الخميس 25-04-2024 06:38:24 ص : 16 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

الإصلاح والدولة الوطنية "الحلقة الثالثة"

الأحد 14 يناير-كانون الثاني 2018 الساعة 09 مساءً / الإصلاح – خاص – فهد سلطان
 

 

حماية الوحدة وتجذير الديمقراطية
تشكل الوحدة اليمنية في الوعي الجمعي الإصلاحي واحدة من أهم المرتكزات الوطنية في مفهوم الدولة, يتجاوز ذلك لا شعورياً الإيمان بأن الحدود السياسية المصطنعة بين الدول العربية, هي نتاج تقاسم نفوذ لعدد من الدول الاستعمارية منذ اتفاقية سيكس بيكو(1) غير أن هذا المفهوم الجمعي الذي لا ينحصر بالإسلاميين فقط, فالقوميون أنفسهم يؤمنون بذات الموقف, ومثلهم عامة الناس الذين يرون ان العالم العربي, كلها تجمعه ثقافة واحدة وهوية واحدة, وله مقومات تجمعه تحت إطار واحد اكثر مما تفرقه الى كيانات ودول.


لقد أصبحت الدولة القطرية حقيقة واقعة, لا يمكن القفز عليها أو تجاوزها, كما أن الوحدة اليمنية – بين شطري البلاد - لا يمكن العودة بها الى الخلف عهد التشطير, فوضعها الجغرافي والسياسي واحد, وفكرة التشطير مرة اخرى سيعد التوتر من جديد, وسينهي أو سيقضي على اي استقرار مستقبلي لشدة التداخل بين الشطرين, وهو ما يجعل من خيار الوحدة خياراً استراتيجياً للجميع, والسير مع الخطوات الجديدة في حل المشكلة عبر مخرجات مؤتمر الحوار الوطني, وذلك عبر اقرار مفهوم الاقاليم والتي ستحل كثير من الاشكالات التي علقت بمفهوم الوحدة, ومشكلات أخرى داخل الرقعة اليمنية شمالاً وجنوبًا.


ورغم هذه الحقائق لا يمانع الإصلاحيون من أي تقرير مصير للجنوب إذا كانت تلك هي رغبة الناس دون أي تدخل خارجي(2), فلا وحدة مفروضة بالقوة أو تحت الحديد والنار, ومن المهم استيعاب المشكلات التي يمكن أن يخلقها التشطير, وهنا كان موقف الإصلاح يقوم على خطين متوزيين منذ عودة الوحدة:


الاول: خط الانحياز الكامل للناس وتمثيل مطالبهم الشعبية أمام صناع القرار, والوقوف الى جانبهم في الشدة والرخاء, وهو الخيار الذي جعل الإصلاح يدفع اثماناً باهظة في السلطة والمعارضة, وهو يسير وراء هذا الموقف الاخلاقي الى نهايته, ويمكن ضرب عدد من الامثل على ذلك, من الوقوف مع الوحدة, الى معركة الدستور بعد قيام الوحدة, الى حماية الوحدة في حرب صيف94م, وصولاً الى ثورة الشباب السلمية الشعبية 2011م.


الثاني: حماية المكتسبات الوطنية التي تراكمت للشعب اليمني, وقدم لها تضحيات جسام ومثلت ثورة 26 سبتمبر الخالدة واحدة من أهم المكتسبات الوطنية التي تحتم على القوى الوطنية جميعها حراستها ولو بمقلها, وهي الخطوة التي جعلت الإصلاح ينحاز الى خيارات الثورة السلمية الشعبية, التي كانت في اساسها وعمقها الفكري والسياسي امتداداً طبيعياً لثورة سبتمبر الخالدة, وابلي الإصلاح بلاءً حسناً وهو يحذر من عودة الإمامة, ويقدم التضحيات الكبيرة في سبيل تلك المكتسبات الوطنية وما تفرع عنها, من الوحدة والتعددية السياسية والديمقراطية والتداول السلمي للسلطة.


