خرافة الاصطفاء السلالي في الخرافة السلالية ..الهاشمية (6 -12)
أحمد الكاتب اليمني
أحمد الكاتب اليمني

 

 

في هذه السلسلة يكشف الكاتب حقيقة ما يسمى بالخرافة السلالية الهاشمية، من خلال (12) حلقة متتالية، توضح كيف تم صناعة هذه الخرافة، و كيف جرى الترويج لها، واقناع الناس بها تأريخيا.
 
السلسلة تشكل مجموعة ابحاث تأريخية عميقة، استغرقت وقتاً طويلاً في سبيل الوصول الى الحقيقة.

 
ثانياً: الأدلة الخاصة:
 
من المناسب قبل الولوج في أهم الاستدلالات الخاصة التنويه إلى أن كل الفرق الإسلامية تعتمد في استدلالاتها النقلية في قضاياها على ثلاثة مستويات:
 
أولها: القرآن الكريم: ونصوصه إما أن تكون قطعية الدلالة بذاتها وهذه مما لا يحتمل الاختلاف، وأما أن تكون ظنية الدلالة. وهذه تحتمل الاختلاف وتحتاج لمساندة خارجية تقوي وجهة الاستدلال، قد تكون هذه المساندة نقلية أو عقلية. ويعتمد مدى قبول ترجيح استدلال وجهة على أخرى في النص القرآني ظني الدلالة على قوة الدليل المساند في إفادته العلم اليقيني أو العلم الظني.
 
ثانيها: الحديث النبوي: كل الفرق الإسلامية – عدا قلة قديمة مندثرة وحداثيين – يحتجون بالأحاديث النبوية لكن تفاوتت عناية كل فرقة بالحديث النبوي، وبرز من الوسط السني – مجازاً – من عرفوا بأهل الحديث، وهؤلاء أفرغوا جهدهم في العناية بالحديث حتى صيروه علماً قائماً بذاته من بين العلوم الإسلامية، فعنوا بدراسة الأحاديث لمعرفة درجة صدقية انتسابها للنبي وبالتالي صلاحية الاحتجاج بها، وفي هذا الشأن اهتموا بجرح وتعديل رواة الحديث، والتراجم، وتقسيمات الحديث من حيث مدى صحته وإفادته ليقينية أو ظنية نسبته إلى النبي، وبذلك يكونون هم أصحاب المهنة، ومن المنطقي والمعقول أن يكون رأيهم في حديث ما مقدما على غيرهم. خصوصاً وأن كل طائفة لما لم تجد في القرآن ما يؤيد قضاياها لجأت لاختلاق أحاديث نبوية، كما لا تبدو الوجهات السياسية -أساس افتراق المسلمين – ذات تأثير في إيراد الأحاديث في مدوناتهم مقارنة بغيرهم ممن يظهر التعصب واضحاً جلياً في بعض ما نقلوا من أحاديث، وفي جل الأحاديث ذات المسحة السياسية.
 
ثالثها: كتب السيرة والتاريخ: وهذه تكاد تكون ذات قيمة شديدة في الانخفاض كاستدلالات لو أخضعت للدراسة النقدية الفاحصة، أو لو طبقت عليها القواعد النقدية للحديث النبوي.
 
ومن الملفت في هذا الصدد أن الشيعة يضعون ضمن قائمة استدلالاتهم الخاصة أحاديث منسوبة للنبي وردت في كتب تاريخ لا حديث.
 
وسيتم التركيز تالياً على الاستدلالات الخاصة للشيعة، ذات الأهمية والتي وردت في كتب أهل الحديث متجنبين استدلالات أحاديث كتب التاريخ أو الأحاديث التي اختلقوها ودونوها في كتبهم، فأهل فن الحديث أولى من غيرهم طالما سندخل ميدان الفضائل والاصطفاء استناداً للأحاديث النبوية.
 
ومرة أخرى يمكن تقسيم الاستدلالات الخاصة إلى طائفتين أدلة عامة بأهل بيت النبي، وأدلة مخصوصة بالإمام علي:
 
•أدلة عامة بأهل البيت:
 
يكون ملائماً هنا كذلك محاولة فهم بعض الألفاظ القرآنية في ضوء القرآن نفسه كمدخل ضروري يساعد على تفكيك التباسات ذات صلة بهذا النوع من الأدلة. وسنتناول لفظين أساسيين هما آل ، وأهل. وعلاقتمها بالذرية:
-آل: لغوياً تعني آل الرجل أهله وعياله، وأتباعه وأنصاره. باستعراض آيات قرآنية يتكشف المقصود القرآني باللفظة.
 
يقول تعالى: {وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ..}.
 
{كدأب آل فرعون والذين من قبلهم..}..
 
