكرى موحشة تلاحق المليشيات.

إضافة إلى ما سبق، فعملية القنص ضد المدنيين لم تتوقف، وكذا القصف الحوثي ضد الأحياء السكنية، جميعها جرائم تضاف إلى سجل المليشيا الحوثية التي أظهرت حقدًا لا متناهيًا ضد مدينة تعز، التي قابلت كل ذلك الصلف الحوثي بصمود أذهل العالم، وجعل منها منارة يهتدي في دربها السائرون على طريق الحرية والكرامة والتحرر.

ورغم الوعود المتكررة التي تطلقها الشرعية، وكذا الأمم المتحدة بشأن تعز وفك الحصار عنها؛ إلا تلك الوعود لا تزال تمثل سرابًا، وحبرًا على ورق، خصوصًا مع كسب المليشيا فوائد الهدنة، مقابل ضربها عرض الحائط بكل بنودها التي كانت "تعز" تمثل قضيتها الرئيسية، وفقا للمبعوث الأممي هانس غروندبيرغ.



أطول حصار في التاريخ

في تقريره الصادر مطلع يوليو المنصرم، وصف مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان حصار تعز بأنه "الأطول في التاريخ"، مؤكدا أنه وثق مقتل وإصابة أكثر من 22 ألف مدني في تعز خلال ثمانية أعوام، مشيرا إلى أن عشرات الألغام زرعتها المليشيا في المحافظة، حصدت أرواح نحو 779 مدنيًا، بينهم 38 طفلا، و23 امرأة.

وأشار التقرير إلى أن المليشيا تعمد بهذا الحصار وممارسة القتل اليومي على استمرار منهجها نحو إبادة المدينة وأهلها، وارتكاب أشنع جريمة على وجه التاريخ بشكل عنصري ضد أبناء المحافظة الأكثر سلمية ونضالا، ولم تتوقف حتى في ظل الهدنة الأممية التي دخلت حيز التنفيذ مطلع أبريل/نيسان الماضي.

كما وثق تقرير المركز ذاته، نحو 500 انتهاك ارتكبتها مليشيا الحوثي في تعز خلال النصف الأول من العام الجاري، تنوعت تلك الانتهاكات والجرائم وفقا للتقرير بين القتل جراء القصف بالقذائف والصواريخ والطيران المسيّر، ورصاصات القناصة الحوثية، فضلا عن جريمة تصفية وجريمة قتل دهسا بطقم عسكري.

 

قصف القرى الآهلة بالسكان

ورغم الهدنة الأممية إلا أن الجرائم الحوثية لم تتوقف، ولعل آخرها القصف المدفعي الذي استهدف القرى الآهلة بالسكان غربي تعز، ما أدى إلى مقتل وإصابة 18 مدنيًا نتيجة قصف مدفعي شنته مليشيا الحوثي على إحدى القرى غرب مديرية مقبنة، لتكون شاهدًا جديدا على وحشية المليشيا وجرائمها التي لا تتوقف ضد المدنيين في تعز رغم الهدنة الأممية.

كما شنت المليشيا في الـ 20 من أغسطس الجاري، قصفًا مدفعيًا استهدف المناطق السكنية جنوب غربي تعز. حيث قصفت المليشيا بـ 40 قذيفة هاون قرى الحوامرة خلال 24 ساعة، ما أدى إلى أضرار كبيرة في ممتلكات ومنازل المواطنين وإحراق مزارع ونفوق عدد من المواشي، وفقا لتصريحات مدير عام مديرية ماوي عبد الجبار الصراري.

جاء القصف الحوثي بعد يوم من قصفها قرية الظفير الواقعة في ذات المنطقة بمديرية ماوية، حيث استهدفت مليشيا الحوثي منازل المواطنين في حوامرة بقذائف الهاون، ما أدى لأضرار مادية في منازل المواطنين، وتسببت بحالة من الرعب والهلع في أوساط الأهالي خصوصًا النساء والأطفال.

