الأحد 05-05-2024 13:55:45 م : 26 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

دور مجلس النواب في حل الصراعات السياسية  والنزاعات  المسلحة والوقاية منها  في الوطن (1-3)

الإثنين 26 يونيو-حزيران 2017 الساعة 11 مساءً / الاصلاح نت - خاص/ أ.د. نجيب سعيد غانم

     

الدرس القادم من أفريقيا

 

خلال العقود الماضية التي شهدت نزاعات مسلحة وحروباً أهلية في منطقة غرب أفريقيا لم تقم البرلمانات في تلك الدول بأي دور يذكر في حل تلك النزاعات أو في إيقاف الحروب التي اندلعت فيها، والتي أفضت إلى كوارث مدمّرة, فضلاً عن عدم قيام تلك البرلمانات بأية جهود أو إجراءات لوقاية شعوب غرب أفريقيا من تلك النزاعات والصراعات المسلحة.

وفي محاولة لردم تلك الفجوة, قام برلمانيون في عدة دول غرب أفريقيا بعقد سلسلة من الحوارات وورش العمل والمناقشات المفتوحة، وتحديدا في مدينة أبيجان عاصمة دولة ساحل العاج (آيفوري كوست) في أكتوبر 2013م, شارك فيها برلمانيون من:

بوركينا فاسو (وطن الشرفاء)، ساحل العاج (آيفوري كوست)، جامبيا، موريتانيا، السنغال، وتوجو.

كما شاركت في تلك الجهود والحوارات والمناقشات عدة جهات وهيئات ومؤسسات برلمانية متخصصة وهي:

  • اللجنة البرلمانية للاتحاد الاقتصادي والنقدي لدول غرب أفريقيا ( WAEMU)
  • لجنة الاقتصاد المجتمعي البرلمانية لدول غرب أفريقيا ( ECOWAS)
  • اللجنة البرلمانية للمجلس التشريعي لدول شرق أفريقيا.

 شارك جميع هؤلاء في المؤتمر البرلماني الإقليمي حول دور مجلس النواب في حل الصراعات السياسية والنزاعات المسلحة والوقاية منها في دول غرب أفريقيا، والذي جرى تنظيمه بالتعاون مع المجلس التشريعي لساحل العاج والاتحاد البرلماني الأفريقي.

وقد قام المؤتمر - باعتباره منتدى للنقاش- بالتعرّف على السياسات والتشريعات والطرق والإجراءات والبرامج التي يمكن للبرلمان انطلاقاً من صلاحياته الدستورية أن يشارك من خلالها، وذلك في ظل الجهود لإنهاء دورات النزاعات المسلحة والصراعات السياسية والأزمات المتكررة في أفريقيا.

ابتداءً لا يمكن أن نعرّف تلك الجهود ما لم نصل إلى التعرّف على الأسباب التي تؤدي إلى تلك النزاعات، وكذلك على الأشكال والأنماط التي تظهر بها تلك النزاعات.

وقد ساهمت تلك النقاشات في مساعدة البرلمانيين الأفارقة بالتعرّف على تلك الأسباب سواء كانت أسباباً مباشرة أم غير مباشرة، وعلى المستوى الاقتصادي والسياسي، وكذلك على الصعيد الثقافي المجتمعي.

وبينما كانت كل تلك الأسباب للنزاعات المختلفة قد حظيت بالكثير من اهتماماتهم, فإنّ نقاشهم ترّكز على أبرز تلك الأسباب والتي تمّ التعرّف عليها وكانت على النحو التالي:

  • ضعف السلطة الحاكمة
  • انتهاك حقوق الإنسان
  • عدم احترام القانون في الدولة
  • عدم انتظام الدورات الانتخابية وغياب التداول السلمي للسلطة
  • ضعف في البناء المؤسسي للدولة
  • غياب الرؤية عند قيادة الدولة
  • تفشي الفساد في أروقة الدولة ومؤسساتها وعلى كافة مستوياتها
  • فقدان الدعم الشعبي للسلطة واعتمادها على النخب السياسية وانحطاط في الممارسات الأخلاقية المدنية
  • تفشي الوساطة والمحسوبية في الدولة
  • ازدياد معدلات الفقر
  • عدم التوزيع العادل للموارد والثروة
  • ارتفاع معدلات الأمية في أوساط الجماهير
  • إقصاء وتهميش الأقليات العرقية
  • ممارسة أنواع مختلفة من التمييز والتلاعب بجذور الأقليات العرقية والعواطف الدينية.
 

