الخميس 25-04-2024 12:01:14 م : 16 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

الخراب الذي طال أدوات السياسة

الأربعاء 23 أغسطس-آب 2017 الساعة 09 مساءً / الإصلاح نت - خاص/ فهد سلطان

 



هل ما يجري في هذه الأثناء يمكن اعتباره نزوعاً جديداً نحو ميدان السياسة وأدواتها؟ على الأقل هكذا يخيل للمتابع البسيط, فشكل التسارع المحموم في العاصمة صنعاء في هذه الأثناء يتزايد مع الحديث عن فعالية حزبية يتحضر لها المشهد خلال أيام قلائل قادمة بمناسبة تأسيس حزب المؤتمر الشعبي العام.
مراقبون يضعون عدداً من الأسئلة.. ترى هل ستفعل السياسة هذه المرة هنا ما خربته أيادي صالح الآثمة على مدى عقود؟ وكيف سيقبل الناس هذه الحال وسنوات الانقلاب الثلاث العجاف فعلت بهم الآفاعيل وأوصلت البلاد الى حافة الهاوية؟!
فالرئيس المخلوع صالح لم يعد يرى في العمل السياسي سوى تقوية حضوره العصبوي، وتحسين شروط العبودية التي وضع نفسه وحزبه داخلها, إلى جانب انتظار ما ستفعله الأيام، وهو ما يجعله في نفس الوقت قدراً لها ايضاً.
عمل التحالف العصبوي المشؤوم بين علي عبدالله صالح والحوثيين على تخريب العمل السياسي, بل وأزال كل ما يتصل به من خلال دعم المؤتمر اللا مشروط لجماعة الحوثيين المسلحة قبل وبعد سقوط العاصمة صنعاء في سبتمبر/ أيلول 2014م.
تفعل السياسة الكثير، وتسير بالناس نحو الاستقرار في كل بلاد الدنيا، وتلك غاية المبادرة الخليجية وما انبثق منها بعد في مؤتمر الحوار الوطني الشامل, كما تفعل الرصاص عكس ذلك كله الهدف الذي جنح إليه صالح والحوثيون حينها.
وعندما كان الناس يحتمون بأدوات السياسة هروباً من الخيارات الأخرى, كان صالح يدفع الجميع نحو سحيق المجهول دفعاً, ومن خلفه حشود الخراب يضربون في كل اتجاه لا يلوون على شيء, وما تلك القوات التي أسسا باسم الوطن إلا شاهد حي على ذلك؟
يمكن القول اليوم أنه لا تقوم السياسة إلا على شروطها وأدواتها، وأول ذلك إنهاء الانقلاب، وعودة وتفعيل مؤسسات الدولة، وعودة الأحزاب السياسية الى واجهة المشهد، فعلا وحركة وبرامج بلا قيود أو شروط إلا من السياسة ذاتها.
وهنا وأمام تلك الأماني لصالح ومن خلفه قواعد المؤتمر, يتربص الحوثيون بكل شيء وبكل ما من شأنه أن يعيد الاستقرار الى البلد وأولها أدوات السياسة ونتائجها.
عبدالملك الحوثي، في خطابه يوم أمس، قالها بكل وضوح أن الجماعة ستضرب بيد من حديد، وأنه سيقف الى جانبها في حربها الواضحة ضد من سيعترض عليه وعلى ما يفعلوه!
ومن المشهد الجديد, تبدو قواعد المؤتمر الشعبي العام أيضاً متشوقة الى اللحاق بركب الحرية ولو جزئياً، كما يرى مراقبون, فقد نالها من الخوف والعبث والاستهداف الكثير، وهي التي كانت إلى وقت قريب ترى أن ما يمارس ضد خصوم الأمس عقاب يستحقونه..
أليست ساحات الحرية والاعتصام وثورة الحادي عشر من فبراير المجيدة يعاد الاحتماء بها للهروب من المجهول؟! ذلك ما ستقوله الأيام وأنى لها غير ذلك؟

التحالف يتلاشى
كانت إيران -وسوف تظل- عدواً للعرب والمسلمين ما بقيت أهدافها قائمة وأطماعها حاضرة, لا يغير من تلك الحقيقة بهرج الشعارات الزائفة بدعم القضية الفلسطينية تارة, وبتباكيها على أوطان مسلوبة كانت اذرعها الطائفية خطها الأول تارة أخرى.
مدت يدها قبل أعوام الى اليمن في لحظة غفلة من أهله وذهول من حوله, وقال احد كهنة طهران حينها بكل تبجح بأن صنعاء باتت عاصمة رابعة تقع تحت نفوذهم الكامل, وأن ثورة الخميني باتت تحيط بالجزيرة العربية إحاطة السوار بالمعصم!
التاريخ لا يرحم, فذلك التحالف المشبوه والذي رعته إيران في بلد التاريخ والحضارة لم يدم طويلاً فلا أرض تسع هذا الخراب أو العبث وتلك النزوة التي طالت أشقياء الأمس ومجرمها الأول ها هم الآن ينفضون ذلك الغبار ويعودون الى جادة الصواب، أو هكذا يمكن القول.
قد لا تكون البداية بإعلان احد قادات المؤتمر رفض تواجد إيران في اليمن بالقدر الذي يدفع التهمة ويقطع الصلة بصورة كاملة, ويشفي الصدور التي أرهقها ذلك التحالف الشيطاني مع طهران راعية الإرهاب وأذرعها الإجرامية في الداخل, ولكن ما يتداعى له هنا وهناك يسير في الاتجاه الصحيح, وإن كانت هذه خطوة على أطراف العاصمة فإن صداها سيصل إلى مكان الفعل أيضاً والزمن القريب كفيل بحسم ذلك كله.
عاد المؤتمر هذه المرة يلملمه شتاته المبعثر والمتوزع على كل سفح ووادي بدعوته نحو فعالية سياسية بعد أن ارتكب الجرائم المروعة واحدة تلو الأخرى, وأية جريمة أعظم من خيانة سبتمبر وتضحيات الأحرار عبر تسليم البلاد الى أحفاد الإمامة ودفعها تبث سمومها في كل شيء؟!