الخميس 18-04-2024 07:56:17 ص : 9 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

مشروع الإمامة هل يحمل بذرة الفناء؟!

الأحد 10 سبتمبر-أيلول 2017 الساعة 07 مساءً / الإصلاح– خاص/ فهد سلطان

 

في هذه الأثناء يعود خطاب ديني سياسي تحت مسمى "الولاية" لدى أحفاد الإمامة بعد أن دُفنت هذه الفكرة الضالة منذ انطلاق ثورة سبتمبر/ ايلول 62م الخالدة في ستينيات القرن الماضي. 

صحيح أن هذا المشروع بقي يعمل في الظلام لفترة طويلة ويتحالف مع قوى في الداخل والخارج, من أجل استعادته كمشروع لحكم البلاد, إلا أن هذا المشروع يواجه رفضاً شعبياً عارماً وسخطاً غير مسبوق, ينذر بطي هذه الصفحة نهائياً, يعود ذلك إلى مستوى الوعي الثوري بسبتمبر وأهدافها وبمفهوم وشكل الدولة الحديثة التي تصبح مثل هذه الدعوات الرجعية الكهنوتية في هذا العهد من العصر البائد، بل ومخلفات التاريخ الغابر.

مثل هذه الأفكار العابرة للحدود والتاريخ لا تعتمد في إيقافها على صوت السلاح, فقد أثبتت التجارب العملية في تاريخ اليمن الحديث أن التعليم ونشر الوعي والثقافة كفيل بذلك كله, وأن الأجيال القادمة قادرة على التعاطي مع أهداف سبتمبر وما لحقتها من ثورات بصورة إيجابية, وهو الأمل الذي يساور اليمنيين في هذه الأثناء ويُعتمد عليه. 

صحيح أن أحفاد الإمامة في هذه الأثناء لهم صولة وجولة في المناطق التي يسيطرون عليها, إلا أن الصحيح هنا أيضاً أن الانكشاف الذي بدت به الجماعة بات واضحاً, والذي يعاكس القضايا الوطنية والمرتكزات الأساسية لليمنيين.

 من المعادلات التي دخلت اليوم إلى الوضع الجديد وإن على استحياء, هو أن قواعد وقيادات الوسط لحزب المؤتمر الشعبي العام من الذين بدأوا يشعرون بخطورة ما يجري, وإن كان هذا الصوت لا يصل إلى المستوى الوطني المطلوب, إلا أنه بدأ همساً واستشعر خطورة الجماعة ومشروعها, فلم يعد يهدد فصيلاً معيناً كما حاولوا تصوير الأمر من قبل, بل التهام بلد بالكامل، وهو الأمر الذي ينبئ بثورة تصحيح جديدة ستكون هي الضربة النهائية لهذا المشروع الكهنوتي البغيض.

تراهن الجماعة (الحوثيين) على قدرتها العسكرية في المقام الأول, وعلى ما ورثته من المؤتمر الشعبي العام (النظام السابق) إلى جانب ضعف وهشاشة المقابل لهذا المشروع من القوى الوطنية التي لا زالت في طور التشكيل, والتي حتى الآن يتخلل أعمالها قصور في الأداء والمهام, كل ذلك إلى جانب دعم إقليمي ودولي ولو بغض الطرف جعلها "الجماعة" تشعر أنها في لحظة تاريخية فارقة يجعلها في مقدرة على تجاوز ثقافة وتاريخ ونضال اليمنيين، وأنها قادرة على فرض وجهة نظرها وتغيير شكل الدولة.

المراقب للمشهد في هذه الأثناء يلاحظ بوضوح مستوى الفرز الوطني وفارق الانجاز المتنامي بالمشروع الإمامي، وكيف أن كثيراً من المخططات التي تحاول الجماعة أن تنتهجها كي تعطي لنفسها مشروعية, كالخطاب الطائفي ينحسر على حساب الخطاب الوطني, الذي يتعالى من يوم لآخر, ويجعل اليمنيين أمام قضية عادلة وفي طريق إجباري. فمن المهم أن يكون لليمنيين وقفة جديدة تعيد للتاريخ اعتباره بما لا يترك للمستقبل أية ثقوب تنفذ منه السلالة من جديد في تكرار لتجربة الماضي البئيس!

اليوم تشهد وسائل التواصل الاجتماعي مظاهرة عارمة ورسائل لم تشهدها اليمن من قبل في صورة تعكس الحجم المتنامي للولاء الوطني والانحياز الكامل للمشاريع الوطنية, وهي القضايا التي بقي النظام السابق يتلاعب بها لعقود دون أن ينجزها في وعي النشء بالمستوى المطلوب الذي يحصن فيه المجتمع والأجيال من أية عودة لهذه المشاريع الهدامة. إلا أن وسائل التواصل الاجتماعي اليوم تعيد الاعتبار كرديف للتعليم والذي سيكون له الكلمة الفصل في المستقبل كون ذلك مرتبطاً باستعادة الدولة وهو الذي سيحدد ملامح اليمن الجديد.