كما جاءت عملية القصف الحوثي لقرية الظفير، بعد أقل من يومين من قصف حوثي مماثل استهدف ذات المنطقة ما أدى إلى خسائر كبيرة في ممتلكات المواطنين الحيوانية بعد نفوق عدد من الأغنام والإبل، ليؤكد تصريحات الحكومة وقيادة الجيش بأن استمرار حصار تعز يعني "استمرار الحرب"، وفقا لرئيس هيئة الأركان صغير بن عزيز.

 

تعز.. مغطاة بثقوب الرصاص

هكذا عنونت منصة "راديو "KLCC" تقريرها المصور عن مدينة تعز أواخر يونيو الماضي، مشيرة إلى أن تعز "شهدت أسوأ ما في الحرب اليمنية" من حرب وقتال ودمار وحصار. وأكدت أن "القناصة الحوثيين أرهبوا السكان لسنوات، كما فقد العديد من الأطفال أطرافهم نتيجة للصواريخ والألغام الأرضية أثناء اللعب في الخارج".

واستعرضت المنصة، معاناة السكان في تعز. مؤكدة أن "الحصار الحوثي أدى إلى اضطراب هائل في حياة الناس في المدينة. لقد أصبحت المسافات التي كانت تستغرق من 10 إلى 15 دقيقة بالسيارة الآن، أصبحت 8 ساعات بالسيارة عبر الطرق الجبلية الغير مستقرة، حيث جرى قطع جميع الطرق المباشرة تقريبا".

وأضافت "لقد أدى هذا إلى تعطيل تدفق الغذاء والدواء والاحتياجات الضرورية الأخرى إلى المدينة، ارتفاع الأسعار، وبالتالي زاد من تعطيل الاقتصاد المتعثر". مشيرة إلى أن "الحرب دمرت حياة ملايين اليمنيين، لكنهم ربما لم يشعروا بها في أي مكان أكثر مما في أحياء خط المواجهة في تعز الأكثر قربا للقتال، وشهدت أسوأ ما في هذه الحرب".

واختتمت المنصة الأسيوية تقريرها بالتأكيد على أن الحصار الحوثي لتعز قد تسبّب بتشتت العديد من العائلات منذ سنوات. كما أن نقص الماء والغذاء أدى إلى تفاقم سوء التغذية والجفاف لدى النساء والأطفال، حتى بات السكان في حيرة من أمرهم، وأنهم بحاجة ماسّة للخروج من هذا الوضع المأساوي الذي سببه الحصار الحوثي على المدينة.

قنص متعمّد وسكان بلا حيلة

وعلى الرغم من حال الهدنة الأممية في اليمن، إلا أن جرائم القنص الحوثية التي تستهدف المدنيين زادت، خصوصًا في مناطق التماس بين القوات الحكومية ومناطق مليشيا الحوثي، والذي حوّل حياة سكان هذه المناطق إلى كابوس يهددهم بالموت في أي لحظة.

على سبيل الاشارة لا الحصر، سنذكر بعضًا من جرائم القنص الذي تعرض لها المدنيين في تعز على يد مليشيا الحوثي، وكيف تصاعدت هذه الجرائم رغم الهدنة الأممية، ما يؤكد عدم رغبتها في السلام، الذي تستغله لزيادة نفوذها وتوسعها، وأن السلام وفق ما تعتقده هو الأرض الذي تسيطر عليها فحسب.

في 10 أغسطس الجاري أصيب الطفل (محمد علي قائد زيد 17 عامًا)، برصاص قناص مليشيات الحوثي المتمركزة في منطقة "السن" أثناء رعيه للأغنام بالقرب من منزله بمنطقة حجيج ـ عزلة القحيفة ـ في مديرية مقبنة غرب مدينة تعز.

