الجمعة 29-03-2024 01:42:44 ص : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار
الخديعة الكبرى!
بقلم/ يسلم البابكري
نشر منذ: 6 سنوات و شهر و 19 يوماً
الثلاثاء 06 فبراير-شباط 2018 10:38 م
 

سأكتب كإصلاحي من (الجنوب)، وأحاول أن أقول ربما بعض ما يجول في رؤوس أعضاء الإصلاح الذين أعرفهم وأتناقش معهم فيما يعم ويخص، وأظن أن الحاجة لهذا الحديث مهمة واليوم خصوصا.


بالنسبة لي فأنا الى جيل الوحدة أقرب من جيل التشطير، فقد شهدت اليمن مشطراً فوحدويا ثم ممزقا، وألفيته شموليا فديمقراطيا ثم تائها، وعايشت بعض حروبه والكثير من السلام. وبالنسبة لتجربتي مع الإصلاح فهي بعمري وعمره؛ انتميت له في سن مبكر، لذا فتجربة تلك السنين تمنحني بعض الأهلية للحديث فأقول:


يوجد بعض العتب بل ما هو أكثر من العتب في مناطق الجنوب تجاه الإصلاح وهي في المجمل تراكمات لصخب وضجيج إعلامي موجه قدر الإصلاح أن يواجهه. حاولت من بين كل هذا الضجيج الإعلامي انتزاع حقائق يمكن مواجهة الإصلاح بها والتقطت من بين تلك الأكوام الضخمة من الغثاء بعضها:


● يتهمون الإصلاح بأنه وحدوي ومدافع عن الوحدة ومستميت في الدفاع عنها، وهذا قول وجيه، لكن كل التيارات في اليمين واليسار القومي منها والإسلامي كلها وحدوية؛ بل لقد كان النظام في الجنوب متطرفا في شعاراته الوحدوية، واليمنيون بطبيعتهم وحدويون والترابط بينهم متين حتى مع الفواصل السياسية، وإذا ضاق الجنوب اتسع له الشمال، وان ضاق الشمال اتسع له الجنوب. وأما وحدة عام 90 فلم يفرضها الإصلاح ولم يوقع عليها ولم يشارك فيها حتى لأنه كان حينها جنين في رحم الدولة التي نشأت فلا يحاسب جنين في بطن أمه عن أقدار لم يشهدها.


● يتحدثون بأن الإصلاح غزا الجنوب وشارك في احتلالها في حرب 94 وكفر أهلها واستباح أرضها ووفر لها غطاءً شرعياً، والحقيقة أن حرب 94 نشأت بين طرفي الوحدة اللذين وقعاها وبقي كل منهما ممسكا بجيشه فتصارعا، والحقيقة التي لا جدال فيها أن الشعب في الجنوب في تلك الحرب كان مع الوحدة ضد الارتداد عنها، وأن من قاد المعارك هم قيادات عسكرية جنوبية وهم من حقق الحسم والنصر، وأما الإصلاح -وكان حينها تنظيم ناشئ- كان الى جوار الغالبية من الشعب شمالا وجنوبا؛ فعلام يحمل وزر وتبعات حرب لم فرضها ولم يلام عنها دون سواه؟!


●لا خلاف على ان نظام صالح استفرد بالقرار بعد الحرب، وكما خرج الاشتراكي بخسارة الحرب فقد تم إخراج الإصلاح من المعادلة بالسلم وشنت عليه حرب ظالمة لتجفيفه وتدمير مؤسساته ليعاد انتاج نظام شمولي استبدادي يحكمه صالح وعائلته.


● في تلك الحقبة اشتغل الإصلاح بالمعارضة السياسية والاهتمام بالتثقيف وبناء المؤسسات المدنية التي يمكن الرهان عليها في خلق وعي للمجتمع لمواجهة حتمية مع النظام المستبد وسعى لخلق شراكة وبناء جبهة تقود التغيير.


●يوم حانت فرصة اختبار وعي المجتمع اتجه الإصلاح جنوبا واختار مع شركائه لقيادة مشروع التغيير رجلا وطنيا استثنائيا وبطلا مقداما كفوءا. لم يكن اختيار ابن الجنوب فيصل بن شملان لقيادة مشروع التغيير مصادفة بل عن دراية ووعي، واستطاع -وإن لم يحقق الوصول للرئاسة- لكنه وصل الى عقل وضمير اليمنيين وفجر لديهم إرادة التغيير ليدخل منه حراك المتقاعدين ثم الحراك الجنوبي وصولا الى ثورة التغيير.


● يوم كان هناك صمت مطبق حيال ممارسات النظام كان الإصلاح يعمل على توسيع دائرة الوعي وتمتين جبهة التغيير لبناء يمن جديد وصياغة عقد اجتماعي يتجاوز سلبيات وتراكمات الماضي ويؤسس للمستقبل.


●عند بلوغ إرادة التغيير مداها وتفجرت ثورة فبراير كانت انطلاقتها من عدن وأول شهيد لها أيضا من عدن وكانت احد مفاتيح التغيير المهمة ولم يكن الإصلاح عنها ببعيد وعند الوصول الى التسوية كان الخيار هو إنصاف الجنوب فاختير الرئيس هادي ابن الجنوب للرئاسة وباسندوة لرئاسة الحكومة غير ان أطراف جنوبية هي من أغلق الباب في وجه هادي وباسندوة، وتم استعداء ثورة فبراير.


● كان الحوار بالنسبة للإصلاح هو رديف الثورة وثمرتها وفرصة تاريخية لصياغة يمن جديد لكن الرفض له كان من أطراف جنوبية رغم انه كانت فرصة حقيقة لوضع كل المشاكل على طاولة للخروج بحلول لكنها أهدرت.


● يوم تحالف الداخل والخارج للإنقلاب على الثورة والحوار كان الإصلاح في طليعة المقاومين له وانخرطت قيادات الإصلاح وأعضاؤه ومؤسساته في مشروع مقاومة الانقلاب الذي اجتاح الشمال والجنوب بحرب شاملة نعرف تفاصيلها، وفي الجنوب كان شباب الإصلاح -مع إخوانهم- في خندق المقاومة يتقاسمون الألم.


● رفض الإصلاح أن يتحول إلى مليشيا أو ان يختار طريق العنف واختار طريق الدولة ومؤسساتها وشرعية الرئيس وسلطات الدولة لإدراكه أن وجود تشكيلات خارج سلطات الدولة هو تفخيخ للوطن في المستقبل سيكتوي الجميع بناره.


●يدرك العقلاء أن استعداء الإصلاح في الجنوب هو (خديعة كبرى) ونهج منظم ويدركون ان الإصلاح شريان مهم في جسد اليمن إن تمكنوا من سده فقد يحققون جزءاً مهما من مآربهم.


●يتحتم على الإصلاح القيام بدور مهم والتحدث بلغة أكثر وضوحا والانفتاح أكثر على كل المكونات وإيجاد جهد مجتمعي يسهم في خلق وعي بالتحديات الكبرى التي تستهدف اليمن بكل مناطقه شمالا وجنوبا.


●لو كان الإصلاح كيانا هامشيا لما ناله كل هذا النصيب من الكيد، لكن الرهان على وعي المجتمع كبير في أن تتضح الصورة وتزول الغشاوة.