الجمعة 19-04-2024 13:18:55 م : 10 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

نزوح عشائر اليمن الأعلى ..  الأهداف والنتائج تعز وإب أنموذجاً

السبت 06 يناير-كانون الثاني 2018 الساعة 06 مساءً / الإصلاح نت - خاص/ عبدالعزيز العسالي  (الحلقة الأولى)

 

مقتطفات تاريخية حول دوافع وأهداف النزوح إلى اليمن الأسفل

 

ظاهرة النزوح العشائري من اليمن الأعلى إلى اليمن الأسفل عموما وتعز وإب خصوصا ملفت للنظر العادي.. غير أن الكاتب تابع ظاهرة النزوح إلى اليمن الأسفل وخصوصا تعـــز وإب، وذلك من خلال العودة الي كتب التاريخ لاحظ فارقا كبيرا بين مقاصد النزوح الذي حصل عبر التاريخ في اليمن وغيرها، بل إن الفارق بين حالة النزوح داخل اليمن خلال فترة ما قبل القرن العاشر الهجري وفترة صدر القرن العاشر الهجري وما بعده حتى نهاية دولة الإمام يحيى حميد الدين .. هنا وجد الكاتب نفسه امام سؤال فرض ويفرض نفسه بقوة:

 ظاهرة نزوح قبائل شمال الشمال عموما وبكيل خصوصا هذه القبائل المتوحشة ـــ كما سماها المؤرخو​ن- ظاهرة النزوح المتكرر والتي اختلفت دوافعها حسب المؤرخين: هل كان وراء دوافع سياسية؟ ام ان هناك دوافع وعوامل اخرى؟ هل العوامل الاخرى كانت هي الابرز ام ان القصد السياسي هو الابرز ؟

ــ في الحلقات التالية: مقاربة سريعة اتكأت على مقتطفات تاريخيه موثْقة هدفها الاجابة علي السؤال الآنف مستعرضة العوامل والأسباب، وإعطاء كل عامل حجمه ونسبته المقتربة من العقل والمنطق الي حد ما.

كما ان الكاتب لم يعتمد التحليل او عملية قياس الحاضر واسقاطه على الماضي وانما اعتمد التاريخ المكتوب ـ والذي احتوى على الكثير من تصرفات الحكم السلالي تجاه اليمن الأسفل، محاولا الإيجاز قدر الإمكان مراعاة للحيز المتاح، وتخفيفا على القارئ.

مرجعية هذه الدراسة:

1/كتاب

( مئة عام من تاريخ اليمن )

رسالة علمية ـ لكاتبها المؤرخ ـ

د ـ حسين عبدالله العمري ـ

2/كتاب

 ( حوليات يمانية) لمؤلف مجهول ـ وهذا احدى مراجع الكتاب الاول ـ

3/كتاب

درر نحور الحور لجحاف، وهناك كتب أخرى. هذه المراجع الثلاثة تناولت فترة القرن الثالث عشر الهجري.

وحتى لا أطيل سأنقل للقارئ الأرقام التالية: العام والحدث ومرجع الصفحة في المرجعين د ـ العمري ـ والحوليات.

في ص ـ96,95,93, من كتاب د العمري، وفي العام 1199هـ : بكيل تغزو اليمن الأسفل ـ وفي عام 1200هـ بكيل تغزو مناطق اب ـ وفي عام 1203هـ خولان بقيادة ابي حليقة تحتل حبيش وتعز وآنس وريمة، وفي عام1209هـ بكيل تغزو سمارة ــ اب.

وذكر العمري غارات بكيل على صنعاء وضواحيها وهمدان، كما ذكر ثورة الفقيه سعيد الصوفي في اب، وأنه من أصول بكيلية قدمت اب محاربة ــ في الغالب ــ او مهاجرة.

