السبت 04-05-2024 10:51:43 ص : 25 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

بأيِّة حالٍ عدتَ يا عيد؟!

فرحة العيد بالمحويت مُجرّد ذكرى في عهد المليشيات الانقلابية

الثلاثاء 27 يونيو-حزيران 2017 الساعة 05 مساءً / الإصلاح نت – مركز المحويت الإعلامي

 

المحويت .. تلك المحافظة الساحرة ابنة الجبال والغيوم..

مَن زار المحويت ولم يقع أسيرًا للدهشة ولم يحتفظ بحنينٍ للعودة إليها؟!

كان الناس في المحويت أمّة واحدة، تُفرِّقهم القناعات والرؤى، ويجمعهم حبّ الوطن، بسطاء ودودون.. أما الفاسدون فاستثناء أو كالشامة في الجسم.  

كان الناس يعيشون بسلام ويحلمون بمستقبل أجمل، ورغم مآسي الأعوام الأخيرة كان الأهالي يحتفظون بأملٍ لا يخبو بمستقبل مشرق، وكانوا يتسامون على الجراح عندما يحلّ العيد.

بيْد أن 2015 كان حدثًا فارقا.. لم تعُد المحافظة بعد هذا التاريخ كما كانت قبله .. مطلع ذلك العام حلّ الحوثيون كلعنة. قذفت المليشيات بمئات من أبناء المحافظة إلى المحارق ليعودوا أشلاء يتم إيداعها في المقابر التي تتمدد كل يوم كشاهد على قبح المليشيات التي أحالت حياة الناس جحيماً لا يطاق.. استدرجت الصغار وأجبرتهم على القتال.. أثقلت كاهل الكبار بالأعباء والاتاوات، وقطعت معايش الناس وأرزاقهم .. صادرت أحلام الصغار والكبار، واختطفت الفرحة تماماً كما حاولت اختطاف المواطن والوطن.

يئنّ أبناء المحافظة -منذ عامين- من ظلم وقبح المليشيات. حال أبناء المحافظة اليوم بين مشرَّد أو مختطف أو مُتعب يرزح تحت وطأة الجبايات التي لا تنتهي، والمحافظة عموماً بين وباءين؛ الحوثي والكوليرا.

 

جبايات لا تنتهي

 منذ الاحتلال الحوثي للمحافظة لم يعش المواطن يومًا بلا منغِّصات.. تتعامل المليشيات كعصابة لا ترى في المواطن سوى حصالة نقود .. صار المواطن عرضة لدفع الإتاوات التي تجبى كمجهود الحربي باسم الإمام علي والحسين وزيد والغدير والبنك المركزي والقدس والشهيد والمولد والخُمُس، وما شئت من شيءٍ بعد!

بعد أن قطعت المليشيات الانقلابية مرتبات الناس تمضي قدمًا في تنظيف جيوبهم، تأخذ منهم المال والبضاعة والحبوب والقات والأثوار والكباش والدجاج والبيض. ليس هذا فصل من رواية فنتازية.. وسَل أبناء المحويت وتجَّارها وزُرَّاعها.

غير أن الحوثيين "ديمقراطيون"؛ إذ يتركون لك الخيار بين أن تدفع هذه الإتاوات وبين أن تعيش بقية عمرك في أحد السجون كداعشي خطِر جدًا!

 

بأيِّة حال عدت يا عيد؟!

جاء العيد هذا العام وغالبية أبناء المحافظة يكتوون بالوضع المعيشي المزري.. صارت كسوة العيد حلمًا، والجعالة أمنية عزيزة المنال. يُربِّت الآباء على أكتاف أبنائهم بأنّ الوضع مأساوي، وأنه لم يعُد بمقدورهم شراء كسوة العيد كما في السابق، وأن العيد عيد العافية. ويجهد الجميع أنفسهم للتكيُّف مع هذا الوضع. وفي الضفة الأخرى يشيِّد مشرفو الحوثي أحلامهم الخاصة بناطحات السحاب، ويقتنون أحدث السيارات، ويودعون في أرصدتهم الخاصة ملايين الريالات التي جمعوها من التجار والمواطنين المسحوقين أو نهبوها من إيرادات وضرائب الدولة.

