السبت 04-05-2024 02:16:35 ص : 25 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

هل تكفي الإعانات والتبرعات لحل مشكلة الفقر في اليمن؟

الفقر والحوثيون..جحيم يعيشه اليمنيون!!

السبت 01 يوليو-تموز 2017 الساعة 03 مساءً / الاصلاح نت - متابعات

      

البطالة والفقر يسبق أحدهما ليلحقه الآخر، يتزايد الفقراء وغير الحاصلين على العمل في دائرة البطالة والفقر وتتسع رقعتهما يوماً بعد آخر في بلد مثل اليمن، لكنها أكثر نسبة بعد سيطرة الحوثيين وقوات صالح على الدولة في 21سبتمبر/ايلول2014م، بالإضافة إلى ما خلفه هذا الانقلاب على الحياة المعيشية للمواطنين من انقطاع لرواتب الموظفين وانعدام الخدمات الأساسية، وانهيار للريال اليمني أمام العملات الأجنبية، حيث أصبح أكثر من نصف عدد السكان في دائرة الفقر المدقع واتساع رقعة العوز والاحتياجات الأساسية ..يتزامن ذلك مع موجة نزوح بلغت أكثر من 2مليون نازح، حسب تقرير حكومي نشر منتصف العام 2017م.

 

المفهوم السياسي والاقتصادي للفقر

 

ورد في القواميس القديمة: الفقر ضد الغنى، والفقير هو من يجد القوت، بينما المسكين من لا شيء له. وورد في تعبير آخر: الفقير هو المحتاج، والمسكين من أذلته الحاجة. وجاء في مفاهيم البنك الدولي: أن الفقر ظاهرة متعددة الأبعاد؛ فهو ليس فقط الجوع ولكنه أيضا صعوبة إيجاد السكن أو الحصول على الخدمات الصحية والتعليمية.

وبالنسبة لهيئة الأمم المتحدة: الفقير هو الذي لا يتجاوز دخله دولاراً واحداً في اليوم. والفقر في المفاهيم السياسية: هو الإهانة التي تقترن باللاعدالة وغياب الحماية، وهو القبول بما يفرضه الآخر.

ويرى خبراء علم الاجتماع: أن لظاهرة الفقر، أكثر من علاقة بالفساد، فهو خلل في البناء الوظيفي الاجتماعي، وهو إحباط اجتماعي ناتج عن عدم المساواة، لذلك أصبح يندرج في خانة الفقراء العديد من الفئات، مثل المعدمين الذين لا يملكون شيئاً، والعمال الأجراء ممن يملكون قوة العمل لا غير، وأيضا صغار الملاك وصغار التجار وصغار الموظفين والحرفيين والباعة المتجولين وغيرهم من مظلومي السياسات الجائرة.

وفي نظر علماء الاقتصاد: الفقر هو فقدان الحاجة أو عدم كفاية الإنسان. فهو حالة الشخص الذي يحتاج إلى الوسائل المادية التي تسد حاجته، وما يمكن أن يترتب عن هذه الحالة من بؤس وتعاسة وشقاء.

وفي نظرهم أيضا: لا ينحصر مفهوم الفقر في ضعف نسبة الدخل، بل يتعدى ذلك إلى التفاوت في فرص الاندماج في المجتمع اقتصاديا واجتماعيا؛ إذ تتجلى مظاهره في صور متعددة، منها بالأساس، الأمية والجهل والبطالة وتشغيل الأطفال والتشرد والتسول وضعف القدرة الشرائية وسوء التغذية والمرض.

 

نسبة الفقر في اليمن

 

حذر البنك الدولي من أن نسبة الفقر في اليمن قفزت إلى أكثر من 85% من السكان الذين يقدر عددهم بـ26 مليون نسمة جراء تداعيات الحرب.

 

وأوضحت المؤسسة المالية الدولية أن تفاقم هذه الظاهرة يعزى لأسباب، منها تهاوي الإنفاق العام على الخدمات الاجتماعية مثل التعليم والرعاية الصحية والمياه والكهرباء. جاء ذلك وسط تهاوي أسعار النفط الذي يشكل المصدر الرئيس لإيرادات الموازنة العامة اليمنية.

 

كما عزا البنك الدولي تسارع معدلات الفقر إلى تراجع الاستثمارات العامة، وتقلص المساعدات النقدية للفقراء، وخفض علاوات الأجور، وتهاوي سعر صرف العملة المحلية.

