الجمعة 19-04-2024 00:32:31 ص : 10 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

في العاصمة صنعاء.. كيف طال إرهاب الحوثي نشطاء الإصلاح ومختلف فئات المجتمع

الثلاثاء 03 سبتمبر-أيلول 2019 الساعة 11 مساءً / الإصلاح نت - تقرير خاص- علي العقبي

 

في 21 سبتمبر 2014، اجتاحت مليشيات الحوثي العاصمة صنعاء وتمكنت من السيطرة على كل مؤسسات الدولة، ومنذ بداية الانقلاب على الدولة تمارس مليشيات الحوثي مختلف أنواع الجرائم والانتهاكات تطال السكان المدنيين وبالأخص من ينتمون لحزب التجمع اليمني للإصلاح.

في تقرير خاص سنستعرض أبرز انتهاكات مليشيات الحوثي في محافظة صنعاء.

- الانتقام من الإصلاح أول مهمة

بعد أن اجتاحت مليشيات الحوثي العاصمة صنعاء، شنت حملة اعتقالات واسعة في صفوف قيادات وكوادر التجمع اليمني للإصلاح، وتنوعت مظاهر الاعتقال لقيادات وناشطين بين اقتحام منازل واختطاف، وفي أول أسبوع اعتقلت أكثر من 120 من كوادر حزب الإصلاح بينهم قيادات سياسية بارزة من الصف الأول في الحزب، فضلاً عن الانتهاكات الأخرى التي طالت جمعيات ومنظمات مجتمع مدني.

وبحسب مركز صنعاء الحقوقي -في أول تقرير له حينها- ذكر أن المليشيات الحوثية ارتكبت (159) انتهاكاً خلال 24 ساعة في صنعاء، حيث بلغت الاختطافات (122) من قيادات وأعضاء حزب الإصلاح وناشطيه، كما تم مداهمة واقتحام (17) منزلاً، و(تسعة) مقرات تابعة لحزب الإصلاح، ونهب (خمس) من منظمات المجتمع المدني، وستة مساكن طلابية، وفقا للتقرير.

وفي 6 أبريل 2015، أصدر التجمع اليمني للإصلاح بمحافظة صنعاء بيانا حذر فيه مليشيات الحوثي المتمردة من المساس وإلحاق الضرر بقياداته ومنتسبيه الذين اختطفتهم.

وتوعد جماعة الحوثي بمحاسبتها على كل الجرائم التي ارتكبتها بحق أعضائه والذي تم اختطافهم منذ اللحظات الأولى لسيطرتها على صنعاء، حيث شنت حملة اعتقالات واسعة ضد أعضاء الحزب تجاوزت الـ140 قياديا وناشطا في العاصمة صنعاء كونه أبرز رافضي الانقلاب على الشرعية، والأكثر تنظيما وشعبية في الشارع اليمني.

ومن الانتهاكات التي طالت قيادات ومسؤولين بارزين في الحزب، مداهمة منزل الأستاذ عبد الرزاق الأشول وزير التعليم المهني، واقتحام منزل رئيس الدائرة القانونية بالتجمع اليمني للإصلاح محمد ناجي علاو، الذي جرى اقتحام منزله واختطاف سبعة أشخاص كانوا فيه.

كما اقتحمت مليشيات الحوثي الأمانة العامة للإصلاح، ونهب كل ما فيها، واقتحام ونهب قناة سهيل وكل الوسائل الإعلامية التابعة للحزب.

وعن الاعتقالات، أقدمت مليشيات الحوثي الانقلابية على اعتقال الآلاف من شباب الإصلاح، واعتقال القيادات العليا للحزب في محافظة صنعاء، بينهم الأستاذ محمد قحطان الذي لا زال إلى الآن مصيره مجهولا، وأيضا الشيخ محمد حسين دماج رحمه الله عضو الهيئة العليا للإصلاح، والشيخ حمود هاشم الذارحي عضو الهيئة العليا للإصلاح رحمه الله، والدكتور فتحي العزب القيادي في الإصلاح، وعبد الرزاق الأشول وزير التعليم المهني، والكثير من قيادات الإصلاح في صنعاء تم اعتقالهم، البعض منهم لا زال معتقلا حتى اليوم.

وفي 9 يوليو 2019، أصدرت مليشيات الحوثي الانقلابية أحكاما بإعدام 30 ناشطا من أعضاء وكوادر حزب التجمع اليمني للإصلاح، مختطفون في سجونها بصنعاء، بينهم الدكتور يوسف البواب، وبراءة 6 معتقلين تعسفيا، في القضية المعروفة بـ"محاكمة الـ36".

- بعض جرائم الحوثيين في صنعاء

في 3 يوليو 2019، قال تقرير صادر عن منظمة "سام" للحقوق والحريات، وهي منظمة غير حكومية مقرها جنيف، إن نساء معتقلات على ذمة قضايا سياسية يتعرضن للتعذيب الشديد والمعاملة القاسية في سجون الحوثيين في صنعاء، مما دفع بعضهن لمحاولة الانتحار.

