الثلاثاء 23-04-2024 14:50:55 م : 14 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

الأمية تعود بقوة إلى اليمن من سراديب الحوثية

الإثنين 09 سبتمبر-أيلول 2019 الساعة 05 مساءً / الإصلاح نت – خاص

 

 

عادت نسبة الأمية في اليمن إلى التصاعد منذ انقلاب مليشيات الحوثي على الدولة اليمنية وسيطرتها على العاصمة صنعاء بقوة السلاح في سبتمبر 2014، وهو ما يعني أن المشروع الإمامي الذي يمثله الحوثي قد عاد بأحد أضلاعه القاتمة وهي "الفقر والجهل والمرض".

وفي الوقت الذي تحيي فيه منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو)، اليوم العالمي لمحو الأمية، يشهد اليمنيون أكبر تدمير للعملية التعليمية على أيدي مليشيات متخلفة، بعد أن كانت اليمن قد قطعت شوطاً على طريق التحرر من الجهل، ومكافحة محو الأمية، حيث حقق اليمن بشطريه الشمالي والجنوبي في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين الكثير من الإنجازات منذ ذلك الحين.

ولقد كانت أكبر جناية ارتكبتها مليشيات الحوثي الإيرانية على التعليم في اليمن، تجنيد الأطفال، والنزول إلى المدارس لاستقطاب الأطفال والمراهقين والدفع بهم إلى جبهات القتال، وهي الجريمة التي دفعت أعداداً كبيرة من طلاب اليمن للتسرب من التعليم، وفضلاً عن ذلك فقد دفعت المليشيات الحوثية أعداداً كبيرة من الطلاب وأسرهم إلى النزوح.

 

آلة هدم للتعليم

ومع تحكم مليشيات الحوثي في معظم المؤسسات الرسمية، عمدت إلى التجهيل المتعمد وتجريف الوعي واعتماد منهج جديد تم اقتباسه من ملازم مؤسس الجماعة الصريع حسين الحوثي، وحولت المدارس إلى متارس عسكرية ومخازن للسلاح، وتعمدت قطع رواتب المعلمين، ودفعتهم إلى البحث عن سبل عيش جديدة، وتراجعت نسبة التعليم وترك الكثير من الشباب والأطفال تعليمهم، من أجل العمل وتوفير لقمة العيش.

وخلفت كل الإجراءات الحوثية أزمة تعليمية هي الأسوأ في تاريخ اليمن، وتصاعدت أرقام الحرمان والتدمير في قطاع التعليم، فقد وصل عدد التلاميذ المحرومين من مواصلة تعليمهم إلى (3.5) ملايين مقارنة بـ(1.7) مليون قبل الحرب، وتعرضت ثلث المدارس التعليمية لأضرار مختلفة نتيجة استخدامها لأعمال عسكرية، كما أدى توقف صرف رواتب 70% من المعلمين إلى إغلاق آلاف المدارس وإلى تعثر عمل الجامعات والمعاهد الفنية والمهنية.

وارتفعت نسبة المحرومين من مواصلة التعليم والأطفال الذين هم خارج المدرسة إلى (3.5) ملايين، وهو ما ينذر بكارثة تهدد مستقبل اليمن.

 

حرب بلا هوادة

وخلال الأعوام الخمسة الفائتة من الحرب التي أشعلتها مليشيات الحوثي الإيرانية على امتداد التراب اليمني، صوبت سهامها المسمومة بشكل مباشر نحو العملية التعليمية، وتجاوزت الإضرار بالمدارس التي تحت سيطرتها إلى استهداف المدارس في المناطق المحررة بمدافعها وصواريخها التي تسببت بتدمير وإغلاق أكثر من 2600 مدرسة، بحسب الإحصائيات والتقارير الرسمية، والأخطر أنها قامت بإدخال تغييرات ذات بعد طائفي على المناهج الدراسية.

والعام الماضي، كشفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" عن أنه تم إغلاق 3584 مدرسة بسبب المخاطر الأمنية أو لتحويلها إلى ثكنات عسكرية من قبل مليشيات الحوثي الانقلابية، وتعرضت نحو 22 جامعة حكومية وأهلية لأضرار مباشرة وغير مباشرة، وحرمت مليشيات الانقلاب أكثر من 2.5 مليون طالب يمني من التعليم.

وقبلها أدانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" مليشيات الانقلاب الحوثية في عدة تقارير لها، متهمة إياها بانتهاك القيم الإنسانية والأخلاق والدين بتحويل المدارس إلى أماكن لصناعة الألغام والمتفجرات لتنشر الموت بشكل واسع في أوساط المجتمع بدلاً من تعليم الأجيال العلم الذي يحييهم ويحيي مجتمعهم.

واتخذت سلطة التمرد الحوثية الإيرانية قرارات فصل جماعية وتعسفية بحق مئات المعلمين، واستبدلتهم بآخرين من كوادرها الذين يحملون أفكاراً طائفية متشددة، استكمالا لمخططها الخبيث في "حوثنة التعليم".

ولعل مليشيات الحوثي تدرك جيداً أن المناطق الأقل تعليماً والأكثر جهلاً هي بيئة خصبة لاستقطاب مقاتلين ونشر أفكارها وخرافتها فيها، لذلك عمقت من نفوذها في هذه المناطق الموبوءة، واستغلت الجهل المطبق والظروف المعيشية السيئة، وفتحت مدارس خاصة لنشر أفكارها المتطرفة الوافدة (الطائفية/ السلالية) وحشو أدمغة الأطفال بتعبئة مغلوطة وتحريض مستمر.

 

الجهل طريق التوحش

ويشير رئيس منتدى الفكر الإسلامي الباحث والكاتب الدكتور فؤاد البناء إلى أن الجهل هو أهم عوامل التوحش لدى المليشيات الحوثية الإيرانية، مؤكداً في أحد بحوثه الأخيرة أن اليمن في هذا العصر يعاني من تخلف أبرز مظاهره وأسبابه هو الجهل، لكن محافظة صعدة التي ينتمي إليها أهم مؤسسي هذه العصابة هي أكثر المحافظات اليمنية جهلاً وتخلفاً، فرغم أنها تقع في أقصى شمال اليمن عند الحدود مع السعودية لكن نسبة الأمية الأبجدية فيها تزيد عن 80% من إجمالي السكان، فما بالك بالأمية الفكرية والثقافية؟ ولذلك فقد صارت بيئة خصبة لاستزراع أفكار الشرور والشذوذ!!

ويوضح البناء أن وقائع التاريخ تخبرنا بأن أنصاف المتعلمين أخطر من الجهلة، وهذا ما وقع في صعدة، ذلك أن مؤسسي الحركة الحوثيين لا يمتلكون نصيباً مقدراً من العلم، لافتًا إلى أن مأساة اليمنيين مع هذه العصابة التي خرجت من رحم التخلف المقيت، ومن بطون الملازم الصفراء والتي تم تلقينها لأناس أميين أو أنصاف متعلمين في أحسن الأحوال.

حتى إن زعيم الحركة المليشاوية عبد الملك الحوثي نفسه لا يحمل أي مؤهل دراسي، وكان سائق سيارة لشقيقه يحيى الحوثي الذي كان أيضاً بدون مؤهلات، والعجيب أنه صار بعد الانقلاب وزيرا للتربية والتعليم في الحكومة الانقلابية. وفي نظرة فاحصة للسيَر الذاتية لقادة هذه العصابة سنجد أن أغلبهم لا يحملون أي مؤهلات دراسية، غير دروس الأب بدر الدين الحوثي الذي كان من مراجع الفرقة الجارودية التي تستوطن صعدة منذ قرون.