{وقد أخذنا آل فِرْعَوْنَ بالسنين ونقص من الثمرات..}..
 
{وقال رجل من آل فرعون يكتم إيمانه..}..
 
{وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ..}..
 
 {أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ}..
 
{فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً..}..
 
{يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ..}.
 
يلاحظ في الآيات السابقة أن لفظة آل تشمل المعنى اللغوي من أهل، وأتباع، أي إمكانية اشتمالها على القرابة العضوية. بيد أن من غير الممكن إسقاط جميع الآيات الواردة فيها لفظة آل، على معنيي الأهل والذرية بعكس إمكانية إسقاطها في الجميع على معنى الأتباع، أي، أتباع النهج والطريقة. فمن الواضح أن آل فرعون ليس المقصود بهم أهله وذريته، بل أتباعه، إذ أن من أتباع فرعون ظاهراً من يكتم إيمانه، فهل يدخل هذا المؤمن ضمن "أدخلوا آل فرعون أشد العذاب". وأيضاً هل يدخل المؤمنون من ذرية فرعون في آية العذاب، ومن الملفت كذلك أن أغلب الآيات المتضمنة لفظة "آل" تشير إلى وحدة الزمان بين الأتباع والمتبوع أو المعاصرة، بمعنى أن آل فرعون هم أتباع فرعون وقت حياته، قال تعالى: {وأغرقنا آل فرعون}. و{أخرجوا آل لوط}.
وفي الآية المتعلقة بإبراهيم {آتينا آل إبراهيم} إشارة لخصوصية بني إسرائيل لجهة تماهي الأتباع مع القرابة العضوية، فبني إسرائيل هم أتباع إبراهيم، ويعقوب، وهم ذات الوقت من ذريتهما. وهذا ما تؤيده الحركة التاريخية للدين اليهودي إذ كان بنو إسرائيل هم الأغلبية الساحقة من معتنقي ذلك الدين الذي لم يكن ديناً عالمياً أو تبشيرياً وإنما كان ديناً قومياً.
 
وتنضبط الآية أكثر في مدلولها لو حملت على مفهوم الأتباع لا الذرية سيما في الإشارة إلى الملك العظيم، إذ لو أخذنا بمفهوم الذرية فلم يتسن لبني إسرائيل ملكاً عظيماً إلا لسليمان، حتى ملكه رغم مكوناته الخارقة للعادة من تسخير للريح والجن إلا أنه من حيث رقعة مملكته أرضاً وشعباً لم يتجاوز بعض فلسطين المعروفة الآن ولم يتعد الشعب اليهودي.
 
فيما لو أخذنا الإشارة بمفهوم الأتباع لانضبط المدلول كون الدين اليهودي والمسيحي والإسلامي هي امتدادات لدين إبراهيم، وواقعياً حققت الدولة الرومانية المسيحية واحدة من أعظم الإمبراطوريات في التاريخ وأطولها مدة وكذلك الدولة الإسلامية بعد وفاة النبي محمد عليه الصلاة والسلام، والدول المسيحية في عصور مختلفة.
 
 يؤيد أن مفهوم الأديان السماوية امتداد للدين الإبراهيمي قوله تعالى: {وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ}، وقوله: {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ تَهْتَدُوا ۗ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا}، وقوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا}، وقوله: {إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا..}، وقوله: {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا}، وقوله: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا}.
 
إذن فالأصل في لفظة "آل" الإتباع مع إمكانية أن يدخل في اللفظة ذوو القرابة العضوية شريطة توفر الإتباع.
 
وأخيراً يلاحظ في لفظة آل أنها لا تسند لغير العاقل حسب ورودها القرآني، كأن يقال "آل البيت" أو "آل القرية"..
 
-أهل: أتت في القرآن الكريم، حال إسنادها للعاقل، معبرة عن القرابة العضوية، يقول تعالى: {وَنَادَىٰ نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ، قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ۖ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ..}، في النفي، نفي لتأثير القرابة العضوية مع عدم الإتباع، وليس نفيا للقرابة ذاتها. ويقول تعالى:{فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ}، ويقول: {فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ}، ويقول: {اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْه أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ}، ويقول: {وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي. هَارُونَ أَخِي}. مما سبق يتبين بأن لفظة "آل" أوسع دلالة من لفظة "أهل" التي تختص بالقرابة العضوية، والأولى بالإمكان أن تشمل الثانية إلا أن معناها الأصلي هو الأتباع. 

المصدر: الموقع بوست
 


في الخميس 13 إبريل-نيسان 2017 05:47:04 م

تجد هذا المقال في موقع التجمع اليمني للإصلاح
https://alislah-ye.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://alislah-ye.net/articles.php?id=90