وقال توفيق الحميدي، رئيس منظمة سام للحقوق والحريات: "برغم أن النساء في اليمن يحظين بمكانة خاصة، إلا أنهن مع سيطرة جماعة الحوثي على صنعاء فقدن هذه المكانة".

وفي 22 أغسطس 2019، أصدرت منظمة "شهود" لحقوق الإنسان تقريرا مفصلا عن الجرائم والانتهاكات بمحافظة صنعاء خلال النصف الأول من العام الجاري 2019، بلغت (2726) انتهاكا. وبحسب رئيس المنظمة فايز الظرف، فإن التقرير يعد صورة مفصلة لانتهاكات لا تحظى بتغطية إعلامية كافية، ولا باهتمام حقوقي دولي، رغم أنها أسفرت عن قتل وجرح وتشريد المئات من المدنيين.

- إسقاط الدولة بحجة الجرعة

قال مدير مكتب حقوق الإنسان بأمانة العاصمة فهمي الزبيري -في تصريحات خاصة- إن "مليشيات الحوثي منذ انقلابها في الـ21 من شهر سبتمبر 2014 دأبت على ممارسة صنوف الانتهاكات في حق المدنيين والناشطين والسياسيين وأصحاب الرأي، إضافة إلى نهب الممتلكات العامة والخاصة في ظل الهوس والجنون الأعمى على السلطة والحكم بقوة السلاح".

وأضاف: "يتذكر اليمنيون عندما خرجت المليشيات في تظاهرات قبل اقتحامها أمانة العاصمة صنعاء وبقية المحافظات، خرجت في تظاهرات للمطالبة بإسقاط الجرعة ورفعات شعارات وهتافات تدعو المواطنين للخروج على الدولة".

وتابع: "واليوم بعد أربع سنوات من استيلائهم على السلطة في المناطق التي يسيطرون عليها يمارسون أبشع أنواع القمع والكبت والانتهاكات لمنع أي صوت يطالبهم بتوفير لقمة العيش.. والموظفون بدون رواتب منذ ثلاث سنوات".

- جماعة إرهابية

وأضاف مدير عام مكتب حقوق الإنسان بأمانة العاصمة فهمي الزبيري: "لقد أثبتت الوقائع والأحداث أن المليشيات الانقلابية لا تستطيع العيش وهي منزوعة السلاح، فحجم الانتهاكات التي مارستها الجماعة الحوثية في حق الآلاف من المدنيين تكشف بجلاء أنها لا تؤمن بالسلم والسلام والدولة المدنية مما يتوجب على المجتمع الدولي تصنيف هذه المليشيات جماعة إرهابية".

تعد أمانة العاصمة صنعاء من أهم المدن اليمنية كونها العاصمة السياسية للبلاد، وكانت العاصمة صنعاء تحتل أهمية كبرى لاحتضانها الوزارات والمقرات الحكومية والهيئات والمؤسسات والسفارات والبعثات الديبلوماسية وأهم الشركات والبيوت التجارية.

- سياسة القمع والبطش

قال مدير مكتب حقوق الإنسان بأمانة العاصمة: "بعد أن اقتحم الحوثيون صنعاء وتقويض سلطات الدولة، والعبث بأجهزتها ومؤسساتها، وتعكير السلم الاجتماعي، أغلقت جميع السفارات أبوابها وغادرت جميع البعثات الدبلوماسية والشركات الأجنبية، مما تسبب في حرمان الآلاف من الموظفين اليمنيين من وظائفهم، وأجبر الكثير من السياسيين والناشطين ورؤوس الأموال على مغادرة العاصمة بصورة سرية وحذرة، خشية سياسة القمع والبطش والتنكيل التي اتخذتها المليشيات في حق الخصوم السياسيين المعارضين لها، وغادرها ما يقارب من عشرين ألف أسرة إلى مختلف محافظات الجمهورية، وتتصدر مدينة مأرب النسبة الأعلى في التوافد السكاني واستقبال النازحين من أمانة العاصمة".

وبعد سيطرة المليشيات على العاصمة صنعاء، أضحى أربعة ملايين -جلهم من والنساء والأطفال- يعيشون أحوالاً سيئة في سجن كبير يعانون الحرمان والنهب وعدم صرف الرواتب.