وتتجسد ولاء الإصلاح للمشروع الوطني بصورة عملية, في عدم التردد في اتخاذ قرارات حاسمة في القضايا الوطنية الكبرى, كما هو الحال لدى بعض القوى السياسية الاخرى في البلاد, فقد كانت معركة حماية الوحدة قضية وطنية صرفة لا يختلف عليها اثنان بالنظر الى المبررات التي انطلقت عليها الحرب في تلك اللحظة, بصرف النظر عن الاثار التي ترتبت على ذلك الانتصار من قبل النظام السياسي, والذي بين أنه كان له اجندة خاصة تضرب في جدار اللحمة الوطنية, وتعامل معها بصورة تتنافى والمشروع الوطني الجامع, الذي قدم الجميع تضحيات كبيرة من اجل ذلك الاستقرار النسبي!, وتلك خطيئة لا يتحملها الإصلاح وحده, فهو حزباً سياسياً شارك في السلطة وخرج الى المعارضة ولم يكن له من الادوات, سوى الادوات السياسية الديمقراطية المشروعة, التي التزم خطها وسار معها حتى خط النهاية.
لقد استشعر الإصلاح مع باقي القوى السياسية الكارثة التي يسير عليها النظام السياسي في حينها, وتجلى ذلك بعد انتخابات 97م في البلاد, ممثلاً في حزب المؤتمر الشعبي العام ونظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح, في التعامل اللا مسئول في الجنوب والشمال على حدٍ سواء, وهو ما جعلها – القوى السياسية - تفكر كثيراً في طريقة توقف هذا الجنون الذي تعامل مع مكتسبات الشعب اليمني بطريقة خاطئة وغاية في الخطورة, فولد من هذا الحراك السياسي المعارض, تكتل اللقاء المشترك, والذي سيكون له دور كبير في كبح جماح صالح, وسيتولى تعريته وصده في كثير من سياساته الرعناء, وخاصة فيما يتعلق بمشروع التوريث الذي كان التحظير له يسير على قدم وساق.


- القبول بالتعددية
مثل اقرار التعددية واحدة من أهم المحطات السياسة البارزة أمام حزب الإصلاح, وقبوله بالتعددية السياسية وخروجه من العمل السري الذي كان يمنع خلال نظام الحزب الواحد الى العلن والمشاركة في العملية السياسية الجديدة هي خطوة متقدمة لحزب الإصلاح. لقد راكم الإصلاح معارفه الفكرية والسياسية من تجارب كثيرة عربية وإسلامية, وكان خيار الخروج من بوتقة الجماعة الإصلاحية الى الحزب السياسي قرار شجاع, يعكس وعي الحزب بالوضع الجديد الذي سيكون الحزب قريب من هموم الناس, وسيتغير الخطاب من خطاب دعوي ومؤسسات تساهم في حماية هوية الشعب اليمني, الى حزب سياسي لها كيانه الخاص وافكاره ورؤاه المعلنة أمام الجميع, وهو ما سيقرب المسافة مع الناس, وقد كان ذلك تماماً.


- مؤسسات الإصلاح قبل وبعد الوحدة
شارك الإصلاح في السلطة عبر الانتخابات وغادرها ايضاً عبر الانتخابات, ولم يتلفت الحزب الى حجم التزوير الذي مارسه النظام السابق في التأثير على سير الانتخابات, كما ان النظام ذاته استخدم كل ادوات الدولة وهي خطوة كان يمكن التشكيك في نزاهتها, كانت القوى الوطنية ومنها الإصلاح تنظر الى أن تجذير العملية الديمقراطية يحتاج الى وقت ويحتاج الى أن يعتاد الناس الذهاب الى صناديق الانتخابات, وفي نفس الوقت أن يتعود النظام والمجتمع ذاته أن يرى احزاب تدخل الانتخابات عبر صناديق الاقتراع وتغادر بذات الادوات نفسها.


هذا الموقف المبدئ من قبل الإصلاح عبر إيمانه الصريح بالديمقراطية وادواتها كان يذهب نحو تعزيز مفهوم الدولة, وتجذير مفاهيم الديمقراطية, وكان النظام نفسه حريص على بقاء الإصلاح معه في السلطة, وهنا وجد الإصلاح أن الخروج الى المعارضة يعزز من قيم الديمقراطية ويساهم في حفظ اليمن, ومن ثم تجسيد مفهوم المعارضة السياسية للحزب الحاكم.