وفي 7 أغسطس قتلت المواطنة (تسنيم محمد عبده إبراهيم ـ 25 عاماً) من أهالي قرية الشقب بمديرية صبر الموادم، جنوب مدينة تعز، برصاص قناصة مليشيا الحوثي المتمركزة في تبة الصالحين، أثناء قيامها بتجميع الحطب.

وفي 6 يونيو قتل المواطن (سعيد أحمد عبد الله 43 عامًا) جراء تعرضه لعملية قنص من قبل مليشيا الحوثي أثناء تواجده في قرية نجد المرقب بمنطقة الشقب بمديرية صبر الموادم.

وفي 20 مايو الماضي، قتل المواطن (عبد الرزاق أحمد مقبل 38 عاماً) لدى تواجده في جوار منزله بمنطقة الشقب جنوب شرقي تعز، بعدما استهدفته رصاصات أطلقها قناص حوثي بمنطقة صبر الموادم.

وحسب مصادر إعلامية، فإن خمسة من أفراد الأسرة ذاتها للقتيل قضوا بعمليات قنص وقصف وانفجار ألغام زرعت في الطرقات المؤدية إلى منطقة الشقب التي تقع على خطوط التماس بين القوات الحكومية والحوثيين.

وفي 17 مايو، قضت امرأة تدعى (خيرية علي أحمد سعيد 45 عاماً) برصاص قناص حوثي استهدفها لدى وجودها قرب منزلها شمال غرب مدينة تعز، وفي 13 مايو/ أيار، قتل الطفل عيضة أنور سعيد عبد المجيد (15 عاماً) قنصاً أيضاً في منطقة مقبنة غربي تعز.

وخلال عشرة أيام فقط من مايو/ أيار الماضي قتل ثلاثة وجرح مثلهم، وهؤلاء الضحايا لقوا حتفهم وسط توقف القتال، في حالة مستمرة منذ أكثر من عام بعد إعلان الهدنة في 2 إبريل/ نيسان 2022، علماً أنه لم يحصل اتفاق جديد على تمديد الهدنة.

وفي حي بريد الروضة وسط مدينة تعز، أصاب قناص تمركز داخل موقع أمني تسيطر عليه مليشيا الحوثي الشاب سامي فوزي (22 عاماً) في يده اليسرى وصدره.

 

القنص الحوثي.. السلاح الأكثر فتكا

ورغم سريان اتفاق الهدنة العام الماضي، أحصت اللجنة الوطنية للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان (حكومية)، مقتل وجرح 108 مدنيين، بينهم 16 امرأة و23 طفلاً في أعمال قصف وقنص متفرقة.
وتتولى اللجنة توثيق انتهاكات القنص ونحفظ الأدلة والوثائق، ويتم إحالتها إلى النائب العام لأنها قضايا يجب ألا تسقط بالتقادم، ويجب محاسبة مرتكبيها. وإذا لم يحصل ذلك للقناص الذي يمسك الزناد يجب أن يحاسب المسؤولون الأكبر الذين أمروه بفعل ذلك، وفقا لراصدي اللجنة.

وكان تقرير أصدرته منظمة "سام" الحقوقية قد أحصى مقتل 725 مدنياً بعمليات قنص في عدد من المحافظات اليمنية، بينهم 141 طفلاً، و78 امرأة، وسقوط مئات من الجرحى بالطريقة ذاتها خلال الفترة الممتدة من مارس/ آذار 2015 إلى نهاية 2020، ونصفهم في مدينة تعز حيث قتل 365 مدنياً، ما يجعلها الأكثر تضرراً من جرائم القنص.

واعتبر تحالف رصد الحقوقي، أسلحة القناصة لدى الحوثيين الوسيلة الرابعة الأكثر فتكاً بالمدنيين في محافظة تعز بعد الصواريخ والمدفعية والألغام الأرضية، ويتحدث عن تسببها في مقتل 130 طفلاً خلال ست سنوات.

كلمات دالّة

#اليمن