كما استشهد العمري بكلام الشوكاني حول الطبيعة القبلية المتوحشة ناقلا كلاما طويلا عن الشوكاني مفاده باختصار: أن القبائل لا تحسن الصلاة الا في النادر، وأن الجهل والخرافة والتعصب هو العملة الرائجة. ويعلق العمري على كلام الشوكاني: أن ظاهرة الجهل في قبائل شمال الشمال، وان تلك الهجمات؛ اقتحام صنعا وغيرها: مثَّل فرصة سانحة للائمة الهاشميين فجعلوا منها خازوقاً للسطو على مناطق اليمن الأسفل, مشيرا في مطلع الفصل الثالث من كتابه الى اربعة اسباب وراء هذا السطو والاستحواذ والنهب وهذه الاسباب هي:

المناخ (يعني قلة الزراعة , القحط, الثارات القبلية , ببنها والحكومات الهاشمية التي لم تؤدِّ الحقوق للقبائل التي وظفتها في مهاجمة المعارضين للحكومة) مؤكدا بالحرف ان الحاكم الظالم بتصرفاته الظالمة يخلق اضطرابات وقلاقل وفوضى وعدم استقرار، وان ثورة الفقيه سعيد في اب كانت بسبب النهب والهتك والظلم والاستغلال الذي مارسته بكيل في اب على مرأى ومسمع من الامام الحاكم , ولما انتصر الفقيه سعيد علي القبايل النهابة والهاتكة لكل الحرمات المفسدة في اب هنا اتجهت القبائل المهزومة الي صنعاء تبث الشايعات ان الفقيه سعيد ادعى انه المهدي المنتطر وانه أمين الشرع المطهر فتحرك المهدي بجيش وقضى على الفقيه سعيد ص291 ـ وانظرص :224,293,135,109 ـ

من خلال النص الآنف حول ثورة الفقيه سعيد نجد ان العمري قال بالحرف: إن الإمام الحاكم الهاشمي لم يعبأ بأفعال بكيل وإفسادها وهتكها ونهبها وانما استجاب للقبائل المفسدة الكاذبة على الفقيه انه ادعى انه المهدي المنتطر!

قلنا: هل هذا جرم اكبر من إفساد القبائل وهتكها للأعراض، بل جرم لاتحمله الارض والجبال!!

هذا التحرك من الإمام الهاشمي استجابة للمفسدين ألا يكون دليلا ان هناك تنسيقا وتوظيف الإفساد القبلي يهدف إلى السيطرة السياسية؟

ومن كتاب حوليات يمانيه سنجد الكثر..

ومنها: الملك يمنح يريم اقطاعا لبكيل 112 ـ عام 1261هـ ـ

ــ ثورة ذو محمد على الملك انتهت بمصالحة بكيل تمثلت المصالحة باقطاع بكيل ما تبقى من مناطق يريم.

ابو حليقة والشايف يسطون على مناطق أخرى من اب ــ بعدان وجبلة ص108,108 ـ

وفي ص100 تولية بكيل وإقطاعها

ــ بكيل تحتل بعدان وقعطبة عام 1276هـ ـ

إهانة بكيل وعقابها من الملك انتهت بمصالحة بكيل ان تحتل اليمن الأسفل ص 277,210,

ــ هذه مقتطفات سريعة بين يدي القاري كبرهان على أن هناك قصداً سياسياً هاشمياً سلالياً ولكن بقفاز قبلي إفسادي آملين من القارئ مواصلة قراء الأسطر الي نهايتها.

 

 عــوامــل الـتـوحـش القبلي:

 

اشرنا آنفا إلى أربعة عوامل وراء التوحش القبلي ذكرها د العمري

ونحن بدورنا سنحاول تفكيك العوامل علي النحو التالي:

 

 العامل الأول, والثاني:

المناخ والقحط:

هذا العامل ليس منحصراً في قبائل شمال الشمال فقط, وإنما يطالان كل المناطق, وبالتالي لم يسجل التاريخ سطوا ولا استحواذا ولا نهبا لمناطق غير مناطق شمال الشمال.

نعم كان هناك نزوح بسيط مؤقت وبعد عودة الأمطار تعود القبائل والعشائر أدراجها، والسيطرة والاستحواذ جاثمان على تعز وإب حتى اللحظة!!