كان النظام السابق حينها يستشعر خطورة خروج الإصلاح نحو المعارضة, وأن هذا الموقف لا يرغب النظام به في حينه, فهو حتى هذه اللحظة لم يفصح عن مشروع التوريث الذي سيطل بقرونه بعد سنوات قليلة, وبما أن النية في التوريث كانت حاضرة وهاجس لدى النظام, فقد كانت لديه افكار كثيرة في المواجهة, خاصة وأن الإصلاح يقوى عوده يوماً بعد يوم ويزداد التحاماً مع الشعب وثقة متبادلة بين الطرفين, وهنا سيعود النظام السابق على تأديب الحزب من خلال محاولة استهدافه في قضايا, تضع امامه عقبات أو تعيد له مخاوف الإمامة من جديد, ومنها التشويه وتسليط الإعلام عليه, وفتح جبهات حرب مفتوحة مع احزاب اخرى, وايضاً افتعال مشكلات وازمات وتدعم وسائل إعلامية مقروءة على استهداف الإصلاح وقبل ذلك وبعده الوصول الى مؤسسات مرموقة لدى الإصلاح ووضعها على دائرة المساومة والعقاب في نفس الوقت ومنها موضوع المعاهد العلمية.


هوامش ...
1- اتفاقية (سايكس بيكو) عام 1916م ، كانت اتفاقا وتفاهمًا سريًا بين فرنسا والمملكة المتحدة بمصادقة من الإمبراطورية الروسية على اقتسام منطقة الهلال الخصيب بين فرنسا وبريطانيا لتحديد مناطق النفوذ في غرب آسيا, بعد تهاوي الدولة العثمانية، المسيطرة على هذه المنطقة، في الحرب العالمية الأولى. وتم الوصول إلى هذه الاتفاقية بين نوفمبر من عام 1915 ومايو من عام 1916 بمفاوضات سرية بين الدبلوماسي الفرنسي فرانسوا جورج بيكو والبريطاني مارك سايكس، وكانت على صورة تبادل وثائق تفاهم بين وزارات خارجية فرنسا وبريطانيا وروسيا القيصرية آنذاك. ولقد تم الكشف عن الاتفاق بوصول الشيوعيين إلى سدة الحكم في روسيا عام 1917، مما أثار الشعوب التي تمسها الاتفاقية وأحرج فرنسا وبريطانيا وكانت ردة الفعل الشعبية-الرسمية العربية المباشرة قد ظهرت في مراسلات حسين مكماهون. فقد تم تقسيم منطقة الهلال الخصيب بموجب الاتفاق، وحصلت فرنسا على الجزء الأكبر من الجناح الغربي من الهلال (سوريا ولبنان) ومنطقة الموصل في العراق. أما بريطانيا فامتدت مناطق سيطرتها من طرف بلاد الشام الجنوبي متوسعا بالاتجاه شرقا لتضم بغداد والبصرة وجميع المناطق الواقعة بين الخليج العربي والمنطقة الفرنسية في سوريا. كما تقرر أن تقع فلسطين تحت إدارة دولية يتم الاتفاق عليها بالتشاور بين بريطانيا وفرنسا وروسيا. ولكن الاتفاق نص على منح بريطانيا مينائي حيفا وعكا على أن يكون لفرنسا حرية استخدام ميناء حيفا، ومنحت فرنسا لبريطانيا بالمقابل استخدام ميناء الاسكندرية الذي كان سيقع في حوزتها.(الموسوعة الحرة).
2- تصريح لعضو مجلس النواب والقيادي البارز في حزب الإصلاح بمحافظة حضرموت محسن علي باصرة " إن من حق الشعب في الجنوب تقرير مصيره ومن حق حضرموت نفض غبار الظلم والتهميش الواقع عليها منذ عقود واستغلال هذه الفرصة التاريخية لإعلاء صوت حضرموت قبل أن يفوت الأوان ويستمر مسلسل الإقصاء لهذه المحافظة المعطاءة". جزء من حوار مع موقع هنا عدن نشر بتاريخ 29/ديسمبر كانون اول 2012م.
تصريح أخر للبرلماني عبدالرحمن بافضل في موقع حضارم نت نشر في 15/ 10/2015م يقول "الإصلاح بالجنوب حسم مساره بالمطالبة بحق تقرير المصير وما أجمع عليه شعب الجنوب نحن معه".
تصريح أخر لرئيس الدائرة السياسية لحزب الإصلاح بعدن عبد الناصر باحبيب نشر بتاريخ 9/11/ 2014م "إن تأكيد الإصلاح المطلق عدالة القضية الجنوبية وحق أبناء الجنوب في تقرير مصيرهم(الجزيرة نت).