خلافاً للحكمة التقليدية، والتي تقول: إنّ السلطة التنفيذية تتحمّل كامل المسؤولية لكل مصادر ومنابع النزاعات, فقد لاحظ البرلمانيون أنّ البرلمانات لديها أدوار مهمة لابد من أن تؤديها بحكم صلاحيتها الدستورية، وبالتالي بحكم موقعها في هيكل سلطات الدولة ووظائفها وأنشطتها المختلفة ومسؤوليتها الوطنية والأخلاقية.

وباعتبار أعضاء البرلمان الممثلين الحقيقيين للشعب فإن لديهم - بحكم الصلاحيات الممنوحة لهم- سلطات تشريعية ورقابية بأبعادها السياسية والاجتماعية، والتي من خلالها بإمكانهم أن يحددوا الإطار والمدى التشريعي والرقابي الذي ممكن أن ينشطوا من خلاله.

وبتصور كيف يمكن للبرلمان أن يساهم في إدارة النزاع القائم من جهة ومن جهة أخرى وقاية الدولة من تلك النزاعات مستقبلا, فإنّه يتعيّن على البرلمان أن يبلور الرؤية لكيفية حل النزاعات وكذلك يصمّم الاستراتيجية، ويحلّل بنى وهياكل النزاعات المعقدة ويقسمها إلى تراكيب أقل تعقيداً, كما يتعيّن عليه أن يحرّك الموارد اللازمة لتوطيد السلام والاستقرار في الدولة على اعتبار أن السلام ليس هدفاً من جملة أهداف سيسعى البرلمان إلى تحقيقها، ولكنّ تحقيق السلام في الدولة هو هدف البرلمان الوحيد.

 

واستناداً لقواعد ومبادئ الحكم الرشيد، وبناء على جهود البرلمان لمنع النزاعات والأزمات الأخرى وفق ما ذكر أعلاه, فإنّ المشاركين في هذا المؤتمر ومنتدى النقاش البرلماني قد خلصوا إلى أنّ على البرلمان القيام بالآتي:

  • رفع وتيرة اليقظة أثناء مراقبة البرلمان لأداء كل أعمال الحكومة ومدى التزامها بسيادة القانون.
  • ضمان تفعيل التشريعات الخاصة بحقوق الإنسان وفق المعايير الدولية السائدة وعلى نحو فعّال وإنفاذها على كافة المرافق الحكومية.
  • على الحكومة أن تقدم ما يثبت التزامها بالمبادئ الديمقراطية وخاصة فيما يتعلّق باحترام حقوق الضعفاء والمظلومين، وكذا احترام حقوق الأقليات والفئات المحرومة أو المهمّشة في المجتمع وضمان حماية مجتمع متعدد الكيانات والثقافات والمواقف السياسية.
  • ضمان سيادة مبادئ الشفافية والمساءلة على أعمال البرلمانات نفسها، وكذا على مستوى أعمال بقية هيئات ومؤسسات الدولة في السلطتين التنفيذية والقضائية من أجل خفض مخاطر الفساد وآثاره المدمّرة على المواطنين.
  • ضمان تعزيز أداء مرافق الدولة ضمن منظومة الحكم الرشيد من أجل استعادة ثقة المواطنين بالدولة، وهذه خطوة لا غنى عنها من أجل مساعد قادة الدولة على حشد الرأي العام خلف الجهود التي ستفضي إلى بناء مجتمع سلمي ديمقراطي.
  • ضمان التغيير الديمقراطي الذي يؤدي حتماً إلى التداول السلمي للسلطة من خلال تأسيس نظام انتخابي شفّاف ومساعدة الأحزاب السياسية لإعادة صياغة ثقافتها السياسية لتتواكب مع الزيادة المتوقعة في مشاركة النساء والشباب والأقليات المهمّشة والعرقية من خلال آلية تسرّع في انتظام الدورات الانتخابية.