- غياب الدولة

وفي تصريحات صحفية خاصة، قال الناشط السياسي والحقوقي فهمي الزبيري: "منذ غياب الدولة في العاصمة صنعاء وانتشار المليشيات في جميع مرافق الدولة العسكرية والمدنية، ما زالت المليشيات تمارس عملية إقصاء ممنهج للكوادر الوطنية المؤهلة وأصحاب الخبرات من وظائفهم، واستبعاد كل من لا يؤمن بمعتقدات وأفكار وخرافات الحوثي، ويستبدلونهم بعناصر من المليشيات من خارج مؤسسات الدولة، والدور الأبرز لهذه العناصر اتخاذ الإجراءات التعسفية، والفصل والتهديد لكل من يعارض الجماعة، واستغلال الموظفين في الحشد لفعالياتهم وأنشطتهم في المناسبات بالإكراه".

تعمل جماعة الحوثي على تجريف الهوية الوطنية وطمس معالم الجمهورية، من خلال استهدافها للعملية التعليمية، فقد استبدلت الجماعة الحوثية النشيد الوطني في المدارس التعليمية بالصرخة الخمينية، وعملت على تغيير المناهج التعليمية بما يخدم أفكار الجماعة التي تدعو إلى الطائفية والعنصرية والحق الإلهي الحصري لهم في الحكم.

يمثل غياب الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء وتعليم وصحة ونفط وغاز وقبلها الرواتب وغيرها من الخدمات التي تعتبر الركائز الهامة للحياة وتفاقم المعاناة الإنسانية التي تفرضها المليشيات الحوثية في العاصمة صنعاء، في الوقت الذي يتصاعد ثراء القياديين في الجماعة والمشرفين بشكل متسارع، وتدافعهم لشراء العقارات والتنافس في بناء العمارات خير دليل على إمعانهم في النهب والفساد، بينما أبناء الشعب يبحثون عن لقمة عيش تسد رمقهم.

- صنعاء بعد أربع سنوات

وأكد مدير عام مكتب حقوق الإنسان بأمانة العاصمة أنه منذ أربع سنوات والعاصمة اليمنية صنعاء تشهد أسوأ وأشد الانتهاكات، وهو ما يتنافى مع الأعراف والشرائع السماوية والقوانين الدولية لحقوق الإنسان.

الوضع الاقتصادي المر والمعاناة التي يتجرعها المواطنون والتي تسبب بها الانقلاب الحوثي، أدت إلى ثلاث حالات انتحار في العاصمة صنعاء، بحسب رصد الفريق في الربع الأول من العام الجاري.

ويستغل الحوثيون معاناة المواطنين ويتاجرون بمعاناتهم، ويشهد قطاع النفط والغاز فسادا هائلاً بسبب رفع قيمة المشتقات النفطية والغاز المنزلي ثلاثة أضعاف السعر الرسمي، مما يزيد من تفاقم الوضع الإنساني للمواطنين في العاصمة صنعاء.

ويشهد القطاع الصحي في العاصمة انتهاكات متكررة للمستشفيات العامة والخاصة وفرض جبايات على المستشفيات الخاصة والتي تنعكس سلباً على المواطنين، وتتفشى الأمراض والأوبئة بسبب نهب الأدوية والمستلزمات الطبية في العاصمة وحرمان المواطنين منها،. فقد تم رصد بيع المحاليل الخاصة بالكوليرا لأحد التجار بصنعاء بمبلغ 60 مليون ريال يمني، في حين بلغ عدد الإصابات بالكوليرا 15 ألف حالة منها أكثر من 20 حالة وفاة.

وبالرغم من النداءات المتكررة من المنظمات الحقوقية بشأن الانتهاكات والجرائم التي تمارس بشكل يومي في العاصمة صنعاء وغيرها من المناطق التي تشهد نزاعاً مسلحاً، إلا أن المعاناة ما زالت مستمرة، وعمليات القتل والاعتقالات والاحتجازات التعسفية ومصادرة الحقوق والحريات وقتل الأطفال وتشريدهم والذهاب بهم إلى الجبهات دون مراعاة لحقوق الطفولة المنتهكة، بل وصل الأمر إلى انتهاك حقوق المرأة في تعدِ واضح وصريح لكل المواثيق والعهود الدولية والأعراف والشرائع السماوية في صون المرأة وحمايتها، إلا أن المرأة في العاصمة صنعاء وبقية المحافظات التي تحت سيطرة المليشيات الحوثية تتعرض لجميع أنواع الانتهاكات من قبل الحوثيين واعتقالات واحتجاز وحرمان من أبسط حقوقها.

وقال مدير مكتب حقوق الإنسان في العاصمة صنعاء: "إننا في مكتب حقوق الإنسان بأمانة العاصمة صنعاء وانطلاقا من الواجب الإنساني والأخلاقي قمنا عبر فريق الرصد والتوثيق الخاص بالمكتب بالعمل على رصد هذه الانتهاكات في ظروف بالغة الصعوبة والتعقيد لكشف هذه الانتهاكات والجرائم التي تقوم بها المليشيات ضد الملايين من المواطنين اليمنيين لنقلها للرأي العام والعالم".

كلمات دالّة

#اليمن