 

الأسباب السياسية لاتساع الفقر في اليمن

 

يرتبط الفقر ارتباط موضوعيا بالأنظمة السياسية التي حكمت اليمن، حيث عمدت انظمة الحكم الامامية الكهنوتية على استخدام سياسة الإفقار والتجويع، فقام الأئمة خلال فترات حكمهم بفرض إتاوات وجباية الأموال من المواطنين بدعاوي عدة دون ان يكون من ذلك عائد يحسن من حياة المواطنين، مما أدت تلك السياسات الى اتساع رقعة الفقر. وشهدت اليمن خلال حكمهم سنين عجاف؛ فانتشر الجوع والحرمان والأمراض والأوبئة في الديار اليمنية، حيث أصبح تدوين الناس للأحداث بتلك السنين "كسنة الجوع" و"وسنة الخامج" وهو مرض الطاعون الذي فتك بمئات الأسر اليمنية.

 

وظل الأئمة المتعاقبون يفرضون تلك السياسات بحق المواطنين لتأمين عملية الحكم وجباية اكبر قدر من الثروة لهم ولأسرهم؛ كون ذلك امتيازاً وحقاً الهياً ليس لمن سواهم سوى الإذعان والطاعة.

 

بعد ثورة 26سبتمبر 1962م لم تستقر الجمهورية على هيئة دولة تكون لها مؤسسات قوية وكفؤة، وظلت الزعامات اليمنية -بمن فيها العسكر ومشايخ القبائل- تتنازع على السلطة وإحكام السيطرة على الثروة، يتزامن ذلك مع انعدام حقيقي لمؤسسات الدولة، بالإضافة ان انعدام الانتقال السريع للجمهورية إلى الدولة وحل مشكلة السلطة وتحديد آلية متفق عليها لكيفية الوصول الى السلطة، وتغذية الصراعات والنزاعات، احرمت اليمنيين من الانتقال نحو التنمية المستدامة والاستفادة من خيرات الأرض اليمنية التي مازالت بكرا، هذه كلها ساهمت بتعزيز الفقر واتساع رقعة البطالة.

 

سياسة الإفقار والتجويع في عهد المخلوع صالح

 

اعتمد المخلوع صالح سياسة تغذية وإثارة الصراعات والنزاعات وسياسات الإفقار والتجويع ليتمكن على الجلوس في الحكم اكبر فترة، وتلك السياسات لم تشمل أي اصلاح سياسي او اقتصادي، وتفاقمت معها مشكلتا الفقر والبطالة، وإخفاق لعملية التنمية وتحول مشروع الدولة للجميع الى مشروع لإدارة ثروة الأسرة و النافذين.

 حيث بلغت نسبة الفقر في عهد المخلوع صالح أكثر مت 65%، ونسبة البطالة 70% أواخر العام 2010م.

 السياسات التي اعتمدها المخلوع صالح هيأت لعدم توفر الأمن والاستقرار اللذين هما احد دعامات المشاريع الاقتصادية والاستثمارية ودعامات أساسية في عملية التنمية.

 

الحوثيون وإفقار اليمنيين

 

ارتكبت مليشيات الحوثي خلال رحلتها للسيطرة على الدولة وحكم اليمنيين بالقوة العديد من الانتهاكات بحق المواطنين، وكل من يعترض طريقها.

 

وخلف انقلابها -للعام الرابع على التوالي- دمارا هائلاً لليمن أرضا وانسانا..فاتسع الشرخ الاجتماعي والفقر والبطالة وعادت الأمراض الوبائية التي وجدت في عصر الإمامة من وباء الكوليرا وغيرها تفتك بحياة اليمنيين.  

 ومع استمرار هيمنة المليشيات الحوثية على صنعاء يواصل الجوع والفقر محاصرته للكثير من البيوت اليمنية، فيما الوضع الاقتصادي مرشح للتدهور بشكل أكثر سوءًا وخطرا. وما يفاقم المعاناة عدم اكتراث سلطة الأمر الواقع بصنعاء في دخول البلاد مرحلة من التشظي والانهيار الاقتصادي والمعيشي الشامل الذي سيسفر عن ثورة جياع ستجرف أمامها كل شيء وأولها مليشيات الفقر والجوع الحوثية.

