دماج.. رحيل السياسي الحكيم والمحارب العنيد
يحيى اليناعي
يحيى اليناعي


رحل السياسي والحكيم محمد حسن دماج، عضو الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح، وفي قلبه كل أوجاع اليمن وآمال اليمنيين. 

غادرنا بعد حياة حافلة بالعمل الإداري والسياسي والاجتماعي والخيري، وبعد أن خلّد اسمه في الذاكرة الوطنية كواحد من أهم رجالات الدولة والجمهورية المقتدرين والأوفياء. 


لمع اسم دماج في الثمانينيات كسياسي محنك، ومحافظ نشط وحازم، وعضو فاعل في المجلس الاستشاري يُحسب له حسابه، وقامة اجتماعية تحظى بالتقدير والاحترام. 


تعلقت به عيون المواطنين البسطاء في محافظات عديدة كرئيس ناجح لمحلياتها، وأنجز الكثير من الخدمات والمشاريع في مناطق الريف الأشد فقراً وحرماناً. 


ودماج إلى كل ذلك، جمهوري كبير ومناضل سبتمبري بارز، قاوم الإمامة في مطلع شبابه وناهض مخلفاتها عند الختام من حياته. 

فقد بذل مع رفيقه الشهيد حميد القشيبي وباقي الأحرار جهوداً كبيرة لمنع سقوط بوابة صنعاء بيد المليشيات الإمامية، وتحويل اليمن إلى منصة إيرانية تستهدف وجود اليمن ودول الخليج. 


ففي عمران بدا دماج السياسي والحكيم كمحارب عنيد ضد عودة مخلفات الإمامة، رافضاً رفع الراية البيضاء أمام سيل التهديدات التي قاربت حياته، وقاوم الضغوط وتسليم المحافظة للانقلاب بشدة كما لو أنه نصل يماني عصي على الانكسار.


وقف في قلب العاصفة كالطود، وواجه بصلابة لامتناهية مؤامرة الانقلاب على الجمهورية والوطن، وهو في الثمانينيات من عمره، يهش المخاطر والموت عن اليمنيين بعصاه، وكل مآرب الانقلاب الأخرى. 


فقد كان يحمي اليمن واليمنيين من مصهرة دموية قادمة، ويدفع عنهم طيش الشرذمة الإمامية وقوى الانقلاب التي ستغرق نفسها في الدم، وتسبب لأفرادها الفناء، ولليمن كل هذا الخراب والدمار الذي نراه اليوم. 


وطالما كرر دعواته للجميع ليشكلوا صوتاً واحداً لليمن الجمهوري في وجه مليشيات الكهنوت الإمامي، وأن يتحالفوا للوطن وللمصير المشترك وللقضايا التي تدفع بلادنا اليوم ثمن عدم منحها الأولوية والاهتمام الأبرز. 

إذ كان يدرك رحمه الله فداحة الوضع الذي سيخلفه انقلاب الشرذمة الإمامية على كل أبناء اليمن وعلى جيرانهم، فلا أحد سيسلم من شرها حتى أولئك الذين حالفوها..وأننا إما "أن نواجههم معاً كإخوة أو نهلك جميعاً كضحايا" وفقاً لمقولة أحد الثوار الغربيين. 


وعند فشل قوى الانقلاب في استباحة محافظة عمران آنذاك، لجأت للضغط بإقالته فأُبعد من منصبه، وغادر "محمد حسن دماج" عمران شامخاً بوطنيته، وفياً لجمهوريته التي لم يساوم عليها قيد أنملة، فاستحق تقدير كل أحرار اليمن.


فمثل" دماج" الحكيم والجسور يعلم أن كل مساومة وخصومة يجب أن تنتهي عند ثوابت الوطن، وأن من يتنصل عن ثوابته ويفرط بجمهوريته لن يدخل التاريخ بل يستحق لعنته. 


سيكتب التاريخ عن دماج أنه ذلك الشيخ الثمانيني الذي لم يأبه لحياته التي تعرضت للخطر، كي يمنع تحوّل اليمن من وطن يضج بالحياة إلى وطن ينتج الموت. 


رحل دماج ليسكن قلب هذا الوطن الذي وهبه حياته، وستشيعه اليوم قلوب كل الجمهوريين في الجبال والسهول إلى مثواه، وسنضع أكاليل الزهور على ضريحه في القريب العاجل بعون الله...حين نعود ونستعيد عمران وصنعاء، وكل شبر من تراب هذا الوطن.

------

نقلا عن #الصحوة_نت 

 
في الخميس 20 ديسمبر-كانون الأول 2018 11:50:20 ص

تجد هذا المقال في موقع التجمع اليمني للإصلاح
https://alislah-ye.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://alislah-ye.net/articles.php?id=481