وإياك أن تتذمر من سوء الأوضاع؛ فإنك إنْ تمُت بصمت خير من أن تتعفّن في السجن بتهمة الطابور الخامس وتأييد العدوان البربري!

 

قطع الرأس والمعاش

 يعيش المواطنون منذ ثمانية أشهر بلا مرتبات، أي أن عشرات الآلاف من الجنود والمعلمين والموظفين، ومِن ورائهم عشرات الآلاف من الأسَر يعيشون اليوم حياة الكفاف. وبدلاً من أن يجد المدرس نفسه يُنقِّب في بطون الكتب أو يبحث عن حلول لانتشال التعليم من وضعه البائس؛ وجد نفسه مضطرًا للبحث عن عملٍ شاق يجني منه بعض المال ليقيم أوَد أسرته؛ وهذا ليس ضربًا من الخيال بل حقيقة واقعة، وهناك مئات الأمثلة لمعلمين وموظفين من أبناء المحافظة ذهبوا الى صنعاء لممارسة أعمال شاقة بعد أن قطعت المليشيات مرتباتهم منذ أشهر.

 

مآسٍ بعضها فوق بعض!

وكأن كل هذه المصائب لا تكفي؛ حتى وجد المواطن أنّ أسعار البضائع والسلع ومصاريف وملابس العيد قد ازدادت اشتعالا.

يقول أحد تجار الملابس إنه في الأعوام السابقة لم يكن يستطيع الوقوف على قدميه لثوانٍ نظرًا لإقبال الزبائن بأعداد كبيرة لشراء ملابس ومستلزمات العيد.. مضيفًا أنه هذا العام ظلّ ينتظر الدقائق والساعات ليقبل عليه الزبون الواحد رغم تواجد محلّه على الشارع.

ويقول صاحب محلّ حلويات وجعالة: إن الإقبال ضعيف للغاية، وإنّ المحلات تكاد تكون خالية من المتسوِّقين خلافًا للأعوام الماضية، لدرجة تشعرك أن المواطنين قد نسوا أن هناك شيء اسمه حلاوى وجعالة العيد. فمثل هذه الأمور تُشكِّل عبئًا لم يعد بمقدور غالبية الأسَر تحمُّله.

 

وجعٌ آخر!

 ثمَّة وجعٌ آخر إلى جانب الوضع الاقتصادي المُزري وتدهور حياة المواطنين المعيشية؛ يتمثل في إجرام المليشيات الحوثية باختطاف المئات من أبناء المحافظة وإخفائهم قسراً في سجونها الظاهرة والسريّة؛ ليترك هذا الأمر جراحات لا تندمل بسهولة ومئات القصص الحزينة التي تعيشها الأُسرَ في ظل غياب أبنائها ومعاناتهم في السجون والزنازين.

ومنذ أحكمت المليشيات قبضتها على المحافظة؛ صار الكثير من الأسَر الفقيرة واليتامى والمحتاجين في وضعٍ صعب للغاية، ولم تعد تستطيع كثيرٌ من الأسَر توفير احتياجات وأساسيات الحياة في ظلّ تضييق المليشيات على العمل الخيري وغياب نشاط الجمعيات الخيرية والمنظمات التطوعية بعد استيلاء المليشيات على مباني ومكاتب هذه المؤسسات التي كانت تعمل على زرع الابتسامة في شفاه البسطاء والمحتاجين والمعوزين خلال هذه المناسبات.

كما أن العمل الخيري أصبح جُرمًا في عهد المليشيات الانقلابية؛ ففي إحدى أيام رمضان أقدمت المليشيات بملحان على اختطاف أفراد بعد قيامهم بتوزيع معونات غذائية لبعض الأسر الفقيرة بتهمة أن هذه المعونات جاءت عن طريق الإصلاح. وتشترط المليشيات في بعض الأحيان على فاعلي الخير والوسطاء بأنْ يتم اعطاؤهم كمية من هذه المعونات مقابل السماح بتوزيعها على المحتاجين.