 

في وقت سابق، أرجع مصدر في البنك المركزي اليمني انهيار العملة إلى "تدخلات الحوثيين المستمرة في السياسات النقدية للبنك، وتراجع الاحتياطي النقدي الذي تعرض لأكبر عملية استنزاف في الآونة الأخيرة".

 

وارتبط ارتفاع الأسعار بشكل رئيسي بانهيار الريال اليمني أمام العملة الأجنبية، فقد بلغ سعر صرف الدولار الواحد نحو 310 ريالات يمنية في السوق السوداء، و250 ريالا في السوق الرسمية، مرتفعا عن العام الماضي بنحو مئة ريال.

 

وتستورد السوق اليمنية 80% مما تستهلكه وفق بيانات لوزارة التجارة قبل نحو عامين، لكن الحرب الدائرة في البلاد منذ عام ونصف قلصت حجم الإنتاج المحلي ليزيد الاستيراد إلى نحو 90% على الأقل.

 

وعمد الحوثيون إلى الاستيلاء على قوافل الإغاثة الخاصة بالمتضررين من الحرب والقيام بتوزيعها لأنصارهم وحرمان مستحقيها منها.

  

كيف يمكن تقليص مساحة الفقر في اليمن

 

لا بد استراتيجية "تحول" تقوم فيها الإجراءات الذاتية بتغيير الوضع القائم بالتخفيف من الفقر أحيانا دون ترك آثار خطيرة على الطبيعة والثقافة.

 

ولا بد من تحويل عملية التبرعات لإعانة الفقراء في اليمن إلى عملية تعزز من إنتاج لدى الفقراء وتضيق الخناق على رقعة انتشار الفقر..ولهذا لا بد أن يصبح التغيير التحويلي ضروريًا في هذه السياقات، ومدخلات الأصول (إيجاد مشاريع تنموية تشغل اليد العاملة من الفقراء) قد تكون فعالة في سياقات أخرى.

 

 فالتدخل التنموي التقليدي الذي يتجاهل الطبيعة والثقافة بإمكانه تعزيز الفقر، ولا بد من تشارك الجهات الحكومية والقطاع الخاص ومؤسسات الإغاثة العالمية والخليجية في إيجاد مشاريع تنموية تحل مشكلة الفقر بطريقة لا تؤدي الى زيادة الفقراء.

 

ومن هذه الطرق إعادة عملية شبكة الضمان الاجتماعي وترشيد أدائها ومنع الفساد فيها، وبما يكفل تحقيق الرعاية للأسر المشمولة وحمايتها من مخاطر الانحراف الاجتماعي وبما يعزز قيم التكافل الاجتماعي للمجتمع، وبالتالي يسهم في تحقيق الاستقرار الاجتماعي للمجتمع كشرط أساسي للنمو والتطور.

 

وادت الحرب وانهيار النظام الاقتصادي الى نزوح اكثر من 2مليون مواطن من المدن الى الارياف، وهو ما ضاعف من سوء الوضع المعيشي لسكان الأرياف القائمين بعملية الاستضافة للنازحين ونفاذ لمخزونهم الاستراتيجي ومدخراتهم الاحتياطية زادها ارتفاع اسعار المواد الاساسية وفقدان للدخل اليومي، واتسعت معها نسبة الفقر.

الصحفي الاقتصادي محمد الجماعي، في تصريح الضالع نيوز يقول: "لا أحد ينكر الدور الذي تضطلع به مؤسسات العون والدعم الإغاثي برغم الملاحظات عليه، إلا أنها لا تتعلق بحل مشكلة الفقر بقدر ما تتعلق بمنع حدوث المجاعة..".

 

ويضيف الجماعي: "غير أن حل مشكلة الرواتب الحكومية وتهيئة الأجواء للقطاع الخاص سيكون لها دور كبير جدا؛ إذ يستوعب هذا القطاع أكثر من ثلاثة ملايين موظف.."

 

 ويعتبر الصحفي الجماعي أن "هناك أمور أخرى تساهم في تحسين مستوى معيشة المواطن واقتصاد الحكومة ككل، ومنها إعادة تصدير النفط وتهيئة كافة المنافذ البرية والبحرية والجوية لاستيعاب الحركة التجارية وليس الإغاثية فحسب..".

المصدر: الضالع نيوز/ أحمد الضحياني