الجمعة 29-03-2024 02:17:03 ص : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار
الأحمر.. شوكة ميزان اليمن
بقلم/ عبدالله المنيفي
نشر منذ: 5 سنوات و شهرين و 29 يوماً
الجمعة 28 ديسمبر-كانون الأول 2018 04:12 م
  

برغم مضي أحد عشر عاما منذ وفاة الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، إلا أنه لا زال حاضرا وبقوة في ذاكرة اليمنيين، ويتذكره الكثير بمواقفه المتزنة؛ فقد استطاع أن يخلد نفسه في ذاكرتهم، واليوم تحل ذكرى وفاته في ظل الظروف الصعبة والمتغيرات التي مرت بها اليمن.

يعد الشيخ الأحمر أحد الأعلام في تاريخ اليمن الحديث، فقد لعب أدوارا بارزة وكان له دوراً في استقرار اليمن خلال العقود الماضية، فضلا عن حجم التضحيات التي قدمها وأسرته بدءا من مناهضتهم للإمامة أثناء غياب الكثير من الأصوات التي كانت تخشى ظلم الأئمة في تلك الفترة المظلمة في تاريخ البلاد، ودفع ثمن ذلك بقضائه بضع سنوات في السجن إلى أن اندلعت ثورة 26 سبتمبر 1962.

كما يعد الشيخ الأحمر أعرف اليمنيين بقبائل البلاد وأعرافها وعائلاتها، وكان له صوته المسموع في أغلبها تقديراً له، واستطاع بفضل حكمته أن يساهم في استقرار الدولة، فقد أوجد توازنا بين تلك القبائل المتجذرة بالشمال والسلطة، برغم صعوبة ذلك، كما كان له دورا بارزا في احتواء بعض الأزمات التي واجهتها اليمن كأزمة الحدود مع السعودية.

وبذلك شكل الأحمر شوكة ميزان بالنسبة لليمن ككل، فقد كان يلجأ إليه اليمنيون بمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم، ولا أدل على ذلك أكثر من لجوء اليساريين إليه في فترة التضييق الكبيرة التي عانوا منها سابقا، وكان له حضورا واسعا، ساعده في ذلك تاريخه الحافل بالأدوار الوطنية الفاعلة والتضحيات.

كانت وفاة الشيخ الأحمر واحدة من أبرز عوامل عدم استقرار السلطة في اليمن، فبعد أن خسرت البلاد رجلا بحجمه بدأت الصراعات تتعمق وغرق النظام السابق بالفساد خاصة مع محاولاته استقطاب القبائل المختلفة ولملمتها للحفاظ على استقرار السلطة، وهو ما أدى مع مرور الوقت إلى تنامي الغضب الشعبي وعدم الرضا عن الحزب الحاكم آنذاك، فكانت الظروف مهيأة لحدوث انتفاضة مطلع العام 2011.

منذ ذلك اليوم وحتى الآن، تغيرت خارطة التحالفات التقليدية، وفقدت القبيلة هيبتها، فقد تعددت ولاءاتها برغم تجذرها وبقوة في الشمال مقارنة بجنوب البلاد، وساعد الانقلاب بشكل سلبي في تقسيمها وتجزأتها وجعلها تلعب أدوارا لا تليق بها.

لقد أسهم غياب الشيخ الأحمر في غياب الدور الإيجابي للقبيلة اليمنية، واسهامها في استقرار الوضع الذي كان مهيئ بعد ثورة 2011، ومع ما سبق انقلاب سبتمبر 2014 من دور سلبي للقبيلة إزاء ما يجري في البلاد، أدى ذلك إلى أن أن يجد الانقلاب فراغاً كبيراً ليحقق أهدافه بتفكيك الدولة واسقاطها، ولم يكن سهلا استعادة الدولة حتى اليوم.

مع تفكك الدولة بهذا الشكل المخيف، بات اليمنيون يعرفون أكثر من أي وقت مضى، أنه كان بإمكانهم حصاد ثمرة انتفاضتهم عام 2011 بوجود شخصية سياسية مخضرمة كالأحمر، فمن المؤكد أنه بثقله كان يمكن أن يشكل نوعا من الضغط على النظام السابق لتلبية مطالب الشعب. والأمر ذاته ينطبق على انقلاب 2014 فقد كان يمكن للقبيلة أن تقوم بدور إيجابي يخدم البلاد، في اسقاط الانقلاب، بل في عدم وقوعه أساساً.