 

العامل الثالث:

العقلية القبلية البدوية الاستحواذية:

ثقافة الاستحواذ ــ حسب د علي الوردي ـ فهذه العقلية البدوية تتأفّف من العمل في الزراعة والتجارة او اي عمل يدوي فهذه الأعمال تعتبرها العقلية البدوية انتقاصاً وإهانة للقبيلي والبديل هو غارات الضحى ولو علي اقرب الناس، وأحيانا على بكرِ اخينا ...وان المحروم من حرم غارات الضحى!

 

العامل الرابع:

 ثقافة المذهب الهادوي:

هذا العامل أخطر من العوامل السابقة، وقصدي هنا ان السلالية عبثت وصنعت مذهبا يتقمص الزيدية زورا وبهتانا وهم جارودية ــ لهم أهداف ابتزازية اعتبروها دينا سماويا ـ كما سنوضح لاحقا.

لقد أفسدت الأطماع السلالية وجعلت من فسادها دينا متبعا مكرسة أعرافا قبلية معوجّه فكل أمام رأي نفسه انه يصلح اماما يقوم باستمالة القبائل المتوحشة وانها ناصرة المذهب وانها قامعة الكفر والبغي وهي بهذا تستحق ان يكون الرجل العادي فيها لو حصل ان قبيلة قتلته فالدية محدعش (احدى عشر دية) ، والسيد الآخر يقول للقبيلة الأخرى لا يجوز اخذ الدية مقابل رجل من رجالك، وهكذا تم تكريس التعصب القبلي بمباركة التعصب المذهبي.

من جهة أخرى: إن مال الآخر حلال ولكن بفتاوى غريبة فالحطب والحشيش وكل ما سقته السماء عليه زكاة قل او كثر؛ فالثور الوحيد عليه زكاة، وخلية النحل الوحيدة عليها زكاة، وأعلاف الحيوان عليها زكاة!

 انها ثقافة امتصاص عرق الغلابى باسم الدين وبالنهب القبلي ـ هل هذا شرع الله ام وسيلة نهب بقفاز ديني!

 

العامل الخامس:

تعدد الأئمة:

 تعددت الأئمة في المكان والزمان الواحد وحسب صاحب حوليات يمانية ذكر خمسة أئمة في صنعا و الروضة وضاحية صنعاء الجنوبيه ــ سبطان ـ زبطان اليوم، وعصر وكوكبان: تزامنت دعوتهم في فترة خمسة اشهر

وكل إمام يريد مالاً لأتباعه لكي يكسب القبيلة وينتصر على الآخر.

كانت هذه الفوضى إبان الحملة التركية الثانية علي اليمن ـ وكل امام ينهب ويستحوذ علي ممتلكات القبيلة المبايعة لإمامه وأصبح الشعار حسب صاحب حوليات:

من حصل سيد بايعه إمام ـ ومن لم يبايع إمام جهة فهو من البغاة الكافرين الخارجين عن الشرع، وهذا يعطي شرعية النهب والاستحواذ والسطو والرجل من أتباع هذا يفوق عشرة رجال من الآخرين!!

 

العامل السادس:

الأوقاف الضخمة في اليمن الاسفل وغيرها

وقد اورد العمري ان الملك المهدي عباس كتب صكوكا لنفسه بأنه اشترى غيلين ماء واستحوذ عليهما لمزارعه التي نهبها من الوقف ـ وقد وثق د العمري بالمخطوطات الرسمية هذا التصرف الذي لا يراعي دينا ولا عرفا ولا ولا ..

فما القول في من حول هذا الملك الجشع؟ وما القول بالقبائل؟ اقل ما يمكن ان كل سيد سيحرك النفوس ليصل الى الكعكة.

ــ هذا العامل استحوذ على الوقف في تعز وإب وحضرموت ولحج ووو بوسائل إجرامية لا تقل جرما عن جرم الملك، ومنها النهب!!