يحرسنا الاصلاح (1)
مدين قاسم
مدين قاسم
  

في إحدى ليالي رمضان المبارك، زرت أحد المحامين الكبار من أسرة هاشمية ومعروفة بتعصبها الكبير للحوثي، عرفته من سنوات سابقة، وتواصلت معه بغرض اللقاء لأجل معرفة بعض الأمور القانونية فيما يخص رسالتي الأكاديمية بغرض إدراجها في الاستبيان الذي أقوم به. حدد لي مكتبه مكانًا للقاء.. وصلت في الموعد المحدد وكان قد سبقني إليه، وقد بات في متكأه يتناول وريقات القات، يشاهد حلقات الأضرعي، ويقهقه بأعلى صوته ضاحكًا.

جلست في المكان الذي أشار لي فيه، وما أن جلست حتى بادرني بالسؤال: هل تشاهد الأضرعي، فأجبته بالنفي؛ لكنه طلب مني مشاهدة حلقة - أعتقد الحلقة الثالثة - كان يضحك بملء فيه، وحين أكملنا مشاهدة الحلقة، تنهد من أعماق قلبه، ثم أقسم يمينًا أن ما يقوله هو الواقع، وإن كانت بطريقة ساخرة. ثم قال: "أنا محامي، ومطلع على كثير من القضايا، أقسم بالله ان ما يقوله حقيقه، وليست مبالغة".

حاولت أن أبدو مدافعا عن الحوثي حتى اطمأن إليه.. فقلت له، لا تصدق هذا المهرج، الحوثي اليوم يدافع عن فلسطين والأقصى، فقاطعني قائلا: "إذا قد الحوثي عيحرر فلسطين، فوالله إنها تبقى تحت يد اليهود أفضل، لأنهم ما دخلوا بلاد إلا ودمروها".

فسألته متعجبًا: شكلك جالس اصلاحي، ما تغيرت..؟ قال نعم ما تغيرت، ووالله إني ازددت له حبًا وولاء، فكل يوم أرى ما يقوم به الحوثي من أفعال فأحمد الله على نعمة الإصلاح.. والتي اعتبرها نعمة تستحق مني الثناء عليها مرارا وتكرارا، كنعمة الإسلام الذي ما عرفته إلا حين عرفت الإصلاح.

قلت له، إذًا هذا هو السبب الذي خلاك ما تحصل على أي منصب، فضحك قائلا: والله أني تلقيت قبل نحو شهرين اتصالا من أعلى هيئة في الحوثي، وطلبوا مني الموافقة على تولي حقيبة وزارية في الحكومة التي ينوون تشكيلها ورفضت. فسألته عن السبب؟ فقال: أخبرتهم بالواضح أني إصلاحي ولن انكث بمبادئي ما دمت حيّا.

قلت له: وماذا عن أولادك وزوجتك؟ قال زوجتي لها الفضل بعد الله عزوجل في استقامتي ووقوفي مع حزب الإصلاح، فهي قدوتي التي استمد منها معاني الخير والفضيلة، أما بالنسبة لأولادي فأنا أحرص مع والدتهم أن نحميهم من أفكار الحوثي كما يحمي الإنسان منزله من تسلل السرق إليه.

وأضاف: الإصلاح غادر البلاد صحيح، وتم القضاء على كثير من ممتلكاته ومؤسساته ومساجده، لكنه إلى اليوم لا يزال يحرسنا بقيمه ومبادئه وأهدافه، اليوم أنا أجني ثمرة الإصلاح في أفكاره التي زرعها فينا من رفض فكرة تحويل الدين من رسالة عالمية إلى سلالة عائلية.

وتابع: الإصلاح يحرسنا بقيمه التي زرعها فينا والتي نجد ثمارها اليوم في البيت والمدرسة والشارع والسوق، اليوم الممانعة لأفكار الحوثي في المساجد والمدارس لم تأت من فراغ، ولكنها جاءت بفضل جهود الإصلاح الجبارة في مجال التعليم والتربية، وبات معظم اليمنيين يؤمنون بأفكار الإصلاح ولو لم يكونوا إصلاحيين، لأن الإصلاح فكرة والفكرة لا تموت..

ثم أشار لي بقصته مع والده الذي مات وهو كما يقول غير راضٍ عنه بسبب انتمائه للإصلاح، إذ كان يعتبرهم العدو الأوحد والأكبر.. منوها إلى قصته مع والده، وكيف كان يجلسهم في حلقات اسبوعية منظمة في المنزل؛ لمناقشة هذه الأفكار السلالية التي تحتقر كل ما دون الهاشمي، حتى ولو كان عالما جليلا، وتقدس كل ما هو هاشمي ولو كان لصا حقيرًا.

واختتم حديثه لي بالقول: قبل 2011 كان والدي يرى أني قد بدأت أميل للإصلاح، وأقوم بالضم خلال الصلاة، وغيرها، فقام بترغيبي بالخروج من الإصلاح من خلال طلبه منه مرافقتي له بالسفر إلى "كربلاء والنجف" بالعراق، حيث كان والده يذهب إليهما كل عام معتقدا أن الذهاب إليهما أفضل من الذهاب إلى مكة المكرمة، ولكن الإصلاح حرسنا بأخلاق الإسلام ومبادئه ولم تجرفنا أي اغراءات أو مناصب للتخلي عن هذا الأمر.. سائلا الله الثبات على هذا حتى الممات.


في السبت 30 مارس - آذار 2024 05:46:49 م

تجد هذا المقال في موقع التجمع اليمني للإصلاح
https://alislah-ye.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://alislah-ye.net/articles.php?id=951